للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَأَنَّهُ تَصَرَّفَ بَعْدَ الْحَجْرِ) لِاتِّصَافِ الْمَرَضِ بِكَوْنِهِ مُمِيتًا مِنْ أَوَّلِ وُجُودِهِ لِأَنَّ الْمَوْتَ يَحْدُثُ بِآلَامٍ وَعَوَارِضَ مُزِيلَةٍ لِقُوَى الْحَيَاةِ مِنْ ابْتِدَاءِ الْمَرَضِ فَيُضَافُ إلَيْهِ كُلِّهِ وَإِذَا اسْتَنَدَ الْوَصْفُ إلَى أَوَّلِ الْمَرَضِ اسْتَنَدَ بِحُكْمِهِ (فَتَوَقَّفَ) نَفَاذُهُ (عَلَى إجَازَتِهِمْ) أَيْ الْوَرَثَةِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِمْ بِهِ.

(وَكَذَا التَّزْكِيَةُ) أَيْ تَعْدِيلُ شُهُودِ الزِّنَا (عِلَّةُ وُجُوبِ الْحُكْمِ بِالرَّجْمِ) لِلزَّانِي الْمُحْصَنِ ثُمَّ ظَاهِرُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ هَذَا عِلَّةٌ لَهُ اسْمًا وَمَعْنًى لَا حُكْمًا وَأَنَّهُ يُشْبِهُ السَّبَبَ وَسَيَظْهَرُ وَجْهُ كَوْنِهِ عِلَّةً لَهُ اسْمًا وَمَعْنًى وَشَبَهِهِ بِالسَّبَبِ.

وَأَمَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِعِلَّةٍ حُكْمًا فَلَا لِعَدَمِ تَرَاخِيهِ عَنْهُ (لَكِنَّ) كَوْنَ التَّزْكِيَةِ عِلَّةً (بِمَعْنَى عِلَّةِ الْعِلِّيَّةِ عِنْدَهُ) أَيْ أَبِي حَنِيفَةَ (فَإِنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُوجِبُ الرَّجْمَ دُونَهَا) أَيْ التَّزْكِيَةِ بَلْ تُفِيدُ ظُهُورَهُ وَعِلَّةُ الْعِلَّةِ بِمَنْزِلَةِ الْعِلَّةِ فِي إضَافَةِ الْحُكْمِ كَمَا يُعْلَمُ قَرِيبًا فَيَكُونُ الْحُكْمُ مُضَافًا إلَى التَّزْكِيَةِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ (فَلَوْ رَجَعَ الْمُزَكُّونَ) وَقَالُوا تَعَمَّدْنَا الْكَذِبَ (ضَمِنُوا الدِّيَةَ عِنْدَهُ) أَيْ أَبِي حَنِيفَةَ (غَيْرَ أَنَّهُ إذَا كَانَ) التَّزْكِيَةُ وَذِكْرُ الرَّاجِعِ إلَيْهَا بِاعْتِبَارِ التَّعْدِيلِ (صِفَةً لِلشَّهَادَةِ أُضِيفَ الْحُكْمُ إلَيْهَا) أَيْ إلَى الشَّهَادَةِ أَيْضًا فَأَيِّ الْفَرِيقَيْنِ رَجَعَ ضَمِنَ (وَعِنْدَهُمَا لَا) يَضْمَنُ الْمُزَكُّونَ إذَا رَجَعُوا لِأَنَّهُمْ أَثْنَوْا عَلَى الشُّهُودِ خَيْرًا فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَثْنَوْا عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ خَيْرًا بِأَنْ قَالُوا هُوَ مُحْصَنٌ وَالضَّمَانُ يُضَافُ إلَى سَبَبٍ هُوَ تَعَدٍّ لَا إلَى مَا هُوَ حَسَنٌ وَخَيْرٌ أَلَا تَرَى أَنَّ الشُّهُودَ لَوْ رَجَعُوا مَعَ الْمُزَكِّينَ لَمْ يَضْمَنْ الْمُزَكُّونَ شَيْئًا وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُزَكِّينَ لَيْسُوا كَشُهُودِ الْإِحْصَانِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَجْعَلُوا مَا لَيْسَ بِمُوجِبٍ مُوجِبًا إذْ الشَّهَادَةُ بِالزِّنَا بِدُونِ الْإِحْصَانِ مُوجِبٌ لِلْعُقُوبَةِ وَالشَّهَادَةُ لَا تُوجِبُ شَيْئًا بِدُونِ التَّزْكِيَةِ فَالْمُزَكُّونَ أَعْمَلُوا سَبَبَ التَّلَفِ بِطَرِيقِ التَّعَدِّي فَضَمِنُوا.

وَأَمَّا إذَا رَجَعَ الشُّهُودُ مَعَهُمْ فَقَدْ انْقَلَبَتْ الشَّهَادَةُ تَعَدِّيًا وَأَمْكَنَ الْإِضَافَةُ إلَيْهَا عَلَى الْمَقْصُودِ لِأَنَّهَا تَعَدٍّ لَمْ يَحْدُثْ بِالتَّزْكِيَةِ لِاخْتِيَارِهِمْ فِي الْأَدَاءِ فَلَمْ يُضَفْ إلَى عِلَّةِ الْعِلَّةِ كَذَا فِي الْأَسْرَارِ

(وَكُلُّ عِلَّةِ عِلَّةٍ) هِيَ (عِلَّةٌ شَبِيهَةٌ بِالسَّبَبِ كَشِرَاءِ الْقَرِيبِ وَهُوَ) أَيْ عِلَّةُ الْعِلَّةِ الشَّبِيهَةِ بِالسَّبَبِ (السَّبَبُ فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ أَمَّا عِلَّةٌ فَلِأَنَّ الْعِلَّةَ لَمَّا كَانَتْ مُضَافَةً إلَى عِلَّةٍ أُخْرَى) هِيَ الْأُولَى (كَانَ الْحُكْمُ مُضَافًا إلَيْهَا) أَيْ الْأُولَى (بِوَاسِطَةِ الثَّانِيَةِ فَهِيَ) أَيْ الْأُولَى (كَعِلَّةٍ تُوجِبُ) الْحُكْمَ (يُوصَفُ لَهَا) قَائِمٌ بِتِلْكَ الْعِلَّةِ (فَيُضَافُ) الْحُكْمُ (إلَيْهَا) أَيْ الْأُولَى (دُونَ) الْمُتَخَلِّلَةِ الَّتِي هِيَ بِمَنْزِلَةِ (الصِّفَةِ) كَمَا أَنَّ الْحُكْمَ يُضَافُ إلَى الْعِلَّةِ دُونَ الْوَصْفِ (وَأَمَّا الشَّبَهُ) بِالسَّبَبِ (فَلِأَنَّهَا) أَيْ الْأُولَى (لَا تُوجِبُ) الْحُكْمَ (إلَّا بِوَاسِطَةٍ) بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ وَهِيَ الثَّانِيَةُ كَمَا أَنَّ السَّبَبَ كَذَلِكَ (وَحَقِيقَةُ هَذَا نَفْيُ الْعِلَّةِ) لِأَنَّ الْعِلَّةَ الْحَقِيقِيَّةَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى وَاسِطَةٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَعْلُولِ (مِثَالُ ذَلِكَ) أَيْ عِلَّةِ الْعِلَّةِ الشَّبِيهَةِ بِالسَّبَبِ (شِرَاءُ الْقَرِيبِ فَإِنَّمَا هُوَ عِلَّةٌ لِمِلْكِ الْعِلَّةِ لِلْعِتْقِ فَهُوَ) أَيْ شِرَاؤُهُ (عِلَّةُ الْعِلَّةِ) لِلْعِتْقِ (فَبَيْنَ الْعِلَّةِ اسْمًا وَمَعْنًى لَا حُكْمًا وَالْعِلَّةِ الَّتِي تُشْبِهُ الْأَسْبَابَ عُمُومٌ مِنْ وَجْهٍ لِصِدْقِهِمَا فِيمَا قَبْلَهُ) أَيْ قِسْمِ عِلَّةِ الْعِلَّةِ مِنْ النِّصَابِ وَمَا بَعْدَهُ (وَانْفِرَادِ) قِسْمِ الْعِلَّةِ (الْمُشَبَّهَةِ) بِالسَّبَبِ (فِي شِرَاءِ الْقَرِيبِ) فَإِنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ التَّرَاخِي لِيَصْدُقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ عِلَّةٌ اسْمًا وَمَعْنًى لَا حُكْمًا أَيْضًا (وَ) انْفِرَادُ (الْعِلَّةِ اسْمًا وَمَعْنًى لَا حُكْمًا فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ) الْخِيَارِ الشَّرْعِيِّ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا (وَالْمَوْقُوفُ وَإِلَى عِلَّةٍ مَعْنًى وَحُكْمًا كَآخِرِ) أَجْزَاءِ الْعِلَّةِ (الْمُرَكَّبَةِ) مِنْ وَصْفَيْنِ مُؤَثِّرَيْنِ مُتَرَتِّبَيْنِ فِي الْوُجُودِ لِوُجُودِ التَّأْثِيرِ وَالِاتِّصَالِ (لَا اسْمًا إذَا لَمْ يُضَفْ) الْحُكْمُ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى هَذَا الْجُزْءِ الْأَخِيرِ (فَقَطْ) بَلْ إنَّمَا يُضَافُ إلَى الْمَجْمُوعِ وَهَذَا قَوْلُ الْبَعْضِ وَمَشَى عَلَيْهِ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَمُوَافِقُوهُ وَذَهَبَ غَيْرُ وَاحِدٍ إلَى أَنَّ مَا عَدَا الْأَخِيرِ يَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ فِي حَقِّ ثُبُوتِ الْحُكْمِ وَيَصِيرُ الْحُكْمُ مُضَافًا إلَى الْجُزْءِ الْأَخِيرِ كَمَا فِي أَثْقَالِ السَّفِينَةِ وَالْقَدَحِ الْأَخِيرِ فِي السُّكْرِ وَعَزَاهُ فِي التَّلْوِيحِ إلَى الْمُحَقِّقِينَ.

قُلْت وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ عِلَّةً اسْمًا أَيْضًا.

فَإِنْ قُلْت لَا لِأَنَّ الشَّرْطَ فِي كَوْنِ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ الْحُكْمُ عِلَّةً اسْمًا أَنْ تَكُونَ إضَافَتُهُ إلَيْهِ بِلَا وَاسِطَةٍ وَالْحُكْمُ إنَّمَا يُضَافُ إلَى الْأَخِيرِ بِوَاسِطَةِ تَحْقِيقِ مَا قَبْلَهُ مَعَهُ.

قُلْت كَوْنُ الْحُكْمِ إنَّمَا يُضَافُ إلَى الْجُزْءِ الْأَخِيرِ بَعْدَ تَحَقُّقِ مَا قَبْلَهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مُسَلَّمٌ وَلَكِنْ لَيْسَ الشَّرْطُ فِي كَوْنِهِ عِلَّةً اسْمًا انْتِفَاءَ الْوَاسِطَةِ فِي إضَافَتِهِ إلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>