الْمُتَضَايِفَيْنِ وَغَيْرِهِمَا (لِمَانِعٍ) مِنْ الْعِلِّيَّةِ (كَمَا تَبَيَّنَ) قَرِيبًا وَنُنَبِّهُك عَلَيْهِ وَالتَّخَلُّفُ لِمَانِعٍ غَيْرُ قَادِحٍ (فَلَا يَنْفِي) انْتِفَاؤُهَا لِمَانِعٍ (ظَنَّهَا) أَيْ الْعِلَّةِ (إذَا تَجَرَّدَ) الدَّوَرَانُ (عَنْهُ) أَيْ الْمَانِعِ (وَالْكَلَامُ فِيهِ) أَيْ فِي الدَّوَرَانِ إذَا تَجَرَّدَ عَنْ الْمَانِعِ وَقَالَ (الْغَزَالِيُّ) مَنْ نَفَى كَوْنَ الدَّوَرَانِ مَسْلَكًا صَحِيحًا مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ الْمُفِيدِ لِعِلِّيَّةِ الْوَصْفِ إذَا فُرِضَتْ إفَادَةُ الدَّوَرَانِ لَهُ إمَّا الِاطِّرَادُ فَقَطْ أَوْ مَعَ الْعَكْسِ وَكِلَاهُمَا بَاطِلٌ إذْ (الِاطِّرَادُ عَدَمُ النَّقْضِ) إذْ حَاصِلُ الِاطِّرَادِ أَنْ لَا يُوجَدَ الْوَصْفُ فِي صُورَةٍ بِدُونِ الْحُكْمِ وَوُجُودُهُ بِدُونِ الْحُكْمِ هُوَ النَّقْضُ إذْ مَعْنَاهُ إظْهَارُ الْوَصْفِ بِدُونِ الْحُكْمِ وَالنَّقْضُ أَحَدُ مُفْسِدَاتِ الْعِلَّةِ وَالسَّلَامَةُ عَنْ مُفْسِدٍ وَاحِدٍ لَا تُوجِبُ انْتِفَاءَ كُلِّ مُفْسِدٍ وَلَا يَنْتَفِي الْفَسَادُ عَلَى الْإِطْلَاقِ إلَّا بِانْتِفَاءِ كُلِّ مُفْسِدٍ عَلَى أَنَّ انْتِفَاءَ كُلِّ مُفْسِدٍ لَا يَكْفِي فِي صِحَّةِ الْعِلِّيَّةِ إذْ عَدَمُ الْمَانِعِ وَحْدَهُ لَا يَصْلُحُ عِلَّةً مُقْتَضِيَةً فَلَا بُدَّ لِصِحَّتِهَا مِنْ مُقْتَضٍ لَهَا (فَأَيْنَ الْمُقْتَضِي لِلْعِلِّيَّةِ أَوَّلًا. وَأَمَّا الِانْعِكَاسُ فَلَيْسَ شَرْطًا لَهَا)
أَيْ الْعِلَّةِ (وَلَا لَازِمًا) لَهَا (أُجِيبَ الْمُدَّعِي) وَهُوَ الْعِلِّيَّةُ ثَابِتٌ (بِالْمَجْمُوعِ) مِنْ الِاطِّرَادِ وَالِانْعِكَاسِ (لَا بِبَعْضِهِ) أَيْ الِاطِّرَادِ وَالِانْعِكَاسِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ إفَادَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا الْعِلِّيَّةَ عَدَمُ إفَادَتِهِمَا إذْ قَدْ يَكُونُ لِلْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ مِنْ الْأَثَرِ مَا لَا يَكُونُ لِكُلِّ جُزْءٍ كَمَا فِي أَجْزَاءِ الْعِلَّةِ الْمُرَكَّبَةِ ثُمَّ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ بَعْضِ الْعِلَلِ مُطَّرِدَةً مُنْعَكِسَةً اشْتِرَاطُ الِانْعِكَاسِ فِي الْعِلَّةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ غَايَتُهُ أَنَّ الْعِلَّةَ الَّتِي مَسْلَكُهَا الطَّرْدُ وَالْعَكْسُ تَكُونُ مَشْرُوطَةً بِذَلِكَ وَلَا فَسَادَ فِيهِ (الْقَاطِعُونَ) أَيْ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الدَّوَرَانَ يُفِيدُ الْعِلِّيَّةَ قَطْعًا قَالُوا (إذَا وَقَعَ الدَّوَرَانُ وَعُلِمَ انْتِفَاءُ مَانِعِ الْمَعِيَّةِ فِي التَّضَايُفِ) لِأَنَّ الْمُتَضَايِفَيْنِ يُوجَدَانِ مَعًا (وَ) انْتِفَاءُ مَانِعٍ (عُدِمَ التَّأْثِيرُ) أَيْ الْقَطْعُ بِعَدَمِ التَّأْثِيرِ (كَالشَّرْطِ الْمُسَاوِي) أَيْ كَعِلِّيَّةِ الشَّرْطِ الْمُسَاوِي لِمَشْرُوطِهِ وَقُيِّدَ بِهِ لِيَتَحَقَّقَ الطَّرْدُ أَعْنِي الدَّوَرَانَ وُجُودًا وَعَدَمًا إذْ مَعَ الْأَعَمِّ لَا يَلْزَمُ وُجُودُ الْمَشْرُوطِ (وَ) انْتِفَاءُ مَانِعِ (التَّأْخِيرِ فِي الْمَعْلُولِيَّةِ) إذْ شَرْطُ الْمَعْلُولِ التَّأَخُّرُ عَنْ عِلَّتِهِ وَهَذَا مَا وَعَدَ بِبَيَانِهِ (قَطَعَ بِهَا) أَيْ بِالْعِلِّيَّةِ (لِلْعَادَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ) أَيْ لِقَطْعِهَا (فِيمَنْ تَكَرَّرَ دَوَرَانُ غَضَبِهِ عَنْ اسْمٍ) إذَا ذُكِرَ لَهُ وَعُدِمَ غَضَبُهُ إذَا لَمْ يُذْكَرْ لَهُ أَنَّ سَبَبَ غَضَبِهِ ذِكْرُ ذَلِكَ الِاسْمِ (حَتَّى عَلِمَهُ مَنْ لَا أَهْلِيَّةَ فِيهِ لِلنَّظَرِ كَالصِّبْيَانِ) حَتَّى إذَا قَصَدُوا إغْضَابَهُ اتَّبَعُوهُ فِي الطُّرُقِ وَدَعَوْهُ بِهِ.
(أُجِيبَ بِأَنَّ النِّزَاعَ) إنَّمَا هُوَ (فِي حُصُولِ الْعِلْمِ بِمُجَرَّدِهِ) وَذَلِكَ فِيمَا ذَكَرْتُمْ مِنْ الْمِثَالِ مَمْنُوعٌ بَلْ غَايَتُهُ حُصُولُ الظَّنِّ عِنْدَهُ (وَالظَّنُّ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الدَّوَرَانِ إنَّمَا هُوَ (مَعَ غَيْرِهِ مِنْ التَّكَرُّرِ لَا) أَنَّ الظَّنَّ عِنْدَ الدَّوَرَانِ مَعَ (عَدَمِهِ) أَيْ الْغَيْرِ (بِعَدَمِ وُجْدَانِهِ) أَيْ الْغَيْرِ (مَعَ الْبَحْثِ عَنْهُ) أَيْ الْغَيْرِ (فَضْلًا عَنْ الْعِلْمِ) فَلَا يُفِيدُ بِمُجَرَّدِهِ عِلْمًا وَلَا ظَنًّا وَقَدْ انْدَرَجَ فِي هَذَا دَلِيلُ الظَّنِّ وَجَوَابُهُ (وَدُفِعَ) هَذَا (بِأَنَّهُ) أَيْ إنْكَارُ حُصُولِ الْعِلْمِ بِهِ فَضْلًا عَنْ الظَّنِّ (إنْكَارٌ لِلضَّرُورِيَّاتِ وَقَدْحٌ فِي التَّجْرِيبِيَّاتِ فَإِنَّ الْأَطْفَالَ يَقْطَعُونَ بِهِ) أَيْ بِكَوْنِهِ مُفِيدًا لِلْعِلِّيَّةِ (بِلَا أَهْلِيَّةِ اسْتِدْلَالٍ) بِالْبَحْثِ وَالْأَصْلِ وَنَحْوِهِمَا وَلَوْلَا أَنَّهُ ضَرُورِيٌّ لَمَا عَلِمُوهُ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ إلَّا الضَّرُورِيَّاتِ بَلْ وَأَهْلُ النَّظَرِ كَالْمُجْمِعِينَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى كَادَ يَجْرِي مَجْرَى الْمَثَلِ أَنَّ دَوَرَانَ الشَّيْءِ مَعَ الشَّيْءِ أَنَّهُ كَوْنُ الْمَدَارِ عِلَّةَ الدَّائِرِ (وَيُجَابُ بِأَنَّ مِثْلَهُ) أَيْ الدَّوَرَانِ (يَصْلُحُ لِإِثْبَاتِ الْعِلِّيَّةِ لِغَيْرِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى الْمَصَالِحِ) وَهُوَ فِي الْعَقْلِيَّاتِ لِأَنَّهَا لَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الطَّرْدُ وَالْعَكْسُ فِيهَا دَلِيلًا عَلَى الْعِلَّةِ (أَمَّا هِيَ) أَيْ الْأَحْكَامُ الْمَبْنِيَّةُ عَلَى مَصَالِحِ الْعِبَادِ الْجَائِزِ اخْتِلَافُهَا بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ وَاخْتِلَافِ أَحْوَالِهِمْ (فَلَا بُدَّ فِي بَيَانِ عِلَلِهَا مِنْ مُنَاسَبَةٍ أَوْ اعْتِبَارٍ مِنْ الشَّارِعِ إذْ فِي الْقَوْلِ) بِإِثْبَاتِ الْعِلَّةِ (بِالطَّرْدِ فَتْحُ بَابِ الْجَهْلِ) لِأَنَّ نِهَايَةَ الطَّرْدِ الْجَهْلُ بِوُجُودِ الْمُعَارِضِ وَالْمُنَاقِضِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَقُولَ لَيْسَ لِهَذَا الْوَصْفِ مُعَارِضٌ وَلَا مُنَاقِضٌ أَصْلًا بَلْ غَايَةُ أَمْرِهِ أَنْ يَقُولَ مَا وَجَدْت لَهُ مُعَارِضًا وَلَا مُنَاقِضًا لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الطَّرْدُ فِي جَمِيعِ الْأُصُولِ.
(وَ) فَتْحُ بَابِ (التَّصَرُّفِ فِي الشَّرْعِ) بِالرَّأْيِ فِي الْقَوَاطِعِ وَإِذَا انْتَهَى التَّصَرُّفُ فِي الشَّرْعِ إلَى هَذَا الْمُنْتَهَى كَانَ ذَلِكَ اسْتِهْزَاءً بِقَوَاعِدِ الدِّينِ وَتَطْرِيقًا لِكُلِّ قَائِلٍ أَنْ يَقُولَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute