للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي تَخْرِيجِ الرَّازِيِّ، وَلَوْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ فِي مَجْلِسٍ وَأَشْهَدَ شَاهِدَيْنِ ثُمَّ بِأَلْفَيْنِ فِي مَجْلِسٍ وَأَشْهَدَ شَاهِدَيْنِ أَوْ بِأَلْفَيْنِ ثُمَّ بِأَلْفٍ يَلْزَمُ الْمَالَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَدْخُلُ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ فَيَكُونُ عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ عِنْدَهُمَا

(وَأَمَّا مَنْ فَعَلَى الْخُصُوصِ كَسَائِرِ الْمَوْصُولَاتِ) فَأَفَادَ أَنَّ الْمَوْصُولَاتِ لَيْسَتْ عَامَّةً بِالْوَضْعِ بَلْ بِالْوَصْفِ الْمَعْنَوِيِّ الَّذِي هُوَ مَضْمُونُ الصِّلَةِ؛ لِأَنَّ الْمَوْصُولَ مَعَ الصِّلَةِ فِي حُكْمِ اسْمٍ مَوْصُوفٍ، وَهَذَا الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ أَحَدُ الْأَقْوَالِ وَسَنَذْكُرُ بَاقِيَهَا قَرِيبًا.

(وَالنَّكِرَةِ) أَيْ وَكَالنَّكَرَةِ فِي كَوْنِهَا مَوْضُوعَةً عَلَى الْخُصُوصِ (وَأَخَصُّ مِنْهَا) أَيْ النَّكِرَةِ (لِأَنَّهَا) أَيْ مَنْ (لِعَاقِلٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى عِنْدَ الْأَكْثَرِ) وَلَوْ قِيلَ لِعَالِمٍ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا تُطْلَقُ عَلَى اللَّهِ - تَعَالَى - كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} [الرعد: ٤٣] فِي قَوْلٍ وَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى غَيْرِ الْعَالِمِ مُنْفَرِدًا وَمَعَ غَيْرِهِ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي مَوْضِعِهِ وَقِيلَ: تَخْتَصُّ بِالْمُذَكَّرِ (وَنَصْبُ الْخِلَافِ فِي الشَّرْطِيَّةِ) خَاصَّةً كَمَا فَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ (غَيْرُ جَيِّدٍ) ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ الِاتِّفَاقَ فِي غَيْرِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ مَوْصُولَةٌ وَاسْتِفْهَامِيَّةٌ وَمَوْصُوفَةٌ كَذَلِكَ أَيْضًا وَمِنْ ثَمَّةَ اُعْتُذِرَ عَنْهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا خَصَّهَا تَمْثِيلًا (وَالِاسْتِدْلَالُ) لِلْأَكْثَرِ ثَابِتٌ (بِالْإِجْمَاعِ عَلَى عِتْقِهِنَّ) أَيْ إمَائِهِ (فِي مَنْ دَخَلَ) دَارِي فَهُوَ حُرٌّ؛ إذْ لَوْلَا ظُهُورُ تَنَاوُلِهِ لَهُنَّ لَمَا أُجْمِعَ عَلَيْهِ (وَالنَّكِرَةُ بِحَسَبِ الْمَادَّةِ قَدْ تَكُونُ لِغَيْرِهِ) .

قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمَّا قَالَ: إنَّ مَنْ أَخَصُّ لِاخْتِصَاصِهَا بِالْعَاقِلِ عُرِفَ أَنَّ النَّكِرَةَ تَكُونُ لِلْعَاقِلِ وَغَيْرِهِ فَرُبَّمَا يُفْهَمُ أَنَّ وَضْعَهَا مُطْلَقًا لِمَا يَشْمَلُهُمَا فَحَقَّقَ الْمُرَادَ بِأَنَّ النَّكِرَةَ تَكُونُ لِغَيْرِ الْعَاقِلِ بِحَسَبِ الْمَادَّةِ الَّتِي تُوضَعُ كَمَا تَكُونُ كَذَلِكَ لِلْعَاقِلِ فَلَفْظُ عَاقِلٍ نَكِرَةٌ يَخُصُّ ذَا الْعَقْلِ لِلْمَادَّةِ وَمَجْنُونٌ مِثْلُهُ فِي ضِدِّهِ وَفَرَسٌ لِنَوْعٍ غَيْرِ عَاقِلٍ وَرَجُلٌ لِمَنْ بِحَيْثُ يَعْقِلُ فَلَمْ يُوضَعْ النَّكِرَةُ لِمَا هُوَ أَعَمُّ بَلْ مِنْهَا وَمِنْهَا فَالْأَعَمُّ جُزْءٌ مِنْ مُطْلَقِ النَّكِرَةِ الَّتِي لَمْ تُوضَعْ؛ لِأَنَّ الْوَضْعَ يَتَعَلَّقُ بِالْأَفْرَادِ (وَتَسَاوِيهَا) أَيْ النَّكِرَةِ (الَّذِي) وَبَقِيَّةُ الْمَوْصُولَاتِ فِي أَنَّهَا عَلَى الْخُصُوصِ وَالشُّيُوعِ (وَضْعًا وَإِنَّمَا لَزِمَهَا) أَيْ مَنْ الْمَوْصُولَةَ وَكَذَا بَقِيَّةُ الْمَوْصُولَاتِ (التَّعْرِيفُ فِي الِاسْتِعْمَالِ وَعُمُومُهَا) أَيْ مَنْ (بِالصِّفَةِ) الْمَعْنَوِيَّةِ الَّتِي هِيَ مَضْمُونُ الصِّلَةِ (وَيَلْزَمُ) عُمُومُهَا (فِي الشَّرْطِ وَالِاسْتِفْهَامِ وَقَدْ تَخُصُّ) حَالَ كَوْنِهَا (مَوْصُولَةً وَمَوْصُوفَةً) فَالْمَوْصُولَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ} [الأنعام: ٢٥] فَإِنَّ الْمُرَادَ بِمَنْ هُنَا أَفْرَادٌ مَخْصُوصُونَ ذَكَرَهُمْ الْمُفَسِّرُونَ.

وَالْمَوْصُوفَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ} [البقرة: ٨] كَمَا هُوَ احْتِمَالٌ حَكَى قَوْلًا فِيهَا هُنَا فَإِنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي أُنَاسٍ بِأَعْيَانِهِمْ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ هَذَا، وَإِنْ كَانَ مَذْكُورًا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ لَا تَحْرِيرَ فِيهِ فَإِنَّ مَنْ كَمَا تَخُصُّ مَوْصُولَةً وَمَوْصُوفَةً لِعَدَمِ عُمُومِ مَضْمُونِ صِلَتِهَا وَصِفَتِهَا تَخُصُّ شَرْطِيَّةً وَاسْتِفْهَامِيَّةً بِمَا يُوجِبُ تَخْصِيصَهَا وَكَمَا يَلْزَمُ عُمُومُهَا شَرْطِيَّةً وَاسْتِفْهَامِيَّةً بِوَاسِطَةِ الشَّرْطِ، وَالِاسْتِفْهَامُ قَدْ يُلْزِمُ عُمُومَهَا مَوْصُولَةً وَمَوْصُوفَةً لِعُمُومِ مَضْمُونِ صِلَتِهَا وَصِفَتِهَا ثُمَّ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهَا مُرَادًا بِهَا الْخُصُوصُ فِي حَالَةٍ مِنْ هَذِهِ الْأَحْوَالِ أَنْ تَكُونَ مَوْضُوعَةً لَهُ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ لِلْعُمُومِ، وَاسْتِعْمَالُهَا فِي الْخُصُوصِ مِنْ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ.

هَذَا وَظَاهِرُ كَلَامِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ أَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِلْعُمُومِ وَإِنَّمَا الْخُصُوصُ فِيهَا احْتِمَالٌ يَثْبُتُ بِالْقَرِينَةِ وَمَشَى عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ بَلْ، وَعَنْ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ أَنَّ حَرْفَ مَنْ بِالْفَتْحِ مُحْكَمٌ فِي التَّعْمِيمِ وَظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الْمَنَارِ أَنَّهَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى السَّوَاءِ فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا (فَفِي مَنْ شَاءَ مِنْ عَبِيدِي عِتْقَهُ) فَهُوَ حُرٌّ فَشَاءُوا عِتْقَهُمْ (يُعْتَقُونَ وَكَذَا مَنْ شِئْت) مِنْ عَبِيدِي

<<  <  ج: ص:  >  >>