للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَرَرٌ مَحْضَانِ أَوْ مُتَرَدِّدٌ) بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ (فَالْأَوَّلُ) أَيْ مَا هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى لَا يَحْتَمِلُ حُسْنُهُ الْقُبْحَ (الْإِيمَانُ لَا يَسْقُطُ حُسْنُهُ وَفِيهِ نَفْعٌ مَحْضٌ) فَيَصِحُّ مِنْهُ لِذَلِكَ وَلِأَهْلِيَّتِهِ لِلثَّوَابِ وَكَيْفَ لَا وَالْفَرْضُ أَنَّهُ وُجِدَ مِنْهُ حَقِيقَةً فَكَذَا حُكْمًا (وَتَخَلُّفُ الْوُجُودِ الْحُكْمِيِّ عَنْ) الْوُجُودِ (الْحَقِيقِيِّ) إنَّمَا يَكُونُ (لِحَجْرِ الشَّرْعِ) عَنْهُ (وَلَمْ يُوجَدْ) حَجْرُ الشَّرْعِ عَنْهُ وَكَيْفَ يُوجَدُ (وَلَا يَلِيقُ) الْحَجْرُ عَنْهُ بِالشَّارِعِ لِحُسْنِهِ حُسْنًا لَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَبِيحًا بِحَالٍ وَلَوْ صَارَ مَحْجُورًا عَنْهُ لَكَانَ قَبِيحًا مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ وَلِنَفْعِهِ الَّذِي لَا يَشُوبُهُ ضَرَرٌ فَإِنْ قِيلَ بَلْ قَدْ يَكُونُ فِيهِ ضَرَرٌ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا كَحِرْمَانِ الْمِيرَاثِ عَنْ مُوَرِّثِهِ الْكَافِرِ وَالْفُرْقَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ الْمَجُوسِيَّةِ أُجِيبَ بِالْمَنْعِ (وَضَرَرُ حِرْمَانِ الْمِيرَاثِ وَفُرْقَةُ النِّكَاحِ مُضَافَانِ إلَى كُفْرِ الْقَرِيبِ وَالزَّوْجَةِ) ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ شُرِعَ عَاصِمًا لِلْحُقُوقِ لَا قَاطِعًا (وَلَوْ سَلِمَ) لُزُومُ ذَلِكَ لَهُ (فَحُكْمُ الشَّيْءِ الْمُوجِبِ) بِالْجَرِّ صِفَةُ الشَّيْءِ وَفَاعِلُهُ (ثُبُوتُ) أَيْ ذَلِكَ الشَّيْءِ (صِحَّتِهِ) أَيْ صِحَّةِ حُكْمِ الشَّيْءِ وَهُوَ مَفْعُولُهُ ثُمَّ حُكْمُ الشَّيْءِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ (مَا) أَيْ الْحُكْمُ الَّذِي (وُضِعَ) الشَّيْءُ (لَهُ) أَيْ لِذَلِكَ الْحُكْمِ.

(وَوَضْعُهُ) أَيْ الْإِيمَانِ (لَيْسَ لِذَلِكَ) أَيْ لِحِرْمَانِ الْإِرْثِ وَالْفُرْقَةِ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَبَيْنَهُ (وَإِنْ لَزِمَ) ذَلِكَ (عِنْدَهُ) أَيْ الْإِيمَانُ ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِهِ وَلَازِمًا مِنْ لَوَازِمِهِ التَّابِعَةِ لِوُجُودِهِ وَمِنْ ثَمَّةَ ثَبَتَا فِي ثُبُوتِ إسْلَامِهِ تَبَعًا لِإِسْلَامِ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا، وَلَمْ يُعَدَّا ضَرَرًا يَمْنَعُ صِحَّةَ ثُبُوتِهِ (بَلْ) وَضَعَهُ (لِسَعَادَةِ الدَّارَيْنِ مَعَ أَنَّهُ) أَيْ الْإِسْلَامَ (مُوجِبٌ إرْثَهُ مِنْ الْمُسْلِمِ فَلَمْ يَكُنْ) لَازِمُهُ (مَحْصُورًا فِي الْأَوَّلِ) أَيْ حِرْمَانِ الْإِرْثِ وَيَعُودُ مِلْكُ نِكَاحِهِ إذَا كَانَتْ زَوْجَتُهُ أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ فَيَتَعَارَضُ النَّفْعُ وَالضَّرَرُ وَيَتَسَاقَطَانِ فَيَبْقَى الْإِسْلَامُ فِي نَفْسِهِ نَفْعًا مَحْضًا لَا يَشُوبُهُ مَعْنَى الضَّرَرِ وَصَارَ هَذَا (كَقَبُولِ هِبَةِ الْقَرِيبِ مِنْ الصَّبِيِّ يَصِحُّ مَعَ تَرَتُّبِ عِتْقِهِ) عَلَى الْقَبُولِ (وَهُوَ) أَيْ عِتْقُهُ (ضَرَرٌ) مَحْضٌ (لِأَنَّ الْحُكْمَ الْأَصْلِيَّ) لِلْهِبَةِ إنَّمَا هُوَ (الْمِلْكُ بِلَا عِوَضٍ) لَا الْعِتْقُ الْمُرَتَّبُ عَلَيْهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ (وَعَرْضُ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ لِإِسْلَامِ زَوْجَتِهِ لِصِحَّتِهِ) أَيْ الْإِسْلَامِ (مِنْهُ) وَنَفْعِهِ بِأَدَائِهِ (لَا وُجُوبِهِ) عَلَيْهِ (وَضَرْبُهُ لِعَشْرٍ عَلَى الصَّلَاةِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مُرُوا الصَّبِيَّ بِالصَّلَاةِ إذَا بَلَغَ سَبْعَ سِنِينَ وَإِذَا بَلَغَ عَشَرَ سِنِينَ فَاضْرِبُوهُ عَلَيْهَا» قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ (تَأْدِيبًا) لِيَتَخَلَّقَ بِأَخْلَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَيَعْتَادَ الصَّلَاةَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَهُوَ مِنْ أَنْفَعِ الْمَنَافِعِ.

