للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّكِرَةِ مُطْلَقًا أَوْ السَّابِقُ اخْتِصَاصَهَا بِحُكْمِ مَعْرِفَةٍ كَ جَاءَنِي رَجُلٌ، وَهُوَ حَاضِرٌ فَتَنَبَّهْ لَهُ ثُمَّ الْأَقْسَامُ الْمُمْكِنَةُ أَرْبَعَةٌ إعَادَةُ الْمَعْرِفَةِ مَعْرِفَةً وَالنَّكِرَةِ نَكِرَةً وَالْمَعْرِفَةِ نَكِرَةً وَالنَّكِرَةِ مَعْرِفَةً.

(وَضَابِطُ الْأَقْسَامِ إنْ نَكَّرَ الثَّانِيَ فَغَيْرُ الْأَوَّلِ) أَيْ فَاحْكُمْ بِأَنَّهُ غَيْرُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ إمَّا نَكِرَةٌ وَالنَّكِرَةُ إذَا أُعِيدَتْ نَكِرَةً كَانَتْ غَيْرَ الْأَوَّلِ وَإِمَّا مَعْرِفَةٌ وَالْمَعْرِفَةُ إذَا أُعِيدَتْ نَكِرَةً كَانَ الثَّانِي غَيْرَ الْأَوَّلِ، وَإِلَّا لَكَانَ الْمُنَاسِبُ تَعْرِيفَهُ بِنَاءً عَلَى كَوْنِهِ مَعْهُودًا سَابِقًا فِي الذِّكْرِ فِي الْأَوَّلِ وَحَمْلًا لَهُ عَلَى الْمَعْهُودِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ فِي اللَّامِ وَالْإِضَافَةِ فِي الثَّانِي (أَوْ عَرَّفَ فَعَيْنُهُ) أَيْ وَإِنْ عَرَّفَ الثَّانِيَ فَاحْكُمْ بِأَنَّهُ عَيْنُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ إمَّا نَكِرَةٌ، وَالنَّكِرَةُ إذَا أُعِيدَتْ مَعْرِفَةً كَانَ الثَّانِي عَيْنَ الْأَوَّلِ، وَالْمَعْرِفَةُ إذَا أُعِيدَتْ مَعْرِفَةً كَانَ الثَّانِي عَيْنَ الْأَوَّلِ هَذَا عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَذَكَرَ فِي الْكَشْفِ الْكَبِيرِ إذَا أُعِيدَتْ النَّكِرَةُ نَكِرَةً فَالثَّانِي مُغَايِرٌ لِلْأَوَّلِ، وَإِلَّا فَعَيْنُهُ؛ لِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ تَسْتَغْرِقُ الْجِنْسَ، وَالنَّكِرَةُ تَتَنَاوَلُ الْبَعْضَ فَيَكُونُ دَاخِلًا فِي الْكُلِّ قُدِّمَ أَوْ أُخِّرَ وَمَثَّلَ لِإِعَادَةِ الْمَعْرِفَةِ نَكِرَةً بِقَوْلِ الْحَمَاسِيِّ

صَفَحْنَا عَنْ بَنِي ذُهْلٍ ... وَقُلْنَا الْقَوْمُ إخْوَانُ

عَسَى الْأَيَّامُ أَنْ يُرْجِعْنَ ... قَوْمًا كَاَلَّذِي كَانُوا

مَعَ الْقَطْعِ بِأَنَّ الثَّانِيَ عَيْنُ الْأَوَّلِ وَفِي التَّلْوِيحِ وَفِيهِ نَظَرٌ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ التَّعْرِيفَ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ لِلِاسْتِغْرَاقِ بَلْ الْعَهْدُ هُوَ الْأَصْلُ، وَعِنْدَ تَقَدُّمِ الْمَعْهُودِ لَا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ النَّكِرَةُ عَيْنَهُ

وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ كَوْنَ الثَّانِي عَيْنَ الْأَوَّلِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ هُوَ الْمُرَادَ بِالْأَوَّلِ، وَالْجُزْءُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْكُلِّ لَيْسَ كَذَلِكَ

وَأَمَّا ثَالِثًا فَلِأَنَّ إعَادَةَ الْمَعْرِفَةِ نَكِرَةً مَعَ مُغَايَرَةِ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ كَثِيرٌ فِي الْكَلَامِ قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى {ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ} [الأنعام: ١٥٤] إلَى قَوْلِهِ {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ} [الأنعام: ١٥٥] وَقَالَ: {وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} [البقرة: ٣٦] وَقَالَ {وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ} [الأنعام: ١٦٥] إلَى غَيْرِ ذَلِكَ اهـ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ لِلْمُنَاقَشَةِ فِي بَعْضِهِ مَجَالٌ بِالنَّظَرِ إلَى مَا تَقَدَّمَ لَيْسَ مَا فِي الْكَشْفِ أَرْجَحَ مِنْ الْأَوَّلِ بَلْ فِي جَامِعِ الْأَسْرَارِ الْأَوَّلُ أَوْضَحُ بِالنَّظَرِ إلَى الدَّلِيلِ اهـ ثُمَّ مَعَ ذَلِكَ لَمَّا لَمْ يَطَّرِدْ هَذَا الْأَصْلُ بِالنِّسْبَةِ إلَى سَائِرِ الْمَوَارِدِ قَالَ فِي التَّلْوِيحِ: الْمُرَادُ أَنَّ هَذَا هُوَ الْأَصْلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَخُلُوِّ الْمَقَامِ عَنْ الْقَرَائِنِ وَقَالَ الْمُصَنِّفُ: (وَهُوَ أَكْثَرِيٌّ) لِأَنَّهُ كَمَا يُعَادُ النَّكِرَةُ نَكِرَةً غَيْرَ الْأُولَى، وَالْمَعْرِفَةُ مَعْرِفَةً عَيَّنَ الْأُولَى كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: ٥] {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: ٦] عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي الْآيَةِ وَيُرَجِّحُهُ ظَاهِرًا مَا أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ ثُمَّ مِنْ طَرِيقِهِ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ وَسَكَتَ عَنْهُ ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْحَاكِمِ عَنْ الْحَسَنِ مُرْسَلًا فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: ٦] قَالَ «خَرَجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمًا مَسْرُورًا فَرِحًا وَهُوَ يَضْحَكُ وَهُوَ يَقُولُ لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: ٥] {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: ٦] » وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ ابْنِ مَرْدُوَيْهِ لَهُ مُسْنَدًا عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «لَمَّا نَزَلَتْ {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: ٥] {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: ٦] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبْشِرُوا لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ» فَقَدْ تُعَادُ النَّكِرَةُ نَكِرَةً عَيْنَ الْأُولَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: ٨٤] وَتُعَادُ الْمَعْرِفَةُ مَعْرِفَةً غَيْرَ الْأُولَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: ٤٥] الْآيَةَ وَكَمَا تُعَادُ النَّكِرَةُ مَعْرِفَةً عَيْنَ الْأُولَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى {كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولا} [المزمل: ١٥] {فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} [المزمل: ١٦] فَقَدْ تُعَادُ مَعْرِفَةً غَيْرَ الْأُولَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى {زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ} [النحل: ٨٨] وَكَمَا تُعَادُ الْمَعْرِفَةُ نَكِرَةً غَيْرَ الْأُولَى كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى

<<  <  ج: ص:  >  >>