وَخِلَافُ إجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ أَتَى عَلَى وَجْهِ ذَلِكَ.
(تَنْبِيهٌ: جَوَازُ) بَيْعِ (مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْكَيْلِ) مِنْ الْمَكِيلَاتِ (قِلَّةٌ) بِأَنْ يَكُونَ مَا دُونَ نِصْفِ صَاعٍ عَلَى مَا قَالُوا (بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لَا الشَّافِعِيَّةِ مَعَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَبِيعُوا الطَّعَامَ بِالطَّعَامِ إلَّا سَوَاءً بِسَوَاءٍ» ) أَخْرَجَهُ بِمَعْنَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي مُسْنَدِهِ (قِيلَ) وَقَائِلُهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَمُوَافِقُوهُ كَصَاحِبِ الْبَدِيعِ (لِلْمُعَارَضَةِ عِنْدَهُ) أَيْ الشَّافِعِيِّ (فَمَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ لَكُمْ بَيْعُ طَعَامٍ) بِطَعَامٍ (مُسَاوٍ فَمَا سِوَاهُ) أَيْ الْمُسَاوِي مِنْهُ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا (مُنِعَ) أَيْ مَمْنُوعٌ (بِالصَّدْرِ) أَيْ لَا تَبِيعُوا الطَّعَامَ بِالطَّعَامِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ أَخْرَجَ الْكَيْلَ خَاصَّةً ضَرُورَةَ ثُبُوتِ الْمُعَارَضَةِ فِيهِ إذْ الْمُرَادُ بِالتَّسَاوِي التَّسَاوِي فِي الْكَيْلِ اتِّفَاقًا فَبَقِيَ غَيْرُ الْمَكِيلِ دَاخِلًا فِي الْحُرْمَةِ فَيَحْرُمُ بَيْعُ حَفْنَةٍ مِنْ الْبُرِّ بِحَفْنَتَيْنِ مِنْهُ مَثَلًا (وَالْحَنَفِيَّةُ لَا حُكْمَ فِي الثَّانِي) أَيْ الْمُسْتَثْنَى (وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ حَالَ الْمُسَاوَاةِ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْمُجَازَفَةِ وَأَخَوَيْهَا) الْمُفَاضَلَةُ وَالْمُسَاوَاةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَكَلَّمَ بِالْبَاقِي فَيَعُمُّهَا الصَّدْرُ حَتَّى كَأَنَّهُ قَالَ لَا تَبِيعُوا الطَّعَامَ بِالطَّعَامِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ مِنْ الْمُفَاضَلَةِ وَالْمُجَازَفَةِ وَالْمُسَاوَاةِ إلَّا فِي حَالِ الْمُسَاوَاةِ (وَالْكُلُّ) أَيْ الْمُجَازَفَةُ، وَأَخَوَاهَا (يَسْتَنِدُ إلَى الْكَيْلِ) ؛ لِأَنَّ الْمُسَاوَاةَ لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا فِي الْمَكِيلِ وَلَا مُسْتَوِي فِيهِ إلَّا الْكَيْلُ كَمَا تَقَدَّمَ وَحَرُمَتْ الْمُفَاضَلَةُ لِوُجُودِ الْفَضْلِ فِي أَحَدِهِمَا.
