بِالْفَارِسِيَّةِ بِغَيْرِ عُذْرٍ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَهُ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِالْجَوَازِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّظْمَ الْعَرَبِيَّ لَيْسَ رُكْنًا لِلْقُرْآنِ عِنْدَهُ بَلْ قَالَ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ (رُكْنٌ زَائِدٌ) فِي حَقِّ جَوَازِ الصَّلَاةِ خَاصَّةً لِأَنَّ النَّظْمَ الْعَرَبِيَّ مَقْصُودٌ لِلْإِعْجَازِ وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْقُرْآنِ فِي حَالِ الصَّلَاةِ الْمُنَاجَاةُ لَا الْإِعْجَازُ فَلَا يَكُونُ النَّظْمُ لَازِمًا فِيهَا يَتَسَلَّطُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُعَارَضَةُ النَّصِّ بِالْمَعْنَى فَإِنَّ النَّصَّ طَلَبٌ بِالْعَرَبِيِّ.
وَهَذَا التَّعْلِيلُ يُجِيزُهُ بِغَيْرِهَا، وَلَا بُعْدَ فِي أَنْ يَتَعَلَّقَ جَوَازُ الصَّلَاةِ فِي شَرِيعَةِ النَّبِيِّ الْآتِي بِالنَّظْمِ الْمُعْجِزِ بِقِرَاءَةِ ذَلِكَ الْمُعْجِزِ بِعَيْنِهِ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ثُمَّ (لَا يُفِيدُ) دَفْعَ الِاسْتِدْلَالِ الْمَذْكُورِ (بَعْدَ دُخُولِهِ) أَيْ الرُّكْنِ لِلشَّيْءِ فِي مَاهِيَّتِه لِأَنَّ كَوْنَهُ زَائِدًا عَلَى الْمَاهِيَّةِ مَعَ الدُّخُولِ فِيهَا غَيْرُ مَعْقُولٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْبَدِيعِ (وَدَفْعُهُ) أَيْ هَذَا التَّعَقُّبِ كَمَا فِي شَرْحِهِ لِلشَّيْخِ سِرَاجِ الدِّينِ الْهِنْدِيِّ (بِإِرَادَتِهِمْ الزِّيَادَةَ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْجَوَازُ) لِلصَّلَاةِ أَيْ وَجَوَازُ الصَّلَاةِ يَتَعَلَّقُ بِالْمَعْنَى فَقَطْ إذْ لَيْسَ الْإِعْجَازُ الْمُتَعَلِّقُ بِاللَّفْظِ مَقْصُودًا فِي الصَّلَاةِ (مَعَ دُخُولِهِ) أَيْ النَّظْمِ الْعَرَبِيِّ (فِي الْمَاهِيَّةِ) أَيْ الْقُرْآنِيَّةِ لِأَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَوْنِهِ رُكْنًا لِمَاهِيَّةِ الْقُرْآنِ وَزَائِدًا عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ جَوَازُ الصَّلَاةِ (دَفْعٌ بِعَيْنِ الْإِشْكَالِ لِأَنَّ دُخُولَهُ) أَيْ النَّظْمِ الْعَرَبِيِّ فِي مَاهِيَّةِ الْقُرْآنِ هُوَ (الْمُوجِبُ لِتَعَلُّقِ الْجَوَازِ بِهِ) أَيْ بِالنَّظْمِ الْعَرَبِيِّ لِكَوْنِهِ مَأْمُورًا بِقِرَاءَةِ مُسَمَّى الْقُرْآنِ (عَلَى أَنَّ مَعْنَى الرُّكْنِ الزَّائِدِ عِنْدَهُمْ مَا قَدْ يَسْقُطُ شَرْعًا) كَمَا قَالَ كَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا فِي الْإِقْرَارِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْإِيمَانِ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ بِعُذْرِ الْإِكْرَاهِ الْمُلْجِئِ وَفِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَجِدْ وَقْتًا يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ الْأَدَاءِ بَعْدَ أَنْ لَا يَكُونَ إيمَانُهُ إيمَانَ يَأْسٍ (وَادِّعَاؤُهُ) أَيْ السُّقُوطَ شَرْعًا (فِي النَّظْمِ) الْعَرَبِيِّ (عَيْنُ النِّزَاعِ، وَالْوَجْهُ فِي الْعَاجِزِ) عَنْ النَّظْمِ الْعَرَبِيِّ (أَنَّهُ) أَيْ الْعَاجِزَ عَنْهُ (كَالْأُمِّيِّ) لِأَنَّ قُدْرَتَهُ عَلَى غَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ كَلَا قُدْرَةٍ، فَكَانَ أُمِّيًّا حُكْمًا فَلَا يَقْرَأُ كَمَا هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِيهِ إذْ فِي الْمُجْتَبَى وَاخْتَلَفَ فِيمَنْ لَا يُحْسِنُ الْقِرَاءَةَ بِالْعَرَبِيَّةِ وَيُحْسِنُ بِغَيْرِهَا، الْأَوْلَى أَنْ يُصَلِّيَ بِلَا قِرَاءَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا اهـ وَعَلَى أَنَّهُ يُصَلِّيَ بِلَا قِرَاءَةِ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ بَلْ يُسَبِّحَ وَيُهَلِّلَ (فَلَوْ أَدَّى) الْعَاجِزُ (بِهِ) أَيْ بِالْفَارِسِيِّ فِي الصَّلَاةِ (قِصَّةً) أَوْ أَمْرًا أَوْ نَهْيًا (فَسَدَتْ) الصَّلَاةُ بِمُجَرَّدِ قِرَاءَتِهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُتَكَلِّمٌ بِكَلَامٍ غَيْرِ قُرْآنٍ (لَا ذِكْرًا) أَوْ تَنْزِيهًا إلَّا إذَا اقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهَا تَفْسُدُ حِينَئِذٍ بِسَبَبِ إخْلَاءِ الصَّلَاةِ عَنْ الْقِرَاءَةِ وَهَذَا اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَلَفْظُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مُحَمَّدٌ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الرَّجُلِ يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ بِالْفَارِسِيَّةِ أَوْ يَقْرَأُ بِالْفَارِسِيَّةِ أَوْ يَذْبَحُ وَيُسَمِّي بِالْفَارِسِيَّةِ وَهُوَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ قَالَ يُجْزِئُهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يُجْزِئُهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إلَّا فِي الذَّبِيحَةِ وَإِنْ كَانَ لَا يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ أَجْزَأَهُ.
قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي شَرْحِهِ وَهَذَا تَنْصِيصٌ عَلَى أَنَّ مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ بِالْفَارِسِيَّةِ لَا تَفْسُدُ الصَّلَاةُ بِالْإِجْمَاعِ، وَمَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَأَطْلَقَ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ وَقَاضِي خَانْ نَقْلًا عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ الْفَسَادَ بِهَا عِنْدَهُمَا (وَعَنْهُ) أَيْ التَّعْرِيفُ الْمَذْكُورُ لِلْقُرْآنِ حَيْثُ أُخِذَ فِيهِ التَّوَاتُرُ (يَبْطُلُ إطْلَاقُ عَدَمِ الْفَسَادِ) لِلصَّلَاةِ (بِالْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ) فِيهَا كَمَا فِي الْكَافِي لِانْتِفَاءِ التَّوَاتُرِ فِيهَا إذْ هِيَ مَا نُقِلَ آحَادًا وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا مَا عَدَا الْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ لِأَبِي عَمْرٍو وَنَافِعٍ وَعَاصِمٍ وَحَمْزَةَ وَالْكِسَائِيِّ وَابْنِ كَثِيرٍ وَابْنِ عَامِرٍ وَقَالَ السُّبْكِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّهَا مَا وَرَاءَ الْقِرَاءَاتِ الْعَشْرِ لِلْمَذْكُورِينَ وَيَعْقُوبَ وَأَبِي جَعْفَرٍ وَخَلَفٍ فَلَا جَرَمَ أَنْ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي أُصُولِهِ قَالَتْ الْأُمَّةُ لَوْ صَلَّى بِكَلِمَاتٍ تَفَرَّدَ بِهَا ابْنُ مَسْعُودٍ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ النَّقْلُ الْمُتَوَاتِرُ وَبَابُ الْقُرْآنِ بَابُ يَقِينٍ وَإِحَاطَةٍ فَلَا يَثْبُتُ بِدُونِ النَّقْلِ الْمُتَوَاتِرِ كَوْنُهُ قُرْآنًا، وَمَا لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ قُرْآنٌ فَتِلَاوَتُهُ فِي الصَّلَاةِ كَتِلَاوَةِ خَبَرٍ فَيَكُونُ مُفْسِدًا لِلصَّلَاةِ وَكَذَا فِي التَّقْوِيمِ لَكِنْ فِي الدِّرَايَةِ وَلَوْ قَرَأَ بِقِرَاءَةٍ لَيْسَتْ فِي مُصْحَفِ الْعَامَّةِ كَقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيُّ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تَفْسُدُ وَلَكِنْ لَا يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَفِي الْمُحِيطِ وَتَأْوِيلُ مَا رُوِيَ عَنْ عُلَمَائِنَا أَنَّهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ إذَا قَرَأَ هَذَا وَلَمْ يَقْرَأْ شَيْئًا آخَرَ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ الشَّاذَّةَ لَا تُفْسِدُ الصَّلَاةَ اهـ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ مَا لَيْسَ فِي مُصْحَفِ الْإِمَامِ نَحْوَ مُصْحَفِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعْنَاهُ فِي مُصْحَفِ الْإِمَامِ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ ذِكْرًا وَلَا تَهْلِيلًا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute