الْحُرَّةِ إذْ هِيَ مَمْلُوكَةٌ فِيهِ لَا مَالِكَةٌ (فَتَنَصَّفَتْ دِيَتُهَا) عَنْ دِيَةِ الْحُرِّ الذَّكَرِ (وَثَابِتٌ لِلْعَبْدِ مَعَ نَقْصٍ فِي) مَالِكِيَّةِ (الْمَالِ لِتَحَقُّقِهِ) أَيْ مِلْكِهِ الْمَالَ (يَدًا) أَيْ تَصَرُّفًا (فَقَطْ) أَيْ لَا رَقَبَةً فَلَزِمَ بِوَاسِطَةِ نُقْصَانِ مِلْكِ الْيَدِ نُقْصَانُ شَيْءٍ مِنْ قِيمَتِهِ.
(وَلِكَوْنِ مَالِكِيَّةِ الْيَدِ فَوْقَ مَالِكِيَّةِ الرَّقَبَةِ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ مِلْكَ الرَّقَبَةِ هُوَ (الْمَقْصُودُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ مِلْكِ الرَّقَبَةِ وَمِلْكُ الرَّقَبَةِ شُرِعَ وَسِيلَةً إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْمِلْكِ مُكْنَةُ الصَّرْفِ إلَى قَضَاءِ الْحَوَائِجِ وَالْيَدُ هُوَ الْمُمَكِّنُ وَالْمُوَصِّلُ إلَيْهِ فَإِنَّ مِلْكَ الرَّقَبَةِ وَإِنْ كَانَ تَامًّا فَرُبَّمَا لَا يُمْكِنُهُ الصَّرْفُ مَعَهُ إلَى قَضَاءِ حَوَائِجِهِ لِبُعْدِهِ أَوْ لِمَانِعٍ آخَرَ (لَمْ يَتَقَدَّرْ نَقْصُ دِيَتِهِ بِالرُّبُعِ) لِانْتِفَاءِ التَّوْزِيعِ الْمُوجِبِ لَهُ (بَلْ لَزِمَ أَنْ يَنْقُصَ بِمَالِهِ خَطَرٌ فِي الشَّرْعِ وَهُوَ الْعَشَرَةُ) إذْ بِهَا يَمْلِكُ الْبُضْعَ الْمُحْتَرَمَ وَتُقْطَعُ الْيَدُ الْمُحْتَرَمَةُ (وَاعْتُرِضَ) وَالْمُعْتَرِضُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ (لَوْ صَحَّ) كَوْنُ الْعِلَّةِ لِنُقْصَانِ دِيَةِ الْعَبْدِ عَنْ دِيَةِ الْحُرِّ هَذَا (لَمْ تَتَنَصَّفُ أَحْكَامُهُ) أَيْ الْعَبْدِ (إذْ لَمْ يَتَمَكَّنْ فِي كَمَالِهِ إلَّا نُقْصَانُ أَقَلَّ مِنْ الرُّبُعِ) فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ نُقْصَانُهُ فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَغَيْرِهِمَا بِأَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ إجْمَاعًا (وَأَيْضًا لَوْ كَانَتْ مَالِكِيَّةُ النِّكَاحِ) ثَابِتَةً (لَهُ كَمَلًا) أَيْ كَامِلَةً (لَمْ تَنْتَقِصْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالِازْدِوَاجِ كَعَدَدِ الزَّوْجَاتِ وَالْعِدَّةِ وَالْقَسْمِ وَالطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهَا) أَيْ هَذِهِ الْأُمُورَ (مَبْنِيَّةٌ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى مَالِكِيَّةِ النِّكَاحِ (وَهِيَ) أَيْ مَالِكِيَّةُ النِّكَاحِ (كَامِلَةٌ) وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ (بَلْ) إنَّمَا نَقَصَتْ دِيَتُهُ عَنْ دِيَةِ الْحُرِّ (لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ) أَيْ الْعَبْدِ (الْمَالِيَّةُ) فَلَا يَتَنَصَّفُ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ (غَيْرَ أَنَّ فِي الْإِكْمَالِ) لِقِيمَةِ الْعَبْدِ إذَا بَلَغَتْ دِيَةُ الْحُرِّ (شُبْهَةَ الْمُسَاوَاةِ بِالْحُرِّ) وَشُبْهَةُ الشَّيْءِ مُعْتَبَرَةٌ بِحَقِيقَتِهِ وَكَمَا أَنَّ حَقِيقَةَ الْمُسَاوَاةِ مُنْتَفِيَةٌ فَكَذَا شَبَهُهَا (فَنَقَصَ بِمَالِهِ خَطَرٌ وَأُجِيبَ) كَمَا فِي التَّلْوِيحِ (بِأَنَّ نُقْصَانَ الزَّوْجَاتِ لَيْسَ لِنُقْصَانِ خَطَرِ النَّفْسِ الَّذِي هُوَ الْمَالِكِيَّةُ لِيَلْزَمَ) النُّقْصَانُ (بِأَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ) كَمَا فِي الدِّيَةِ.
(بَلْ لِنُقْصَانِ الْحِلِّ الْمَبْنِيِّ عَلَى الْكَرَامَةِ وَتَقْدِيرُ النَّقْصِ بِهِ) أَيْ فِي الْحِلِّ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهَا مُفَوَّضٌ (إلَى الشَّرْعِ فَقَدَّرَهُ بِالنِّصْفِ إجْمَاعًا) وَهُوَ مُشْكِلٌ بِخِلَافِ مَالِكٍ إذَا لَمْ يَثْبُتْ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ كَمَا تَقَدَّمَ (بِخِلَافِ الدِّيَةِ فَإِنَّهَا بِاعْتِبَارِ خَطَرِ النَّفْسِ الَّذِي هُوَ) ثَابِتٌ (بِالْمَالِكِيَّةِ وَنُقْصَانُ الرَّقِيقِ فِيهِ أَقَلُّ مِنْ الرُّبُعِ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ النُّقْصَانَ فِي الشَّيْءِ يُوجِبُ النُّقْصَانَ فِي الْحُكْمِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ لَا فِي حُكْمٍ لَا يُلَائِمُهُ فَالنُّقْصَانُ فِي الْمَالِكِيَّةِ يُوجِبُ النُّقْصَانَ فِي الدِّيَةِ لَا فِي عَدَدِ الْمَنْكُوحَاتِ وَالنُّقْصَانُ فِي الْحِلِّ بِالْعَكْسِ فَانْتَفَى الْوَجْهُ الْأَوَّلُ مِنْ الِاعْتِرَاضِ (وَكَمَالُ مَالِكِيَّةِ النِّكَاحِ إنْ لَمْ يُوجِبْ نُقْصَانَ عَدَدِهِنَّ) أَيْ الزَّوْجَاتِ (لَا يَنْفِي أَنْ يُوجِبَهُ) أَمْرٌ (آخَرُ هُوَ نُقْصَانُ الْحِلِّ وَلَا تَسْتَقِيمُ الْمُلَازَمَةُ بَيْنَ كَمَالِ مِلْكِ النِّكَاحِ) فِي الرَّقِيقِ (وَعَدَمِ تَنْصِيفِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالِازْدِوَاجِ فَإِنَّ أَكْثَرَهُ) أَيْ مَا يَتَعَلَّقُ بِالِازْدِوَاجِ (كَالطَّلَاقِ وَالْعِدَّةِ وَالْقِسْمِ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالزَّوْجَةِ وَلَا تَمْلِكُ) الْأَمَةُ (النِّكَاحَ أَصْلًا) فَضْلًا عَنْ كَمَالِ الْمَالِكِيَّةِ فَانْتَفَى الْوَجْهُ الثَّانِي مِنْ الِاعْتِرَاضِ أَيْضًا (وَإِنَّمَا قَالَ شُبْهَةُ الْمُسَاوَاةِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ لَوْ وَجَبَتْ وَكَانَتْ ضِعْفَ دِيَةِ الْحُرِّ لَا مُسَاوِيَةً؛ لِأَنَّهَا) أَيْ الْقِيمَةَ (تَجِبُ فِي الْعَبْدِ بِاعْتِبَارِ الْمَمْلُوكِيَّةِ) وَالِابْتِذَالِ (وَفِي الْحُرِّ بِاعْتِبَارِ الْمَالِكِيَّةِ وَالْكَرَامَةِ) وَالْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي حَقِيقَةً وَإِنْ زَادَ عَلَيْهِ صُورَةً فَلَا مُسَاوَاةَ حَقِيقَةً (وَكَوْنُ مُسْتَحَقِّهِ) أَيْ ضَمَانِ نَفْسِ الْعَبْدِ (السَّيِّدَ لَا يَسْتَلْزِمُ أَنَّهُ) أَيْ ضَمَانَ نَفْسِهِ (بِاعْتِبَارِ الْمَالِيَّةِ) كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو يُوسُفَ وَالشَّافِعِيُّ.
(أَلَا تَرَى أَنَّهُ) أَيْ السَّيِّدَ (الْمُسْتَحِقَّ لِلْقِصَاصِ بِقَتْلِ عَبْدٍ إيَّاهُ) أَيْ عَبْدِهِ (وَهُوَ) أَيْ الْقِصَاصُ (بَدَلُ الدَّمِ إجْمَاعًا فَالْحَقُّ أَنَّ مُسْتَحِقَّهُ) أَيْ الضَّمَانِ (الْعَبْدُ وَلِهَذَا يَقْضِي مِنْهُ) أَيْ مِنْ الضَّمَانِ (دَيْنَهُ) أَيْ دَيْنَ الْعَبْدِ (غَيْرَ أَنَّهُ) أَيْ الْعَبْدَ (لَمَّا لَمْ يَصْلُحْ شَرْعًا لِمِلْكِ الْمَالِ خَلَفَهُ الْمَوْلَى) فِيهِ (لِأَنَّهُ أَحَقُّ النَّاسِ بِهِ كَالْوَارِثِ وَاخْتُلِفَ فِي أَهْلِيَّتِهِ) أَيْ الْعَبْدِ (لِلتَّصَرُّفِ وَمِلْكِ الْيَدِ فَقُلْنَا نَعَمْ) أَهْلٌ لَهُمَا (خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُمَا) أَيْ أَهْلِيَّتَيْ التَّصَرُّفِ وَمِلْكَ الْيَدِ (بِأَهْلِيَّةِ التَّكَلُّمِ وَالذِّمَّةِ مُخَلِّصَةٌ عَنْ الْمَمْلُوكِيَّةِ وَالْأُولَى) أَيْ أَهْلِيَّةُ التَّكَلُّمِ (بِالْعَقْلِ) وَهُوَ لَا يَخْتَلُّ بِالرِّقِّ (وَلِذَا) أَيْ عَدَمِ اخْتِلَالِهَا بِالرِّقِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute