للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(زِيَادَةَ غَيْرِ مَسْبُوقٍ بِهِ) أَيْ بِخِلَافٍ مُسْتَقِرٍّ بَعْدَ شَرْعِيٍّ إنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُشْتَرَطُ انْقِرَاضُ الْعَصْرِ وَبَعْدُ إلَى انْقِرَاضِهِمْ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَشْتَرِطُهُ لِيَخْرُجَ عَنْ التَّعْرِيفِ مَا كَانَ بَعْدَ خِلَافٍ مُسْتَقِرٍّ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ صَاحِبُ التَّعْرِيفِ يَرَى عَدَمَ جَوَازِ حُصُولِ الْإِجْمَاعِ بَعْدَ الْخِلَافِ الْمُسْتَقِرِّ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي الْجِنْسِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِخْرَاجِ أَوْ كَانَ يَرَى جَوَازَ حُصُولِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَنْعَقِدُ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ الْمُعَرَّفِ فَلَا وَجْهَ لِإِخْرَاجِهِ، ثُمَّ مَبْنَى هَذَا كُلِّهِ عَلَى أَنَّ الشُّرُوطَ الْمَذْكُورَةَ شُرُوطٌ لِمَاهِيَّةِ الْإِجْمَاعِ الشَّرْعِيِّ كَمَا ذَكَرْنَا آنِفًا (وَإِذَنْ) أَيْ وَإِذْ كَانَ تَعْرِيفُهُ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ مَا يَتَوَقَّفُ حُجِّيَّتُهُ عَلَيْهِ (فَمَنْ شَرَطَ الْعَدَالَةَ) فِي الْمُجْمِعِينَ (وَعَدَدَ التَّوَاتُرِ) فِيهِمْ لِحُجِّيَّتِهِ كَمَا الْأَوَّلُ لِلْحَنَفِيَّةِ وَمُوَافِقِيهِمْ، وَالثَّانِي لِبَعْضِ الْأُصُولِيِّينَ مِنْهُمْ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ (مِثْلَهُ) أَيْ زِيَادَةِ ذَلِكَ فِي التَّعْرِيفِ فَيُزَادُ إذَا كَانَ التَّعْرِيفُ لَلْأَوَّلِينَ: " عُدُولٌ بَعْدَ مُجْتَهِدِي عَصْرٍ " وَلِلْآخَرِينَ لَا يُتَصَوَّرُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ بَعْدَ عُدُولٍ إنْ كَانُوا مِمَّنْ يَرَوْنَ هَذَا الشَّرْطَ وَإِلَّا فَبَعْدَ مُجْتَهِدِي عَصْرٍ وَسَتَتَّضِحُ هَذِهِ الْجَمَلُ فِي مَسَائِلِ الْبَابِ وَعَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ يُعَامَلُ هَذَا التَّعْرِيفُ بِمَزِيدٍ أَوْ نُقْصَانٍ بِحَسَبِ مَا هُوَ شَرْطُ الْمُعَرَّفِ فَلْيُتَأَمَّلْ (وَقَوْلُ الْغَزَالِيِّ) فِي تَعْرِيفِهِ (اتِّفَاقُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ عَلَى أَمْرٍ دِينِيٍّ مُعْتَرَضٌ بِلُزُومِ عَدَمِ تَصَوُّرِهِ) أَيْ وُجُودِهِ؛ لِأَنَّ أُمَّتَهُ كُلُّ الْمُسْلِمِينَ مِنْ بَعْثَتِهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَقَبْلَ الْقِيَامَةِ لَا إجْمَاعَ وَبَعْدَهَا حُجِّيَّةٌ (وَفَسَادِ طَرْدِهِ) لَوْ أُرِيدَ بِهِ تَنْزِيلًا اتِّفَاقُهُمْ فِي عَصْرٍ مَا (إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مُجْتَهِدٌ) فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إجْمَاعًا مَعَ صِدْقِ التَّعْرِيفِ عَلَيْهِ (وَأُجِيبُ بِسَبْقِ إرَادَةِ الْمُجْتَهِدِينَ فِي عَصْرٍ لِلْمُتَشَرِّعَةِ) مِنْ اتِّفَاقِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (كَمَا سَبَقَ) هَذَا الْمُرَادُ (مِنْ) نَحْوِ مَا عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَجْتَمِعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ» ) وَسَتَقِفُ عَلَى تَخْرِيجِهِ مِنْ طُرُقٍ، ثُمَّ كَأَنَّهُ اخْتَارَ هَذَا اللَّفْظَ لِيُوَافِقَ الْحَدِيثَ الدَّالَّ عَلَى حُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ وقَوْله تَعَالَى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: ١٤٣] وَالِاتِّفَاقُ قَرِينَةُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ إلَّا بَيْنَ الْمَوْجُودِينَ فِي عَصْرٍ (وَ) بِفَسَادِ (عَكْسِهِ لَوْ اتَّفَقُوا عَلَى عَقْلِيٍّ أَوْ عُرْفِيٍّ) لِوُجُودِ الْمُعَرَّفِ مَعَ عَدَمِ التَّعْرِيفِ (أُجِيبُ) بِأَنَّ الِاتِّفَاقَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا (لَا يَضُرُّ) بِالتَّعْرِيفِ (إذَا كَانَ) كُلٌّ مِنْهُمَا (دِينِيًّا) لِمَنْعِ عَدَمِ التَّعْرِيفِ حِينَئِذٍ (وَغَيْرُهُ) أَيْ الدِّينِيِّ (خَرَجَ) بِالدِّينِيِّ فَلَا يَضُرُّ عَدَمُ صِدْقِ التَّعْرِيفِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا حُجِّيَّةَ فِي الْإِجْمَاعِ فِيهِ وَيَطْرُقُهُ مَا تَقَدَّمَ آنِفًا (وَادَّعَى النَّظَّامُ وَبَعْضُ الشِّيعَةِ اسْتِحَالَتَهُ) أَيْ الْإِجْمَاعِ (عَادَةً) كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ وَذَكَرَ السُّبْكِيُّ أَنَّ هَذَا قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِ النِّظَامِ. وَأَمَّا رَأْيُ النِّظَامِ نَفْسِهِ فِي بَعْضِ أَصْحَابِهِ فَهُوَ أَنَّهُ يُتَصَوَّرُ وَلَكِنْ لَا حُجَّةَ فِيهِ كَذَا نَقَلَهُ وَأَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ وَابْنُ السَّمْعَانِيُّ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْإِمَامِ الرَّازِيِّ وَأَتْبَاعِهِ فِي النَّقْلِ عَنْهُ وَإِنَّمَا أَحَالَهُ مَنْ أَحَالَهُ (لِأَنَّ انْتِشَارَهُمْ) أَيْ الْمُجْتَهِدِينَ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا وَقِفَارِ الْفَيَافِي وَسَبَاسِبِهَا (يَمْنَعُ مِنْ نَقْلِ الْحُكْمِ إلَيْهِمْ) عَادَةً (وَلِأَنَّ الِاتِّفَاقَ) عَلَى الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ (إنْ) كَانَ (عَنْ) دَلِيلٍ (قَطْعِيٍّ أَحَالَتْ الْعَادَةُ عَدَمَ الْإِطْلَاعِ عَلَيْهِ) لِتَوَفُّرِ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ وَشِدَّةِ تَفَحُّصِهِمْ عَنْهُ وَحِينَئِذٍ فَيُطَّلَعُ عَلَيْهِ (فَيُغْنِي) الْقَطْعِيُّ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْإِجْمَاعِ وَلَكِنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ فَلَمْ يُطَّلَعْ عَلَيْهِ فَلَيْسَ الْإِجْمَاعُ حِينَئِذٍ عَنْ قَطْعِيٍّ (أَوْ) كَانَ (عَنْ ظَنِّيٍّ أَحَالَتْ) الْعَادَةُ (الِاتِّفَاقَ عَنْهُ لِاخْتِلَافِ الْقَرَائِحِ) أَيْ الْقُوَى الْمُفَكِّرَةِ (وَالْأَنْظَارِ) وَمَوَادِّ الِاسْتِنْبَاطِ عِنْدَهُمْ وَأَحَالَتْهَا لِهَذَا (كَإِحَالَتِهَا اتِّفَاقَهُمْ عَلَى اشْتِهَاءِ طَعَامٍ) قَالُوا (وَلَوْ تُصَوِّرُ) ثُبُوتُهُ فِي نَفْسِهِ (اسْتَحَالَ ثُبُوتُهُ عَنْهُمْ) أَيْ الْمُجْمِعِينَ (لِقَضَائِهَا) أَيْ الْعَادَةِ (بِعَدَمِ مَعْرِفَةِ أَهْلِ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) بِأَعْيَانِهِمْ (فَضْلًا عَنْ أَقْوَالِهِمْ مَعَ خَفَاءِ بَعْضِهِمْ لِخُمُولِهِ) أَيْ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَعْرُوفٍ بِالِاجْتِهَادِ مَعَ أَنَّهُ مُجْتَهِدٌ (وَنَحْوِ أَسْرِهِ) فِي دَارِ الْحَرْبِ فِي مَطْمُورَةٍ أَوْ عُزْلَتِهِ وَانْقِطَاعِهِ عَنْ النَّاسِ بِحَيْثُ يَخْفَى أَثَرُهُ (وَتَجْوِيزُ رُجُوعِهِ) عَنْ ذَلِكَ (قَبْلَ تَقَرُّرِهِ) أَيْ الْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ بِأَنْ يَرْجِعَ قَبْلَ قَوْلِ الْآخَرِ بِهِ فَلَا يَجْتَمِعُونَ عَلَى قَوْلٍ فِي عَصْرٍ إذْ لَا يُمْكِنُ السَّمَاعُ مِنْهُمْ فِي آنٍ وَاحِدٍ بَلْ إنَّمَا يَكُونُ فِي زَمَانٍ مُتَطَاوِلٍ وَهُوَ مَظِنَّةُ تَغَيُّرِ الِاجْتِهَادِ

<<  <  ج: ص:  >  >>