ثُبُوتُهُ) أَيْ حُكْمِ الْأَصْلِ (إلَّا بِهَا) أَيْ بِالْعِلَّةِ (لِلْفَرْعِيَّةِ) لِلْأَصْلِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ (بِخِلَافِ مَا إذَا أَثْبَتَ) الْمُسْتَدِلُّ (الْوُجُودَ فِي مُرَكَّبِ الْوَصْفِ فَإِنَّهُ) أَيْ الْمُعْتَرِضَ (مَعَهُ) أَيْ إثْبَاتِ الْمُسْتَدِلِّ الْوُجُودَ فِيهِ (يَمْنَعُ حُكْمَ الْأَصْلِ وَهُوَ) أَيْ مَنْعُهُ حُكْمَ الْأَصْلِ (دَلِيلٌ أَنَّهُ) أَيْ الْمُعْتَرِضَ (مَانِعٌ صِحَّةَ مَا عَيَّنَهُ الْمُسْتَدِلُّ فِيهِمَا) أَيْ مُرَكَّبَيْ الْأَصْلِ وَالْوَصْفِ (وَإِذَنْ فَقَوْلُهُمْ) أَيْ الْأُصُولِيِّينَ (لِلْمُسْتَدِلِّ أَنْ يُثْبِتَ وُجُودَهَا) أَيْ الْعِلَّةِ فِي الْأَصْلِ (بِدَلِيلِهِ) أَيْ الثُّبُوتِ (مِنْ حِسٍّ أَوْ عَقْلٍ أَوْ شَرْعٍ أَوْ لُغَةٍ فَيَنْتَهِضُ) الدَّلِيلُ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمُعْتَرِضِ (لِأَنَّهُ مُعْتَرِفٌ بِصِحَّةِ الْمُوجِبِ) أَنْ يَكُونَ عِلَّةً مُوجِبَةً (وَوُجُودِهِ) أَيْ الْمُوجِبِ فِي الْأَصْلِ (إذْ قَدْ ثَبَتَ بِالدَّلِيلِ) فَلَزِمَهُ الْقَوْلُ بِمُقْتَضَاهُ وَهُوَ تَرَتُّبُ الْحُكْمِ عَلَيْهِ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْوَجْهَ الِاقْتِصَارُ عَلَى هَذَا أَوْ حَذْفِ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ مُعْتَرِفٌ بِصِحَّةِ الْمُوجِبِ وَوُجُودِهِ لِأَنَّ هَذَا تَعْلِيلٌ لِتَسْلِيمِهِ وَاعْتِرَافِهِ وَالْفَرْضُ مَنَعَهُ حَتَّى احْتَاجَ الْمُسْتَدِلُّ إلَى إقَامَةِ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ وَخَبَرٍ فَقَوْلُهُمْ (فِيهِ نَظَرٌ بَلْ إذَا أَثَبَتَهُمَا) أَيْ الْمُسْتَدِلُّ الْوُجُودَ وَالِاعْتِبَارَ انْتَهَضَ حِينَئِذٍ (كَالْأَوَّلِ) أَيْ مُرَكَّبِ الْأَصْلِ (فَالْأَوَّلُ) أَيْ مِثَالُ مُرَكَّبِ الْأَصْلِ (قَوْلٌ شَافِعِيٌّ) فِي كَوْنِ الْحُرِّ لَا يُقْتَلُ بِعَبْدٍ قَتَلَهُ الْمَقْتُولُ (عَبْدٌ فَلَا يُقْتَلُ بِهِ الْحُرُّ كَالْمُكَاتَبِ الْمَقْتُولِ عَمَّا بَقِيَ بِكِتَابَتِهِ وَوَارِثُ غَيْرِ سَيِّدِهِ) لَا يُقْتَلُ قَاتِلُهُ الْحُرُّ بِهِ.
وَإِنْ اجْتَمَعَ السَّيِّدُ وَوَارِثُهُ عَلَى طَلَبِ الْقِصَاصِ فَيُلْحَقُ الْعَبْدُ بِهِ هُنَا بِجَامِعِ الرِّقِّ (وَالْحَنَفِيُّ يُوَافِقُهُ) أَيْ الشَّافِعِيَّ (فِيهِ) أَيْ فِي حُكْمِ الْأَصْلِ وَهُوَ عَدَمُ قَتْلِ الْحُرِّ بِالْمُكَاتَبِ الْمَذْكُورِ وَيُخَالِفُهُ فِي الْعِلَّةِ (فَيَقُولُ الْعِلَّةُ) عِنْدِي (جَهَالَةُ الْمُسْتَحِقِّ) لِلْقِصَاصِ (مِنْ السَّيِّدِ وَالْوَرَثَةِ لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ فِي عَبْدِيَّتِهِ وَحُرِّيَّتِهِ) أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الشُّعَبِيِّ كَانَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يَقُولُ الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ وَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ وَكَانَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ إذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ مَالًا قُسِمَ مَا تَرَكَ عَلَى مَا أَدَّى وَعَلَى مَا بَقِيَ فَمَا أَصَابَ مَا أَدَّى فَلِلْوَرَثَةِ وَمَا أَصَابَ مَا بَقِيَ فَسَلِّمُوا إلَيْهِ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقُولُ يُؤَدِّي إلَى مَوَالِيه مَا بَقِيَ مِنْ مُكَاتَبَتِهِ وَلِوَرَثَتِهِ مَا بَقِيَ وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُ هَذَا الَّذِي عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ عَلِيٍّ أَيْضًا وَاخْتِلَافُهُمْ يُوجِبُ اشْتِبَاهَ الْوَلِيِّ فَانْتَفَى الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ يَنْتَفِي بِالشُّبْهَةِ (فَإِنْ صَحَّتْ) عِلَّتِي (بَطَلَ إلْحَاقُك) الْعَبْدَ بِالْمُكَاتَبِ فِي حُكْمِهِ لِعَدَمِ الْمُشَارَكَةِ فِي الْعِلَّةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ عِلَّتِي بَلْ صَحَّتْ عِلَّتُك وَهِيَ الْعَبْدِيَّةُ (مَنَعَتْ حُكْمَ الْأَصْلِ فَيُقْتَلُ الْحُرُّ بِهِ) أَيْ بِالْمُكَاتَبِ لِعَدَمِ الْمَانِعِ مِنْهُ حِينَئِذٍ فَلَمْ يَنْفَكَّ الْحَنَفِيُّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَنْ عَدَمِ الْعِلَّةِ فِي الْفَرْعِ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهَا الْجَهَالَةَ أَوْ مَنْعِ الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهَا الرِّقُّ فَلَا يَتِمُّ الْقِيَاسُ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ (وَلَا يَتَأَتَّى) أَيْ وَلَا يَصِحُّ مَنْعُ حُكْمِ الْأَصْلِ (إلَّا مِنْ مُجْتَهِدٍ) لِجَوَازِ تَبَدُّلِهِ فِي نَظَرِهِ (أَوْ مَنْ عُلِمَ عَنْهُ) أَيْ الْمُجْتَهِدِ (مُسَاوَاتِهَا) أَيْ الْعِلَّةِ الَّتِي أَبَدَاهَا الْمُعْتَرِضُ لِحُكْمِ الْأَصْلِ فَيَنْتَفِي الْحُكْمُ لِانْتِفَائِهَا إمَّا مُقَلِّدٍ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَلَا لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يَكُونَ مَا عَيَّنَهُ هُوَ الْمَأْخَذُ فِي نَظَرِ إمَامِهِ وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَجْزِ الْمُقَلِّدِ عَنْ تَقْرِيرِهِ عَجْزُ إمَامِهِ لِكَوْنِهِ أَكْمَلَ حَالًا مِنْهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَصْوِيبُ إمَامِهِ فِي الْأَصْلِ وَإِنْ لَزِمَ تَخْطِئَتُهُ فِي الْفَرْعِ لَا بِالْعَكْسِ نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنْ ثَبَتَ النَّقْلُ عَنْ إمَامِهِ بِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِهَذَا الْحُكْمِ إلَّا بِنَاءً عَلَى هَذَا الْمُدْرَكِ كَانَ لِلْمُقَلِّدِ مَنْعُ الْحُكْمِ عَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِ بُطْلَانِ الْمُدْرَكِ لِأَنَّ إمَامَهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَقُولَ بِحُكْمٍ بِلَا مُدْرَكٍ وَلَا يَكُونُ هَذَا تَخْطِئَةً لِإِمَامِهِ بَلْ تَعْرِيضًا عَلَى قَوْلِهِ إنَّهُ لَا مُدْرَكَ لَهُ إلَّا هَذَا كَمَا فِي شَرْحِ الْبَدِيعِ لِلشَّيْخِ سِرَاجِ الدِّينِ الْهِنْدِيِّ.
(وَالثَّانِي) أَيْ وَمِثَالُ مُرَكَّبِ الْوَصْفِ قَوْلٌ شَافِعِيٌّ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِمَا هُوَ سَبَبُ مِلْكِهِ وَهُوَ النِّكَاحُ (فِي إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَطَالِقٌ) هَذَا (تَعْلِيقٌ لِلطَّلَاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ فَلَا يَصِحُّ) فَلَوْ تَزَوَّجَهَا لَا تَطْلُقُ (كَقَوْلِهِ) أَيْ الْقَائِلِ (فُلَانَةُ الَّتِي أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ) حَيْثُ لَا تَطْلُقُ إذَا تَزَوَّجَهَا (فَيَقُولُ) الْحَنَفِيُّ (كَوْنُهُ) أَيْ الطَّلَاقِ (تَعْلِيقًا) عَلَى سَبَبِ مِلْكِهِ (مُنْتَفٍ فِي الْأَصْلِ) أَيْ فُلَانَةُ الَّتِي أَتَزَوَّجُهَا (بَلْ) الْأَصْلُ (تَنْجِيزٌ) لِلطَّلَاقِ (فَإِنْ صَحَّ) كَوْنُهُ تَنْجِيزًا (بَطَلَ إلْحَاقُك) هَذَا الْفَرْعَ بِهَذَا الْأَصْلِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ كَوْنُهُ تَنْجِيزًا بَلْ كَانَ تَعْلِيقًا (مَنَعَتْ حُكْمَ الْأَصْلِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute