للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِثْبَاتٍ بِاعْتِبَارِ الْأَجْزَاءِ وَنَحْوَ لَا صَلَاةَ إلَّا بِطَهُورٍ) وَتَقَدَّمَ فِي الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ فِي ذَيْلِ الْمُجْمَلِ أَنَّهُ رُوِيَ مَعْنَاهُ مَرْفُوعًا (يُفِيدُ ثُبُوتَهَا) أَيْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ (مَعَ الطَّهُورِ فِي الْجُمْلَةِ) ، وَهِيَ الصَّلَاةُ الْجَامِعَةُ لِبَقِيَّةِ شُرُوطِهَا وَجَمِيعِ أَرْكَانِهَا الْخَالِيَةِ عَنْ الْمُفْسِدِ لَهَا لَا كُلُّ صَلَاةٍ، وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ لَا صَلَاةَ سَلْبًا كُلِّيًّا بِمَعْنَى لَا شَيْءَ مِنْ الصَّلَاةِ بِجَائِزَةٍ، وَهُوَ عِنْدَ وُجُودِ الْمَوْضُوعِ فِي قُوَّةِ الْإِيجَابِ الْكُلِّيِّ الْمَعْدُولِ الْمَحْمُولِ فَيَتَعَلَّقُ الِاسْتِثْنَاءُ بِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الصَّلَاةِ. وَالْفَرْضُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ فَيَلْزَمُ تَعَلُّقُ إثْبَاتِ مَا نُفِيَ عَنْ الصَّدْرِ بِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الصَّدْرِ فَيَكُون الْمَعْنَى كُلُّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الصَّلَاةِ جَائِزَةٌ حَالَ اقْتِرَانِهَا بِطَهُورٍ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى بُطْلَانِ بَعْضِ الصَّلَاةِ الْمُقْتَرِنَةِ بِطَهُورٍ كَالصَّلَاةِ إلَى غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَبِدُونِ النِّيَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (وَغَايَتُهُ) أَيْ هَذَا (تَكَلُّمٌ بِعَامٍّ مَخْصُوصٍ) بِدَلِيلِهِ وَلَا بِدَعَ فِي ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْأَشْبَهَ أَنَّ مَوْضُوعَ هَذَا الْقَوْلِ إنَّمَا جَاءَ عُمُومُهُ مِنْ ضَرُورَةِ كَوْنِهِ نَكِرَةً وَاقِعَةً فِي سِيَاقِ النَّفْيِ، وَهَذَا الْمُقْتَضَى مُنْتَفٍ فِي الْإِثْبَاتِ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْضُوعُ بِعَيْنِهِ مَوْجُودًا فِيهِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى لَا صَلَاةَ جَائِزَةٌ إلَّا فِي حَالِ الِاقْتِرَانِ بِالطَّهُورِ فَإِنَّ فِيهَا يَنْتَفِي هَذَا الْحُكْمُ وَيَثْبُتُ نَقِيضُهُ، وَهُوَ جَوَازُ شَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ إذْ نَقِيضُ السَّلْبِ الْكُلِّيِّ الْإِيجَابُ الْجُزْئِيُّ، وَهُوَ صَادِقٌ فَلَا يَصْلُحُ دَلِيلًا لِنَفْيِ كَوْنِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتًا كَمَا هُوَ مَنْقُولٌ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ.

(غَيْرَ أَنَّ قَوْلَ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ) فِيمَا بَعْدَ إلَّا حُكْمٌ بِالنَّقِيضِ، الْحُكْمُ (الثَّانِي) ثَابِتٌ عِنْدَهُمْ (إشَارَةً، وَهُوَ) أَيْ الْحُكْمُ الْإِشَارِيُّ (مَنْطُوقٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالسَّوْقِ عَلَى مَا مَرَّ) فِي التَّقْسِيمِ الْأَوَّلِ (وَقَوْلُ الْهِدَايَةِ فِي مَا أَنْتَ إلَّا حُرٌّ يُعْتَقُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ عَلَى وَجْهِ التَّأْكِيدِ كَمَا فِي كَلِمَةِ الشَّهَادَةِ ظَاهِرٌ فِي الْعِبَارَةِ) وَقَالَ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ هَذَا هُوَ الْحَقُّ الْمَفْهُومُ مِنْ تَرْكِيبِ الِاسْتِثْنَاءِ لُغَةً ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا كَوْنُهُ إثْبَاتًا مُؤَكَّدًا فَلِوُرُودِهِ بَعْدَ النَّفْيِ بِخِلَافِ الْإِثْبَاتِ الْمُجَرَّدِ (وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ مَنْطُوقُ إشَارَةٍ تَارَةً وَعِبَارَةٍ أُخْرَى بِأَنْ يُقْصَدَ لِمَا ذَكَرْنَا) مِنْ قَصْدِهِ بِالسَّوْقِ (وَلِأَنَّ النَّفْيَ عَمَّا بَعْدَ إلَّا يُفْهَمُ مِنْ اللَّفْظِ، وَأَمَّا) الِاسْتِدْلَال لَهُ بِمَا مُلَخَّصُهُ (الِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّ إلَّا لِمُخَالَفَةٍ بَعْدَهَا لِمَا قَبْلَهَا وَضْعًا فَلَا يُفِيدُ) إثْبَاتُهُ (لِصِدْقِ الْمُخَالَفَةِ بِعَدَمِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ) أَيْ مَا بَعْدَ إلَّا (فَلَا يَسْتَلْزِمُ الْحُكْمُ) عَلَى مَا بَعْدَ إلَّا (بِنَقِيضِهِ) أَيْ حُكْمِ مَا قَبْلَ إلَّا (إلَّا فَهِمَهُ) أَيْ الْحُكْمَ بِنَقِيضِهِ مِنْ اللَّفْظِ (كَمَا سَمِعْت ثُمَّ يُقْصَدَانِ) أَيْ الْإِثْبَاتُ وَالنَّفْيُ (كَكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ، وَالْمُفَرَّغُ) كَ مَا جَاءَ إلَّا زَيْدٌ وَمَا زَيْدٌ إلَّا قَائِمٌ لِلْقَطْعِ بِفَهْمِ أَنَّ هَذِهِ مَسُوقَةٌ لِإِثْبَاتِ الْأُلُوهِيَّةِ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَمَجِيءُ زَيْدٍ وَقِيَامُهُ بِأَبْلَغِ وَجْهٍ وَآكَدِهِ (فَعِبَارَةُ) أَيْ فَالْحُكْمُ عَلَى مَا بَعْدَ إلَّا فِيهَا عِبَارَةٌ.

(أَوْ) يُقْصَدُ (غَيْرُ الثَّانِي) ، وَهُوَ الْحُكْمُ عَلَى مَا قَبْلَهَا لَا غَيْرُ (كَعَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا ثَلَاثَةٌ لِفَهْمِ أَنَّ الْغَرَضَ السَّبْعَةُ) أَيْ الْإِقْرَارُ بِهَا وَلَا غَرَضَ يَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ إلَّا ثَلَاثَةٌ لَيْسَتْ عَلَيَّ (فَإِشَارَةٌ) أَيْ فَالْحُكْمُ عَلَى مَا بَعْدَ إلَّا حِينَئِذٍ إشَارَةٌ (وَلِمَا بَعْدَ أَنْ يَقُولَ بِحَقِيقَةِ الْمُعَارَضَةِ) فِي الِاسْتِثْنَاءِ الْوَاقِعِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ (مُسَلَّمٌ؛ لِأَنَّهَا) أَيْ الْمُعَارَضَةَ حِينَئِذٍ تَكُونُ (بِثُبُوتِ الْحُكْمَيْنِ) الْمُتَنَاقِضَيْنِ (وَهُوَ) أَيْ وَثُبُوتُهُمَا (التَّنَاقُضُ صَرَّحَ الْمُحَقِّقُونَ بِنَفْيِ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ وَبِاتِّفَاقِ أَهْلِ الدِّيَانَةِ أَنَّهُ بَيَانٌ مَحْضٌ كَسَائِرِ التَّخْصِيصَاتِ، وَإِنَّمَا هُوَ صُورَتُهَا نَظَرًا إلَى ظَاهِرِ إسْنَادِ الصَّدْرِ وَلَا يَخْتَلِفُ فِيهِ كَالتَّخْصِيصِ بِغَيْرِهِ) وَمِنْ الْمُصَرِّحِينَ بِذَلِكَ صَاحِبُ الْمِيزَانِ وَلَفْظُهُ وَلَا نَصَّ عَنْ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ لَكِنْ اسْتَدَلُّوا بِمَسَائِلَ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ وَلَكِنَّ الصَّحِيحَ أَنْ لَا يَكُونَ فِي هَذَا خِلَافٌ بَيْنَ أَهْلِ الدِّيَانَةِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ إجْمَاعِ أَهْلِ اللُّغَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>