فِي الْعِبَادَاتِ فَإِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي مَعَهُ عَلَى مَا هُوَ ثَابِتٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ نَعَمْ لَوْ نُقِلَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَحَّحْت إسْلَامَهُ أَمْكَنَ أَنْ يُصْرَفَ إلَيْهِ بِاعْتِبَارِ الْجِهَتَيْنِ لَكِنْ لَمْ يُنْقَلْ ذَلِكَ وَقَدْ أُورِدَ هَذَا السُّؤَالَ عَلَى خِلَافِ هَذَا الْوَجْهِ وَعَلَى مَا ذَكَرْنَا هُوَ الْوَجْهُ اهـ قُلْت وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ تَصْحِيحُ إسْلَامِهِ فِي حَقِّ الصَّلَاةِ تَصْحِيحٌ ظَاهِرٌ لَهُ دَلَالَةٌ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ الْمُخْتَصَّةِ بِالْإِسْلَامِ دُنْيَا وَأُخْرَى وَمِنْ ثَمَّةَ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِ كَافِرٍ صَلَّى إلَى قِبْلَتِنَا فِي جَمَاعَتِنَا حَتَّى يَجْرِيَ عَلَيْهِ سَائِرُ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْإِسْلَامِ فَلَا يَحْتَاجُ فِي ثُبُوتِ تَصْحِيحِهِ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ الْإِسْلَامِيَّةِ نَقْلَ تَصْحِيحِهِ فِي كُلِّ حُكْمٍ مِنْهَا فَانْتَفَى الْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَصِحُّ إسْلَامُهُ فِي أَحْكَامِ الْآخِرَةِ لَا الدُّنْيَا كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَزُفَرُ ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ الْكَشْفِ وَكَلَامُنَا فِي صَبِيٍّ عَاقِلٍ يُنَاظِرُ فِي وَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِحَّةِ رِسَالَةِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُلْزِمُ الْخَصْمَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَبْقَى فِي مَعْرِفَتِهِ شُبْهَةٌ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعَلَمُ.
(وَعَلَى مَا قَدَّمْنَا) مِنْ الْبَحْثِ الَّذِي يَنْتَفِي بِهِ تَحَقُّقُ أَصْلِ الْوُجُوبِ فِي مَسْأَلَةٍ تُثْبِتُ السَّبَبِيَّةَ لِوُجُوبِ الْأَدَاءِ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ مُوَسَّعًا فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ (يَكْفِي السَّمْعُ عَنْ أَصْلِ الْوُجُوبِ وَنَفَاهُ) أَيْ أَصْلَ الْوُجُوبِ لِلْإِيمَانِ عَنْ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ (شَمْسُ الْأَئِمَّةِ) السَّرَخْسِيُّ (لِعَدَمِ حُكْمِهِ) أَيْ الْوُجُوبِ وَهُوَ وُجُوبُ الْأَدَاءِ وَهُوَ لَا يَثْبُتُ بِدُونِهِ وَإِنْ كَانَ السَّبَبُ وَالْمَحَلُّ قَائِمًا (وَلَوْ أَدَّى وَقَعَ فَرْضًا؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْوُجُوبِ كَانَ لِعَدَمِ حُكْمِهِ فَإِذَا وُجِدَ) الْحُكْمُ الَّذِي هُوَ الْأَدَاءُ (وُجِدَ) الْوُجُوبُ بِمُقْتَضَى الْأَدَاءِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ صَوْمِ الْمُسَافِرِ وَكَأَدَاءِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فِي حَقِّ مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ بِهِ مُؤَدِّيًا لِلْفَرْضِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وُجُوبُهَا ثَابِتًا فِي حَقِّهِ قَبْلَ الْأَدَاءِ.
(وَالْأَوَّلُ) أَيْ قَوْلُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ وَمُوَافِقِيهِ (أَوْجَهُ) ؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ إنَّمَا يَأْتِي فِي وُجُوبِ الْأَدَاءِ لَا أَصْلِ الْوُجُوبِ الَّذِي طُلِبَ مِنْهُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فَلَا جَرَمَ أَنْ قَالَ الْفَاضِلُ الْقَاآنِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ حُكْمَ الْوُجُوبِ هُوَ وُجُوبُ الْأَدَاءِ إنَّمَا ذَلِكَ حُكْمُ الْخِطَابِ بَلْ حُكْمُهُ صِحَّةُ الْأَدَاءِ، وَهِيَ مُتَحَقِّقَةٌ هُنَا فَثَبَتَ الْوُجُوبُ لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي وَعَدَمِ الْمَانِعِ قُلْت وَلَكِنْ هَذَا عَلَى تَحَقُّقِ أَصْلِ الْوُجُوبِ لَا عَلَى بَحْثِ الْمُصَنِّفِ الْمُقْتَضِي لِانْتِفَائِهِ ثُمَّ إنَّمَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ الْقَصْدُ إلَى تَصْدِيقٍ وَإِقْرَارٍ يَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ وَقَدْ كَانَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَا يَكْفِيهِ اسْتِصْحَابُ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ التَّصْدِيقِ وَالْإِقْرَارِ غَيْرِ الْمَنْوِيِّ بِهِ إسْقَاطُ الْفَرْضِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ يُوَاظِبُ عَلَى الصَّلَاةِ قَبْلَ بُلُوغِهِ لَا يَكُونُ كَمَا كَانَ يَفْعَلُ بَلْ لَا يَكْفِيهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ مِنْهَا إلَّا مَا قَرَنَهُ بِنِيَّةِ أَدَاءِ الْوَاجِبِ امْتِثَالًا لِدَلَالَةِ الْإِجْمَاعِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ نِيَّةِ فَرْضِ الْإِيمَانِ لِلْبَالِغِ الْمَحْكُومِ بِصِحَّةِ إسْلَامِهِ صَبِيًّا تَبَعًا لِأَبَوَيْهِ الْمُسْلِمَيْنِ إذَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ فَرْضًا لَمْ يَفْعَلْهُ أَهْلُ الْإِجْمَاعِ عَنْ آخِرِهِمْ (وَلِعَدَمِ حُكْمِ الْوُجُوبِ مِنْ الْأَدَاءِ لَمْ تَجِبْ الصَّلَاةُ عَلَى الْحَائِضِ لِانْتِفَاءِ الْأَدَاءِ شَرْعًا) فِي حَالَةِ الْحَيْضِ (وَالْقَضَاءُ) بَعْدَ الطَّهَارَةِ مِنْهُ (لِلْحَرَجِ وَالتَّكْلِيفُ لِلرَّحْمَةِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ تَكْلِيفَ اللَّهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ مَا هُوَ فِي قُدْرَتِهِمْ مِنْ الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي وَلَا سِيَّمَا مَا كَانَ مِنْ الْعِبَادَاتِ إنَّمَا هُوَ لِرَحْمَتِهِ تَعَالَى لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ الِامْتِثَالِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْحَالِ طَرِيقُ الثَّوَابِ فِي السُّنَّةِ الْإِلَهِيَّةِ (وَالْحَرَجُ طَرِيقُ التَّرْكِ) الَّذِي هُوَ طَرِيقُ الْعِقَابِ (فَلَمْ يَتَعَلَّقْ) التَّكْلِيفُ (ابْتِدَاءً بِمَا فِيهِ) الْحَرَجُ (فَضْلًا) مِنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ (بِخِلَافِ الصَّوْمِ) فَإِنَّهُ لَا حَرَجَ فِي قَضَائِهَا إيَّاهُ (فَثَبَتَ) أَصْلُ الْوُجُوبِ عَلَيْهَا (لِفَائِدَةِ الْقَضَاءِ وَعَدَمِ الْحَرَجِ) وَسَنُوَضِّحُ وَجْهَهُ فِي الْكَلَامِ فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(وَأَهْلِيَّةُ الْأَدَاءِ نَوْعَانِ قَاصِرَةٌ لِقُصُورِ الْعَقْلِ وَالْبَدَنِ كَالصَّبِيِّ الْعَاقِلِ) أَوْ الْعَقْلِ لَا غَيْرُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَالْمَعْتُوهُ الْبَالِغُ) وَإِنْ كَانَ قَوِيَّ الْبَدَنِ (وَالثَّابِتُ مَعَهَا) أَيْ الْقَاصِرَةِ (صِحَّةُ الْأَدَاءِ) ؛ لِأَنَّ فِي صِحَّتِهِ نَفْعَهُ بِلَا شَائِبَةِ ضَرَرٍ (وَكَامِلَةٌ بِكَمَالِهِمَا) أَيْ الْعَقْلِ وَالْبَدَنِ (وَيَلْزَمُهَا) أَيْ الْكَامِلَةَ (وُجُوبُهُ) أَيْ الْأَدَاءِ لِتَحَقُّقِ شَرْطِهِ وَقَدْ يَكُونُ كَامِلَ الْعَقْلِ ضَعِيفَ الْبَدَنِ كَالْمَفْلُوجِ فَيَسْقُطُ عَنْهُ أَدَاءُ مَا يَتَعَلَّقُ بِقُوَّةِ الْبَدَنِ وَسَلَامَتِهِ (فَمَا) يَكُونُ (مَعَ الْقَاصِرَةِ) سِتَّةً؛ لِأَنَّهُ (إمَّا حَقٌّ لِلَّهِ لَا يَحْتَمِلُ حُسْنُهُ الْقُبْحَ أَوْ قَبِيحٌ لَا يَحْتَمِلُ الْحُسْنَ أَوْ مُتَرَدِّدٌ) بَيْنَ الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ (أَوْ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ حَقٍّ لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ حَقُّ الْعَبْدِ (فَإِمَّا فِيهِ نَفْعٌ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute