للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَوَافَيْنِ أَوْ سَعْيَيْنِ لِلْقَارِنِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَنْقُضُ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ وَذَلِكَ مُمْكِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَيُقَالُ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ عَلَى إطْلَاقِهَا إذَا لَمْ يُوجَدْ مُرَجِّحٌ لِلْفِعْلِ عَلَى الْقَوْلِ أَمَّا إذَا وُجِدَ فَلَا وَهُنَا قَدْ وُجِدَ مَا بَيَّنَ مَا هُوَ فِي قُوَّةِ الْمُعَارِضِ الْقَوْلِيِّ وَهُوَ «قَوْلُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِصَبِيِّ ابْنِ مَعْبَدٍ هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا قَالَ لَهُ طُفْتُ طَوَافًا لِعُمْرَتِي وَسَعَيْتُ سَعْيًا لِعُمْرَتِي، ثُمَّ عُدْتُ فَفَعَلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ لِحَجِّي، ثُمَّ بَقِيتُ حَرَامًا مَا أَقَمْنَا أَصْنَعُ كَمَا يَصْنَعُ الْحَاجُّ حَتَّى قَضَيْتُ آخِرَ نُسُكِي» رَوَاهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَا هُوَ مُوَافِقٌ قَوْلِي وَعَمَلِي مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَعْيَانِ الصَّحَابَةِ لِلْفِعْلِ وَكَوْنُ الْفِعْلِ أَقْيَسُ بِأُصُولِ الشَّرْعِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَقِرَّ شَرْعًا فِي ضَمِّ عِبَادَةٍ إلَى أُخْرَى أَنَّهُ يَفْعَلُ أَرْكَانَ كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ الْمُصَنِّفُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ (وَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ) فِي الْمُجْمَلِ (أَرْجَحِيَّةُ دَلَالَتِهِ عَلَى دَلَالَةِ الْمُبَيِّنِ) بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ (عَلَى) الْمَعْنَى (الْمُعَيَّنِ) مِنْ الْمُجْمَلِ (بَلْ يُمْكِنُ) أَنْ تَكُونَ دَلَالَةُ الْمُجْمَلِ (عَلَى مَعْنَاهُ الْإِجْمَالِيِّ وَهُوَ أَحَدُ الِاحْتِمَالَيْنِ) أَقْوَى مِنْ دَلَالَةِ مُبَيِّنٍ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ أَحَدُهُمَا بِعَيْنِهِ لَا غَيْرُ (كَثَلَاثَةِ قُرُوءٍ) فَإِنَّهُ قَوِيُّ الدَّلَالَةِ (عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ مِنْ الطُّهْرِ أَوْ الْحَيْضِ وَيَتَعَيَّنُ) أَحَدُهُمَا (بِأَضْعَفِ دَلَالَةٍ عَلَى الْمُعَيَّنِ) بِأَنْ لَا يَكُونَ قَطْعِيًّا فِي مَدْلُولِهِ.

(وَسَلَفَ لِلْحَنَفِيَّةِ) فِي بَحْثِ الْمُجْمَلِ (مَا تَقْصُرُ مَعْرِفَتُهُ) أَيْ الْمُرَادُ بِالْمُجْمَلِ: السَّمْعِيُّ (عَلَى السَّمْعِ فَإِنْ وَرَدَ) بَيَانُ الْمُرَادِ مِنْهُ بَيَانًا (قَطْعِيًّا شَافِيًا صَارَ مُفَسِّرًا أَوْ لَا فَمُشْكِلٌ أَوْ ظَنًّا فَمُشْكِلٌ وَقُبِلَ الِاجْتِهَادُ فِي اسْتِعْلَامِهِ) وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ الْمُصَنِّفُ فِيمَا سَلَفَ: أَنَّهُ إنْ كَانَ الْبَيَانُ شَافِيًا بِقَطْعِيٍّ فَمُفَسَّرٌ أَوْ بِظَنِّيٍّ فَمُؤَوَّلٌ أَوْ غَيْرَ شَافٍ خَرَجَ مِنْ الْإِجْمَالِ إلَى الْإِشْكَالِ (وَهُوَ) أَيْ هَذَا الْخِلَافُ (لَفْظِيٌّ مَبْنِيٌّ عَلَى الِاصْطِلَاحِ) فِي الْمُرَادِ بِالْمُجْمَلِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي مَوْضِعِهِ (وَقَالُوا) أَيْ الْحَنَفِيَّةُ (إذَا بُيِّنَ الْمُجْمَلُ الْقَطْعِيُّ الثُّبُوتِ بِخَبَرِ وَاحِدٍ نُسِبَ) الْمَعْنَى الْمُبَيَّنُ (إلَيْهِ) أَيْ الْمُجْمَلِ لِكَوْنِهِ أَقْوَى (فَيَصِيرُ) الْمَعْنَى الْمُبَيَّنُ (ثَابِتًا بِهِ) أَيْ الْمُجْمَلِ (فَيَكُونُ) ذَلِكَ الْمَعْنَى (قَطْعِيًّا) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ ثَابِتٌ بِقَطْعِيٍّ (وَمَنَعَهُ صَاحِبُ التَّحْقِيقِ إذْ لَا تَظْهَرُ مُلَازَمَةٌ) بَيْنَهُمَا تُوجِبُ ذَلِكَ، ثُمَّ أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ مَعْرِفَةِ الْمُرَادِ مِنْ الْمُشْتَرَكِ بِالرَّأْيِ الَّذِي هُوَ ظَنِّيٌّ وَبَيْنَ مَعْرِفَةِ الْمُرَادِ مِنْ الْمُجْمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الَّذِي هُوَ ظَنِّيٌّ وَمِنْ ثَمَّةَ ذُكِرَ فِي الْمِيزَانِ أَنَّ الْمُجْمَلَ إذَا لَحِقَهُ الْبَيَانُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فَهُوَ مُؤَوَّلٌ قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَهُوَ) أَيْ مَنْعُهُ (حَقٌّ وَلَوْ انْعَقَدَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْمُجْمَلِ مَعْنًى بِعَيْنِهِ (إجْمَاعٌ فَشَيْءٌ آخَرُ) .

