للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَدِلِّ بَيَانُ الْمُنَاسَبَةِ فِي جَوَابِهِ لِمَا يُذْكَرُ فَتَعَيَّنَ الْقَوْلُ بِالتَّعَارُضِ.

(وَوَجَبَ التَّرْجِيحُ) عَلَى الْمُسْتَدِلِّ لِوَصْفِهِ الْحَاصِلِ مِنْ سَبْرِهِ عَلَى الْوَصْفِ الْحَاصِلِ مِنْ سَبْرِ الْمُعْتَرِضِ وَإِنَّمَا لَمْ يُوجَبُ عَلَى الْمُعَلِّلِ بَيَانُ الْمُنَاسَبَةِ (إذْ لَوْ أَوْجَبْنَا بَيَانَهَا عَلَى الْمُعَلِّلِ انْتَقَلَ) مِنْ طَرِيقِ السَّبْرِ (إلَى الْإِخَالَةِ) إذْ هِيَ تَعْيِينُ الْعِلَّةِ بِإِبْدَاءِ الْمُنَاسَبَةِ وَهُوَ انْقِطَاعٌ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الِانْتِشَارِ الْمَحْذُورِ قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَقَدْ يُقَالُ لَمَّا اخْتَلَفَ حَالُهُ) أَيْ الْمُعَلِّلِ (بِحَقِيقَةِ الْمُعَارَضَةِ) مِنْ الْمُعْتَرِضِ (فَكَأَنَّهُ) أَيْ التَّعْلِيلَ (ابْتِدَاءٌ) فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ (مَعَ أَنَّهَا) أَيْ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ أَعْنِي كَوْنَهُ مَمْنُوعًا مِنْ الِانْتِقَالِ مِنْ السَّبْرِ إلَى الْإِخَالَةِ حَتَّى كَانَ بِالِانْتِقَالِ مُنْقَطِعًا فِي عُرْفِهِمْ طَرِيقَةٌ (تَحْسِينِيَّةٌ) مِنْهُمْ كَيْ لَا يَخْلُوَ الْمَجْلِسُ عَنْ الْمَقْصُودِ وَإِلَّا فَفِي الْعَقْلِ لَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ مِنْ طَرِيقٍ إلَى آخَرَ وَهَلُمَّ جَرًّا إذَا لَمْ يَثْبُتْ مَا عَيَّنَهُ حَتَّى يَعْجِزَ عَنْ إثْبَاتِهِ وَإِنَّمَا الِانْقِطَاعُ بِدَلِيلِ الْعَجْزِ كَمَا سَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ فِي فَصْلِ الْأُسُولَةِ.

(وَلَهُ) أَيْ الْمُعَلِّلِ التَّرْجِيحُ لِلْوَصْفِ الْحَاصِلِ مِنْ سَبْرِهِ (بِالتَّعَدِّي وَكَثْرَةِ الْفَائِدَةِ) فَيَقُولُ: سَبْرِي مُوَافِقٌ لِلتَّعْدِيَةِ فَإِنَّ الْوَصْفَ الَّذِي اسْتَبْقَيْته بِسَبْرِي مُتَعَدٍّ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ وَسَبْرُك مُوَافِقٌ لِعَدَمِ التَّعْدِيَةِ فَيَكُونُ وَصْفُك قَاصِرًا وَمَا يُوَافِقُ التَّعْدِيَةَ رَاجِحٌ إمَّا لِعُمُومِ الْحُكْمِ وَكَثْرَةِ الْفَائِدَةِ وَإِمَّا لِكَوْنِهِ مُجْمَعًا عَلَيْهِ وَالْقَاصِرُ مُخْتَلِفًا فِيهِ أَوْ لِجَمِيعِ ذَلِكَ.

(فَإِنْ قُلْت عُلِمَ بِمَا ذُكِرَ) فِي هَذَا الطَّرِيقِ (اشْتِرَاطُ مُنَاسَبَتِهِ) أَيْ الْوَصْفِ الْمُسْتَبْقَى (فَلَمْ لَمْ تَتَّفِقْ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى قَبُولِهِ قُلْنَا يَجِبُ عَلَى أُصُولِهِمْ نَفْيُهُ) أَيْ نَفْيُ قَبُولِهِ (وَإِنْ رَضِيَهُ الْجَصَّاصُ وَالْمَرْغِنَانِيّ) مِنْهُمْ (لِأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ نَفْيِ غَيْرِهِ) أَيْ حَذْفِهِ (لَمْ يَثْبُتْ اعْتِبَارُهُ بِظُهُورِ التَّأْثِيرِ وَالْمُلَاءَمَةِ) فَظُهُورُ ذَلِكَ شَرْطٌ فِي كَوْنِهِ عِلَّةً عِنْدَهُمْ نَعَمْ كَمَا فِي شَرْحِ الْبَدِيعِ لِسِرَاجِ الدِّينِ الْهِنْدِيِّ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ الْحَصْرُ وَالْإِبْطَالُ لِلْبَعْضِ بِالنَّصِّ أَوْ الْإِجْمَاعِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ مَقْبُولًا عِنْدَنَا أَيْضًا لَكِنْ مِثْلُ هَذَا يَكُونُ إثْبَاتًا لِلْعِلِّيَّةِ بِالنَّصِّ أَوْ الْإِجْمَاعِ فِي الْحَقِيقَةِ دُونَ السَّبْرِ وَالتَّقْسِيمِ فَيَرْجِعَانِ إلَيْهِمَا (فَلِذَا) أَيْ عَدَمُ ثُبُوتِ اعْتِبَارِهِ بِهَذَا الطَّرِيقِ (رَدَّهُ) أَيْ رَجَّعَهُ (مَنْ قَبِلَهُ مِنْ مُتَأَخِّرِيهِمْ) وَهُوَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ (إلَى النَّصِّ أَوْ الْإِجْمَاعِ قَالَ) هَذَا الْمُتَأَخِّرُ (أَوْ الْمُنَاسَبَةُ) قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَفِيهِ) أَيْ رَدِّهِ إلَيْهِ (نَظَرٌ إذْ تَبَيَّنَ أَنَّهَا) أَيْ الْمُنَاسَبَةَ (لَا تَسْتَلْزِمُ التَّأْثِيرَ وَشَرْطُهُ) أَيْ التَّأْخِيرِ (فِي بَيَانِ الْحَصْرِ أَنْ يَثْبُتَ عَدَمُ عِلِّيَّةِ غَيْرِ الْمُسْتَبْقَى بِالْإِجْمَاعِ، أَوْ النَّصُّ لَا يُوجِبُ كَوْنَهَا) أَيْ عِلِّيَّةِ الْمُسْتَبْقَى (ثَابِتَةً بِالْإِجْمَاعِ إلَّا مَعَ الْقَطْعِ بِالْحَذْفِ وَالْحَصْرِ وَلَيْسَ) الْقَطْعُ بِهِمَا (بِلَازِمٍ لِلشَّافِعِيَّةِ بَلْ رُتْبَتُهُ) أَيْ ثُبُوتُ الْعِلِّيَّةِ لِلْمُسْتَبْقَى (الْإِخَالَةُ فَالْخِلَافُ فِيهِ) أَيْ فِي ثُبُوتِهَا بِهَا (ثَابِتٌ) فِي ثُبُوتِهَا بِالسَّبْرِ وَالتَّقْسِيمِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

(وَ) الْمَسْلَكُ (الْخَامِسُ الدَّوَرَانُ) وَيُسَمَّى الطَّرْدُ وَالْعَكْسُ (نَفَاهُ) أَيْ كَوْنَهُ مَسْلَكًا مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ (الْحَنَفِيَّةُ وَمُحَقِّقُو الْأَشَاعِرَةِ) كَابْنِ السَّمْعَانِيِّ وَالْغَزَالِيُّ وَالْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ (وَالْأَكْثَرُ نَعَمْ) هُوَ مَسْلَكٌ مِنْ مَسَالِكِهَا.

(ثُمَّ قِيلَ يُفِيدُ ظَنًّا) وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ الرَّازِيّ وَأَتْبَاعِهِ وَشُغِفَ بِهِ عِرَاقِيُّو الشَّافِعِيَّةِ عَلَى مَا ذَكَرَ السُّبْكِيُّ وَاخْتَارَهُ وَقَالَ وِفَاقًا لِلْأَكْثَرِ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْجَدَلِيِّينَ.

(وَقِيلَ قَطْعًا) وَهُوَ مَعْزُوٌّ إلَى بَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَأَنَا أَقُولُ لَعَلَّ مَنْ ادَّعَى الْقَطْعَ فِيهِ مِمَّنْ يَشْتَرِطُ ظُهُورَ الْمُنَاسَبَةِ فِي قِيَاسِ الْعِلَلِ مُطْلَقًا وَلَا يَكْتَفِي بِالسَّبْرِ وَلَا بِالدَّوَرَانِ بِمُجَرَّدِهِ عَلَى ذَلِكَ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا فَإِذَا انْضَمَّ الدَّوَرَانُ إلَى هَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ رُقِّيَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ إلَى الْيَقِينِ وَإِلَّا فَأَيُّ وَجْهٍ لِتَخَيُّلِ الْقَطْعِ فِي مُجَرَّدِ الدَّوْرَانِ انْتَهَى (وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ لِاعْتِبَارِهِ) أَيْ الدَّوَرَانِ (قِيَامَ النَّصِّ فِي حَالَيْ وُجُودِ الْوَصْفِ وَعَدَمِهِ) وَلَا حُكْمَ لِلنَّصِّ بِأَنْ يُضَافَ الْحُكْمُ إلَيْهِ بَلْ إلَى الْوَصْفِ لِيُعْلَمَ أَنَّ الْحُكْمَ لِوُجُودِ عِلَّةِ النَّصِّ لَا لِصُورَةِ النَّصِّ (كَالْوُضُوءِ وَجَبَ لِلْقِيَامِ) إلَى الصَّلَاةِ حَالَ كَوْنِ الْقَائِمِ (مُحْدِثًا وَلَمْ يَجِبْ) الْوُضُوءُ (لَهُ) أَيْ لِلْقِيَامِ (دُونَهُ) أَيْ الْحَدَثِ أَيْ قَالُوا كَوُجُوبِ الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ مُعَلَّلٌ بِالْحَدَثِ وَقَدْ دَارَ مَعَهُ وُجُودًا وَعَدَمًا فَإِنَّهُ وَاجِبٌ عِنْدَ الْحَدَثِ بِلَا قِيَامٍ إلَى الصَّلَاةِ وَغَيْرُ وَاجِبٍ عِنْدَ الْقِيَامِ إلَيْهَا بِلَا حَدَثٍ وَالنَّصُّ مَوْجُودٌ فِي حَالِ وُجُودِ الْحَدَثِ وَحَالِ عَدَمِهِ وَلَا حُكْمَ لِلنَّصِّ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>