وَهُوَ عَدَمُ الْوُقُوعِ (فَتَطْلُقُ) فُلَانَةُ فِي قَوْلِهِ فُلَانَةُ الَّتِي أَتَزَوَّجُهَا إذَا تَزَوَّجَهَا لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ مِنْهُ (وَهَذَا مَا ذَكَرْنَا مِنْ مَنْعِهِ) أَيْ الْمُعْتَرِضِ (الْأَمْرَيْنِ) وُجُودَ الْعِلَّةِ وَمَنْعَ عَلِيَّةِ الْأَصْلِ (وَلَوْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا) أَيْ الْمُسْتَدِلِّ وَالْمُعْتَرِضِ (فِيهِ) أَيْ فِي حُكْمِ الْأَصْلِ (ظَاهِرًا مِنْ الْأَوَّلِ وَلَيْسَ) حُكْمُ الْأَصْلِ (مَجْمَعًا) عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَلَا بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ (فَحَاوَلَ) الْمُسْتَدِلُّ (إثْبَاتَهُ) أَيْ حُكْمِ الْأَصْلِ بِنَصٍّ (ثُمَّ) إثْبَاتَ (عَلِيَّتِهِ) أَيْ ذَلِكَ الْحُكْمِ بِمَسْلَكٍ مِنْ مَسَالِكِهَا (قِيلَ لَا يُقْبَلُ) كُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ الْإِثْبَاتَيْنِ لِضَمِّ نَشْرِ الْجِدَالِ (وَالْأَصَحُّ يُقْبَلُ) كُلٌّ مِنْهُمَا (لِأَنَّ إثْبَاتَ حُكْمِ الْأَصْلِ) حِينَئِذٍ مُقَدِّمَةٌ (مِنْ مُقَدِّمَاتِ دَلِيلِهِ) أَيْ الْقَائِسِ (عَلَى إثْبَاتِ حُكْمِ الْفَرْعِ) لِأَنَّ ثُبُوتَ الْحُكْمِ لِلْفَرْعِ فَرْعُ ثُبُوتِهِ لِلْأَصْلِ (فَلَوْ لَمْ يُقْبَلْ) كُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ الْإِثْبَاتَيْنِ بِطَرِيقِهِ (لَمْ يُقْبَلْ مُقَدِّمَةٌ تَقْبَلُ الْمَنْعَ) وَإِنْ أَثْبَتَهَا الْمُسْتَدِلُّ بِالدَّلِيلِ بَعْدَ مَنْعِ الْخَصْمِ إيَّاهَا لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنْ يَنْزِلَ مَنْزِلَةَ ذَلِكَ بِالِاتِّفَاقِ أَنَّ الْكَلَامَ عَلَى الْمُقَدَّمَاتِ الَّتِي تَقْبَلُ الْمَنْعَ بَعْدَ أَنْ لَا تَخْرُجَ عَنْ الْمَطْلُوبِ مَقْبُولٌ فَكَذَا هَذَا لِأَنَّ إثْبَاتَهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْمَطْلُوبِ.
وَكَيْفَ لَا وَلَازِمُهُ أَنْ لَا يَقْبَلَ إلَّا الْبَدِيهِيَّاتِ (وَكَوْنُهُ) أَيْ حُكْمِ الْأَصْلِ (يُسْتَدْعَى) مِنْ الْأَدِلَّةِ وَالشَّرَائِطِ (كَالْآخَرِ) أَيْ حُكْمِ الْفَرْعِ لِكَوْنِهِ مِثْلَهُ فِي كَوْنِهِ حُكْمًا شَرْعِيًّا فَيَطُولُ الْقَالُ وَيَنْتَشِرُ الْجِدَالُ بِخِلَافِ مُقَدِّمَاتِ الْمُنَاظَرَةِ الَّتِي تَقْبَلُ الْمَنْعَ فَإِنَّهَا قَدْ تَنْتَهِي سَرِيعًا إلَى الضَّرُورِيَّاتِ (لَا أَثَرَ لَهُ) فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَهَذَا تَعْرِيضٌ يَرُدُّ مَا فِي شَرْحِ عَضُدِ الدِّينِ وَرُبَّمَا يُفَرَّقُ بِأَنَّ هَذَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ مِثْلُ الْأَوَّلِ يَسْتَدْعِي مَا يَسْتَدْعِيه بِخِلَافِ الْمُقَدَّمَاتِ الْأُخَرِ (وَمَا قِيلَ هَذِهِ اصْطِلَاحَاتٌ لَا يُشَاحُّ فِيهَا غَيْرُ لَازِمٍ لِمَنْ لَمْ يَلْتَزِمُهُ) وَلَهُ أَنْ لَا يَلْتَزِمَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَكَيْفَ لَا وَهُوَ طَرِيقٌ إلَى أَنَّهُ يُنْسَبُ إلَيْهِ الِانْقِطَاعُ مَعَ عَدَمِ الْعَجْزِ عَنْ الْإِثْبَاتِ وَعَدَمِ خُرُوجِهِ عَنْ مُقْتَضَى مَنْصِبِهِ وَفِي هَذَا أَيْضًا تَعْرِيضٌ بِالْقَاضِي عَضُدِ الدِّين حَيْثُ قَالَ وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذِهِ اصْطِلَاحَاتٌ وَلِكُلٍّ نَظَرٌ فِيمَا يَصْطَلِحُ لَا يُمْكِنُ الْمُشَاحَّةُ فِيهِ انْتَهَى قَالَ الْأَبْهَرِيُّ وَأَشَارَ هُنَا بِهَذَا إلَى أَنَّهُ يَصْطَلِحُ عَلَى ذَلِكَ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ يُعَدُّ الْبَحْثُ عَنْهُ انْتِقَالًا كَمَا أَنَّ لِكُلٍّ أَنْ يَصْطَلِحَ عَلَى أَمْرٍ نَظَرًا إلَى مَا يَخْتَصُّ بِهِ وَاعْتِبَارٌ لَهُ وَلَمَّا كَانَ هَذَا جَوَابًا جُمَلِيًّا يَصْلُحُ فِي كُلِّ مَا يَصْلُحُ عَلَيْهِ قَالَ وَبِالْجُمْلَةِ وَإِنَّمَا قَالَ نَظَرًا لِأَنَّ الِاصْطِلَاحَ بِدُونِ النَّظَرِ فِي الْمُنَاسَبَةِ الْمُخْتَصَّةِ فِي قُوَّةِ الْخَطَأِ عِنْدَ الْمُحَصِّلِينَ (وَلَمْ يَذْكُرْ الْحَنَفِيَّةُ هَذَا) أَيْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِأَنْ لَا يَكُونَ حُكْمُ الْأَصْلِ ذَا قِيَاسٍ مُرَكَّبٍ شَرْطًا لَهُ (لِبُطْلَانِ كَوْنِهِ) أَيْ حُكْمِ الْأَصْلِ أَنْ لَا يَكُونَ ذَا قِيَاسٍ مُرَكَّبٍ (شَرْطًا لِحُكْمِ الْأَصْلِ بَلْ) إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ (لِلِانْتِهَاضِ) لِلْمَنَاظِرِ (عَلَى الْمَنَاظِرِ) فِي الْمُنَاظَرَةِ (بِهَذَا الطَّرِيقِ مِنْ الْجَدَلِ) فَهِيَ مَسْأَلَةٌ جَدَلِيَّةٌ لَا أُصُولِيَّةٌ (وَأَفَادُوهُ) أَيْ الْحَنَفِيَّةُ نَفْيَ الْقَوْلِ بِهِ (بِاخْتِصَارٍ) فَقَالُوا (لَا يُعَلَّلُ بِوَصْفٍ مُخْتَلَفٍ) فِيهِ اخْتِلَافًا ظَاهِرًا (كَقَوْلِ شَافِعِيٍّ فِي إبْطَالِ الْكِتَابَةِ الْحَالَّةِ) كَكَاتَبْتُك عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَذْكُرْ أَجَلًا لِلْكِتَابَةِ (عَقْدُ يَصِحُّ مَعَهُ التَّكْفِيرُ بِهِ) أَيْ بِالْمُكَاتَبِ (فَكَانَ) عَقْدُ الْحَالَّةِ (بَاطِلًا كَالْكِتَابَةِ عَلَى الْخَمْرِ) إذَا كَانَ الْعَبْدُ وَالْوَلِيُّ مُسْلِمَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا.
(فَحُكْمُ الْأَصْلِ) وَهُوَ بُطْلَانُ الْكِتَابَةِ بِالْخَمْرِ فِي هَذَا (مُتَّفَقٌ) عَلَيْهِ (لَكِنَّ عِلَّتَهُ) أَيْ عِلَّةَ بُطْلَانِهِ (عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ كَوْنُ الْمَالِ) أَيْ الْخَمْرِ مَالًا فِي الْجُمْلَةِ (غَيْرَ مُتَقَوِّمٍ) بَلْ هِيَ لَيْسَتْ بِمَالٍ فِي شَرْعِنَا (لَا) أَنَّ عِلَّتَهُ (مَا ذُكِرَ مِنْ صِحَّةِ التَّكْفِيرِ بِهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُسْتَدِلِّ (إثْبَاتُهُ) أَيْ الْوَصْفِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ (عَلَى مَا تَقَدَّمَ) آنِفًا أَنَّهُ الْأَصَحُّ (وَلِبَعْضِهِمْ) أَيْ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ هُنَا عِبَارَةٌ هِيَ (لَا يَجُوزُ التَّعْلِيلُ بِعِلَّةٍ اُخْتُلِفَ فِي وُجُودِهَا فِي الْفَرْعِ أَوْ) فِي (الْأَصْلِ كَقَوْلٍ شَافِعِيٍّ فِي الْأَخِ شَخْصٌ يَصِحُّ التَّكْفِيرُ بِإِعْتَاقِهِ فَلَا يُعْتَقُ إذَا مَلَكَهُ كَابْنِ الْعَمِّ فَإِنْ أَرَادَ) الشَّافِعِيُّ بِقَوْلِهِ يَصِحُّ التَّكْفِيرُ بِإِعْتَاقِهِ (عَتَقَهُ إذَا مَلَكَهُ) أَيْ إذَا اشْتَرَاهُ بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ (فَغَيْرُ مَوْجُودٍ فِي ابْنِ الْعَمِّ) فَإِنَّهُ إذَا اشْتَرَاهُ بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ لَا يَجُوزُ عَنْهَا (أَوْ) أَرَادَ (إعْتَاقَهُ بَعْدَهُ) أَيْ يَصِيرُ مِلْكَهُ ثُمَّ يَقَعُ عَنْ كَفَّارَتِهِ بِإِعْتَاقٍ قَصْدِيٍّ بَعْدَ الْمِلْكِ (فَمَمْنُوعٌ فِي الْأَخِ) أَيْ لَا نُسَلِّمُ وُجُودَ هَذَا الْوَصْفِ فِيهِ إذْ هُوَ يُعْتَقُ بِمُجَرَّدِ الْمِلْكِ (وَذَكَرَ) صَدْرُ الشَّرِيعَةِ (الصُّورَتَيْنِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute