للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلِثُبُوتِ حُكْمِ السَّبَبِ فِي وَقْتِهِ) أَيْ لِتَعَيُّنِ زَمَانِ وُقُوعِهِ (لَا لِمَنْعِهِ) أَيْ الْحُكْمِ مِنْ الْوُقُوعِ فَالْغَرَضُ مِنْ أَنْتَ حُرٌّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ تَعْيِينُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ لِوُقُوعِ الْحُرِّيَّةِ فِيهِ لَا مَنْعُهَا مِنْ الْوُقُوعِ (فَيَتَحَقَّقُ) فِي الْإِضَافَةِ (السَّبَبُ بِلَا مَانِعٍ إذْ الزَّمَانُ) الْمُضَافُ إلَيْهِ (مِنْ لَوَازِمِ الْوُجُودِ) لِلْحُكْمِ أَوْ السَّبَبِ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِي نَفْيِ أَحَدِهِمَا، وَلَا وُجُودَ فَلَا يَسْتَقِيمُ إلْحَاقُ التَّعْلِيقِ بِهَا فِي ذَلِكَ (وَيَرِدُ) عَلَى إطْلَاقِ مَا عُلِّلَ بِهِ مَنْعُ التَّعْلِيقِ مِنْ سَبَبِيَّةِ الْمُعَلَّقِ سَلَّمْنَا أَنَّ التَّعْلِيقَ يَمِينٌ لَكِنْ (كَوْنُ الْيَمِينِ تُوجِبُ الْإِعْدَامَ) لِمُوجِبِ الْمُعَلَّقِ إنَّمَا هُوَ (فِي الْمَنْعِ) أَيْ إذَا كَانَتْ لِلْمَنْعِ مِنْ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ كَإِنْ دَخَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ.

(أَمَّا الْحَمْلُ) أَيْ أَمَّا إذَا كَانَتْ لِلْحَمْلِ عَلَى التَّلَبُّسِ بِالْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (فَلَا) تُوجِبُ الْإِعْدَامَ لِمُوجِبِ الْمُعَلَّقِ (كَإِنْ بَشَّرْتنِي بِقُدُومِ وَلَدِي فَأَنْتَ حُرٌّ) وَكَيْفَ لَا، وَظَاهِرٌ أَنَّ غَرَضَ الْمُتَكَلِّمِ فِي هَذَا حَثُّ عَبْدِهِ عَلَى الْمُبَادَرَةِ إلَى إدْخَالِ الْمَسَرَّةِ عَلَيْهِ بِإِخْبَارِهِ بِوُصُولِ مَحْبُوبِهِ إلَيْهِ، لَا مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَتِمُّ إطْلَاقُ كَوْنِ التَّعْلِيقِ مَانِعًا مِنْ إفْضَاءِ الْمُعَلَّقِ إلَى الْحُكْمِ، وَالْإِطْلَاقُ هُوَ الْمَطْلُوبُ (فَالْأَوْلَى) فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ كَوْنِ الْإِضَافَةِ غَيْرَ مَانِعَةٍ مِنْ سَبَبِيَّةِ الْمُضَافِ قَبْلَ وُجُودِ الْمُضَافِ إلَيْهِ، وَكَوْنِ التَّعْلِيقِ مَانِعًا مِنْهُ سَبَبِيَّةَ الْمُعَلَّقِ قَبْلَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (الْفَرْقُ بِالْخَطَرِ وَعَدَمِهِ) أَيْ بِأَنَّ فِي وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ خَطَرًا أَيْ تَرَدُّدًا بِخِلَافِ الْمُضَافِ.

قُلْت: وَلَعَلَّ تَوْجِيهَهُ أَنَّ الْأَصْلَ فِي التَّعْلِيقِ أَنْ لَا يَكُونَ إلَّا فِي الْمُتَرَدِّدِ بَيْنَ الْوُقُوعِ وَعَدَمِهِ فَأَوْرَثَ ذَلِكَ شَكًّا فِي تَحَقُّقِ الْمُعَلَّقِ فَلَمْ يَنْعَقِدْ سَبَبًا؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ، وَلَا سِيَّمَا مَعَ سَابِقَةِ الْعَدَمِ، وَفِي الْإِضَافَةِ أَنْ لَا يَكُونَ إلَّا إلَى مَا هُوَ مُحَقَّقُ الْوُقُوعِ، وَالْفَرْضُ أَنَّ الْمُضَافَ وُجِدَ وَفُرِّعَ مِنْهُ صُورَةً وَمَعْنًى، وَأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَعْقُبْهُ حُكْمُهُ لَا غَيْرُ لِعُرُوضِ هَذَا الْعَارِضِ فَلَا يَكُونُ مُؤَثِّرًا فِيهِ الْإِعْدَامُ، فَلَا يَسْتَقِيمُ إلْحَاقُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ فِي لَازِمِ مَا هُوَ مُقْتَضَى الْأَصْلِ فِيهِ إلَّا بِمُقْتَضٍ، وَهُوَ مُنْتَفٍ بِالْأَصْلِ، وَيُوَافِقُهُ مَا فِي شَرْحٍ لِلْبَزْدَوِيِّ.

فَإِنْ قُلْت فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا قُلْت الْحُكْمُ لَا بُدَّ لَهُ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَى عِلَّتِهِ إمَّا فِي الْحَالِ أَوْ مُتَرَاخِيًا فِي الْإِضَافَةِ، وَهَذَا لَمْ يُوجَدْ فِي الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ فَإِنْ قُلْت فِي الْإِضَافَةِ إنَّمَا يَثْبُتُ الْحُكْمُ عِنْدَ وُجُودِ الْوَقْتِ الْمُسْتَقْبَلِ إذَا بَقِيَ الْمَحَلُّ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَبْقَ فَلَا يُمْكِنُ تَرَتُّبُ الْحُكْمِ عَلَى عِلَّتِهِ يَقِينًا.

قُلْت: الْأَصْلُ فِي كُلِّ ثَابِتٍ بَقَاؤُهُ فَإِذَنْ الْحُكْمُ مُتَرَتِّبٌ عَلَى عِلَّتِهِ فِي الْإِضَافَةِ ظَاهِرًا فَإِنْ قُلْت فَفِيمَا إذَا عُلِّقَ بِأَسْبَابِ الْمِلْكِ كَالنِّكَاحِ وَالْمِلْكِ يَنْبَغِي أَنْ تَنْعَقِدَ الْعِلَّةُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ مُتَرَتِّبٌ عَلَى عِلَّتِهِ قَطْعًا كَمَا فِي الْإِضَافَةِ بَلْ أَوْلَى قُلْت: إلَّا أَنَّ ثَمَّ مَانِعًا آخَرَ، وَهُوَ عَدَمُ الْمِلْكِ فِي الْحَالِ، وَالْعِلَّةُ لَا تَنْعَقِدُ إلَّا فِي مَحَلِّهَا لَكِنْ يَطْرُقُ هَذَا الْفَرْقَ - أَيْضًا - أَنَّهُ كَمَا قَالَ (ثُمَّ يَقْتَضِي) هَذَا الْفَرْقُ (كَوْنَ) أَنْتَ حُرٌّ (يَوْمَ يَقْدَمُ فُلَانٌ كَإِنْ قَدِمَ فِي يَوْمٍ) عَيَّنَهُ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ فَأَنْتَ حُرٌّ فِي حُكْمِهِ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ أَنْتَ حُرٌّ فِيهِ سَبَبًا لِلْحُرِّيَّةِ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الْقُدُومَ فِيهِمَا عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ (وَيَسْتَلْزِمُ) التَّسَاوِيَ بَيْنَهُمَا فِي الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ (عَدَمُ جَوَازِ التَّعْجِيلِ) بِالصِّرْفَةِ (فِيمَا لَوْ قَالَ: عَلَيَّ صَدَقَةٌ يَوْمَ يَقْدَمُ فُلَانٌ) لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَعْجِيلٌ قَبْلَ سَبَبِ الْوُجُوبِ لِوُجُودِ الْخَطَرِ فِي الْمُضَافِ، وَالتَّعْجِيلُ قَبْلَ سَبَبِ الْوُجُوبِ غَيْرُ مُسْقِطٍ لِلْوَاجِبِ بَعْدَ وُجُوبِهِ (وَإِنْ كَانَ) هَذَا النَّذْرُ مَذْكُورًا (بِصُورَةِ إضَافَةٍ) كَمَا رَأَيْت لَكِنْ ظَاهِرُ إطْلَاقِ قَوْلِهِمْ: الْمُضَافُ سَبَبٌ فِي الْحَالِ، وَيَجُوزُ تَعْجِيلُ حُكْمِهِ قَبْلَ وُجُودِ الزَّمَانِ الْمُضَافِ إلَيْهِ، وَالْمُعَلَّقُ لَيْسَ بِسَبَبٍ فِي الْحَالِ وَلَا يَجُوزُ تَعْجِيلُ حُكْمِهِ قَبْلَ وُجُودِ مَا عُلِّقَ عَلَيْهِ يَقْتَضِي أَنْ يُفَارِقَ أَنْتَ حُرٌّ يَوْمَ يَقْدَمُ فُلَانٌ.

قَوْلُهُ: إنْ قَدِمَ فُلَانٌ فَأَنْتَ حُرٌّ فِي الْحُكْمِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ أَنْتَ حُرٌّ فِي الْأَوَّلِ سَبَبًا لِلْحُرِّيَّةِ فِي الْحَالِ، وَفِي الثَّانِي لَيْسَ بِسَبَبٍ فِي الْحَالِ، وَأَنْ يَجُوزَ التَّعْجِيلُ فِي لِلَّهِ عَلَيَّ صَدَقَةٌ يَوْمَ يَقْدَمُ فُلَانٌ، وَلَا يَجُوزُ التَّعْجِيلُ فِي: إنْ قَدِمَ فُلَانٌ فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَدَقَةٌ، وَهَذَا الْفَرْعُ الْأَخِيرُ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ (وَكَوْنُ إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَنْتَ حُرٌّ كَإِذَا مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ) أَيْ وَيَقْتَضِي هَذَا الْفَرْقُ أَيْضًا تَسَاوِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي حُكْمِ الثَّانِيَةِ الَّذِي هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>