، وَالْمُجَازَفَةُ لِاحْتِمَالِ الْمُفَاضَلَةِ فَلَمْ يَثْبُتْ اخْتِلَافُ الْأَحْوَالِ إلَّا فِي الْكَثِيرِ، وَهُوَ الَّذِي يَدْخُلُ تَحْتَ الْكَيْلِ فَتَعَيَّنَ كَوْنُ الْمُرَادِ الْمُقَدَّرِ بِهِ فَلَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ فِي الْقَلِيلِ، وَهُوَ مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْكَيْلِ فَلَا يَحْرُمُ بَيْعُ حَفْنَةٍ مِنْ الْبُرِّ بِحَفْنَتَيْنِ مِنْهُ (وَلَا يَلْزَمُ) بِنَاءُ هَذَا الِاخْتِلَافِ فِي هَذَا الْفَرْعِ عَلَى الْمُعَارَضَةِ وَعَدَمِهَا (بَلْ لَا يُشْكِلُ عَلَى أَحَدٍ أَنَّهُ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ (مُفَرَّغٌ لِلْحَالِ) أَيْ حَالِ الطَّعَامِ الْمُقَابِلِ بِشَيْءٍ مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْحَالِ مِنْ الْعَيْنِ لَا يَسْتَقِيمُ لِعَدَمِ الْمُجَانَسَةِ وَالْمُجَانَسَةُ هِيَ الْأَصْلُ فِيهِ فَحُمِلَ صَدْرُ الْكَلَامِ عَلَى عُمُومِ الْأَحْوَالِ لِتَحْصُلَ الْمُجَانَسَةُ (فَلَزِمَ الِاتِّصَالُ فَالْمَبْنَى) لِهَذَا الِاخْتِلَافِ (تَقْدِيرُ نَوْعِ الْمُفَرَّغِ لَهُ) الْقَرِيبِ (أَوْ) تَقْدِيرُ نَوْعٍ لَهُ (أَعْلَى أَيْ تَقْدِيرُ مَعْنًى لَا إعْرَابٍ) فَقَدَّرْنَا الْقَرِيبَ بِدَلِيلِ (مَا فِيهَا إلَّا زَيْدٌ أَيْ إنْسَانٌ لَا حَيَوَانٌ وَالْمُسَاوَاةُ بِالْكَيْلِ) فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى (فَلَا تَبِيعُوا طَعَامًا يُكَالُ إلَّا مُسَاوِيًا فَالْحِلُّ فِيمَا دُونَهُ) أَيْ مَا يُكَالُ (بِالْأَصْلِ) فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَيْعِ الْحِلُّ (وَقَدَّرُوا) أَعْلَى مِنْهُ فَقَالُوا (طَعَامًا فِي حَالٍ فَشَمِلَ الْقِلَّةَ. أَمَّا ذَلِكَ) الْمَبْنَى الْأَوَّلُ (فَمَبْنَى كَوْنِ الْحِلِّ فِي التَّسَاوِي) عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ (بِالْأَصْلِ أَوْ بِالْمَنْطُوقِ) فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ بِالْأَصْلِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بِالْمَنْطُوقِ (ثُمَّ هُوَ) أَيْ كَوْنُ ذَاكَ هُوَ الْمَبْنَى لِهَذَا بِنَاءً (عَلَى) قَوْلِ (الطَّائِفَةِ الْأُولَى) مِنْ الْحَنَفِيَّةِ لَيْسَ فِيمَا بَعْدَ إلَّا حُكْمٌ أَمَّا عَلَى قَوْلِ الطَّائِفَةِ الْأُخْرَى فِيهِ حُكْمٌ بِالنَّقِيضِ فَالْحِلُّ فِيهِ بِالْمَنْطُوقِ أَيْضًا عِبَارَةٌ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُفَرَّغٌ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ.
(مَسْأَلَةٌ يُشْتَرَطُ فِيهِ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءِ (الِاتِّصَالُ) بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لَفْظًا عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ (إلَّا لِتَنَفُّسٍ أَوْ سُعَالٍ أَوْ أَخْذِ فَمٍ وَنَحْوِهِ) كَعُطَاسٍ وَجُشَاءٍ (وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ جَوَازُ الْفَصْلِ بِشَهْرٍ وَسَنَةٍ وَمُطْلَقًا) أَمَّا الشَّهْرُ فَنَقَلَهُ الْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُمَا وَقَالَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ: لَمْ أَجِدْ رِوَايَةَ الشَّهْرِ، وَإِنَّمَا وَجَدْت رِوَايَةً فِيهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَلَعَلَّ مَنْ قَالَ شَهْرٌ أَلْغَى الْكَسْرَ. انْتَهَى. وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مَعَ بُعْدِهِ، ثُمَّ أَخْرَجَ عَنْهُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ فَمَضَى أَرْبَعُونَ لَيْلَةً فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute