للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفُقَرَاءِ وَمَنْ شَارَكَهُمْ (مُرَادٌ مَعَ اللَّامِ وَالِاسْتِغْرَاقِ وَهُوَ) أَيْ الِاسْتِغْرَاقُ (مُنْتَفٍ) فَتَبْقَى الْجَمْعِيَّةُ، وَأَقَلُّهَا ثَلَاثَةٌ وَرُدَّ بِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَحْمُولٌ عَلَى الْجِنْسِ كَمَا فِي لَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، وَإِلَّا لَغَا التَّعْرِيفُ لِحَمْلِ لَا أَتَزَوَّجُ نِسَاءً عَلَى ثَلَاثَةٍ (وَكَوْنُهُ) أَيْ اللَّامِ (لِلتَّمْلِيكِ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ أَبْعَدُ يَنْبُو عَنْهُ الشَّرْعُ، وَالْعَقْلُ) إذْ لَا تَمْلِيكَ إلَّا لِمُعَيَّنٍ مَعَ عَدَمِهِ تَأْتِيهِ فِي {وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: ٦٠] لِعَدَمِ اللَّامِ وَعَدَمِ اسْتِقَامَةِ الْمِلْكِ فِي الظَّرْفِ (فَالْمُسْتَحِقُّ اللَّهُ - تَعَالَى - وَأَمَرَ بِصَرْفِ مَا يَسْتَحِقُّهُ إلَى مَنْ كَانَ مِنْ الْأَصْنَافِ فَإِنْ كَانُوا) أَيْ الْأَصْنَافُ (بِهَذَا) الْقَدْرِ وَهُوَ أَمْرُ اللَّهِ - تَعَالَى - بِصَرْفِ مَا يَسْتَحِقُّهُ إلَيْهِمْ (مُسْتَحِقِّينَ فَبِلَا مِلْكٍ وَدُونَ اسْتِحْقَاقِ الزَّوْجَةِ النَّفَقَةَ) عَلَى زَوْجِهَا لِتَعَيُّنِهَا دُونَهُمْ (وَلَا تَمْلِكُ) النَّفَقَةَ (إلَّا بِالْقَبْضِ) .

فَكَذَا الزَّكَاةُ لَا تُمْلَكُ بِدُونِهِ فَلَا يَثْبُتُ الِاسْتِحْقَاقُ لِأَحَدٍ إلَّا بِالصَّرْفِ إلَيْهِ (وَلَنَا آثَارٌ صِحَاحٌ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ صَرِيحَةٌ فِيمَا قُلْنَا) كَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالطَّبَرِيُّ وَابْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالطَّبَرِيُّ وَحُذَيْفَةَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٍ وَالنَّخَعِيِّ وَأَبِي الْعَالِيَةِ وَمَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ رَوَاهُ عَنْهُمْ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالطَّبَرِيُّ (وَلَمْ يُرْوَ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ (خِلَافُهُ) أَيْ مَا قُلْنَا (وَلَا رَيْبَ فِي فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخِلَافِ قَوْلِهِمْ) وَكَيْفَ لَا.

وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَسَّمَ الذَّهَبِيَّةَ الَّتِي بَعَثَ بِهَا مُعَاذٌ مِنْ الْيَمَنِ فِي الْمُؤَلَّفَةِ فَقَطْ الْأَقْرَعِ وَعُيَيْنَةَ وَعَلْقَمَةَ بْنِ عُلَاثَةَ وَزَيْدِ الْخَيْرِ ثُمَّ أَتَاهُ مَالٌ آخَرُ فَجَعَلَهُ فِي صِنْفِ الْغَارِمِينَ فَقَطْ حَيْثُ قَالَ لِقَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِ حِينَ أَتَاهُ وَقَدْ تَحَمَّلَ حَمَالَةً بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ أَيْ كَفَالَةً أَقِمْ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ فَنَأْمُرَ لَك بِهَا» وَفِي حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ الْبَيَاضِيِّ «أَنَّهُ أَمَرَ لَهُ بِصَدَقَةِ قَوْمِهِ» وَأَمَّا شَرْطُ الْفَقْرِ) فِي ذِي الْقُرْبَى (فَقَالُوا) أَيْ الْحَنَفِيَّةُ (لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَا بَنِي هَاشِمٍ إنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ أَوْسَاخَ النَّاسِ إلَى قَوْلِهِ وَعَوَّضَكُمْ عَنْهَا بِخُمُسِ الْخُمُسِ» وَالْمُعَوَّضُ عَنْهُ) الَّذِي هُوَ الزَّكَاةُ إنَّمَا هُوَ (لِلْفَقِيرِ) ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي لَهُ حَقٌّ فِيهِ لَا لِلْغَنِيِّ إلَّا بِعَارِضِ عَمَلٍ عَلَيْهَا فَكَذَا الْعِوَضُ وَالْحَدِيثُ بِهَذَا اللَّفْظِ لَمْ يُحْفَظْ نَعَمْ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «إنَّ هَذِهِ الصَّدَقَاتِ إنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ، وَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ» وَفِي مُعْجَمِ الطَّبَرَانِيِّ «أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ مِنْ الصَّدَقَاتِ شَيْءٌ إنَّمَا هِيَ غُسَالَةُ الْأَيْدِي، وَإِنَّ لَكُمْ فِي خُمُسِ الْخُمُسِ لِمَا يُغْنِيكُمْ» وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالطَّبَرِيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كَانَ آلُ مُحَمَّدٍ لَا تَحِلُّ لَهُمْ الصَّدَقَةُ فَجُعِلَ لَهُمْ خُمُسُ الْخُمُسِ وَفِي كَوْنِ هَذِهِ مُفِيدَةً كَوْنَهُ عِوَضًا عَنْهَا لِمَنْ كَانَ مَصْرِفًا لَهَا لَا غَيْرُ نَظَرٌ.

فَلَا جَرَمَ أَنْ قَالَ شَيْخُنَا الْمُصَنِّفُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: وَلَفْظُ الْعِوَضِ إنَّمَا وَقَعَ فِي عِبَارَةِ بَعْضِ التَّابِعِينَ ثُمَّ كَوْنُ الْعِوَضِ إنَّمَا يَثْبُتُ فِي حَقِّ مَنْ يَثْبُتُ فِي حَقِّهِ الْمُعَوَّضُ مَمْنُوعٌ، وَقَالَ هُنَا قَالُوا: وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ إلَى اسْتِوَاءِ غَنِيِّهِمْ وَفَقِيرِهِمْ فِيهِ لَكِنْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ (وَأَمَّا الْأَوَّلَانِ) وَهُمَا مَسْأَلَتَا إسْلَامِ الرَّجُلِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ وَإِسْلَامِهِ عَلَى أُخْتَيْنِ (فَالْأَوْجَهُ خِلَافُ قَوْلِ الْحَنَفِيَّةِ) الْمَاضِي كَمَا هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ (وَهُوَ) أَيْ خِلَافُ قَوْلِهِمْ (قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ) وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَهُوَ أَنَّهُ فِي الْأُولَى يَخْتَارُ أَيَّ أَرْبَعٍ شَاءَ مِنْهُنَّ وَيُفَارِقُ مَا عَدَاهُنَّ وَفِي الثَّانِيَةِ يَخْتَارُ أَيَّتَهُمْ. شَاءَ وَيُفَارِقُ الْأُخْرَى مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ تَزَوَّجَهُنَّ فِي عَقْدٍ أَوْ عُقُودٍ إلَّا أَنَّ فِي الْمَبْسُوطِ: وَفَرَّقَ مُحَمَّدٌ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ بَيْنَ أَهْلِ الْحَرْبِ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ قَالَ: لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْعُقُودُ فِيمَا بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ كَانَ الْجَوَابُ كَمَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَوَجْهُ كَوْنِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَوْجَهَ عُرِفَ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَلَا يَدْفَعُهُ مَا فِي الْمُحِيطِ

«وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِغَيْلَانَ الثَّقَفِيِّ اخْتَرْ أَرْبَعًا، وَفَارَقَ سَائِرَهُنَّ» يَحْتَمِلُ اخْتَرْ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَيَحْتَمِلُ بِعَقْدٍ جَدِيدٍ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ اخْتَرْ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ، وَالْحَدِيثُ حِكَايَةُ حَالٍ لَا عُمُومَ لَهُ فَلَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ نَعَمْ إنْ تَمَّ مَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالْأَحَادِيثِ الَّتِي رُوِيَتْ قَالَ مَكْحُولٌ: كَانَتْ قَبْلَ نُزُولِ الْفَرَائِضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>