للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ الْحُكْمُ عِلَّةٌ لِلْحُكْمِ (وَيُطْلَقُ عَلَيْهِ سَبَبٌ مَجَازًا كَالْبَيْعِ لِلْمِلْكِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) ذَلِكَ الْحُكْمُ (الْغَرَضُ مِنْ وَضْعِهِ كَالشِّرَاءِ لِمِلْكِ الْمُتْعَةِ لَا يُعْقَلُ تَأْثِيرُهُ) أَيْ لَفْظِ الشِّرَاءِ فِي مِلْكِ الْمُتْعَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي (وَلَيْسَ) مِلْكُ الْمُتْعَةِ (الْغَرَضَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الشِّرَاءِ (بَلْ) الْغَرَضُ مِنْ الشِّرَاءِ (مِلْكُ الرَّقَبَةِ فَسَبَبُهُ) أَيْ فَذَلِكَ سَبَبُ الْحُكْمِ لِأَنَّهُ مُفْضٍ إلَيْهِ (وَإِنْ عَقَلَ تَأْثِيرَهُ) أَيْ تَأْثِيرَ مَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ فِي الْحُكْمِ (خَصَّ) ذَلِكَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ (بِاسْمِ الْعِلَّةِ) قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَالِاصْطِلَاحُ الظَّاهِرُ أَنَّ مَا لَمْ يُعْقَلْ تَأْثِيرُهُ أَيْ مُنَاسَبَتُهُ بِنَفْسِهِ بَلْ) إنَّمَا تُعْقَلُ مُنَاسَبَتُهُ (بِمَا هُوَ مَظِنَّتُهُ عَلَى مَا قَدَّمْنَا) فِي فَصْلِ الْعِلَّةِ (وَثَبَتَ) شَرْعًا (اعْتِبَارُهُ) أَيْ اعْتِبَارُ مَا هُوَ مَظِنَّتُهُ لِتَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِهِ فَمَظِنَّتُهُ (عِلَّةٌ) لَهُ كَالسَّفَرِ لِقَصْرِ الصَّلَاةِ (وَمَا هُوَ مُفْضٍ) إلَى الْحُكْمِ (بِلَا تَأْثِيرٍ) فِيهِ (سَبَبٌ وَإِلَّا) لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْعِلَّةِ مَا ذَكَرَهُ هَذَا الْقَائِلُ (خَصَّ اسْمَ الْعِلَّةِ الْحِكْمَةُ) اصْطِلَاحًا (وَالِاصْطِلَاحُ) الْأُصُولِيُّ (نَاطِقٌ بِخِلَافِهِ) أَيْ تَخْصِيصُ الْحِكْمَةِ بِاسْمِ الْعِلَّةِ (وَيُطْلَقُ كُلٌّ) مِنْ الْعِلَّةِ وَالسَّبَبِ (عَلَى الْآخَرِ مَجَازًا) وَمِنْ إطْلَاقِهِ عَلَيْهِ إطْلَاقُهُ عَلَى التَّصَرُّفَاتِ الشَّرْعِيَّةِ مِنْ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ.

(وَأَمَّا الشَّرْطُ) أَيْ أَقْسَامُهُ (فَمَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ) لَفْظُ شَرْطٍ (حَقِيقِيٌّ) وَهُوَ مَا (يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الشَّيْءُ فِي الْوَاقِعِ) كَالْحَيَاةِ لِلْعِلْمِ.

(وَ) شَرْطٌ (جَعْلِيٌّ) أَمَّا (لِلشَّرْعِ فَيَتَوَقَّفُ) الْمَشْرُوطُ أَيْ وُجُودُهُ الشَّرْعِيُّ عَلَيْهِ (شَرْعًا كَالشُّهُودِ لِلنِّكَاحِ وَالطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ) إذْ لَا وُجُودَ لِلنِّكَاحِ وَالصَّلَاةِ الشَّرْعِيَّيْنِ الصَّحِيحَيْنِ بِدُونِهِمَا (وَالْعِلْمُ بِوُجُوبِ الْعِبَادَاتِ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ) وَلَمْ يُهَاجِرْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فِي حَقِّهِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ حَتَّى مَضَى زَمَانٌ ثُمَّ عَلِمَ لَا يَلْزَمْهُ قَضَاءُ شَيْءٍ مِنْهَا وَإِنْ وُجِدَ سَبَبُ الْوُجُوبِ فِي حَقِّهِ وَهُوَ الْوَقْتُ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِهِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَ الْعِلْمِ بِهِ وَهُوَ شُيُوعُ الْخِطَابِ فِي دَارِ السَّلَامِ وَتَيَسُّرُ الْوُصُولُ إلَيْهِ بِأَدْنَى طَلَبٍ شَرْطٌ لِصِحَّةِ التَّكْلِيفِ لَا يَصِحُّ إلَّا بِالْقُدْرَةِ وَهِيَ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِالْعِلْمِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَلَمْ يُوجَدَا وَحَيْثُ فَاتَ الشَّرْطُ فِي حَقِّهِ مُنِعَ السَّبَبُ مِنْ الِانْعِقَادِ فَلَمْ يَثْبُتْ الْوُجُوبُ وَكَانَتْ الْأَسْبَابُ مِنْ الْوَقْتِ وَالشَّهْرِ وَالْبَيْتِ وَغَيْرِهِمَا مَعَ وُجُودِهَا حَقِيقَةً كَالْمَعْدُومَةِ حُكْمًا فِي حَقِّهِ.

وَأَمَّا وُجُوبُ قَضَائِهَا عَلَى مَنْ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِوُجُوبِهَا حَتَّى مَضَى زَمَانٌ فَعَلَى فَرْضِ انْتِفَاءِ عِلْمِهِ بِهَا لَمْ يَنْتَفِ مَا هُوَ قَائِمٌ مَقَامَهُ وَهُوَ شُيُوعُ الْخِطَابِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لِوُجُودِهِ فِيهَا.

فَإِنْ قِيلَ الْمُتَوَقِّفُ عَلَى عِلْمِ الْمُكَلَّفِ وُجُوبُ الْأَدَاءِ الثَّابِتِ بِالْخِطَابِ دُونَ نَفْسِ الْوُجُوبِ الثَّابِتِ بِالسَّبَبِ وَكَوْنِ السَّبَبِ سَبَبًا إذْ لَوْ كَانَ الْعِلْمُ شَرْطًا لَهُمَا لَمَا وَجَبَتْ الصَّلَاةُ عَلَى النَّائِمِ وَالْمُغْمَى إذَا لَمْ يَمْتَدَّ الْإِغْمَاءُ وَلَمَا وَجَبَ الصَّوْمُ عَلَى الْمَجْنُونِ الَّذِي لَمْ يَسْتَغْرِقْ جُنُونُهُ الشَّهْرَ لِعَدَمِ الشَّرْطِ وَهُوَ الْعِلْمُ فِي حَقِّهِمْ لَكِنَّ اللَّازِمَ بَاطِلٌ لِتَحَقُّقِ الْوُجُوبِ عَلَيْهِمْ فَكَذَا الْمَلْزُومُ وَهُوَ اشْتِرَاطُ الْعِلْمِ لِنَفْسِ الْوُجُوبِ وَكَوْنُ السَّبَبِ سَبَبًا وَأُجِيبَ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ عَدَمَ حُصُولِ الْعِلْمِ فِي حَقِّهِمْ لِكَوْنِهِ ثَابِتًا فِي حَقِّهِمْ تَقْدِيرُ الشُّيُوعِ الْخِطَابِ وَبُلُوغُهُ إلَى سَائِرِ الْمُكَلَّفِينَ بِمَنْزِلَةِ بُلُوغِهِ إلَى كُلٍّ مِنْهُمْ ذَكَرَهُ فِي الْكَشْفِ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ.

(أَوْ لِلْمُكَلَّفِ بِتَعْلِيقِ تَصَرُّفِهِ عَلَيْهِ) أَيْ ذَلِكَ الْمَجْعُولِ شَرْطًا لَهُ بِكَلِمَةِ الشَّرْطِ (مَعَ إجَازَةِ الشَّرْعِ) لَهُ ذَلِكَ (كَإِنْ دَخَلْت) الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ (أَوْ) عَلَى (مَعْنَاهُ) أَيْ الْمَجْعُولِ شَرْطًا لَهُ بِكَلِمَةِ الشَّرْطِ مَعَ إجَازَةِ الشَّرْعِ بِأَنْ يَدُلَّ الْكَلَامُ عَلَى التَّعْلِيقِ دَلَالَةَ كَلِمَةِ الشَّرْطِ عَلَيْهِ (كَالْمَرْأَةِ الَّتِي أَتَزَوَّجُهَا) طَالِقٌ لِوُقُوعِ الْوَصْفِ الَّذِي هُوَ التَّزَوُّجُ وَصْفًا لِامْرَأَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ وَالْوَصْفُ مُعْتَبَرٌ لِتَعَرُّفِهَا وَحُصُولِ تَعَيُّنِهَا الَّذِي لَا بُدَّ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا مِنْهُ لِأَنَّ إضَافَةَ الطَّلَاقِ إلَى مَجْهُولٍ غَيْرُ صَحِيحٍ وَإِذَا اُعْتُبِرَ فِيهَا صَارَ بِمَعْنَى الشَّرْطِ إذْ تَرْتِيبُ الْحُكْمِ عَلَيْهِ تَعْلِيقٌ لَهُ بِهِ كَالشَّرْطِ فَيَكُونُ شَرْطًا دَلَالَةً لِأَنَّ الشَّرْطَ مَا يَكُونُ عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ وَيَتَوَقَّفُ نُزُولُ الْجَزَاءِ عَلَيْهِ وَقَدْ وُجِدَ هَذَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ إنْ تَزَوَّجْت امْرَأَةً فَهِيَ طَالِقٌ إلَّا أَنَّهُ يَسْتَقِيمُ هُنَا ذِكْرُ الْجَزَاءِ بِالْفَاءِ وَبِدُونِهِ لِأَنَّ الصِّفَةَ لَيْسَتْ بِشَرْطِ صِيغَةٍ بَلْ شَرْطُ مَعْنًى فَاسْتَقَامَ ذِكْرُ الْجَزَاءِ بِالْفَاءِ وَبِدُونِهِ أَيْضًا عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ وَهَذَا (بِخِلَافِ) مَا لَوْ دَخَلَ الْوَصْفُ عَلَى مُعَيَّنٍ بِأَنْ أَشَارَ إلَى امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ ذَكَرَهَا بِاسْمِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>