بِرَجُلٍ وَنَحْوِهِ الْحَقِيقَةُ يَكُونُ مَجَازًا وَسَيُحَقَّقُ ذَلِكَ فِي الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ.
(فَمَا قِيلَ) وَالْقَائِلُ الْمُحَقِّقُ التَّفْتَازَانِيُّ (الرَّاجِحُ مُطْلَقًا الْخَارِجِيُّ) لِأَنَّهُ حَقِيقَةُ التَّعْيِينِ وَكَمَالُ التَّمْيِيزِ (ثُمَّ الِاسْتِغْرَاقُ لِنُدْرَةِ إرَادَةِ الْحَقِيقَةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ، وَالْمَعْهُودُ الذِّهْنِيُّ يَتَوَقَّفُ عَلَى قَرِينَةٍ) لِلْبَعْضِيَّةِ، وَالِاسْتِغْرَاقُ هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ الْإِطْلَاقِ حَيْثُ لَا عَهْدَ فِي الْخَارِجِ خُصُوصًا فِي الْجَمْعِ فَإِنَّ الْجَمْعِيَّةَ قَرِينَةُ الْقَصْدِ إلَى الْأَفْرَادِ دُونَ الْحَقِيقَةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ هِيَ (غَيْرُ مُحَرَّرٍ فَإِنَّ الْمُرَجِّحَ عِنْدَ إمْكَانِ كُلٍّ مِنْ اثْنَيْنِ فِي الْإِرَادَةِ الْأَكْثَرِيَّةُ اسْتِعْمَالًا أَوْ فَائِدَةً وَلَا خَفَاءَ فِي أَنَّ نَحْوَ جَاءَنِي عَالِمٌ فَأَكْرِمْ الْعَالِمَ زِيَادَةُ الْفَائِدَةِ) فِيهِ إنَّمَا هِيَ (فِي الِاسْتِغْرَاقِ حَيْثُ يُكْرَمُ الْجَائِي ضِمْنَ الْعُمُومِ) الْكَائِنِ لِلْعَالِمِ الشَّامِلِ لِلْجَائِي وَغَيْرِهِ (بِخِلَافِ تَقْدِيمِ الْخَارِجِيِّ فَإِنَّهُ يَكُونُ أَمْرًا بِإِكْرَامِ الْجَائِي فَقَطْ) فَيَتَقَدَّمُ الِاسْتِغْرَاقُ عَلَيْهِ (وَلِذَا) أَيْ وَلِمَزِيدِ الْفَائِدَةِ فِي الِاسْتِغْرَاقِ عَلَى الْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ (قُدِّمَ) الِاسْتِغْرَاقُ (عَلَى الذِّهْنِيِّ إذَا أَمْكَنَّا وَظَهَرَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنْ لَيْسَ تَعْرِيفُ الِاسْتِغْرَاقِ وَالْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ مِنْ فُرُوعِ الْحَقِيقَةِ كَمَا قِيلَ وَلَا أَنَّ اللَّامَ لَيْسَتْ إلَّا لِتَعْرِيفِ الْحَقِيقَةِ كَمَا نُسِبَ إلَى الْمُحَقِّقِينَ غَيْرَ أَنَّ حَاصِلَهَا أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ فَذَكَرُوهَا تَسْهِيلًا) وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي التَّلْوِيحِ (بَلْ الْمُعَرَّفُ لَيْسَ إلَّا الْمُرَادَ بِالِاسْمِ وَلَيْسَتْ الْمَاهِيَّةُ مُرَادَةً دَائِمًا وَكَوْنُهَا جُزْءَ الْمُرَادِ لَا يُوجِبُ أَنَّهَا الْمُرَادُ الَّذِي هُوَ مُتَعَلَّقُ الْأَحْكَامِ فِي التَّرْكِيبِ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تُرَدْ جُزْءًا) مِنْ الْمُسَمَّى حَيْثُ أُرِيدَتْ مِنْ حَيْثُ هِيَ بِهِ حَتَّى كَانَ التَّعْرِيفُ لِلْحَقِيقَةِ (بَلْ) إنَّمَا أُرِيدَتْ بِهِ حِينَئِذٍ (عَلَى أَنَّهَا كُلٌّ) أَيْ تَمَامُ مَا وُضِعَ اللَّفْظُ لَهُ (فَإِنَّهَا إنَّمَا أُرِيدَتْ) فِي حَالَةِ جُزْئِيَّتِهَا لِلْمُسَمَّى حَالَ كَوْنِهَا (مُقَيَّدَةً بِمَا يَمْنَعُ الِاشْتِرَاكَ) فِيهَا بَيْنَ مَدْخُولِهَا وَغَيْرِهِ (وَهِيَ مَعَ الْقَيْدِ نَفْسُ الْفَرْدِ وَهُوَ) أَيْ الْفَرْدُ (الْمُرَادُ بِالتَّعْرِيفِ وَالِاسْمِ، وَالْمَجْمُوعُ) مِنْ الْمَاهِيَّةِ وَالْقَيْدِ (غَيْرُ أَحَدِهِمَا) فَكَانَ الْفَرْدُ غَيْرَ الْمَاهِيَّةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ.
(هَذَا وَحِينَ صَارَ الْجَمْعُ مَعَ اللَّامِ كَالْمُفْرَدِ كَانَ تَقْسِيمُهُ) أَيْ الْجَمْعِ (مِثْلَهُ) أَيْ الْمُفْرَدِ (إلَّا أَنَّ كَوْنَهُ) أَيْ الْجَمْعِ (مَجَازًا عَنْ الْجِنْسِ يَبْعُدُ بَلْ) هُوَ (حَقِيقَةٌ لِكُلٍّ) مِنْ الِاسْتِغْرَاقِ وَالْجِنْسِ (لِلْفَهْمِ) أَيْ فَهْمِ الْجِنْسِ مِنْهُ (كَمَا ذَكَرْنَا فِي نَحْوِ: «الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» وَيَخْدُمُهُ الْعَبِيدُ وَمَا لَا يُحْصَى) إلَّا أَنَّهُ لَوْ قِيلَ عَلَيْهِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مُشْتَرَكًا لَفْظِيًّا بَيْنَهُمَا، وَالْمَجَازُ خَيْرٌ مِنْهُ، وَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْفَهْمُ مِنْ عُرُوضِ كَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهِ مُرَادًا بِهِ هَذَا الْمَعْنَى كَمَا يَعْرِضُ لِكَثِيرٍ مِنْ الْمَجَازَاتِ الْمُتَعَارَفَةِ حَتَّى قَدَّمَهَا الْجُمْهُورُ عَلَى الْحَقَائِقِ الْمُسْتَعْمَلَةِ كَمَا سَيَأْتِي لَا لِكَوْنِهِ حَقِيقَةً فِيهِ لَاحْتَاجَ إلَى الْجَوَابِ وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ - أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ (وَأَمَّا النَّكِرَةُ فَعُمُومُهَا فِي النَّفْيِ ضَرُورِيٌّ) كَمَا تَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ.
(وَكَذَا) عُمُومُهَا ضَرُورِيٌّ (فِي الشَّرْطِ الْمُثْبَتِ) حَالَ كَوْنِهِ (يَمِينًا لِأَنَّ الْحَلِفَ عَلَى نَفْيِهِ) أَيْ الشَّرْطِ فَإِذَا قُلْت: إنْ كَلَّمَتْ رَجُلًا فَهِيَ طَالِقٌ فَهُوَ عَلَى نَفْيِ كَلَامِ كُلِّ رَجُلٍ؛ لِأَنَّهُ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ (لَا الْمَنْفِيِّ) عَطْفٌ عَلَى الْمُثْبَتِ أَيْ فَإِنَّهَا لَا عُمُومَ لَهَا فِيهِ (كَإِنْ لَمْ أُكَلِّمْ رَجُلًا) فَهِيَ طَالِقٌ (لِأَنَّهُ) أَيْ الْحَلِفَ فِي الشَّرْطِ الْمَنْفِيِّ (عَلَى الْإِثْبَاتِ) أَيْ إثْبَاتِ الشَّرْطِ حَتَّى كَأَنَّهُ قَالَ فِي هَذَا الْمِثَالِ (لَأُكَلِّمَنَّ رَجُلًا) فَلَا تَعُمُّ لِوُقُوعِهَا فِي الْإِثْبَاتِ مِنْ غَيْرِ قَرِينَةِ الْعُمُومِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّرْطَ إذَا كَانَ يَمِينًا فَإِنْ كَانَ مُثْبَتًا فَالْيَمِينُ لِلْمَنْعِ، وَالنَّكِرَةُ فِيهِ خَاصٌّ يُفِيدُ الْإِيجَابَ الْجُزْئِيَّ فَيَكُونُ فِي جَانِبِ النَّقِيضِ لِلْعُمُومِ وَالسَّلْبِ الْكُلِّيِّ، وَإِنْ كَانَ مَنْفِيًّا فَالْيَمِينُ لِلْحَمْلِ، وَالنَّكِرَةُ فِيهِ عَامٌّ يُفِيدُ السَّلْبَ الْكُلِّيَّ فَيَكُونُ فِي جَانِبِ النَّقِيضِ لِلْخُصُوصِ وَالْإِيجَابِ الْجُزْئِيِّ (وَلَا يَبْعُدُ فِي غَيْرِ الْيَمِينِ قَصْدُ الْوَحْدَةِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute