فِي الِاسْتِثْنَاءِ) فَرَاجَعَهُمَا مِنْهُمَا (ثُمَّ الْمُرَادُ) مِنْ التَّعْلِيلِ بِالْكَيْلِ فِي مَسْأَلَةِ جَوَازِ بَيْعِ مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَهُ مُتَفَاضِلًا مِمَّا يُكَالُ (عَدَمُ الْكَيْلِ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ) فَلَيْسَ هُوَ حِينَئِذٍ بِمِثَالٍ مُطَابِقٍ.
(وَ) مِثَالُهُ (لِلْحَنَفِيَّةِ تَعْلِيلُ نَصِّ السَّلَمِ) السَّابِقِ فِي أَوَّلِ شُرُوطِ حُكْمِ الْأَصْلِ الْمُفِيدِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ إلَّا مُؤَجَّلًا خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ الْقَائِلِينَ بِجَوَازِهِ حَالًّا أَيْضًا (يَخْرُجُ إحْضَارُ السِّلْعَةِ) مَجْلِسَ الْعَقْدِ وَنَحْوُهُ (الْمُبْطِلُ لِأَجَلٍ مَعْلُومٍ) الْمَذْكُورُ فِي النَّصِّ فَلَا يَجُوزُ التَّعْلِيلُ بِهِ (وَأَمَّا الِافْتِتَاحُ بِنَحْوِ اللَّهُ أَعْظَمُ) أَوْ أَجَلُّ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (فَبِالنَّصِّ) وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: ٣] (إذْ التَّكْبِيرُ التَّعْظِيمُ) لَا بِتَعْلِيلٍ غَيْرِ حُكْمِ الْأَصْلِ كَمَا تَوَهَّمَهُ مَنْ تَوَهَّمَهُ وَقَوْلُهُ (وَتَقَدَّمَ) سَهْوٌ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ (وَمِنْهَا) أَيْ شُرُوطِ الْعِلَّةِ (أَنْ لَا تُخَالِفَ نَصًّا) أَيْ أَنْ لَا تَكُونَ نَاشِئَةً فِي الْفَرْعِ حُكْمًا يُخَالِفُ النَّصَّ ثُمَّ أَشَارَ إلَى مِثَالِهِ بِقَوْلِهِ (تَقَدَّمَ اشْتِرَاطُ التَّمْلِيكِ فِي طَعَامِ الْكَفَّارَةِ كَالْكِسْوَةِ) أَيْ قِيَاسُهُ عَلَى اشْتِرَاطِهِ فِيهَا (وَشَرْطُ الْأَيْمَانِ) فِي الرَّقَبَةِ الْمُحَرَّرَةِ كَفَّارَةٌ (فِي الْيَمِينِ كَالْقَتْلِ) أَيْ: قِيَاسًا عَلَى اشْتِرَاطِهِ فِي الرَّقَبَةِ الْمُحَرَّرَةِ كَفَّارَةً فِي الْقَتْلِ (يَبْطُلُ إطْلَاقُ نَصِّ الْإِطْعَامِ وَالرَّقَبَةِ) لِأَنَّ الْإِطْعَامَ أَعَمُّ مِنْ الْإِبَاحَةِ وَالتَّمْلِيكِ وَمُطْلَقُ الرَّقَبَةِ أَعَمُّ مِنْ الْمُؤْمِنَةِ وَالْكَافِرَةِ لَا يَجُوزُ كُلٌّ مِنْهُمَا وَالْأَوَّلُ تَقَدَّمَ فِي الشَّرْطِ الثَّانِي مِنْ شُرُوطِ الْفَرْعِ وَنِسْبَتُهُ إلَى الثَّانِي سَهْوٌ (أَوْ) أَنْ لَا تُخَالِفَ (إجْمَاعًا) أَيْ وَأَنْ لَا تَكُونَ نَاشِئَةً فِي الْفَرْعِ حُكْمًا يُخَالِفُ الْإِجْمَاعَ.
وَمِثَالُهُ (مَا مَرَّ مِنْ مَعْلُومِ الْإِلْغَاءِ) فَلَا تُقَاسُ صَلَاةُ الْمُسَافِرِ عَلَى صَوْمِهِ فِي عَدَمِ وُجُوبِ أَدَائِهِ عَلَيْهِ بِجَامِعِ السَّفَرِ الْمُوجِبِ لِلْمَشَقَّةِ فَإِنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ لِعَدَمِ وُجُوبِ أَدَاءِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ تُخَالِفُ الْإِجْمَاعَ عَلَى وُجُوبِ أَدَائِهَا عَلَيْهِ (وَأَنْ لَا تَكُونَ الْمُسْتَنْبَطَةُ بِمُعَارِضٍ فِي الْأَصْلِ) أَيْ وَمِنْ شُرُوطِ الْعِلَّةِ إذَا كَانَتْ مُسْتَنْبَطَةً أَنْ لَا تَكُونَ مُعَارَضَةً بِمُعَارِضٍ مَوْجُودٍ فِي الْأَصْلِ (أَيْ وَصْفٍ) مَوْجُودٍ فِيهِ (يَصِحُّ) لِلْعِلِّيَّةِ حَالَ كَوْنِهِ (غَيْرَ ثَابِتٍ فِي الْفَرْعِ) وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُعَارِضُ مُنَافِيًا لِمُقْتَضَاهَا بِنَاءً (عَلَى عَدَمِ) جَوَازِ (تَعَدُّدِ) الْعِلَلِ (الْمُسْتَقِلَّةِ لَا مَعَ جَوَازِهِ) أَيْ تَعَدُّدِهَا (إلَّا مَعَ عَدَمِ تَرْجِيحِهِ) أَيْ التَّعَدُّدِ (عَلَى التَّرْكِيبِ فِيهِ) أَيْ فِي مَحَلِّ الْمُعَارَضَةِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَيْضًا وَإِنْ قُلْنَا بِجَوَازِ تَعَدُّدِ الْعِلَلِ الْمُسْتَقِلَّةِ وَلَا سِيَّمَا إنْ كَانَ التَّرَكُّبُ فِيهِ رَاجِحًا.
وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُعَارِضُ مُنَافِيًا لِمُقْتَضَاهَا فَلَا رَيْبَ فِي اشْتِرَاطِ عَدَمِهِ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ اللَّهُمَّ إلَّا بِمُرَجِّحٍ لَهَا عَلَى الْمُعَارِضِ (وَمَا قِيلَ وَلَا) بِمُعَارِضٍ رَاجِحٍ أَوْ مُسَاوٍ (فِي الْفَرْعِ تَقَدَّمَ) فِي شُرُوطِ الْفَرْعِ وَأَنَّ حَقِيقَةَ هَذَا الشَّرْطِ أَنَّهُ شَرْطُ إثْبَاتِ الْحُكْمِ بِالْعِلَّةِ لَا شَرْطُ تَحَقُّقِهَا وَرَاجَعَ ثَمَّةَ (وَأَنْ لَا تُوجِبَ) الْمُسْتَنْبَطَةُ (زِيَادَةً فِي حُكْمِ الْأَصْلِ) لَمْ يُثْبِتْهَا النَّصُّ أَيْ وَمِنْ شُرُوطِ الْعِلَّةِ إذَا كَانَتْ مُسْتَنْبَطَةً هَذَا وَذَلِكَ (كَتَعْلِيلِ) حُرْمَةِ بَيْعِ الطَّعَامِ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا بِعِلَّةٍ مُسْتَنْبَطَةٍ مِنْ (حَدِيثِ الطَّعَامِ) الْمَذْكُورِ آنِفًا (بِأَنَّهُ رِبًا) فِيمَا يُوزَنُ كَمَا فِي النَّقْدَيْنِ (فَيَلْزَمُ التَّقَابُضُ) فِي الْمَجْلِسِ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ النَّقْدَانِ فَكَذَا فِي الْفَرْعِ وَهُوَ بَيْعُ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ احْتِرَازًا عَنْ شُبْهَةِ الْفَضْلِ لِمَا فِي النَّقْدِ مِنْ زِيَادَةٍ عَلَى السُّنَّةِ (وَلَيْسَ) لُزُومُ التَّقَابُضِ فِي الْمَجْلِسِ مَذْكُورًا (فِي نَصِّ الْأَصْلِ) الَّذِي اُسْتُنْبِطَتْ مِنْهُ الْعِلَّةُ (وَقِيلَ إنْ كَانَتْ) الزِّيَادَةُ (مُنَافِيَةً لَهُ) أَيْ لِحُكْمِ الْأَصْلِ اُشْتُرِطَ عَدَمُ إيجَابِ الْعِلَّةِ لَهَا إلَّا إذَا لَمْ تَكُنْ مُنَافِيَةً ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَهُوَ الْوَجْهُ) وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ لِأَنَّهُ نُسِخَ بِالِاجْتِهَادِ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ (وَيَرْجِعُ) هَذَا الشَّرْطُ حِينَئِذٍ (إلَى مَا يَبْطُلُ أَصْلُهُ) أَيْ إلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنْ لَا يَعُودَ عَلَى أَصْلِهِ بِالْإِبْطَالِ فَلَا فَائِدَةَ حِينَئِذٍ فِي تَكْرَارِهِ (وَإِلَّا) لَوْ لَمْ تَكُنْ مُنَافِيَةً (لَا مُوجِبَ) لِاشْتِرَاطِ عَدَمِ إيجَابِ الْعِلَّةِ لَهَا قُلْت وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ بِاتِّجَاهِ الْإِطْلَاقِ عَلَى أُصُولِ مَشَايِخِنَا فَإِنَّ الزِّيَادَةَ مُطْلَقًا عَلَى النَّصِّ نَسْخٌ عِنْدَهُمْ فَيَكُونُ نَسْخًا بِالِاجْتِهَادِ أَيْضًا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ مَنْصُوصَةً فَإِنَّهَا بِالنَّصِّ فَتَلْزَمُ الزِّيَادَةُ بِالنَّصِّ عَلَى النَّصِّ وَهُوَ جَائِزٌ بَعْدَ أَنْ كَانَا مُتَكَافِئَيْنِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ (وَأَنْ لَا يَكُونَ دَلِيلُهَا) أَيْ الْعِلَّةِ بِعُمُومِهِ أَوْ بِخُصُوصِهِ (مُتَنَاوِلًا حُكْمَ الْفَرْعِ) أَيْ وَمِنْ شُرُوطِ الْعِلَّةِ هَذَا أَيْضًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute