للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالشُّرْبِ وَارِدًا فِيهِ وَبَقَاءُ صَوْمِ النَّاسِي فِي الْأَكْلِ إنَّمَا كَانَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ غَيْرُ جَانٍ عَلَى الصَّوْمِ لَا بِاعْتِبَارِ خُصُوصِيَّةِ الْأَكْلِ وَهَذَا بِعَيْنِهِ ثَابِتٌ فِي الْوِقَاعِ (وَمِنْهُ) أَيْ كَوْنِ الْأَصْلِ مَخْصُوصًا بِحُكْمِهِ بِالنَّصِّ فَلَا يَجُوزُ إبْطَالُهُ بِالتَّعْلِيلِ (تَقَوُّمُ الْمَنَافِعِ فِي الْإِجَارَةِ) فَإِنَّهُ ثَبَتَ لَهَا فِي الْإِجَارَةِ بِالنُّصُوصِ عَلَى سَبِيلِ الْخُصُوصِ أَنَّ تَقَوُّمَهَا (يَمْنَعُهُ الْقِيَاسُ عَلَى الْحَشِيشِ وَالصَّيْدِ هَكَذَا لَمْ تُحَرَّزْ) الْمَنَافِعُ (فَلَا مَالِيَّةَ فَلَا تَقَوُّمَ كَالصَّيْدِ قَبْلَ الْإِحْرَازِ. أَمَّا الْأَوَّلُ)

أَيْ أَنَّهَا لَمْ تُحَرَّزْ (فَلِأَنَّهَا) أَيْ الْمَنَافِعَ (أَعْرَاضٌ مُتَصَرِّمَةٌ) أَيْ مَتَى وُجِدَتْ تَلَاشَتْ وَاضْمَحَلَّتْ (فَلَوْ قُلْنَا بِبَقَاءِ شَخْصِ الْعَرْضِ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ) أَيْ مِمَّا يَجُوزُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَشْخَاصِ الْأَعْرَاضِ وَلَوْ قُلْنَا بِعَدَمِ بَقَاءِ شَخْصِ الْعَرْضِ لَمْ تَكُنْ مُحْرَزَةً بِطَرِيقٍ أَوْلَى (ثُمَّ الْمَالِيَّةُ بِالْإِحْرَازِ، وَالتَّقَوُّمُ بِالْمَالِيَّةِ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ) أَيْ بِتَقْوِيمِ الْمَنَافِعِ فِي الْإِجَارَةِ (غَصْبُهَا) أَيْ إتْلَافُ الْمَنَافِعِ أَوْ تَعْطِيلُهَا فِي الْغَصْبِ (إذْ لَا جَامِعَ مُعْتَبَرٌ) بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ (لِتَفَاوُتِ الْحَاجَةِ) الَّتِي كَانَتْ الْمَنَافِعُ بِسَبَبِهَا مُتَقَوِّمَةً (وَعَدَمِ ضَبْطِ مَرْتَبَةٍ) مُعَيَّنَةٍ مِنْهَا يُنَاطُ التَّقْوِيمُ بِهَا (كَمَشَقَّةِ السَّفَرِ فَنِيطَ) أَيْ عُلِّقَ التَّقَوُّمُ (بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ) لِأَنَّهُ مَظِنَّتُهَا كَالسَّفَرِ فَإِنْ قِيلَ عَدَمُ تَقَوُّمِهَا فِي الْغَصْبِ يَفْتَحُ بَابَ الْعُدْوَانِ لِعِلْمِ الْمُعْتَدِينَ حِينَئِذٍ بِعَدَمِ الضَّمَانِ فَالْجَوَابُ لَا مَانِعَ لَهُمْ وَمِنْ ذَلِكَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَالْحَاجَةُ لِدَفْعِ الْعُدْوَانِ تَدْفَعُ بِالتَّعْزِيرِ) وَلَا يُقَالُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهَا غَيْرُ مُحْرَزَةٍ إذْ هِيَ مُحْرَزَةٌ بِإِحْرَازِ الْمَحَلِّ الْقَائِمَةِ بِهِ لِأَنَّا نَقُولُ الْمُرَادُ بِنَفْيِ إحْرَازِهَا نَفْيُ الْإِحْرَازِ الْقَصْدِيِّ (وَإِحْرَازُهَا بِالْمَحَلِّ ضِمْنٌ غَيْرُ مُضَمَّنٍ كَالْحَشِيشِ النَّابِتِ فِي أَرْضِهِ) فَإِنَّهُ مُحْرَزٌ تَبَعًا لِأَرْضِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى مُتْلِفِهِ (وَلَوْ سَلَّمَ) أَنَّ الْإِحْرَازَ الضِّمْنِيَّ كَالْحَقِيقِيِّ فِي تَضْمِينِ الْمَالِيَّةِ (فَفُحْشُ تَفَاوُتِ الْمَالِيَّةِ يَمْنَعُ ضَمَانَ الْعُدْوَانِ الْمَبْنِيِّ عَلَى) اشْتِرَاطِ (الْمُمَاثَلَةِ) بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤] {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: ٤٠] لِانْتِفَائِهَا بَيْنَ الْمَضْمُونِ وَالْمَضْمُونِ بِهِ حِينَئِذٍ فَإِنْ قِيلَ فَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنْ يَضْمَنَ مَا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ مِنْ فَاكِهَةٍ أَوْ غَيْرِهَا بِالنَّقْدِ إذْ لَا مُمَاثَلَةَ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ الْبَقَاءُ وَالْإِجْمَاعُ عَلَى خِلَافِهِ قُلْنَا لَا فَإِنَّ الشَّرْطَ فِي الْمُمَاثَلَةِ الْمَشْرُوطَةِ بَيْنَ الْمَضْمُونِ وَالْمَضْمُونِ بِهِ الْمُسَاوَاةُ فِي الْمَالِيَّةِ وَقَدْ عَرَّفْت انْتِفَاءَهَا بَيْنَ الْمَنَافِعِ وَالْأَعْيَانِ (بِخِلَافِ الْفَاكِهَةِ مَعَ النَّقْدِ) فَإِنَّهَا مُتَحَقِّقَةٌ بَيْنَهُمَا (لِاتِّصَافِهَا بِالِاسْتِقْلَالِ بِالْوُجُودِ وَالْبَقَاءِ) وَإِنَّمَا التَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا فِي قَدْرِ الْبَقَاءِ (وَالتَّفَاوُتُ فِي قَدْرِهِ لَا يُعْتَبَرُ) لِأَنَّ قَدْرَهُ غَيْرُ مَضْبُوطٍ فَإِنَّ الدَّرَاهِمَ تَبْقَى مَا لَا يَبْقَى غَيْرُهَا مِنْ الثِّيَابِ وَغَيْرِهَا فَأُدِيرَ الْحُكْمُ عَلَى نَفْسِ الْبَقَاءِ دَفْعًا لِلْحَرَجِ.

(وَسَرَّهُ) أَيْ عَدَمَ اعْتِبَارِ الْمُسَاوَاةِ فِي الْبَقَاءِ (أَنَّ اعْتِبَارَ الْمُسَاوَاةِ لِإِيجَابِ الْبَدَلِ إنَّمَا هُوَ حَالُ الْوُجُوبِ) لِلْبَدَلِ (لِأَنَّهُ) أَيْ حَالَ الْوُجُوبِ (حَالُ إقَامَةِ أَحَدِهِمَا مَقَامَ الْآخَرِ وَالتَّسَاوِي) بَيْنَهُمَا (فِيهِ) أَيْ فِي حَالِ الْوُجُوبِ (إذْ ذَاكَ) أَيْ حَالُ الْوُجُوبِ (ثَابِتٌ وَمِنْهُ) أَيْ كَوْنِ الْأَصْلِ مَخْصُوصًا بِحُكْمِهِ بِالنَّصِّ فَلَا يَبْطُلُ بِالتَّعْلِيلِ (حِلُّ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ نَاسِيًا) فَإِنَّهُ بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُسْلِمُ يَكْفِيه اسْمُهُ فَإِنْ نَسِيَ أَنْ يُسَمِّيَ حِينَ يَذْبَحَ فَلْيُسَمِّ وَلِيَذْكُرْ اللَّهَ ثُمَّ لِيَأْكُلْ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ (عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ عَلَى تَرْكِ شَرْطِ الصَّلَاةِ) مِنْ طَهَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (نَاسِيًا لَا تَصِحُّ) الصَّلَاةُ مَعَهُ (حَتَّى وَجَبَتْ) إعَادَتُهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ (إذَا ذَكَرَ) مَا تَرَكَهُ مِنْ شَرْطِهِ نَاسِيًا وَالتَّسْمِيَةُ فِي حِلِّ الذَّبِيحَةِ شَرْطٌ بِالْكِتَابِ (فَلَا يَلْحَقُ بِهِ) أَيْ بِنِسْيَانِ التَّسْمِيَةِ فِي الْحِلِّ (الْعَمْدُ) فِي الْحِلِّ أَيْضًا (لِعَدَمِ الْمُشْتَرَكِ) بَيْنَهُمَا لِأَنَّ النَّاسِيَ مَعْذُورٌ غَيْرُ مُعْرِضٍ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَالْعَامِدُ جَانٍ مُعْرِضٌ عَنْهُ (وَلِأَنَّهُ) لَوْ أُلْحِقَ الْعَامِدُ بِهِ (لَمْ يَبْقَ تَحْتَ الْعَامِّ شَيْءٌ) مِنْ أَفْرَادِهِ أَعْنِي قَوْله تَعَالَى {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: ١٢١] فَيُنْسَخُ) نَصُّ الْقُرْآنِ (بِالْقِيَاسِ) وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ (وَفِيهِ) أَيْ هَذَا الدَّلِيلِ (نَظَرٌ يَأْتِي) فِي الْكَلَامِ فِي فَسَادِ الِاعْتِبَارِ.

(وَمِنْهَا) أَيْ الشُّرُوطِ بِحُكْمِ الْأَصْلِ (أَنْ يَكُونَ) حُكْمُ الْأَصْلِ (شَرْعِيًّا فَلَا قِيَاسَ فِي اللُّغَةِ وَتَقَدَّمَ) أَنَّهُ الْمُخْتَارُ فِي الْمَبَادِئِ اللُّغَوِيَّةِ (وَلَا فِي الْعَقْلِيَّاتِ خِلَافًا لِأَكْثَرِ الْمُتَكَلِّمِينَ) فَإِنَّهُمْ جَوَّزُوهُ فِيهَا إذَا تَحَقَّقَ جَامِعٌ عَقْلِيٌّ إمَّا بِالْعِلَّةِ أَوْ الْحَدِّ أَوْ الشَّرْطِ أَوْ الدَّلِيلِ وَفِي

<<  <  ج: ص:  >  >>