للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِتْقَهُ فَأَعْتِقْهُ (عِنْدَهُمَا) أَيْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ إذَا شَاءَ عِتْقَهُمْ (يُعْتِقُهُمْ لِأَنَّ مِنْ لِلْبَيَانِ) وَمَنْ لِلْعُمُومِ فَيَتَنَاوَلُ الْجَمِيعَ (وَعِنْدَهُ) أَيْ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا شَاءَ عِتْقَهُمْ يُعْتَقُ الْكُلُّ (إلَّا الْأَخِيرَ إنْ رَتَّبَ) عِتْقَهُمْ (وَإِلَّا فَمُخْتَارَ الْمَوْلَى) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُرَتِّبْهُ بَلْ أَعْتَقَهُمْ دَفْعَةً عَتَقُوا إلَّا وَاحِدًا لِلْمَوْلَى الْخِيَارُ فِي تَعْيِينِهِ (لِأَنَّهَا) أَيْ مِنْ (تَبْعِيضٌ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (وَأَمْكَنَّا) أَيْ عُمُومُ مَنْ وَتَبْعِيضُ مِنْ (فِي الْأُولَى لِتَعَيُّنِ عِتْقِ كُلٍّ بِمَشِيئَتِهِ فَإِذَا) شَاءَ كُلٌّ عِتْقَ نَفْسِهِ (عَتَقَ كُلٌّ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ غَيْرِهِ فَهُوَ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمْ (بَعْضٌ) مِنْ الْعُمُومِ

(وَفِي الثَّانِيَةِ) تَعَلَّقَ عِتْقُهُمْ (بِمَشِيئَةِ وَاحِدٍ فَلَوْ أَعْتَقَهُمْ لَا تَبْعِيضَ) بِالْكُلِّيَّةِ مَعَ إمْكَانِ الْعَمَلِ بِهِ وَبِالْعُمُومِ يُعْتِقهُمْ إلَّا وَاحِدًا فَإِنَّ فِي إخْرَاجِ الْوَاحِدِ مِنْ وُقُوعِ الْعِتْقِ عَلَيْهِمْ عَمَلًا بِالتَّبْعِيضِ، وَفِي نُفُوذِ الْعِتْقِ فِيمَنْ سِوَاهُ عَمَلًا بِالْعُمُومِ فَإِنَّ الْبَعْضَ يُطْلَقُ عَلَى الْأَقَلِّ وَالْأَكْثَرِ، وَالْعُمُومُ لَا يَبْطُلُ رَأْسًا بِخُرُوجِ وَاحِدٍ مِمَّا شَمِلَهُ فَتَعَيَّنَ هَذَا لِأَنَّ الْعَمَلَ بِكِلَيْهِمَا أَوْلَى مِنْ الْعَمَلِ بِأَحَدِهِمَا وَإِهْدَارِ الْآخَرِ ثُمَّ فِي التَّلْوِيحِ مَا مَعْنَاهُ (وَهَذَا يَتِمُّ فِي الدَّفْعِيِّ) أَيْ هَذَا ظَاهِرٌ عَلَى تَقْدِيرِ تَعَلُّقِ الْمَشِيئَةِ بِالْكُلِّ دَفْعَةً؛ لِأَنَّ مَنْ شَاءَ الْمُخَاطَبُ عِتْقَهُ لَيْسَ بَعْضَ الْعَبِيدِ بَلْ كُلَّهُمْ (لَا فِي التَّرْتِيبِ) لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ أَنَّهُ شَاءَ الْمُخَاطَبُ عِتْقَهُ حَالَ كَوْنِهِ بَعْضًا مِنْ الْعَبِيدِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ تَعَلُّقَ الْمَشِيئَةِ بِكُلٍّ عَلَى الِانْفِرَادِ أَمْرٌ بَاطِنٌ لَا اطِّلَاعَ عَلَيْهِ

وَالظَّاهِرُ مِنْ إعْتَاقِ الْكُلِّ تَعَلُّقُ الْمَشِيئَةِ بِالْكُلِّ فَلَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِ الْبَعْضِ لِيَتَحَقَّقَ التَّبْعِيضُ، قَالَ الْعَبْدُ الضَّعِيفُ - غَفَرَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ -: وَأَحْسَنُ مِنْهُ أَنْ يُقَالَ ثُمَّ حَيْثُ لَزِمَ الْعَمَلُ بِالْعُمُومِ فِيمَا عَدَا وَاحِدًا وَهُوَ قَدْ أَعْتَقَهُمْ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ فَقَدْ وُجِدَ فِي حَقِّ كُلٍّ غَيْرَ الْأَخِيرِ الْمُقْتَضِي وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَانْتَفَى الْمَانِعُ وَهُوَ عَدَمُ الْعَمَلِ بِالتَّبْعِيضِ لِقِيَامِ احْتِمَالِ عَدَمِ عِتْقِ الْأَخِيرِ فَنَفَذَ فِيهِمْ الْعِتْقُ، وَوُجِدَ فِي حَقِّ الْأَخِيرِ الْمُقْتَضِي أَيْضًا لَكِنْ لَمْ يَنْتَفِ الْمَانِعُ فِي حَقِّهِ؛ لِأَنَّ بِعِتْقِهِ يَبْطُلُ التَّبْعِيضُ الْمُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعُمُومِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ آنِفًا فَلَمْ يَعْمَلْ الْمُقْتَضِي فِيهِ عَمَلَهُ فَلَمْ يَنْفُذْ فِيهِ الْعِتْقُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْتَقَهُمْ جُمْلَةً فَإِنَّهُ، وَإِنْ وُجِدَ فِي حَقِّهِمْ جَمِيعًا الْمُقْتَضِي لَكِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي حَقِّهِمْ جَمِيعًا انْتِفَاءُ الْمَانِعِ بَلْ إنَّمَا وُجِدَ فِيمَا عَدَا وَاحِدًا لَا بِعَيْنِهِ فَكَانَ بَيَانُهُ إلَى الْمُفَوِّضِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَخْرَجَهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَحَلًّا لِأَثَرِ هَذَا التَّفْوِيضِ بِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ التَّبْعِيضِ وَصَارَ مَا دَامَ بَيَانُهُ مُمْكِنًا مِنْهُ كَالْمُجْمَلِ لَا يُدْرَكُ إلَّا بِبَيَانٍ مِنْ الْمُجْمَلِ وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ - أَعْلَمُ (وَتَوْجِيهُ قَوْلِهِ) أَيْ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا وَجَّهَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ ذَاكِرًا أَنَّهُ مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ (بِأَنَّ الْبَعْضَ مُتَيَقَّنٌ) عَلَى تَقْدِيرَيْ تَبْعِيضِهَا وَبَيَانِهَا فَيَلْزَمُ تَبْعِيضُهَا لِثُبُوتِهِ عَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ دُفِعَ فِي التَّلْوِيحِ بِمَا مَعْنَاهُ هَذَا (لَا يَقْتَضِيهَا تَبْعِيضِيَّةً لِأَنَّهَا) أَيْ التَّبْعِيضِيَّةَ (لِلْبَعْضِ الْمُجَرَّدِ) وَهُوَ الْبَعْضُ الَّذِي يَكُونُ تَمَامَ الْمُرَادِ لَا فِي ضِمْنِ الْكُلِّ نَحْوُ أَكَلْت مِنْ الرَّغِيفِ فَإِنَّ بَعْضَ الرَّغِيفِ هُوَ تَمَامُ الْمُرَادِ (وَلَيْسَ) هَذَا الْبَعْضُ (هُوَ الْمُتَيَقَّنَ) مِنْ الْبَيَانِيَّةِ (بَلْ) الْبَعْضُ الْمُحَقَّقُ مِنْهَا (ضِدُّهُ) أَيْ ضِدُّ هَذَا الْبَعْضِ وَهُوَ الْكَائِنُ فِي ضِمْنِ الْكُلِّ الَّذِي هُوَ تَمَامُ الْمُرَادِ، وَهُوَ الضَّرُورِيُّ فَلَا يَثْبُتُ التَّبْعِيضُ لِلْمُتَكَلِّمِ فِيهِ بِهَذَا وَأُجِيبَ عَنْ الدَّفْعِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: الْبَعْضُ مُتَيَقَّنٌ أَنَّ تَعَلُّقَ الْحُكْمِ بِمَا صَدَقَ عَلَيْهِ الْبَعْضُ مُتَيَقَّنٌ عَلَى تَقْدِيرَيْ التَّبْعِيضِ وَالْبَيَانِ كَمَا يَشْهَدُ بِهِ قَوْلُهُ: فَإِرَادَةُ الْبَعْضِ مُتَيَقَّنَةٌ، وَإِرَادَةُ الْكُلِّ مُحْتَمَلَةٌ

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ أَخَذَ الْقَدْرَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَ التَّبْعِيضِ وَالْبَيَانِ وَحَكَمَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَيَقَّنٌ، وَمُؤَدَّاهُ كَمُؤَدَّى الْعَمَلِ بِخُصُوصِيَّةِ الْبَعْضِ وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ - أَعْلَمُ ثُمَّ أَشَارَ إلَى تَوْجِيهٍ آخَرَ لِقَوْلِهِ ذَكَرُوهُ مَدْفُوعٌ فَقَالَ (وَبِأَنَّ وَصْفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>