للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ: (وَهَذَا اسْتِئْنَافٌ اللَّامُ لِلتَّعْرِيفِ وَالْإِشَارَةِ إلَى الْمُرَادِ بِاللَّفْظِ) حَالَ كَوْنِ الْمُرَادِ (مُسَمًّى) حَقِيقِيًّا لَهُ (أَوْ لَا) بِأَنْ يَكُونَ مَعْنًى مَجَازِيًّا لَهُ ثُمَّ أَعْقَبَهُ بِمِثَالِهِ فَقَالَ: (فَالْمُعَرَّفُ فِي) مِثْلِ رَأَيْتُ رَجُلًا يَجُرُّ ثِيَابَهُ (فَأَكْرَمْتُ الْأَسَدَ الرَّجُلَ) لِأَنَّهُ الْمُرَادُ بِالْأَسَدِ (وَإِنَّمَا تَدْخُلُ) اللَّامُ التَّعْرِيفِيَّةُ الِاسْمَ (النَّكِرَةَ) لِأَنَّ تَعْرِيفَ الْمَعْرِفَةِ مُحَالٌ ضَرُورَةَ اسْتِحَالَةِ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ (وَمُسَمَّاهَا) أَيْ النَّكِرَةِ حَالَ كَوْنِهَا (بِلَا شَرْطِ) كَوُقُوعِهَا فِي سِيَاقِ النَّفْيِ وَنَحْوِهِ (فَرْدٍ) مِمَّا تُطْلَقُ عَلَيْهِ (بِلَا زِيَادَةٍ) لِاشْتِرَاطِ كَوْنِهِ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (فَعَدَمُ التَّعْيِينِ) لِمُسَمَّاهَا (لَيْسَ جُزْءًا لِمَعْنَاهَا، وَلَا شَرْطًا) لِاسْتِعْمَالِهَا فِي مِثْلِ الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ (فَاسْتُعْمِلَتْ) النَّكِرَةُ (فِي الْمُعَيَّنِ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ لَا السَّامِعِ حَقِيقَةً) أَيْ اسْتِعْمَالًا حَقِيقِيًّا (لِصِدْقِ الْمُفْرَدِ) عَلَيْهِ كَمَا عَلَى الشَّائِعِ (فَإِنْ نُسِبَتْ إلَيْهِ) أَيْ إلَى مُسَمَّاهَا (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ اسْتِعْمَالِهَا فِي غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَ جَاءَ رَجُلٌ ثُمَّ قُلْت: فَأَكْرَمْت الرَّجُلَ (عَرَّفَتْ) اللَّامَ (مَعْهُودًا يُقَالُ ذِكْرِيًّا) لِتَقْدِيمِ ذِكْرِهِ (وَخَارِجِيًّا) أَيْضًا (أَيْ مَا عُهِدَ مِنْ) اللَّفْظِ (السَّابِقِ) .

قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهُمَا اصْطِلَاحَانِ أَشْهَرُهُمَا عِنْدَ الْعَجَمِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ الثَّانِي، وَعِنْدَ آخَرِينَ مِنْ أَبْنَاءِ الْعَرَبِ الْأَوَّلُ (وَلَوْ) عَرَّفَتْ اسْمًا (غَيْرَ مَذْكُورٍ خُصَّ بِالْخَارِجِيِّ {إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} [التوبة: ٤٠] وَتَقَدَّمَ فِيمَا نَقَلْنَاهُ مِنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّهُ مُثِّلَ بِهِ لِلْعِلْمِيِّ وَمِمَّنْ مَثَّلَ بِهِ لَهُ ابْنُ هِشَامٍ الْمِصْرِيُّ وَلَا مُشَاحَّةَ فِي ذَلِكَ (وَإِذَا دَخَلَتْ) اللَّامُ الِاسْمَ (الْمُسْتَعْمَلَ فِي غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ دُونَ السَّامِعِ (عَرَّفَتْ مَعْهُودًا ذِهْنِيًّا وَيُقَالُ: تَعْرِيفُ الْجِنْسِ أَيْضًا لِصِدْقِ الشَّائِعِ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ) مِثْلُ شَرِبْت الْمَاءَ وَأَكَلْت الْخُبْزَ وَادْخُلْ السُّوقَ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الشُّرْبَ وَالْأَكْلَ وَالدُّخُولَ لَا يَتَعَلَّقُ إلَّا بِفَرْدٍ مِنْ الْمَشْرُوبِ وَالْمَأْكُولِ وَالْمَدْخُولِ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَإِذَا أُرِيدَ بِهَا) أَيْ النَّكِرَةِ (كُلُّ الْأَفْرَادِ عَرَّفَتْ الِاسْتِغْرَاقَ أَوْ) أُرِيدَ بِهَا (الْحَقِيقَةُ بِلَا اعْتِبَارِ فَرْدٍ فَهِيَ لِتَعْرِيفِ الْحَقِيقَةِ وَالْمَاهِيَّةِ) وَالطَّبِيعَةِ (كَ الرَّجُلُ خَيْرٌ مِنْ الْمَرْأَةِ غَيْرَ أَنَّهُ يُخَالُ أَنَّ الِاسْمَ) الْمَدْخُولَ عَلَيْهِ (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ يَكُونُ الْمُرَادُ بِهِ أَحَدَ هَذَيْنِ (مَجَازٌ فِيهِمَا لِأَنَّهُ) أَيْ الِاسْمَ (لَيْسَ) بِمَوْضُوعٍ (لِلِاسْتِغْرَاقِ وَلَا لِلْمَاهِيَّةِ وَلَا اللَّامَ) مَوْضُوعَةٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا (وَلَكِنَّ تَبَادُرَ الِاسْتِغْرَاقِ عِنْدَ عَدَمِ الْعَهْدِ يُوجِبُ وَضْعَهُ) أَيْ الِاسْمِ (لَهُ) أَيْ لِلِاسْتِغْرَاقِ (بِشَرْطِ اللَّامِ كَمَا قَدَّمْنَا) فِي ذَيْلِ الْكَلَامِ عَلَى تَعْرِيفِ الْعَامِّ (وَأَنَّهُ) أَيْ عَدَمَ الْعَهْدِ (الْقَرِينَةُ) عَلَى ذَلِكَ.

(وَلَوْ أَرَادَهُ) أَيْ هَذَا (قَائِلُ إنَّ الِاسْتِغْرَاقَ مِنْ الْمَقَامِ) كَالسَّكَّاكِيِّ (صَحَّ) لِأَنَّ الِاسْمَ النَّكِرَةَ بِشَرْطِ اللَّامِ أُرِيدَ بِهِ حِينَئِذٍ الْعُمُومُ وَالْمَقَامُ كَشَفَ عَنْ إرَادَتِهِ فَصَحَّ الِاسْتِغْرَاقُ مِنْ الْمَقَامِ بِمَعْنَى أَنَّهُ الْمُفِيدُ لِثُبُوتِهِ بِالِاسْمِ (بِخِلَافِ الْمَاهِيَّةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ لَمْ تَتَبَادَرْ) إلَّا فِي الْقَضَايَا الطَّبِيعِيَّةِ وَهِيَ غَيْرُ مُسْتَعْمَلَةٍ فِي الْعُلُومِ فَلَا يَكُونُ تَبَادُرُهَا فِيهَا دَلِيلَ الْوَضْعِ لَهَا كَمَا سَيَأْتِي (فَتَعْرِيفُهَا) أَيْ الْمَاهِيَّةِ (تَعْلِيقُ مَعْنًى حَقِيقِيٍّ لِلَّامِ بِمَجَازِيٍّ لِلِاسْمِ) وَهُوَ الْحَقِيقَةُ مِنْ حَيْثُ هِيَ (فَاللَّامُ فِي الْكُلِّ) مِنْ الْعَهْدِ وَالِاسْتِغْرَاقِ وَالْحَقِيقَةِ (حَقِيقَةٌ لِتَحْقِيقِ مَعْنَاهَا الْإِشَارَةَ) وَالتَّعْيِينُ لِلْمُرَادِ مِنْ اللَّفْظِ (فِي كُلٍّ) مِنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ بِحَسَبِهِ (وَاخْتِلَافُهُ) أَيْ وَتَنَوُّعُ مَعْنَاهَا هَذَا التَّنَوُّعَ الْمَذْكُورَ (لَيْسَ إلَّا لِخُصُوصِ الْمُتَعَلَّقِ) أَيْ مَدْخُولِهَا مِنْ كَوْنِهِ فَرْدًا غَيْرَ مُسْتَغْرَقٍ أَوْ مُسْتَغْرَقًا أَوْ الْحَقِيقَةَ مِنْ حَيْثُ هِيَ (فَظَهَرَ أَنَّ خُصُوصِيَّاتِ التَّعْرِيفَاتِ) الْمَذْكُورَةَ (تَابِعٌ لِخُصُوصِيَّاتِ الْمُرَادَاتِ بِاللَّامِ، وَالْمُعَيِّنُ الْقَرِينَةُ) وَأَنَّهُ غَيْرُ قَائِلٍ بِأَنَّ أَسْمَاءَ الْأَجْنَاسِ النَّكِرَاتِ مَوْضُوعَةٌ لِلْحَقَائِقِ الْكُلِّيَّةِ بَلْ إذَا أُرِيدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>