للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا سَيَأْتِي اسْتِيفَاؤُهُ إذَا أَفَضْت النَّوْبَةُ إلَيْهِ.

وَأَمَّا ثَانِيًا فَعَلَى تَقْدِيرِ مَا قَالَهُ هَذَا الْقَائِلُ لَا يَرْتَفِعُ الْخِلَافُ بَيْنَ قَوْلِهِمْ: الْمُعَلَّقُ لَيْسَ بِسَبَبٍ فِي الْحَالِ وَالْمُضَافُ سَبَبٌ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ صَدَقَ أَيْضًا أَنَّ الْمُضَافَ لَيْسَ سَبَبًا بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ لِلسَّبَبِ الْمَنْفِيِّ فِي " الْمُعَلَّقُ لَيْسَ سَبَبًا " لَا يَصْدُقُ أَنَّ الْمُعَلَّقَ سَبَبٌ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ لِلسَّبَبِ الْمُثْبِتِ فِي " الْمُضَافُ سَبَبٌ " لِوُجُودِ الْوَاسِطَةِ بَيْنَهُمَا كَمَا عَرَفْت ثُمَّ لَيْسَ غَرَضُ الْقَائِلِ بِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ لَا يَمْنَعُ السَّبَبِيَّةَ مِنْ إلْحَاقِ الْمُعَلَّقِ بِالْمُضَافِ فِي ذَلِكَ إلَّا إلْزَامَ الْقَائِلِ بِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِهِ يَمْنَعُ السَّبَبِيَّةَ فِي الْحَالِ لَا إلْزَامُهُ بِإِثْبَاتِ السَّبَبِيَّةِ فِي الْمُعَلَّقِ كَمَا الْمُخَالِفُ قَائِلٌ بِذَلِكَ فِي الْمُضَافِ بِالْمَعْنَى الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ بِالسَّبَبِيَّةِ فِي الْمُضَافِ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ الَّذِي ظَنَّهُ صَاحِبُ هَذَا الْقَوْلِ لَا يَتَأَتَّى هَذَا ثُمَّ مِنْ هُنَا اخْتَلَفَتْ أَحْكَامُهُمَا فَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْفَارِقَ بَيْنَهُمَا الْمَانِعُ مِنْ إلْحَاقِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ إنَّمَا هُوَ الْخَطَرُ وَعَدَمُهُ، وَقَدْ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا ضَيْرَ فِي الْتِزَامِ مَا يَلْزَمُ ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ قَدْ وَضَحَ انْتِفَاءُ النَّظِيرِيَّةِ بَيْنَ تَعْلِيقِ الْقِنْدِيلِ وَالتَّعْلِيقِ الْحَقِيقِيِّ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ فَإِنَّهُ بَانَ أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ فِي الْمَوْجُودِ وَالْمُمْتَنِعِ بَلْ فِي مَعْدُومٍ يُتَصَوَّرُ وُجُودُهُ، وَالتَّعْلِيقُ الْحِسِّيُّ إنَّمَا يَكُونُ لِأَمْرٍ مَوْجُودٍ فَالتَّعْلِيقُ فِيهِ لَا يَكُونُ لِابْتِدَاءِ وُجُودِهِ عِنْدَ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ بَلْ نَقْلًا لَهُ مِنْ مَكَان إلَى مَكَان وَمَعَ انْتِفَاءِ الْمُمَاثَلَةِ لَا تَصِحُّ الْمُقَايَسَةُ بَلْ نَظِيرُهُ مِنْ الْحِسِّيَّاتِ الرَّمْيُ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِقَتْلٍ وَلَكِنْ بِعَرْضِ أَنْ يَصِيرَ قَتْلًا إذَا اتَّصَلَ بِالْمَحَلِّ فَإِذَا حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوُصُولِ إلَى الْمَحَلِّ تُرْسٌ مَنَعَ الرَّمْيَ مِنْ انْعِقَادِهِ عِلَّةً لِلْقَتْلِ لَا أَنَّهُ مَنَعَ الْقَتْلَ مَعَ وُجُودِ سَبَبِهِ، وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ

(مَسْأَلَةٌ مِنْ الْمَفَاهِيمِ) الْمُخَالِفَةِ كَمَا تَقَدَّمَ (مَفْهُومُ اللَّقَبِ نَفَاهُ الْكُلُّ إلَّا بَعْضَ الْحَنَابِلَةِ وَشُذُوذًا) كَابْنِ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَكَالدَّقَّاقِ وَالصَّيْرَفِيِّ وَأَبِي حَامِدٍ الْمَرْوَرُوذِيِّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ (وَهُوَ) أَيْ مَفْهُومُ اللَّقَبِ (إضَافَةُ نَقِيضِ حُكْمٍ) مُسَمًّى (مُعَبَّرٍ عَنْهُ) أَيْ الْمُسَمَّى، وَجَازَ حَذْفُهُ أَوَّلًا وَعَوْدُ الضَّمِيرِ إلَيْهِ ثَانِيًا لِقَرِينَةٍ (بِاسْمِهِ) حَالَ كَوْنِهِ (عَلَمًا أَوْ جِنْسًا إلَى مَا سِوَاهُ) أَيْ الْمُسَمَّى، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ خَبَرًا أَوْ طَلَبًا (وَقَدْ يُقَالُ: الْعَلَمُ وَالْمُرَادُ الْأَعَمُّ) أَيْ يَقْتَصِرُ عَلَى ذِكْرِ الْعَلَمِ، وَيُرَادُ بِهِ مَا يَعُمُّ نَوْعَيْهِ عَلَمَ الشَّخْصِ، وَعَلَمَ الْجِنْسِ وَاسْمَ الْجِنْسِ وَهُوَ مَا لَيْسَ بِصِفَةٍ مَجَازًا مَشْهُورًا عِنْدَ أَهْلِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ، وَهُمْ الْحَنَفِيَّةُ حَيْثُ قَالُوا: التَّنْصِيصُ عَلَى الشَّيْءِ بِاسْمِهِ الْعَلَمِ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهُ كَمَا تَجَوَّزَ غَيْرُهُمْ فِي إطْلَاقِ اللَّقَبِ مُرِيدًا بِهِ الِاسْمَ الْأَعَمَّ مِنْهُ، وَهُوَ مَا يَشْمَلُهُ وَالْكُنْيَةَ وَالِاسْمَ الْقَسِيمَ لَهُمَا وَاسْمَ الْجِنْسِ. وَإِذَا ظَهَرَ الْمُرَادُ فَلَا مُشَاحَّةَ ثُمَّ الْمَشْهُورُ عَنْ الْقَائِلِينَ بِهِ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ أَسْمَاءِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَجْنَاسِ

وَحَكَى ابْنُ بَرْهَانٍ أَنَّهُ حُجَّةٌ فِي أَسْمَاءِ الْأَنْوَاعِ كَالْغَنَمِ لَا الْأَشْخَاصِ كَزَيْدٍ (وَالْمُعَوَّلُ) فِي نَفْيِهِ (عَدَمُ الْمُوجِبِ) لِلْقَوْلِ بِهِ كَمَا مَضَى فِي نَفْيِ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ مُطْلَقًا (وَلِلُزُومِ ظُهُورِ الْكُفْرِ) فَضْلًا عَنْ الْكَذِبِ (مِنْ نَحْوِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ) فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ رِسَالَةُ غَيْرِهِ قِيلَ وَوَقَعَ الْإِلْزَامُ بِهِ لِلدَّقَّاقِ فِي مَجْلِسِ النَّظَرِ بِبَغْدَادَ فَتَوَقَّفَ (وَفُلَانٌ مَوْجُودٌ) فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ نَفْيُ وُجُودِ وَاجِبِ الْوُجُودِ - تَعَالَى (وَهُوَ) أَيْ لُزُومُ الْكُفْرِ مِنْ هَذَيْنِ وَأَضْرَابِهِمَا (مُنْتَفٍ) بِالْإِجْمَاعِ قَطْعًا فَالْقَوْلُ بِمَا يُفْضِي إلَيْهِ بَاطِلٌ قَطْعًا، وَأُورِدَ إنَّمَا يَلْزَمُ إذَا تَحَقَّقَ شَرَائِطُ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ، وَهُوَ هُنَا مَمْنُوعٌ لِجَوَازِ كَوْنِ التَّخْصِيصِ بِالذِّكْرِ لِقَصْدِ الْإِخْبَارِ بِرِسَالَةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوُجُودِ فُلَانٍ وَلَا طَرِيقَ إلَى ذَلِكَ إلَّا بِالتَّصْرِيحِ بِالِاسْمِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَتَحَقَّقُ مَفْهُومُ اللَّقَبِ أَصْلًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْفَائِدَةَ حَاصِلَةٌ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ.

وَإِنَّمَا قَالَ: ظُهُورُ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْمَفْهُومِ بِحَسَبِ الظُّهُورِ لَا الْقَطْعِ (وَاسْتَدَلَّ) عَلَى نَفْيِهِ (بِلُزُومِ انْتِفَاءِ الْقِيَاسِ) عَلَى تَقْدِيرِ الْقَوْلِ بِهِ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْبَيْضَاوِيُّ وَغَيْرُهُ لَكِنْ الْقِيَاسُ حَقٌّ فَالْمُفْضِي إلَى إبْطَالِهِ بَاطِلٌ فَالْقَوْلُ بِمَفْهُومِ اللَّقَبِ بَاطِلٌ، بَيَانُ اللُّزُومِ أَنَّ النَّصَّ الدَّالَّ بِمَنْطُوقِهِ عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ إنْ تَنَاوَلَ الْفَرْعَ ثَبَتَ الْحُكْمُ فِيهِ بِالنَّصِّ وَإِلَّا دَلَّ عَلَى انْتِفَاءِ الْحُكْمِ فِيهِ قَضَاءً لِحَقِّ الْمَفْهُومِ؛ إذْ الْفَرْضُ حَقِّيَّتَهُ وَأَيًّا مَا كَانَ فَلَا قِيَاسَ (وَالْجَوَابُ) لَا نُسَلِّمُ أَنَّ النَّصَّ إذَا لَمْ يَتَنَاوَلْ الْفَرْعَ وَقِيلَ بِانْتِفَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>