للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحِينَئِذٍ يُقَالُ: عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ إلْحَاقُ إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَنْتَ حُرٌّ إذَا مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ فِي ثُبُوتِ السَّبَبِيَّةِ فِي الْحَالِ لِأَنَّ ثُبُوتَهَا فِي مَسْأَلَةِ التَّدْبِيرِ لِلضَّرُورَةِ الْمَذْكُورَةِ وَمَا ثَبَتَ لِلضَّرُورَةِ يَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ فِي إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَنْتَ حُرٌّ لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ الْمَذْكُورِ؛ إذْ لَيْسَ مَوْتُ الْقَائِلِ بِمَظْنُونٍ قَبْلَ الْغَدِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ مُحَقَّقًا وَيَكُونُ الْجَوَابُ بِهَذَا لِمَنْ اسْتَشْكَلَ هَذَا الْفَرْعَ عَلَى مَسْأَلَةِ التَّدْبِيرِ دَافِعًا لِلْإِشْكَالِ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْجَوَابِ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَجْوِبَةِ الْمَاضِيَةِ ثُمَّ أَنَّى يَكُونُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِضَافَةِ وَالتَّعْلِيقِ بِالْخَطَرِ وَعَدَمِهِ مُسْتَلْزِمًا الْمُسَاوَاةَ إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَنْتَ حُرٌّ لِإِذَا مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ فِي عَدَمِ جَوَازِ الْبَيْعِ قَبْلَ الْغَدِ كَمَا قَبْلَ الْمَوْتِ مَعَ الْإِعْرَاضِ عَنْ جَعْلِ الْمَنَاطِ فِي مَسْأَلَةِ التَّدْبِيرِ عَدَمَ الْخَطَرِ بَلْ ضَرُورَةَ تَصْحِيحِ قَوْلِ الْمُدَبَّرِ شَرْعًا، وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ فِي الْمَقِيسَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالسَّبَبِ فِي نَحْوِ قَوْلِنَا: الْمُعَلَّقُ لَيْسَ سَبَبًا فِي الْحَالِ وَالْعِلَّةِ، وَفِي الْمُضَافِ) أَيْ وَبِالسَّبَبِ فِي قَوْلِنَا: الْمُضَافُ سَبَبٌ فِي الْحَالِ (بِسَبَبِ الْمُفْضِي وَهُوَ) أَيْ السَّبَبُ الْمُفْضِي (السَّبَبُ الْحَقِيقِيُّ) كَمَا يُذْكَرُ فِي مَوْضِعِهِ (وَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ يَكُونُ الْمُرَادُ بِالسَّبَبِ فِيهِمَا ذَلِكَ (لَا خِلَافَ) فِي الْمَعْنَى بَيْنَ نَفْيِ السَّبَبِيَّةِ عَنْ الْمُعَلَّقِ، وَاثِبَاتِهَا لِلْمُضَافِ لِيَكُونَ بَيْنَهُمَا تَقَابُلُ الْإِثْبَاتِ وَالسَّلْبِ؛ لِأَنَّ الْمَنْفِيَّ عَنْ الْمُعَلَّقِ لَيْسَ الْمُثْبِتَ لِلْمُضَافِ بَلْ غَيْرَهُ حَتَّى يَصِحَّ نَفْيُ السَّبَبِيَّةِ عَنْهُ بِالْمَعْنَى الَّذِي نَفَيْتهَا بِهِ عَنْ الْمُعَلَّقِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ (وَارْتَفَعَتْ الْإِشْكَالَاتُ) السَّالِفَةُ فَيُقَالُ: عَدَمُ جَوَازِ التَّعْجِيلِ فِي إنْ قَدِمَ فُلَانٌ فَعَلَيَّ صَدَقَةٌ لِعَدَمِ وُجُودِ عِلَّةِ الْوُجُوبِ وَجَوَازِ التَّعْجِيلِ فِي لِلَّهِ عَلَيَّ صَدَقَةٌ يَوْمَ يَقْدَمُ فُلَانٌ لِوُجُودِ السَّبَبِ الْحَقِيقِيِّ كَمَا فِي تَعْجِيلِ زَكَاةِ النِّصَابِ قَبْلَ الْحَوْلِ وَجَوَازِ بَيْعِ الْعَبْدِ قَبْلَ الْغَدِ فِي: إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَنْتَ حُرٌّ لِعَدَمِ وُجُودِ عِلَّةِ عِتْقِهِ.

ثُمَّ كَانَ مُقْتَضَى هَذَا جَوَازَ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ الْمُطْلَقِ قَبْلَ الْمَوْتِ كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا مَنَعَتْ السُّنَّةُ مِنْ بَيْعِهِ لَزِمَ لِضَرُورَةِ ذَلِكَ انْعِقَادُ السَّبَبِيَّةِ لَهُ فِي الْحَالِ كَمَا بَيَّنَّاهُ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ (وَصِدْقُ الْمُضَافِ لَيْسَ سَبَبًا أَيْضًا فِي الْحَالِ بِذَلِكَ الْمَعْنَى) وَهُوَ الْعِلَّةُ الْحَقِيقِيَّةُ لِانْتِفَاءِ تَرَتُّبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ (إلَّا أَنَّ اخْتِلَافَ الْأَحْكَامِ) لَهُمَا (حَيْثُ قَالُوا: الْمُضَافُ سَبَبٌ فِي الْحَالِ) لِحُكْمِهِ (فَجَازَ تَعْجِيلُهُ) أَيْ حُكْمُهُ إذَا كَانَ عِبَادَةً سَوَاءٌ كَانَتْ بَدَنِيَّةً أَوْ مَالِيَّةً أَوْ مُرَكَّبَةً مِنْهُمَا كَمَا هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ تَعْجِيلٌ بَعْدَ وُجُودِ سَبَبِ الْوُجُوبِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ فِيمَا عَدَا الْمَالِيَّةَ وَلِزُفَرَ فِي الْكُلِّ.

(وَالْمُعَلَّقُ لَيْسَ سَبَبًا فِي الْحَالِ) لِحُكْمِهِ (فَلَا يَجُوزُ تَعْجِيلُهُ) أَيْ حُكْمِهِ مُطْلَقًا بِالِاتِّفَاقِ (بِنَفْيِهِ) أَيْ نَفْيِ الْخِلَافِ بَيْنَ نَفْيِ السَّبَبِيَّةِ عَنْ الْمُعَلَّقِ وَإِثْبَاتِهَا لِلْمُضَافِ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْأَحْكَامِ الَّتِي هِيَ اللَّوَازِمُ يُوجِبُ اخْتِلَافَ دَلَائِلِهَا الَّتِي هِيَ الْمَلْزُومَاتُ هَذَا غَايَةُ مَا ظَهَرَ لِي فِي تَوْجِيهِ هَذَا الْكَلَامِ، وَلِي فِيهِ نَظَرٌ أَمَّا أَوَّلًا فَالْمَعْرُوفُ الْمُتَدَاوَلُ بَيْنَ مَشَايِخِنَا أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِمْ: الْمُعَلَّقُ لَيْسَ بِسَبَبٍ فِي الْحَالِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ السَّبَبِ حَقِيقَةً لِانْتِفَاءِ مَعْنَاهُ، وَهُوَ الْإِفْضَاءُ إلَى الْحُكْمِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُضَافَ إلَيْهِ وُجُوبٌ، وَلَا وُجُودٌ، وَلَا يُعْقَلُ فِيهِ مَعْنَى الْعِلَلِ، وَلَا مِنْ قَبِيلِ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ السَّبَبِ مَجَازًا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ لِانْتِفَاءِ ذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ فِي مَوْضِعِهِ نَعَمْ يُطْلَقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ عِلَّةٌ مَجَازًا لِكَوْنِهِ عِلَّةً اسْمًا، وَلَهُ شَبَهٌ بِالْعِلَّةِ الْحَقِيقِيَّةِ، وَسَبَبٌ مَجَازًا بِاعْتِبَارِ مَا يَئُولُ إلَيْهِ أَيْضًا، وَأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: إنَّهُ سَبَبٌ أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْأَسْبَابِ الَّتِي فِيهَا مَعْنَى الْعِلَلِ، وَأَنَّ الْإِيجَابَ الْمُضَافَ عِنْدَهُمْ عِلَّةٌ اسْمًا وَمَعْنًى لَا حُكْمًا وَهُوَ يُشْبِهُ السَّبَبَ فَمِنْ أَيْنَ لِهَذَا الْقَائِلِ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِمْ الْمَذْكُورِ: مَا ذَكَرَهُ، وَإِنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ الْحَقِيقِيَّةُ مُنْتَفِيَةً عَنْ الْمُعَلَّقِ قَبْلَ الشَّرْطِ إذْ لَا مُوجِبَ لِلِاقْتِصَارِ عَلَى أَنَّهَا مُنْتَفِيَةٌ مَعَ عَدَمِ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ مَعَ أَنَّ الْعِلَّةَ الَّتِي هِيَ عِلَّةٌ مَعْنًى وَحُكْمًا مُنْتَفِيَةٌ عَنْهُ أَيْضًا عِنْدَنَا مَعَ أَنَّا لَسْنَا فِي هَذَا الْمَقَامِ إلَّا بِصَدَدِ بَيَانِ مَا فِيهِ الْخِلَافُ لَا الْوِفَاقُ وَكَأَنَّ هَذَا الْقَائِلَ لَاحَظَ تَقْرِيرَ كَشْفِ الْأَسْرَارِ وَمَا حَذَا حَذْوَهُ لِقَوْلِنَا: الْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ لَا يَنْعَقِدُ سَبَبًا فِي الْحَالِ بِخِلَافِ الْإِضَافَةِ بِمَا يُوهِمُ هَذَا كَمَا يُعْرَفُ ثَمَّةَ وَلَمْ يَسْتَحْضِرْ مَا قَرَّرُوهُ مِنْ تَقْسِيمِ السَّبَبِ وَالْعِلَّةِ إلَى الْأَقْسَامِ الْمَعْرُوفَةِ لَهُمْ فِي ذَلِكَ بِمِثْلِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>