(وَإِلَى بَيَانِ ضَرُورَةٍ تَقَدَّمَ) فِي التَّقْسِيمِ الْأَوَّلِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّانِي وَهَذَا أَيْضًا لَمْ يَجْعَلْهُ الْقَاضِي أَبُو زَيْدٍ مِنْ أَقْسَامِ الْبَيَانِ وَجَعَلَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَمُوَافِقُوهُمَا مِنْ أَقْسَامِهِ وَحِينَئِذٍ يَحْتَاجُ تَعْرِيفُ الْبَيَانِ السَّابِقِ إلَى زِيَادَةٍ تُوجِبُ دُخُولَهُ فِيهِ، ثُمَّ الْإِضَافَةُ فِيهِ مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى سَبَبِهِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ وَبَيَانُ التَّبْدِيلِ أَيْضًا فَإِنَّ الْإِضَافَةَ فِيهَا مِنْ إضَافَةِ الْعَامِّ إلَى الْخَاصِّ.

وَهَذَا أَوَانُ الشُّرُوعَ فِي بَيَانِ التَّبْدِيلِ فَنَقُولُ (وَأَمَّا بَيَانُ التَّبْدِيلِ فَهُوَ النَّسْخُ وَهُوَ) أَيْ النَّسْخُ لُغَةً (الْإِزَالَةُ) أَيْ الْإِعْدَامُ حَقِيقَةً كَنَسَخَتْ الشَّمْسُ الظِّلَّ وَالشَّيْبُ الشَّبَابَ وَالرِّيحُ آثَارَ الدَّارِ (مَجَازًا لِلنَّقْلِ) أَيْ التَّحْوِيلِ لِلشَّيْءِ مِنْ مَكَان إلَى مَكَان أَوْ مِنْ حَالَةٍ إلَى حَالَةٍ مَعَ بَقَائِهِ فِي نَفْسِهِ كَنَسَخَتْ النَّحْلُ الْعَسَلَ إذَا نَقَلَتْهُ مِنْ خَلِيَّةٍ إلَى خَلِيَّةٍ تَسْمِيَةً لِلْمَلْزُومِ بِاسْمِ اللَّازِمِ؛ لِأَنَّ فِي النَّقْلِ إزَالَةً عَنْ مَوْضِعِهِ الْأَوَّلِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيِّ وَعَزَاهُ الصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ إلَى الْأَكْثَرِينَ وَرَجَّحَهُ الْإِمَامُ الرَّازِيّ بِأَنَّ النَّقْلَ أَخَصُّ مِنْ الزَّوَالِ فَإِنَّ النَّقْلَ إعْدَامُ صِفَةٍ وَإِحْدَاثُ أُخْرَى وَالزَّوَالُ مُطْلَقُ الْإِعْدَامِ وَكَوْنُ اللَّفْظِ حَقِيقَةً فِي الْعَامِّ مَجَازًا فِي الْخَاصِّ أَوْلَى مِنْ الْعَكْسِ لِتَكْثِيرِ الْفَائِدَةِ (أَوْ قَلْبِهِ) أَيْ حَقِيقَةً لِلنَّقْلِ مَجَازٌ لِلْإِزَالَةِ تَسْمِيَةً لِلَّازِمِ بِاسْمِ الْمَلْزُومِ وَهَذَا قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ الْقَفَّالُ (أَوْ مُشْتَرَكٍ) لَفْظِيٍّ بَيْنَ الْإِزَالَةِ وَالنَّقْلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أُطْلِقَ عَلَيْهِمَا، الْأَصْلُ فِي الْإِطْلَاقِ الْحَقِيقَةُ وَهَذَا قَوْلُ الْقَاضِي وَالْغَزَالِيُّ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ يَطْرُقُهُ أَنَّ الْمَجَازَ مُقَدَّمٌ عَلَى الِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ إذَا دَارَ الْإِطْلَاقُ بَيْنَهُمَا أَوْ مَعْنَوِيٌّ بَيْنَهُمَا فَهُوَ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ الرَّفْعُ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ فِي شَرْحِ الْبُرْهَانِ

(وَتَمْثِيلُ النَّقْلِ بِ نَسَخْتُ مَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>