الْخِنْزِيرِ بِأَنَّهُ) أَيْ عَرَقَهُ (مُسْتَقْذَرٌ) كَاللُّعَابِ فَيَكُونُ نَجِسًا مِثْلَهُ (وَهُوَ) أَيْ الِاسْتِقْذَارُ (تَعْلِيلُ نَجَاسَةِ اللُّعَابِ بِهِ) أَيْ بِالِاسْتِقْذَارِ (وَهُوَ) أَيْ إثْبَاتُ نَجَاسَةِ الْعَرَقِ (قِيَاسٌ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى كَوْنِ اللُّعَابِ نَجِسًا (وَهُوَ) أَيْ الِاسْتِقْذَارُ (مُتَأَخِّرٌ عَنْهَا) أَيْ النَّجَاسَةِ (وَهُوَ) أَيْ تَأَخُّرُهُ عَنْهَا (غَيْرُ لَازِمٍ لِجَوَازِ الْمُقَارَنَةِ) أَيْ أَنْ يَثْبُتَا مَعًا (وَالْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ) مِثَالًا لِهَذَا (تَعْلِيلُ وِلَايَةِ الْأَبِ عَلَى الصَّغِيرِ الَّذِي عَرَضَ لَهُ الْجُنُونُ بِالْجُنُونِ) لِيَتَفَرَّعَ عَلَيْهِ إثْبَاتُ وِلَايَتِهِ عَلَى الْبَالِغِ الْمَجْنُونِ قِيَاسًا عَلَيْهِ (لِأَنَّ وِلَايَتَهُ) أَيْ الْأَبِ عَلَى الصَّغِيرِ ثَابِتَةٌ (قَبْلَهُ) أَيْ عُرُوضِ الْجُنُونِ لَهُ بِالصِّغَرِ (وَأَمَّا سَلْبُهَا) أَيْ وَأَمَّا التَّمْثِيلُ لَهُ كَمَا ذَكَرَ عَضُدُ الدِّينِ بِتَعْلِيلِ سَلْبِ الْوِلَايَةِ عَنْ الصِّغَرِ (بِعُرُوضِهِ) أَيْ الْجُنُونِ (لِلْوَلِيِّ فَعَكْسُ الْمُرَادِ) فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الْوِلَايَةَ كَانَتْ ثَابِتَةً لِلْوَلِيِّ عَلَى الصَّغِيرِ وَإِنَّمَا سَلَبَهَا عَنْهُ عُرُوضُ جُنُونِهِ وَلَيْسَ فِي هَذَا تَأَخُّرُ الْعِلَّةِ عَنْ حُكْمِ الْأَصْلِ بِلَا تَقَدُّمِهَا عَلَيْهِ فَيَسْتَقِيمُ أَنْ يَتَفَرَّعَ عَلَيْهِ سَلْبُ وِلَايَتِهِ عَنْ الْبَالِغِ الْمَجْنُونِ بِعِلَّةِ جُنُونِهِ نَفْسِهِ قِيَاسًا فَلَا جَرَمَ أَنْ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ فِي قَوْلِهِ لِلْوَلِيِّ أَيْ الَّذِي هُوَ الصَّغِيرُ وَهُوَ مِنْ بَابِ وَضْعِ الْمُظْهَرِ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى سَلْبَ الْوِلَايَةِ عَنْ الصَّغِيرِ بِالْجُنُونِ الْعَارِضِ لَهُ.
وَحُكْمُ الْأَصْلِ سَلْبُ الْوِلَايَةِ وَالْعِلَّةُ الْجُنُونُ وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ السَّلْبِ إذْ السَّلْبُ حَاصِلٌ قَبْلَ الْجُنُونِ بِعِلَّةِ الصِّغَرِ مَثَلًا قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُجْعَلَ سَلْبُ الْوِلَايَةِ عَنْ الْوَلِيِّ الَّذِي عَرَضَ لَهُ الْجُنُونُ كَالْأَبِ مَثَلًا فَرْعًا وَعَنْ الصَّغِيرِ الْمَجْنُونِ أَصْلًا وَالْجُنُونُ عِلَّةٌ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْأَصْلِ ثَابِتٌ قَبْلَهُ لِعِلَّةِ الصِّغَرِ وَالْمَعْنَى كَأَنْ يُعَلَّلَ سَلْبُ الْوِلَايَةِ عَنْ الصَّغِيرِ الْمَجْنُونِ بِالْجُنُونِ الَّذِي هُوَ عَارِضٌ فِي الْوَلِيِّ الْبَالِغِ الْمَقِيسِ عَلَى الصَّغِيرِ الْمَجْنُونِ وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ اعْلَمْ أَنَّ الصِّبَا وَالْجُنُونَ وَالرِّقَّ يَسْلُبُ وِلَايَةَ التَّزْوِيجِ اتِّفَاقًا وَيَنْقُلُهَا إلَى الْبَعِيدِ وَالْغَيْبَةَ الْبَعِيدَةَ لَا تَسْلُبُ الْوِلَايَةَ وَلَا تَنْقُلُهَا إلَى الْبَعِيدِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ بَلْ هِيَ ثَابِتَةٌ لَهُ وَالسُّلْطَانُ يَنُوبُ عَنْهُ فَقَاسَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ ثُبُوتَهَا لَهُ عَلَى سَلْبِهَا عَنْ الصَّغِيرِ وَالْعِلَّةُ فِي الْأَصْلِ عَدَمُ الْعَقْلِ وَفِي الْفَرْعِ الْعَقْلُ وَهُوَ أَيْضًا مِنْ قِيَاسِ الْعَكْسِ.
فَإِنْ عُلِّلَ حُكْمُ الْأَصْلِ بِالْجُنُونِ الْعَارِضِ لَهُ كَانَتْ الْعِلَّةُ مُتَأَخِّرَةً عَنْ حُكْمِ الْأَصْلِ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ مَسْلُوبَةٌ عَنْ الصَّغِيرِ قَبْلَ الْجُنُونِ الْعَارِضِ لَهُ (وَأَمَّا مَنْعُهُ) أَيْ تَأَخُّرِ الْعِلَّةِ عَنْ حُكْمِ الْأَصْلِ (إذَا قُدِّرَ) الْوَصْفُ الَّذِي هُوَ عِلَّةٌ (أَمَارَةً) عَلَى الْحُكْمِ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ (لِأَنَّهُ) أَيْ الْوَصْفَ الْمَذْكُورَ حِينَئِذٍ (تَعْرِيفُ الْمُعَرَّفِ) فَإِنَّ الْمَفْرُوضَ مَعْرِفَةُ الْحُكْمِ قَبْلَ هَذَا (فَلَا) يَصِحُّ (لِاجْتِمَاعِ الْأَمَارَاتِ) أَيْ لِجَوَازِ اجْتِمَاعِهَا (وَلَيْسَ تَعَاقُبُهَا) أَيْ الْأَمَارَاتِ (مَانِعًا) مِنْ اجْتِمَاعِهَا بَلْ هِيَ بِمَنْزِلَةِ الدَّلِيلِ الثَّانِي بَعْدَ الْأَوَّلِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ إنَّ الْمُعَرَّفَاتِ إذَا تَرَتَّبَتْ تَحْصُلُ الْمَعْرِفَةُ بِالْأَوَّلِ وَيَكُونُ الْمَقْصُودُ مِنْ الثَّانِي مَعْرِفَةَ جِهَةِ دَلَالَتِهِ لَا مَعْرِفَةَ الْمَدْلُولِ كَمَا بُيِّنَ فِي مَوْضِعِهِ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ حَاصِلٌ بِوَاحِدٍ مِنْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَأَنْ لَا يَعُودَ عَلَى أَصْلِهِ بِالْإِبْطَالِ) أَيْ وَمِنْ شُرُوطِ الْعِلَّةِ أَنْ لَا يَلْزَمَ مِنْ التَّعْلِيلِ بِهَا بُطْلَانُ حُكْمِ الْقِيَاسِ أَعْنِي حُكْمَ الْمَحَلِّ الْمُشَبَّهِ بِهِ الْمُعَلَّلُ بِهَا فَأَرَادَ بِالْأَصْلِ هُنَا الْحُكْمَ كَمَا هُوَ أَحَدُ اسْتِعْمَالَاتِهِ (فَتَبْطُلُ هِيَ) أَيْ تِلْكَ الْعِلَّةُ حِينَئِذٍ لِأَنَّ ذَلِكَ الْحُكْمَ أَصْلُهَا وَالْفَرْعُ يَبْطُلُ بِبُطْلَانِ أَصْلِهِ (مِثَالُهُ لِلشَّافِعِيَّةِ تَعْلِيلُ الْحَنَفِيَّةِ) مَا سَبَقَ تَخْرِيجُهُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «لَا تَبِيعُوا الطَّعَامَ بِالطَّعَامِ إلَّا سَوَاءً بِسَوَاءٍ» ) مَعَ أَنَّهُ (يَعُمُّ مَا لَا يُكَالُ قِلَّةً) لِعُمُومِ لَفْظِ الطَّعَامِ فَيَكُونُ مِنْ حُكْمِهِ حُرْمَةُ بَيْعِ بَعْضِهِ الْقَلِيلِ بِبَعْضِهِ الْقَلِيلِ مُتَفَاضِلًا (بِالْكَيْلِ) وَهَذَا هُوَ الْمُعَلَّلُ بِهِ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِتَعْلِيلٍ (فَخَرَجَ) بِهَذَا التَّعْلِيلِ مَا لَا يُكَالُ قِلَّةً فَيَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ حُرْمَةِ بَيْعِ بَعْضِهِ الْقَلِيلِ بِبَعْضِهِ الْقَلِيلِ مُتَفَاضِلًا فَيَبْطُلُ عُمُومُ حُكْمِ الْأَصْلِ «وَفِي أَرْبَعِينَ شَاةٍ شَاةٌ» ) أَيْ وَتَعْلِيلُ الْحَنَفِيَّةِ هَذَا النَّصَّ النَّبَوِيَّ السَّابِقَ تَخْرِيجُهُ فِي التَّأْوِيلَاتِ الْمَحْكِيَّةِ لِلشَّافِعِيَّةِ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ فِي ذَيْلِ التَّقْسِيمِ الثَّانِي لِلْمُفْرَدِ بِاعْتِبَارِ ظُهُورِ دَلَالَتِهِ الْمُفِيدَةِ ظَاهِرُهُ تَعْيِينُ الشَّاةِ (بِسَدِّ خُلَّةِ الْمُحْتَاجِ فَانْتَفَى وُجُوبُهَا) أَيْ عَيْنِ الشَّاةِ (إلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ قِيمَتِهَا) حِينَئِذٍ لِأَنَّ سَدَّ خُلَّتِهِ كَمَا يَكُونُ بِعَيْنِهَا يَكُونُ بِقِيمَتِهَا فَيَبْطُلُ حُكْمُ الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ تَعْيِينُ عَيْنِهَا (وَتَقَدَّمَ دَفْعُهُ) أَيْ هَذَا (فِي التَّأْوِيلَاتِ وَ) دَفْعُ (الْأَوَّلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute