للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُفْهَمُ مِنْ غَيْرِهَا وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ الْغَيْرُ إذْ الْفَرْضُ فِيهِ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهَا قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ وَلَا يَخْفَى ضَعْفُ هَذَا فَإِنَّ وُجُودَ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ الْعِلِّيَّةُ لَا يَقْتَضِي عَدَمَ اشْتِرَاطِ أَمْرٍ آخَرَ لِصِحَّةِ الْعِلَّةِ وَاعْتِبَارِهَا فِي بَابِ الْقِيَاسِ.

(قِيلَ) أَيْ قَالَ الْقَاضِي عَضُدُ الدِّينِ (وَإِنَّمَا يَصِحُّ) عَدَمُ اشْتِرَاطِهَا (إذَا أُرِيدَ بِالْمُنَاسَبَةِ ظُهُورُهَا) عِنْدَ النُّظَّارِ (وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْهَا) أَيْ الْمُنَاسَبَةِ (فِي الْعِلَّةِ الْبَاعِثَةِ) وَإِلَّا فَلَا يَتَحَقَّقُ بِهَا (بِخِلَافِ الْأَمَارَةِ الْمُجَرَّدَةِ) عَنْ الْمُنَاسَبَةِ قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا) أَيْ الْعِلَّةَ (عُلِمَتْ مِنْ إيمَاءِ النَّصِّ فَكَيْفَ يَفْصِلُ إلَى أَنْ تُعْلَمَ بِالْمُنَاسَبَةِ يَعْنِي فَقَطْ فَيُشْتَرَطُ) الْمُنَاسَبَةُ (أَوْ) تُعْلَمَ (لَا بِهَا) أَيْ الْمُنَاسَبَةِ (فَلَا) تُشْتَرَطُ الْمُنَاسَبَةُ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ آنِفًا أَنَّهُ تَجِبُ الْمُنَاسَبَةُ فِي الْوَصْفِ الْمُومَأ إلَيْهِ مِنْ الشَّارِعِ دُونَ غَيْرِهِ وَذَكَرْنَا أَنَّ السُّبْكِيَّ عَزَاهُ مِنْ الشَّارِعِ إلَى الْفُقَهَاءِ دُونَ الْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَأَنَّ قَوْلَ الْفُقَهَاءِ أَوْجَهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَ) الْمَسْلَكُ (الرَّابِعُ السَّبْرُ وَالتَّقْسِيمُ حَصْرُ الْأَوْصَافِ) الْمَوْجُودَةِ فِي الْأَصْلِ الصَّالِحَةِ لِلْعِلِّيَّةِ ظَاهِرًا فِي عَدَدٍ (وَيَكْفِي) الْمُسْتَدِلُّ الْمُنَاظِرُ فِي حَصْرِهَا الْمُتَأَهِّلُ لِلنَّظَرِ بِأَنْ كَانَتْ مَدَارِكُ الْمَعْرِفَةِ بِوُجُودِ ذَلِكَ الْوَصْفِ مُتَحَقِّقَةً عِنْدَهُ مِنْ الْحِسِّ وَالْعَقْلِ وَكَانَ عَدْلًا ثِقَةً صَادِقًا غَالِبًا فِيمَا يَقُولُهُ (عِنْدَ مَنْعِهِ) أَيْ حَصْرِهَا مِنْ الْمُعْتَرِضِ أَنْ يَقُولَ (بَحَثْت فَلَمْ أَجِدْ) مَا يَصْلُحُ لِلْعَلِيَّةِ غَيْرَهَا وَيُصَدَّقُ فِيهِ لِأَنَّ عَدَالَتَهُ وَأَهْلِيَّتَهُ لِلنَّظَرِ مِمَّا يُغَلِّبُ ظَنَّ عَدَمِ غَيْرِهَا لِأَنَّ الْأَوْصَافَ الْعَقْلِيَّةَ وَالشَّرْعِيَّةَ مِمَّا لَوْ كَانَتْ لَمَا خَفِيَتْ عَلَى الْبَاحِثِ عَنْهَا (أَوْ) يَقُولُ (الْأَصْلُ الْعَدَمُ) أَيْ عَدَمُ غَيْرِ الْأَوْصَافِ الَّتِي وَجَدْتهَا فَلَا نُثْبِتُ وُجُودَ غَيْرِهَا إلَّا بِدَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ فَإِنَّ بِذَلِكَ يَحْصُلُ الظَّنُّ الْمَقْصُودُ فِي إثْبَاتِ عِلِّيَّةِ أَحَدِهِمَا أَيْضًا فَيَنْدَفِعُ بِأَحَدِ هَذَيْنِ عِنْدَ مَنْعِ الْحَصْرِ (ثُمَّ حَذْفُ بَعْضِهَا) أَيْ الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ وَهُوَ مَا سِوَى أَنَّ الْمُدَّعَى عِلَّةٌ لِعَدَمِ صَلَاحِهِ لَهَا حَقِيقَةً وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى حَصْرٍ (فَيَتَعَيَّنُ الْبَاقِي) بَعْدَ الْحَذْفِ لِلْعِلِّيَّةِ فَظَهَرَ أَنَّ السَّبْرَ اخْتِبَارُ الْوَصْفِ هَلْ يَصْلُحُ لِلْعِلِّيَّةِ أَوْ لَا وَالتَّقْسِيمُ هُوَ أَنَّ الْعِلَّةَ إمَّا كَذَا وَإِمَّا كَذَا فَقَدْ كَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يُقَدَّمَ التَّقْسِيمَ فِي اللَّفْظِ لِكَوْنِهِ مُتَقَدِّمًا فِي الْخَارِجِ إلَّا أَنَّ اللَّقَبَ لِهَذَا الْمَسْلَكِ عِنْدَهُمْ هَكَذَا وَقَعَ كَمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ.

(تَنْبِيهٌ) وَقَدْ يَتَّفِقُ الْمُتَنَاظِرَانِ عَلَى إبْطَالِ عِلِّيَّةِ مَا عَدَا وَصْفَيْنِ مِنْ أَوْصَافِ الْعِلَّةِ وَيَخْتَلِفَانِ فِي أَيِّهِمَا الْعِلَّةُ فَيَكْفِي الْمُسْتَدِلُّ التَّرْدِيدَ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى ضَمِّ مَا عَدَاهُمَا إلَيْهِمَا فَنَقُولُ الْعِلَّةُ إمَّا ذَا أَوْ ذَاكَ لَا جَائِزَ أَنْ يَكُونَ ذَاكَ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ ذَا (وَلَوْ أَبْدَى) الْمُعْتَرِضُ وَصْفًا (آخَرَ) لَمْ يُكَلَّفْ بَيَانَ صَلَاحِيَّتِهِ لِلتَّعْلِيلِ لِأَنَّ بُطْلَانَ الْحَصْرِ بِإِبْدَائِهِ كَافٍ فِي الِاعْتِرَاضِ وَهَلْ يَنْقَطِعُ الْمُسْتَدِلُّ (فَالْمُخْتَارُ لَا يَنْقَطِعُ) الْمُسْتَدِلُّ بَلْ عَلَيْهِ دَفْعُهُ بِإِبْطَالِ التَّعْلِيلِ بِهِ (إلَّا إنْ لَمْ يُبْطِلْهُ) أَيْ الْمُسْتَدِلُّ كَوْنَ الْوَصْفِ الْمُبْدَى عِلَّةً فَإِنَّ عَجْزَهُ عَنْ إبْطَالِهِ انْقِطَاعٌ لَهُ وَإِنَّمَا قُلْنَا لَا يَنْقَطِعُ بِمُجَرَّدِ الْمَنْعِ (لِأَنَّهُ) أَيْ الْمُسْتَدِلَّ (لَمْ يَدَّعِ الْحَصْرَ قَطْعًا) بَلْ ظَنًّا وَلِهَذَا يَكْفِيهِ كَمَا سَيَذْكُرُ أَنْ يَقُولَ مَا وَجَدْت بَعْدَ الْفَحْصِ غَيْرَ هَذَا الْوَصْفِ أَوْ ظَنَنْت عَدَمَ هَذَا الْوَصْفِ وَيَصْدُقُ فِيهِ فَيَكُونُ كَالْمُجْتَهِدِ إذَا ظَهَرَ لَهُ مَا كَانَ خَافِيًا فَإِنَّهُ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ إذْ الْمُنَاظِرُ تِلْوَ النَّاظِرِ وَلَا مَعْنَى لِلْمُنَاظَرَةِ إلَّا إظْهَارُ مَأْخَذِ الْحُكْمِ فَإِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَيْسَ الْعِلَّةُ إلَّا الْوَصْفَ الْفُلَانِيَّ يَجِبُ إتْبَاعُ الظَّنِّ ثُمَّ غَايَةُ إبْدَاءِ الْمُعْتَرِضِ وَصْفًا آخَرَ مَنَعَ مُقَدِّمَةً مِنْ مُقَدَّمَاتِ دَلِيلِهِ وَمُقْتَضَى الْمَنْعِ لُزُومُ الدَّلَالَةِ لِلْمُسْتَدِلِّ عَلَى تِلْكَ الْمُقَدِّمَةِ لَا الِانْقِطَاعُ وَإِلَّا كَانَ كُلُّ مَنْعٍ قَطْعًا وَالِاتِّفَاقُ عَلَى خِلَافِهِ.

(وَيَكْفِيهِ) أَيْ الْمُسْتَدِلُّ إذَا مَنَعَ الْمُعْتَرِضُ الْحَصْرَ بِإِبْدَاءِ وَصْفٍ آخَرَ وَأَبْطَلَهُ أَنْ يَقُولَ (عَلِمْته وَلَمْ أُدْخِلْهُ) فِي حَصْرِي (لِعَدَمِ صَلَاحِيَّتِهِ) لِلْعِلِّيَّةِ بِالضَّرُورَةِ فَلَا يَحْتَاجُ فِي إبْطَالِ عِلِّيَّتِهِ إلَى دَلِيلٍ وَإِذَا أَبْطَلَ الْمُسْتَدِلُّ الْوَصْفَ الْمُظْهَرَ فَقَدْ سَلِمَ حَصْرُهُ الْمَذْكُورُ فَلَمْ يَنْقَطِعْ بَلْ يَنْقَطِعُ الْمُعْتَرِضُ وَقِيلَ يَنْقَطِعُ الْمُسْتَدِلُّ بِمُجَرَّدِ إبْدَاءِ الْمُعْتَرِضِ وَصْفًا زَائِدًا عَلَى الْحَصْرِ لِأَنَّهُ ادَّعَى حَصْرًا ظَهَرَ بُطْلَانُهُ وَقَدْ عَرَفْت جَوَابَهُ وَقَالَ السُّبْكِيُّ وَعِنْدِي أَنَّهُ يَنْقَطِعُ إنْ كَانَ مَا اُعْتُرِضَ بِهِ مُسَاوِيًا فِي الْعِلِّيَّةِ لِمَا ذَكَرَهُ فِي حَصْرِهِ وَأَبْطَلَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ ذِكْرُ الْمَذْكُورِ وَإِبْطَالُهُ أَوْلَى مِنْ ذِكْرِ الْمَسْكُوتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>