(كَالْبَهِيمَةِ) أَيْ كَضَرْبِهَا عَلَى بَعْضِ الْأَفْعَالِ فَعَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تُضْرَبُ الدَّابَّةُ عَلَى النِّفَارِ وَلَا تُضْرَبُ عَلَى الْعِثَارِ» رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ إلَّا أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ مِنْ مَنَاكِيرِ عَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ (لَا لِلتَّكْلِيفِ وَالثَّانِي) أَيْ مَا هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى قَبِيحٌ لَا يَحْتَمِلُ قُبْحُهُ الْحُسْنَ (الْكُفْرُ) فَإِنَّهُ قَبِيحٌ مِنْ كُلِّ شَخْصٍ فِي كُلِّ حَالٍ وَهُوَ (يَصِحُّ مِنْهُ أَيْضًا فِي أَحْكَامِ الْآخِرَةِ اتِّفَاقًا) وَإِلَّا صَارَ الْجَهْلُ بِهِ تَعَالَى عِلْمًا بِهِ؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ جَهْلٌ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ وَأَحْكَامِهِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يُجْعَلُ عِلْمًا فِي حَقِّ الْعِبَادِ فَكَيْفَ فِي حَقِّ رَبِّ الْأَرْبَابِ وَالْعَفْوُ وَدُخُولُ الْجَنَّةِ مَعَ الْكُفْرِ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ أَدَاؤُهُ لِعَقْلِهِ وَصِحَّةِ دَرْكِهِ لَمْ يَرِدْ بِهِ شَرْعٌ وَلَا يَحْكُمُ بِهِ عَقْلٌ (وَكَذَا) يَصِحُّ (فِي) أَحْكَامِ (الدُّنْيَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) آخِرًا وَالشَّافِعِيِّ وَفِي الْمَبْسُوطِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ مَحْضٌ كَإِعْتَاقِ عَبْدِهِ وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ مِنْهُ مَا هُوَ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الضُّرِّ وَالنَّفْعِ فَمَا يَكُونُ ضَرَرًا مَحْضًا أَوْلَى وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْكُفْرَ مَحْظُورٌ مُطْلَقًا فَلَا يَسْقُطُ بِعُذْرٍ فَيَسْتَوِي فِيهِ الْبَالِغُ وَغَيْرُهُ (فَتَبِينُ امْرَأَتُهُ الْمُسْلِمَةُ وَيُحْرَمُ الْمِيرَاثَ) مِنْ مُوَرِّثِهِ الْمُسْلِمِ بِالرِّدَّةِ تَبَعًا لِلْحُكْمِ بِصِحَّتِهَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَحْكَامَ مِنْ تَوَابِعِهَا لَا قَصْدًا لِلضَّرَرِ فِي حَقِّهِ إذْ هُوَ غَيْرُ جَائِزٍ فَلَمْ يَصِحَّ الْعَفْوُ عَنْ مِثْلِ هَذَا الْأَمْرِ الْعَظِيمِ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ الْعَفْوَ بِوَجْهٍ بِوَاسِطَةِ لُزُومِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ كَمَا إذَا ثَبَتَ الِارْتِدَادُ تَبَعًا لِأَبَوَيْهِ بِأَنْ ارْتَدَّا وَلَحِقَا بِدَارِ الْحَرْبِ وَلَزِمَهُ هَذِهِ الْأَحْكَامُ حَيْثُ لَا يَمْتَنِعُ ثُبُوتُهُ بِوَاسِطَةِ لُزُومِهِ (وَإِنَّمَا لَمْ يُقْتَلْ) وَقْتَئِذٍ (لِأَنَّهُ) أَيْ الْقَتْلَ لَيْسَ لِمُجَرَّدِ الِارْتِدَادِ (بَلْ) قَتْلُ الْكَافِرِ إنَّمَا هُوَ (بِالْحِرَابَةِ) لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ.

(وَلَيْسَ) الصَّبِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>