ذَلِكَ وَلَا حُجَّةَ عَلَيْهِ قُلْت إذَا فَعَلَهُ كَانَ مَنْصُوصًا وَالْكَلَامُ فِي الْمُسْتَنْبَطَةِ وَالْحَنَفِيَّةُ لَا يَشْتَرِطُونَ ذَلِكَ لِأَنَّ حُكْمَ الْأَصْلِ ثَابِتٌ عِنْدَهُمْ بِالنَّصِّ وَهُوَ مَوْجُودٌ إنْ لَمْ تُوجَدْ الْعِلَّةُ انْتَهَى مَعَ بَعْضِ اخْتِصَارٍ وَغَالِبُهُ لَا بَأْسَ بِهِ وَمِنْهُ أَنَّ مِنْ ثَمَرَةِ الْخِلَافِ جَوَازَ التَّعْلِيلِ بِالْقَاصِرَةِ وَعَدَمَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْمِيزَانِ وَغَيْرِهِ وَبَعْضُهُ لَا يَعْرَى عَنْ تَأَمُّلٍ.
(وَمِنْ شُرُوطِ الْفَرْعِ لِبَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ) كَابْنِ الْحَاجِبِ (أَنْ يُسَاوِيَ) الْفَرْعُ (الْأَصْلَ فِيمَا عَلَّلَ بِهِ حُكْمَهُ) أَيْ الْأَصْلِ (مَنْ عَيَّنَ) لِلْعِلَّةِ (كَالنَّبِيذِ) أَيْ كَمُسَاوَاةِ النَّبِيذِ (لِلْخَمْرِ فِي الشِّدَّةِ الْمُطْرِبَةِ) الَّتِي هِيَ عَيْنُ عِلَّةِ التَّحْرِيمِ فِي الْخَمْرِ (وَهِيَ) الشِّدَّةُ الْمُطْرِبَةُ (بِعَيْنِهَا مَوْجُودَةً فِي النَّبِيذِ أَوْ جِنْسٍ) لِلْعِلَّةِ (كَالْأَطْرَافِ) أَيْ كَقِيَاسِهَا (عَلَى الْقَتْلِ فِي الْقِصَاصِ بِالْجِنَايَةِ) أَيْ بِسَبَبِهَا (عَلَى الذَّاتِ) إذْ الْجِنَايَةُ جِنْسٌ لِإِتْلَافِ النَّفْسِ وَالْأَطْرَافِ وَهُمَا مُخْتَلِفَانِ بِالْحَقِيقَةِ إذْ جِنَايَةُ النَّفْسِ الْقَتْلُ وَجِنَايَةُ الْأَطْرَافِ الْقَطْعُ وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ تَسَاوِيهِمَا فِي الْعِلَّةِ لِأَنَّ الْقِيَاسَ لَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ تَعْرِيفِهِ (وَفِيمَا يَقْصِدُ) أَيْ وَمِنْ شُرُوطِ الْفَرْعِ أَنْ يُسَاوِيَ حُكْمُ الْفَرْعِ حُكْمَ الْأَصْلِ فِيمَا تُقْصَدُ الْمُسَاوَاةُ فِيهِ (مِنْ عَيْنِ الْحُكْمِ كَالْقَتْلِ) أَيْ كَقِيَاسِهِ (بِالْمُثْقَلِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقَتْلِ بِالْمُحَدِّدِ فِي الْقِصَاصِ فَإِنَّ حَقِيقَةِ الْقَتْلِ الْكَائِنَةِ فِي الْفَرْعِ بِعَيْنِهَا هِيَ الْكَائِنَةُ فِي الْأَصْلِ (أَوْ جِنْسِهِ) أَيْ مِنْ جِنْسِ الْحُكْمِ (كَالْوِلَايَةِ) أَيْ كَقِيَاسِ ثُبُوتِ الْوِلَايَةِ (عَلَى الصَّغِيرَةِ فِي إنْكَاحِهَا عَلَى) ثُبُوتِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا فِي (مَالِهَا) فَإِنَّ وِلَايَةَ الْإِنْكَاحِ مِنْ جِنْسِ وِلَايَةِ الْمَالِ بِسَبَبِ نَفَادِ التَّصَرُّفِ وَلَيْسَ عَيْنُهَا لِاخْتِلَافِ التَّصَرُّفَيْنِ كَذَا قَالُوا قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَلَا مَعْنَى لِلتَّقْسِيمِ) فِي كُلٍّ مِنْ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ (أَمَّا فِي الْعِلَّةِ فَلَا نَعْنِي بِالْعَيْنِ إلَّا مَا عُلِّلَ بِهِ حُكْمُ الْأَصْلِ وَكَوْنُهُ) أَيْ مَا عُلِّلَ بِهِ (جِنْسًا لِشَيْءٍ لَا يُوجِبُ أَنَّ الْعِلَّةَ جِنْسُ الْوَصْفِ فَالْجِنَايَةُ عَلَى الذَّاتِ عَيْنُ مَا عُلِّلَ بِهِ) حُكْمُ الْأَصْلِ (لَا جِنْسُ مَا عُلِّلَ بِهِ وَإِنْ كَانَ هُوَ) أَيْ الْجِنَايَةُ عَلَى الذَّاتِ (جِنْسَ جِنَايَةِ الْقَتْلِ. وَأَمَّا الْحُكْمُ فَلَيْسَ الْمُعْدَى قَطُّ جِنْسَ حُكْمِ الْأَصْلِ بَلْ عَيْنَهُ)
أَيْ حُكْمِ الْأَصْلِ (فَالْمَالُ الْأَصْلُ وَالنَّفْسُ الْفَرْعُ وَحُكْمُ الْأَصْلِ ثُبُوتُ الْوِلَايَةِ فَيُعْدَى) ثُبُوتُ الْوِلَايَةِ بِعَيْنِهِ (إلَى النَّفْسِ وَقَوْلُهُ) أَيْ بَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ لِعَضُدِ الدِّينِ (وَهِيَ بِعَيْنِهَا إلَخْ يُنَاقِضُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ الْمِثْلِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَعْلَمَ عِلَّةَ الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ وَثُبُوتِ مِثْلِهَا فِي الْفَرْعِ إذْ ثُبُوتُ عَيْنِهَا لَا يُتَصَوَّرُ لِأَنَّ الْمَعْنَى الشَّخْصِيَّ لَا يَقُومُ بِمَحَلَّيْنِ كَمَا سَلَف ذِكْرُهُ وَرَدُّهُ فِي الْكَلَامِ فِي تَعْرِيفِ الْقِيَاسِ فَلَعَلَّهُ (رَجَعَ إلَى الصَّوَابِ) .
(وَإِنْ لَا بِتَغَيُّرٍ فِيهِ) أَيْ وَمِنْ شُرُوطِ حُكْمِ الْفَرْعِ أَنْ لَا يَتَغَيَّرَ فِي الْفَرْعِ (حُكْمُ نَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ كَظِهَارِ الذِّمِّيِّ) أَيْ كَقِيَاسِهِ (عَلَى) ظِهَارِ (الْمُسْلِمِ فِي الْحُرْمَةِ فَإِنَّ الْمُعَدَّى غَيْرُ حُكْمِ الْأَصْلِ) أَعْنِي ظِهَارَ الْمُسْلِمِ (وَهِيَ) أَيْ حُكْمُ الْأَصْلِ وَأَنَّثَهُ بِاعْتِبَارِ الْحُرْمَةِ وَهُوَ (الْحُرْمَةُ الْمُتَنَاهِيَةُ بِالْكَفَّارَةِ إذْ لَا عِبَادَةَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الذِّمِّيِّ مُطَهَّرَةٌ (فَالْحُرْمَةُ فِي الْفَرْعِ) وَهُوَ ظِهَارُ الذِّمِّيِّ (مُؤَبَّدَةٌ) لِعَدَمِ انْتِهَائِهَا بِالْكَفَّارَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ مَعْنَى الْعِبَادَةِ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا فَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّغْيِيرُ لِحُكْمِهِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ. فَإِنْ قِيلَ فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يُقَاسَ ظِهَارُ الْعَبْدِ عَلَى ظِهَارِ الْحُرِّ فِي الصِّحَّةِ اللَّازِمَةِ الَّذِي هُوَ التَّعْبِيرُ لِحُكْمِهِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ
فَإِنَّ الْعَبْدَ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ كُلُّ مِنْ الْإِعْتَاقِ وَالْإِطْعَامِ كَمَا يَتَأَتَّى مِنْ الْحُرِّ لِأَنَّهُ فَرْعُ الْمِلْكِ وَلَا مِلْكَ لَهُ قُلْنَا مَمْنُوعٌ فَإِنَّ ظِهَارَ الذِّمِّيِّ إنَّمَا لَمْ يَصِحُّ قِيَاسًا عَلَى ظِهَارِ الْمُسْلِمِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلْكَفَّارَةِ فَيَلْزَمُ مِنْهُ تَغْيِيرُ حُكْمِ الْأَصْلِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ (بِخِلَافِ الْعَبْدِ) فَإِنَّهُ (أَهْلٌ) لِلْكَفَّارَةِ لَا أَنَّهُ (عَاجِزٌ) عَنْ التَّكْفِيرِ بِالْمَالِ لِانْتِفَاءِ الْمِلْكِ (كَالْفَقِيرِ) أَيْ كَالْحُرِّ الْعَاجِزِ عَنْ ذَلِكَ فَكَمَا صَحَّ ظِهَارُ الْحُرِّ الْفَقِيرِ صَحَّ ظِهَارُ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ حَتَّى لَوْ عَتَقَ وَأَصَابَ مَالًا كَانَتْ كَفَّارَتُهُ بِالْمَالِ أَيْضًا كَالْفَقِيرِ الْحُرِّ إذَا اسْتَغْنَى وَقَوْلُهُ (أَوْ عَلَى غَيْرِهِ) عَطْفٌ عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ أَيْ وَأَنْ لَا يَتَغَيَّرَ فِي الْفَرْعِ حُكْمُ نَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ عَلَى حُكْمٍ غَيْرِ حُكْمِ الْأَصْلِ لِئَلَّا يَلْزَمَ إبْطَالُ النَّصِّ بِالْقِيَاسِ (فَبَطَلَ قِيَاسُ تَمْلِيكِ الطَّعَامِ عَلَى) تَمْلِيكِ (الْكِسْوَةِ) فِي وُجُوبِهِ عَيْنًا (فِي الْكَفَّارَةِ) لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ ذَلِكَ (فَإِنَّهُ) أَيْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute