للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِي لَازِمٍ ذِهْنِيٍّ فِي مَجَازِيٍّ غَيْرِهِمَا مَعَ قَرِينَةٍ صَارِفَةٍ عَنْ مَدْلُولَاتِهِ كَانَ لِهَذَا اللَّفْظِ ثَلَاثُ دَلَالَاتٍ عَلَى غَيْرِ الْمَقْصُودِ وَكَانَ الْمَقْصُودُ غَيْرَ مَدْلُولٍ لَهُ بَلْ مُرَادٍ بِهِ وَأَمَّا إذَا تَجَوَّزَ بِهِ فِي التَّضَمُّنِيِّ أَوْ الِالْتِزَامِيِّ مِنْ حَيْثُ هُوَ مُسْتَعْمَلٌ مَجَازًا فِيهِ لَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَمِنْ حَيْثُ هُوَ مَوْضُوعٌ لِمَا هُمَا جُزْؤُهُ وَلَازِمُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُرَادَاهُمَا مَدْلُولَانِ تَضَمُّنِيٌّ وَالْتِزَامِيٌّ فَتَقَرَّرَ أَنَّهُ إذَا تَجُوزُ بِهِ فِيهِمَا لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِمَا مِنْ حَيْثُ هُوَ مَجَازٌ فِيهِمَا بَلْ مِنْ حَيْثُ هُمَا جُزْءٌ وَلَازِمٌ لِمَوْضُوعِهِ أَمَّا أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَيْهِمَا مُطَابَقَةً فَلَا وَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ دَلَالَاتٌ بَعْضُهَا مُرَادٌ وَبَعْضُهَا لَا اهـ وَقَدْ ظَهَرَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْوَجْهَ عَدَمُ تَقْيِيدِ قَوْلِ الْقَاضِي عَضُدِ الدِّينِ وَيَرِدُ عَلَيْهِمْ أَنْوَاعُ الْمَجَازَاتِ بِاَلَّتِي لَيْسَ فِيهَا الْمَعَانِي الْمَجَازِيَّةُ لَوَازِمَ ذِهْنِيَّةً لِلْمُسَمَّيَاتِ لِيَخْرُجَ اسْتِعْمَالُ الْكُلِّ فِي الْجُزْءِ وَالْمَلْزُومِ فِي اللَّازِمِ الذِّهْنِيِّ كَمَا قَيَّدَهُ الْمُحَشُّونَ فَلْيُتَأَمَّلْ (وَأَمَّا الْأُصُولِيُّونَ فَمَا لِلْوَضْعِ دَخْلٌ فِي الِانْتِقَالِ) أَيْ وَأَمَّا الدَّلَالَةُ الْوَضْعِيَّةُ عِنْدَهُمْ فَمَا لِلْوَضْعِ دَخْلٌ فِي الِانْتِقَالِ فِيهَا مِنْ الشَّيْءِ إلَى غَيْرِهِ وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ (فَتَحَقَّقُ) الدَّلَالَةُ الْوَضْعِيَّةُ عِنْدَهُمْ (فِي الْمَجَازِ) أَيْضًا قَالَ الْمُصَنِّفُ لِأَنَّ لِلْوَضْعِ لِلْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ دَخْلًا فِي فَهْمِ الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ إذْ لَوْلَاهُ لَمْ يُتَصَوَّرْ (وَالِالْتِزَامِيَّة بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ) أَيْ وَتَتَحَقَّقُ الدَّلَالَةُ الْوَضْعِيَّةُ فِي الِالْتِزَامِيَّةِ أَيْضًا، وَاللُّزُومُ فِيهَا بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ السَّالِفِ بَيَانُهُ كَمَا هُوَ الشَّرْطُ عِنْدَهُمْ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ؛ لِأَنَّ لِلْوَضْعِ دَخْلًا فِيهَا وَأَمَّا تَحَقُّقُهَا فِي التَّضَمُّنِيَّةِ فَبِطَرِيقٍ أَوْلَى وَلَا خِلَافَ فِي تَحَقُّقِهَا فِي الْمُطَابَقَةِ وَمِنْ ثَمَّةَ لَمْ يَذْكُرْهُمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَإِنَّمَا لَمْ نَقُلْ بِحُجِّيَّةِ الْمَفَاهِيمِ الْمُخَالِفَةِ بِنَاءً عَلَى أَنْ لَا مُوجِبَ لِلِانْتِقَالِ لِعَدَمِ وَضْعِ اللَّفْظِ لِلْمُخَالِفِ وَعَدَمِ لُزُومِهِ لِلْمَوْضُوعِ (تَنْبِيهٌ) ثُمَّ هَذِهِ الدَّلَالَاتُ تَتَأَتَّى فِي اللَّفْظِ الْمُرَكَّبِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْأَظْهَرَ كَمَا عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ دَلَالَةَ الْمُرَكَّبَاتِ عَلَى مَعَانِيهَا التَّرْكِيبِيَّةِ وَضْعِيَّةٌ بِحَسَبِ النَّوْعِ فَكُنْ مِنْهُ عَلَى ذِكْرٍ

(ثُمَّ اخْتَلَفَ الِاصْطِلَاحُ) لِلْأُصُولِيِّينَ فِي أَصْنَافِ الدَّلَالَةِ الْوَضْعِيَّةِ وَأَسْمَائِهَا (وَفِي ثُبُوتِ بَعْضِهَا أَيْضًا فَالْحَنَفِيَّةُ، الدَّلَالَةُ) الْوَضْعِيَّةُ قِسْمَانِ (لَفْظِيَّةٌ وَغَيْرُ لَفْظِيَّةٍ وَهِيَ) أَيْ غَيْرُ اللَّفْظِيَّةِ (الضَّرُورِيَّةُ وَيُسَمُّونَهَا) أَيْ الضَّرُورِيَّةَ (بَيَانَ الضَّرُورَةِ) أَيْ الْحَاصِلَ بِسَبَبِهَا فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْحُكْمِ إلَى سَبَبِهِ كَأُجْرَةِ الْخِيَاطَةِ وَهَذَا أَحَدُ أَقْسَامِ الْبَيَانِ الْخَمْسَةِ الْآتِي ذِكْرُهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى (وَهُوَ) أَيْ بَيَانُ الضَّرُورَةِ (أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ كُلُّهَا دَلَالَةُ سُكُوتٍ مُلْحَقٌ بِاللَّفْظِيَّةِ) فِي الِاعْتِبَارِ، وَحَصْرُهُ فِيهَا اسْتِقْرَائِيٌّ قَالُوا: وَسُمِّيَ هَذَا الْقِسْمُ بِهَذَا الِاسْمُ؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ لِلْبَيَانِ فِي الْأَصْلِ هُوَ النُّطْقُ، وَهَذَا يَقَعُ بِمَا هُوَ ضِدُّهُ، وَهُوَ السُّكُوتُ لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ الْآتِي تَفْصِيلُهَا

الْقِسْمُ (الْأَوَّلُ مَا يَلْزَمُ مَنْطُوقًا) أَيْ لَازِمُ مَسْكُوتٍ عَنْهُ لِمَلْزُومٍ مَذْكُورٍ وَلَهُ مُثُلٌ مِنْهَا قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: ١١] {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: ١١] فَإِنَّ هَذَا نَاصٌّ عَلَى انْحِصَارِ إرْثُهُ فِيهِمَا، وَاخْتِصَاصُ الْأُمِّ بِالثُّلُثِ مِنْهُ، وَهُوَ مَلْزُومٌ مَنْطُوقٌ بِهِ وَلَهُ لَازِمٌ مَسْكُوتٌ عَنْهُ وَهُوَ لِأَبِيهِ الثُّلُثَانِ طَوَى ذِكْرَهُ إيجَازًا لِلْعِلْمِ وَبِهِ وَإِلَّا لَمْ يَنْحَصِرْ إرْثُهُ فِيهِمَا وَبَقِيَ نَصِيبُ الْأَبِ مَجْهُولًا، وَسِيَاقُ النَّصِّ يَأْبَاهُ فَلَا جَرَمَ أَنْ (دَلَّ سُكُوتُهُ) أَيْ النَّصِّ عَنْ ذِكْرِهِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ عَلَى (أَنَّ لِلْأَبِ الْبَاقِيَ) لَا أَنَّ مُجَرَّدَ السُّكُوتِ، أَوْ تَخْصِيصَ الْأُمِّ بِالثُّلُثِ بَيَانٌ لِنَصِيبِهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ تَبَيَّنَ نَصِيبُ الْأُمِّ مِنْ غَيْرِ إثْبَاتِ الشَّرِكَةِ بِصَدْرِ الْكَلَامِ لَمْ يُعْرَفْ نَصِيبُ الْأَبِ بِالسُّكُوتِ بِوَجْهٍ (وَدَفَعْته مُضَارَبَةً عَلَى أَنَّ لَك نِصْفَ الرِّبْحِ) أَيْ وَمِنْهَا قَوْلُ رَبِّ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ لِغَيْرِهِ دَفَعْت هَذَا النَّقْدَ إلَيْك مُضَارَبَةً عَلَى أَنَّ لَك نِصْفَ رِبْحِهِ فَيَقْبَلُ الْغَيْرُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُفِيدُ اشْتِرَاكَهُمَا فِي الرِّبْحِ؛ لِأَنَّ الْمُضَارَبَةَ عَقْدُ شَرِكَةٍ فِي الرِّبْحِ الْحَاصِلِ بِعَمَلِ الْمُضَارِبِ، وَبَيَانُ مِقْدَارِ نَصِيبِ الْمُضَارِبِ وَهُوَ مَلْزُومٌ مَنْطُوقٌ بِهِ وَلَهُ لَازِمٌ مَسْكُوتٌ عَنْهُ وَهُوَ " وَلِي " نِصْفُهُ طَوَى ذِكْرَهُ اخْتِصَارًا لِلْعِلْمِ بِهِ لِعَدَمِ مُسْتَحِقٍّ آخَرَ مَعَ كَوْنِهِ نَمَا مِلْكُهُ فَلَا جَرَمَ أَنْ كَانَ هَذَا الْعَقْدُ صَحِيحًا قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَقَضَى فِيهِ بِأَنَّهُ (يُفِيدُ) السُّكُوتَ فِيهِ عَنْ ذِكْرِ نَصِيبِ الْمَالِكِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ (أَنَّ الْبَاقِيَ لِلْمَالِكِ وَكَذَا فِي قَلْبِهِ اسْتِحْسَانًا)

<<  <  ج: ص:  >  >>