للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَحْصُولِ وَمِنْهُ نَوْعٌ يُسَمَّى إلْحَاقَ الشَّاهِدِ بِالْغَائِبِ بِجَامِعٍ مِنْ الْأَرْبَعَةِ فَالْجَمْعُ بِالْعِلَّةِ وَهُوَ أَقْوَى الْوُجُوهِ كَقَوْلِ أَصْحَابِنَا الْعَالَمِيَّةُ فِي الشَّاهِدِ أَيْ الْمَخْلُوقَاتُ مُعَلَّلَةٌ بِالْعِلْمِ فَكَذَا فِي الْغَائِبِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ فِي الْقِيَاسِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ (لِعَدَمِ إمْكَانِ إثْبَاتِ الْمَنَاطِ فَلَوْ أَثْبَتَ حَرَارَةَ حُلْوٍ قِيَاسًا عَلَى الْعَسَلِ لَا تَثْبُتُ عَلَيْهِ الْحَلَاوَةُ) لِلْحَرَارَةِ (إلَّا إنْ اُسْتُقْرِئَ) أَيْ تُتُبِّعَ كُلُّ حُلْوٍ فَوُجِدَ حَارًّا (فَتَثْبُتُ) عَلَيْهِ الْحَلَاوَةُ لِلْحَرَارَةِ حِينَئِذٍ (فِيهِ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْحُلْوِ (بِهِ) أَيْ بِالِاسْتِقْرَاءِ (لَا بِالْقِيَاسِ فَلَا أَصْلَ وَلَا فَرْعَ وَعَنْهُ) أَيْ ثُبُوتِ حُكْمِ الْفَرْعِ بِالْقِيَاسِ (اشْتَرَطَ عَدَمَ شُمُولِ دَلِيلِ حُكْمِ الْأَصْلِ الْفَرْعَ) خِلَافًا لِمَشَايِخِ سَمَرْقَنْدَ وَمُوَافِقِيهِمْ كَمَا يَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ فِي شُرُوطِ الْفَرْعِ (وَبِهَذَا) أَيْ اشْتِرَاطِ أَنْ لَا يَكُونَ دَلِيلُ حُكْمِ الْأَصْلِ شَامِلًا لِلْفَرْعِ (بَطَلَ قِيَاسُهُمْ) أَيْ الْمُتَكَلِّمِينَ (الْغَائِبَ عَلَى الشَّاهِدِ فِي أَنَّهُ عَالِمٌ بِعِلْمٍ) خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ (مَعَ فُحْشِ الْعِبَارَةِ) حَيْثُ أَطْلَقَ الْغَائِبَ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَأَنَّى لَهُمْ هَذَا الْإِطْلَاقُ وَاَللَّهُ تَعَالَى لَا يَعْزُبُ عَنْهُ شَيْءٌ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَإِنَّمَا بَطَلَ قِيَاسُهُمْ (لِأَنَّ ثُبُوتَهُ) أَيْ الْعَالَمِ بِالْعِلْمِ (فِيهِمَا) أَيْ فِي حَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ مَنْ سِوَاهُ (بِاللَّفْظِ لُغَةً وَهُوَ أَنَّ الْعَالِمَ مَنْ قَامَ بِهِ) الْعِلْمُ (وَثَمَرَتُهُ) أَيْ كَوْنَ حُكْمِ الْأَصْلِ شَرْعِيًّا يَظْهَرُ (فِي قِيَاسِ النَّفْيِ لَوْ كَانَ) النَّفْيُ (أَصْلِيًّا فِي الْأَصْلِ امْتَنَعَ) الْقِيَاسُ عَلَيْهِ (لِعَدَمِ مَنَاطِهِ) أَيْ النَّفْيِ الْأَصْلِيِّ فَهُوَ لَا يَكُونُ عِلَّةً (بِخِلَافِهِ) أَيْ النَّفْيِ إذَا كَانَ (شَرْعِيًّا يَصِحُّ) الْقِيَاسُ عَلَيْهِ (بِوُجُودِهِ) أَيْ وُجُودِ مَنَاطِهِ فِيهِ فَهُوَ قَدْ يَكُونُ عِلَّةً قَالَ الْمُصَنِّفُ ثُمَّ قَوْلُهُ (وَهُوَ) أَيْ الْمَنَاطُ إذَا كَانَ عَدَمًا شَرْعِيًّا (عَلَامَةٌ شَرْعِيَّةٌ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ عِلَّةَ الْعَدَمِ لَا تَكُونُ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ مِنْ عِلَلِ الْأَحْكَامِ لِمَا سَنَذْكُرُ مِنْ أَنَّهَا وَصْفٌ ظَاهِرٌ ضَابِطٌ لِمَصْلَحَةٍ أَوْ دَفْعِ مُفْسِدَةٍ بَلْ إنَّمَا يَكُونُ مُجَرَّدَ عَلَامَةٍ وَضَعَهَا الشَّارِعُ عَلَى النَّفْيِ وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ لَا يُقَاسُ لِإِثْبَاتِ عَدَمٍ لِمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(وَمِنْهَا) أَيْ مِنْ شُرُوطِ حُكْمِ الْأَصْلِ (أَنْ لَا يَكُونَ) حُكْمُ الْأَصْلِ (مَنْسُوخًا لِلْعِلْمِ بِعَدَمِ اعْتِبَارِ) الْوَصْفِ (الْجَامِعِ) فِيهِ لِلشَّارِعِ لِزَوَالِ الْحُكْمِ مَعَ ثُبُوتِ الْوَصْفِ فِيهِ فَلَا يَتَعَدَّى الْحُكْمُ بِهِ إذَا لَمْ يَبْقَ الِاسْتِلْزَامُ الَّذِي كَانَ دَلِيلًا لِلثُّبُوتِ.

(وَمِنْهَا) أَيْ مِنْ شُرُوطِ حُكْمِ الْأَصْلِ (أَنْ لَا يَثْبُتَ) حُكْمُ الْأَصْلِ (بِالْقِيَاسِ بَلْ) يَثْبُتَ (بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ) كَمَا هُوَ مَعْزُوٌّ إلَى الْكَرْخِيِّ وَجُمْهُورِ الشَّافِعِيَّةِ وَنَصَّ فِي الْبَدِيعِ عَلَى أَنَّهُ الْمُخْتَارُ (وَهَذَا) مَعْنَى (مَا يُقَالُ أَنْ لَا يَكُونَ) حُكْمُ الْأَصْلِ (فَرْعًا لِاسْتِلْزَامِهِ) أَيْ كَوْنِ حُكْمِ الْأَصْلِ فَرْعًا (قِيَاسَيْنِ) الْأَوَّلُ الَّذِي أَصْلُهُ فَرْعٌ لِلْقِيَاسِ الثَّانِي، وَالثَّانِي (فَالْجَامِعُ إنْ اتَّحَدَ فِيهِمَا) أَيْ الْقِيَاسَيْنِ (كَالذُّرَةِ عَلَى السِّمْسِمِ بِعِلَّةِ الْكَيْلِ ثُمَّ هُوَ) أَيْ السِّمْسِمُ (عَلَى الْبُرِّ) بِعِلَّةِ الْكَيْلِ (فَلَا فَائِدَةَ فِي الْوَسَطِ) الَّذِي هُوَ السِّمْسِمُ (لِإِمْكَانِهِ) أَيْ قِيَاسِ الذُّرَةِ (عَلَى الْبُرِّ وَإِنَّمَا هِيَ) أَيْ هَذِهِ الْمُنَاقَشَةُ (مُشَاحَحَةٌ) وَالْوَجْهُ مُشَاحَّةٌ (لَفْظِيَّةٌ أَوْ اخْتَلَفَ) الْجَامِعُ فِيهِمَا (كَقِيَاسِ الْجُذَامِ عَلَى الرَّتَقِ) وَهُوَ الْتِحَامُ مَحَلِّ الْجِمَاعِ بِاللَّحْمِ (فِي أَنَّهُ) أَيْ الرَّتَقَ (يُفْسَخُ بِهِ النِّكَاحُ) بِأَنْ يُقَالَ يُفْسَخُ النِّكَاحُ بِالْجُذَامِ كَمَا يُفْسَخُ بِالرَّتَقِ (بِجَامِعٍ أَنَّهُ) أَيْ الْجَامِعَ (عَيْبٌ يُفْسَخُ بِهِ الْبَيْعُ) فَكَذَا النِّكَاحُ كَالرَّتَقِ فَإِنَّهُ عَيْبٌ يُفْسَخُ بِهِ النِّكَاحُ كَمَا يُفْسَخُ بِهِ الْبَيْعُ (فَيُمْنَعُ) الْخَصْمُ (فَسْخَ النِّكَاحِ بِالرَّتَقِ فَيُعَلِّلُهُ) أَيْ الْمُسْتَدِلُّ بِفَسْخِ النِّكَاحِ بِالرَّتَقِ (بِأَنَّهُ) أَيْ الرَّتَقَ (مُفَوِّتٌ لِلِاسْتِمْتَاعِ كَالْجَبِّ) أَيْ قَطْعِ الذَّكَرِ (وَهَذِهِ) الْعِلَّةُ وَهِيَ فَوَاتُ الِاسْتِمْتَاعِ (لَيْسَتْ فِي الْفَرْعِ الْمَقْصُودِ بِالْإِثْبَاتِ) وَهُوَ الْجُذَامُ فَإِنَّ الِاسْتِمْتَاعَ فِيهِ غَيْرُ فَائِتٍ (مَا نُقِلَ) فِي أُصُولِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْبَدِيعِ وَغَيْرِهِمَا (عَنْ الْحَنَابِلَةِ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيِّ مِنْ تَجْوِيزِهِ) أَيْ الْقِيَاسِ مَعَ اخْتِلَافِ الْجَامِعِ (لِتَجْوِيزِ أَنْ يَثْبُتَ) الْحُكْمُ (فِي الْفَرْعِ بِمَا لَمْ يَثْبُتْ فِي الْأَصْلِ) بِهِ (كَالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ) أَيْ كَمَا جَازَ أَنْ يَثْبُتَ فِي الْأَصْلِ بِدَلِيلٍ وَهُوَ النَّصُّ أَوْ الْإِجْمَاعُ وَفِي الْفَرْعِ بِآخَرَ وَهُوَ الْقِيَاسُ جَازَ أَنْ يَثْبُتَ فِي الْأَصْلِ بِعِلَّةٍ وَفِي الْفَرْعِ بِأُخْرَى (يَبْعُدُ صُدُورُهُ مِمَّنْ عَقَلَ الْقِيَاسَ فَإِنَّ ذَاكَ) أَيْ ثُبُوتَ حُكْمِ الْأَصْلِ بِدَلِيلٍ غَيْرِ الدَّلِيلِ الَّذِي بِهِ ثُبُوتُ حُكْمِ الْفَرْعِ (فِي أَصْلٍ لَيْسَ فَرْعَ قِيَاسٍ) وَلَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ وَالْكَلَامُ هُنَا إنَّمَا هُوَ فِي أَصْلٍ هُوَ فَرْعُ قِيَاسٍ وَفِي تَجْوِيزِهِ فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>