للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَلَمِ فَقَالَ (هَذِهِ) الْمَرْأَةُ الَّتِي أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ (وَزَيْنَبُ إلَخْ) الَّتِي أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَإِنَّهُ لَا يَصْلُحُ دَلَالَةً عَلَى الشَّرْطِ لِأَنَّ الْوَصْفَ فِي الْمُعَيَّنِ لَغْوٌ (فَيَلْغُو) الْوَصْفُ الْمَذْكُورُ فَتَبْقَى هَذِهِ الْمَرْأَةُ طَالِقٌ وَزَيْنَبُ طَالِقٌ فَيَلْغُو لِعَدَمِ الْمَحَلِّيَّةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِصِيغَةِ الشَّرْطِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ فِي الْمُعَيَّنَةِ وَغَيْرِهَا كَإِنْ تَزَوَّجْت امْرَأَةً وَهَذِهِ الْمَرْأَةُ فَهِيَ طَالِقٌ فَإِنَّ الطَّلَاقَ يَتَعَلَّقُ بِالشَّرْطِ فِيهِمَا جَمِيعًا.

(وَيُسَمَّى) هَذَا النَّوْعُ مِمَّا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الشَّرْطِ (شَرْطًا مَحْضًا لِامْتِنَاعِ الْعِلَّةِ) أَيْ وُجُودِهَا لِلْحُكْمِ (بِالتَّعْلِيقِ) أَيْ بِسَبَبِ التَّعْلِيقِ بِهِ فَهُوَ إذَنْ مَا يَمْتَنِعُ بِسَبَبِ التَّعْلِيقِ بِهِ وُجُودُ الْعِلَّةِ فَإِذَا وُجِدَ وُجِدَتْ وَيَصِيرُ وُجُودُ الْحُكْمِ مُضَافًا إلَيْهِ دُونَ وُجُوبِهِ (وَلِمَا شَابَهَ) الشَّرْطَ (الْعِلَّةَ لِلتَّوَقُّفِ) أَيْ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي تَوَقُّفِ الْحُكْمِ عَلَيْهِمَا وَإِنْ كَانَ التَّوَقُّفُ فِي الشَّرْطِ لِوُجُودِ الْحُكْمِ وَفِي الْعِلَّةِ لِوُجُوبِهِ (وَالْوَضْعُ) أَيْ وَلَاشْتَرَاكَهُمَا فِي كَوْنِهِمَا مَوْضُوعَيْنِ أَمَارَةً عَلَى الْحُكْمِ شَرْعًا لِأَنَّ الْعِلَلَ الشَّرْعِيَّةَ أَمَارَاتٌ عَلَى الْأَحْكَامِ كَالشُّرُوطِ (أَضَافُوا إلَيْهِ) أَيْ إلَى الشَّرْطِ (الْحُكْمَ أَحْيَانًا فِي التَّعَدِّي وَذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ عِلَّةٍ صَالِحَةٍ لِلْإِضَافَةِ) أَيْ إضَافَةِ الْحُكْمِ إلَيْهَا لِأَنَّ شَبِيهَ الشَّيْءِ قَدْ يَخْلُفُهُ عِنْدَ تَعَذُّرِ اعْتِبَارِ حَقِيقَتِهِ فَهُوَ كُلُّ شَرْطٍ لَا يُعَارِضُهُ عِلَّةٌ صَالِحَةٌ لِإِضَافَةِ الْحُكْمِ إلَيْهَا وَفِي شَرْحِ الْمُغْنِي لِلْقَآنِيِّ وَالْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ وَلَا سَبَبَ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَصْلُحْ الْعِلَّةُ وَصَلُحَ السَّبَبُ يُضَافُ إلَى السَّبَبِ دُونَ الشَّرْطِ كَمَا يَلُوحُ مِمَّا سَيَأْتِي وَهُوَ حَسَنٌ (وَسَمُّوهُ) أَيْ هَذَا الشَّرْطَ (شَرْطًا فِيهِ مَعْنَى الْعِلَّةِ كَشِقِّ الزِّقِّ) الْمُشْتَمِلِ عَلَى مَائِعٍ تَعَدِّيًا إذَا سَالَ مِنْهُ وَتَلِفَ (وَحَفْرِ الْبِئْرِ فِي الطَّرِيقِ) تَعَدِّيًا إذَا وَقَعَ فِيهَا مَالٌ فَتَلِفَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الشَّاقُّ وَالْحَافِرُ (لِأَنَّ الْعِلَّةَ) فِي تَلَفِ الْمَائِعِ أَعْنِي (السَّيَلَانَ لَا تَصْلُحُ لِإِضَافَةِ الْحُكْمِ الضَّمَانَ) أَيْ ضَمَانَ الْعُدْوَانِ إلَيْهِ (إذْ لَا تَعَدِّي فِيهِ) لِأَنَّهُ أَمْرٌ طَبِيعِيٌّ لِلْمَائِعِ ثَابِتٌ بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى (وَالشِّقُّ شَرْطُهُ) أَيْ السَّيْلَانِ (وَإِزَالَةُ الْمَانِعِ) مِنْ السَّيْلَانِ (تَعَدِّيًا) عَلَى مَالِكِهِ لِأَنَّ الزِّقَّ كَانَ مَانِعًا مِنْهُ (فَيُضَافُ) الضَّمَانُ (إلَيْهِ) وَعِلَّةُ السُّقُوطِ فِي الْبِئْرِ الثِّقَلُ وَهُوَ لَا يَصْلُحُ لِإِضَافَةِ الْحُكْمِ الَّذِي هُوَ ضَمَانُ الْعُدْوَانِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ طَبِيعِيٌّ لَا تَعَدِّيَ فِيهِ وَحَفْرُ الْبِئْرِ شَرْطُ السُّقُوطِ.

وَإِزَالَةُ الْمَانِعِ مِنْهُ تَعَدِّيًا لِأَنَّ الْأَرْضَ كَانَتْ مَانِعَةً مِنْ عَمَلِ عِلَّتِهِ فَأُضِيفَ الْحُكْمُ إلَيْهِ وَلَا يُقَالُ يَنْبَغِي إذَا تَعَذَّرَ إضَافَتُهُ إلَى الثِّقَلِ أَنْ يُضَافَ إلَى الْمَشْيِ لِأَنَّهُ سَبَبٌ وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْعِلَّةِ مِنْ الشَّرْطِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْإِفْضَاءِ إلَى الْحُكْمِ وَالِاتِّصَالِ بِهِ لِأَنَّا نَقُولُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُضَافَ الضَّمَانُ إلَى الْمَشْيِ لِأَنَّ الضَّمَانَ ضَمَانُ عُدْوَانٍ فَلَا بُدَّ فِيمَا يُضَافُ إلَيْهِ مِنْ صِفَةِ التَّعَدِّي وَلَا تَعَدِّيَ فِي الْمَشْيِ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ مَحْضٌ بِلَا شُبْهَةٍ حَتَّى لَوْ وُجِدَتْ صِفَةُ التَّعَدِّي بِأَنْ تَعَمَّدَ الْمُرُورَ عَلَى الْبِئْرِ فَوَقَعَ فِيهَا وَهَلَكَ يُضَافُ التَّلَفُ إلَيْهِ لِصَلَاحِيَّةِ الْإِضَافَةِ لَا إلَى الشَّرْطِ فَلَا يَضْمَنُ الْحَافِرُ فَظَهَرَ أَنَّ خِلَافَةَ الشَّرْطِ إنَّمَا تَكُونُ عِنْدَ عَدَمِ لِصَلَاحِيَّةِ الْعِلَّةِ وَالسَّبَبِ لِإِضَافَةِ الْحُكْمِ إلَيْهِمَا (وَكَشُهُودِ وُجُودِ الشَّرْطِ) وَهُوَ دُخُولُ الدَّارِ مَثَلًا بَعْدَ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِهِ فِيمَا إذَا شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى رَجُلٍ لَمْ يَدْخُلْ بِزَوْجَتِهِ أَنَّهُ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِدُخُولِهَا إيَّاهَا (فَإِذَا رَجَعُوا) أَيْ شُهُودُ الشَّرْطِ وَحْدَهُمْ (بَعْدَ الْقَضَاءِ) بِالطَّلَاقِ وَلُزُومِ نِصْفِ الْمَهْرِ (ضَمِنُوا) نِصْفَ الْمَهْرِ لِلزَّوْجِ (لِفَخْرِ الْإِسْلَامِ) وَلَفْظُهُ وَجَبَ أَنْ يَضْمَنُوا لِأَنَّ الْعِلَّةَ وَهِيَ عَيْنُ الزَّوْجِ لَا تَصْلُحُ عِلَّةً لِلضَّمَانِ لِخُلُوِّهَا عَنْ وَصْفِ التَّعَدِّي إذْ شُهُودُهَا ثَابِتُونَ عَلَى شَهَادَتِهِمْ فَتَجِبُ إضَافَتُهُ إلَى الشَّرْطِ لِظُهُورِ صِفَةِ التَّعَدِّي بِالرُّجُوعِ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الشَّارِحِينَ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْكَشْفِ وَقَالَ يَجِبُ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ عِنْدَهُ رِوَايَةٌ انْتَهَى.

(قُلْت) وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمُعِينِ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ أَنَّ شَاهِدَيْ الشَّرْطِ لَوْ رَجَعَا عَلَى الِانْفِرَادِ هَلْ يَضْمَنَانِ ثُمَّ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ يَضْمَنَانِ لِأَنَّ إيجَابَ الضَّمَانِ عَلَى مُحَصِّلِ الشَّرْطِ عِنْدَ انْعِدَامِ إمْكَانِ الْإِيجَابِ عَلَى صَاحِبِ الْعِلَّةِ وَاجِبٌ وَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ لَا رِوَايَةَ فِيهِ عَنْ السَّلَفِ وَفِي شَرْحِ الْجَامِعِ لِلْعَتَّابِيِّ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَضْمَنُونَ كَشُهُودِ الْإِحْصَانِ إذَا رَجَعُوا وَحْدَهُمْ وَقَالَ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ يَضْمَنُونَ لِأَنَّهُمْ سَبَّبُوا لِلتَّلَفِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَهُ أَثَرٌ فِي وُجُودِ

<<  <  ج: ص:  >  >>