للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: ١٠٣] فَيَكُونُ نَفْيُ إدْرَاكِ الْبَصَرِ مَدْحًا فَيَكُونُ إدْرَاكُهُ نَقْصًا وَعَدَمُ إدْرَاكِ الْبَعْضِ لَا يُزِيلُ النَّقْصَ فَيَكُونُ عُمُومُ السَّلْبِ وَصِدْقُ السَّالِبَةِ الْجُزْئِيَّةِ لَا يُنَافِي صِدْقَ السَّالِبَةِ الْكُلِّيَّةِ وَإِنْ كَانَتْ أَخَصَّ مِنْ السَّالِبَةِ الْجُزْئِيَّةِ إذْ قَدْ يَصْدُقُ الْأَخَصُّ مَعَ الْأَعَمِّ (نَعَمْ إذَا اُعْتُبِرَ الْجَمْعُ لِلْجِنْسِ) فِي النَّفْيِ وَالْجِنْسُ فِي النَّفْيِ يَعُمُّ (كَانَ) الْمَعْنَى (عُمُومَ السَّلْبِ) كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} [آل عمران: ٣٢] فَإِنَّ التَّعْرِيفَ فِيهِ لِلْجِنْسِ فَيُفِيدُ سَلْبَ الْحُكْمِ عَنْ كُلِّ فَرْدٍ فَهُوَ - تَعَالَى - لَا يُحِبُّ كُلَّ كَافِرٍ (وَلَوْ اُعْتُبِرَ مِثْلُهُ) أَيْ كَوْنُ الْجَمْعِ لِلْجِنْسِ (فِي الْآيَةِ) عَلَى وَجْهٍ لَا يَضُرُّ فِي إثْبَاتِ الرُّؤْيَةِ (اُدُّعِيَ أَنَّ الْإِدْرَاكَ أَخَصُّ مِنْ الرُّؤْيَةِ) الْمُطْلَقَةِ بِأَنْ يُقَالَ: الْإِدْرَاكُ الرُّؤْيَةُ الْمُكَيَّفَةُ بِكَيْفِيَّةِ الْإِحَاطَةِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِهَا عَنْهُ - تَعَالَى - لِامْتِنَاعِ الْإِحَاطَةِ بِهِ نَفْيُ الرُّؤْيَةِ الْمُطْلَقَةِ عَنْهُ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْأَخَصِّ نَفْيُ الْأَعَمِّ وَنُظِرَ فِيهِ بِأَنَّ الرُّؤْيَةَ إدْرَاكُ عَيْنِ الْمَرْئِيِّ بِحَاسَّةِ الْبَصَرِ.

فَلَوْ كَانَ الْإِدْرَاكُ إحَاطَةً كَانَ الرُّؤْيَةُ كَذَلِكَ فَلَا يُفِيدُ وَبِالْجُمْلَةِ فِي الْآيَةِ نِزَاعٌ بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالِاعْتِزَالِ ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ الرُّؤْيَةِ فَلَيْسَ فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى امْتِنَاعِهَا كَمَا يُعْرَفُ فِي مَوْضِعِهِ

ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ اللَّامُ الْمُعَرَّفَةُ مِنْ الْمَعَانِي الْمَنْسُوبَةِ إلَيْهَا مِنْ عَهْدٍ وَجِنْسٍ وَاسْتِغْرَاقٍ فِي الْجَمْعِ الْمُحَلَّى فَقَالَ: (وَالتَّعْيِينُ) أَيْ وَتَعْيِينُ كَوْنِهَا فِي الْجَمْعِ الْمُحَلَّى لِلِاسْتِغْرَاقِ أَوْ لِلْجِنْسِ (بِمُعَيِّنٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) مُعَيِّنٌ لِأَحَدِهِمَا (وَلَا عَهْدٌ خَارِجِيٌّ وَأَمْكَنَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الِاسْتِغْرَاقِ أَوْ الْجِنْسِ دُونَ الْآخَرِ (تَعَيَّنَ) الْمُمْكِنُ مِنْهُمَا غَيْرَ أَنَّ فِي شَرْحِ خَالِعْنِي عَلَى مَا فِي يَدِي مِنْ الدَّرَاهِمِ وَلَا شَيْءَ بِيَدِهَا مِنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ لِلْجِنْسِ إلَّا عِنْدَ إمْكَانِ الِاسْتِغْرَاقِ لَا عِنْدَ عَدَمِهِ وَلِذَا تَكُونُ لِلْجِنْسِ فِي لَا أَشْتَرِي الْعَبِيدَ لِإِمْكَانِ الِاسْتِغْرَاقِ فِي النَّفْيِ دُونَ لَأَشْتَرِيَنَّ الْعَبِيدَ لِعَدَمِ الْإِمْكَانِ فَيَحْنَثُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ وَاحِدٍ بِالْأَوَّلِ وَلَا يَبَرُّ بِشِرَاءِ عَبْدٍ فِي الثَّانِي بَلْ بِشِرَاءِ ثَلَاثَةٍ اهـ.

فَعَلَى هَذَا لَا يَتَأَتَّى أَنْ تَكُونَ لِلْجِنْسِ، وَلَا تَكُونُ لِلِاسْتِغْرَاقِ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ وَأَمْكَنَ الِاسْتِغْرَاقُ خَاصَّةً لِأَنَّ الظَّاهِرَ جَوَازُ انْفِرَادِهِ لَكِنَّ هَذَا إنْ تَمَّ، وَفِي تَمَامِهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ فَقَدْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْجَوَابِ عَمَّا قِيلَ مِنْ تَأْوِيلَاتٍ بَعِيدَةٍ لِلْحَنَفِيَّةِ بِتَعَذُّرِ الِاسْتِغْرَاقِ فِي إنَّمَا الصَّدَقَاتُ وَسَيُصَرِّحُ بِأَنَّ التَّعْرِيفَ فِيهَا لِلْجِنْسِ، وَعَلَى هَذَا فَيَبَرُّ بِشِرَاءِ عَبْدٍ وَاحِدٍ فِي مَسْأَلَةِ لَأَشْتَرِيَنَّ الْعَبِيدَ ثُمَّ يَكُونُ شَرْحُ مَا فِي الْكِتَابِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَوَّلًا (وَإِنْ أَمْكَنَ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْجِنْسِ وَالِاسْتِغْرَاقِ (قِيلَ) وَقَائِلُهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَالْقَاضِي أَبُو زَيْدٍ تَعَيَّنَ (الْجِنْسُ لِلتَّيَقُّنِ وَقِيلَ) ، وَقَائِلُهُ عَامَّةُ مَشَايِخِنَا وَغَيْرُهُمْ: تَعَيَّنَ (الِاسْتِغْرَاقُ لِلْأَكْثَرِيَّةِ) أَيْ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ اسْتِعْمَالًا (خُصُوصًا فِي اسْتِعْمَالِ الشَّارِعِ) وَأَعَمُّ فَائِدَةً وَأَحْوَطُ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ وَهُوَ الْإِيجَابُ وَالتَّحْرِيمُ وَالنَّدْبُ وَالْكَرَاهَةُ وَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ أَحْوَطَ فِي الْإِبَاحَةِ (وَقُرِّرَ) وَالْمُقَرِّرُ الْمُحَقِّقُ التَّفْتَازَانِيُّ (أَنَّ الْجَمْعَ الْمُحَلَّى لِلْمَعْهُودِ وَالِاسْتِغْرَاقِ حَقِيقَةٌ، وَلِلْجِنْسِ مَجَازٌ وَأَنَّهُ) أَيْ الْجِنْسَ (خَلَفٌ) عَنْهُمَا (لَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا لِتَعَذُّرِهِمَا) كَمَا هُوَ شَأْنُ الْمَجَازِ مَعَ الْحَقِيقَةِ وَالْخَلَفِ مَعَ الْأَصْلِ (وَلِذَا) أَيْ وَلِأَنَّهُ لَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا لِتَعَذُّرِهِمَا (لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ الْأَيَّامَ أَوْ الشُّهُورَ يَقَعُ عَلَى الْعَشَرَةِ) مِنْ الْأَيَّامِ وَالشُّهُورِ (عِنْدَهُ) أَيْ أَبِي حَنِيفَةَ (وَعَلَى الْأُسْبُوعِ) فِي الْأَيَّامِ (وَالسَّنَةِ) فِي الشُّهُورِ (عِنْدَهُمَا) أَيْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ (لِإِمْكَانِ الْعَهْدِ) فِي الْأَيَّامِ وَالشُّهُورِ (غَيْرَ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي الْمَعْهُودِ) فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَعَشَرَةُ شُهُورٍ وَقَالَا: الْأُسْبُوعُ فِي الْأَيَّامِ، وَالسَّنَةُ فِي الشُّهُورِ

وَالتَّوْجِيهُ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ إلَّا أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>