للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ تَأَدِّي الْمَأْمُورِ بِهِ شَرْعًا بِغَيْرِهِ (لِمُشَارَكَتِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمَأْمُورِ بِهِ (لَهُ) أَيْ لِلْمَأْمُورِ بِهِ (فِي مَعْنًى كَالتَّعْظِيمِ أَوْ لِإِطْلَاقِ لَفْظِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمَأْمُورِ بِهِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمَأْمُورِ بِهِ (كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَخَرَّ رَاكِعًا} [ص: ٢٤] أَيْ سَاجِدًا إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ إطْلَاقِ لَفْظٍ عَلَى غَيْرِ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ جَوَازُ إيقَاعِ مُسَمَّاهُ) أَيْ ذَلِكَ اللَّفْظِ الَّذِي هُوَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ (مَكَانَ مُسَمَّى الْآخَرِ) الَّذِي هُوَ الْمَعْنَى الْمَجَازِيُّ لَهُ (شَرْعًا وَإِنْ كَانَ الْمُطْلِقُ الشَّارِعَ) إذْ طَرِيقُ الِاسْتِعَارَةِ غَيْرُ طَرِيقِ الْقِيَاسِ إذْ الْأَوَّلُ يَصِحُّ مَعَ عَلَاقَةٍ مَا وَالثَّانِي يَتَوَقَّفُ عَلَى صَلَاحِ الْعِلَّةِ لِذَلِكَ الْحُكْمِ وَعَدَالَتِهَا وَلَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنَّهُ لَوْ صَحَّ أَنْ يَكُونَ طَرِيقُ الِاسْتِعَارَةِ طَرِيقَ الْقِيَاسِ لَصَحَّ أَنْ يَنُوبَ الرُّكُوعُ عَنْهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ لِثُبُوتِ الْعَلَاقَةِ بَيْنَ مُطْلَقِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لِأَنَّ الْمُسْتَعَارَ فِي النَّصِّ مُطْلَقُ الرُّكُوعِ لَا الرُّكُوعُ الَّذِي هُوَ عِبَادَةٌ (وَلَوْ فُرِضَ قِيَامُ دَلَالَةٍ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ جَوَازُ قِيَامِ الرُّكُوعِ فِي الصَّلَاةِ مَقَامَهَا (لَا يُصَيِّرُهُ) جَوَازُ قِيَامِهِ فِي الصَّلَاةِ مَقَامَهَا الَّذِي هُوَ الْقِيَاسُ (أَظْهَرَ) مِنْ عَدَمِ جَوَازِهِ الَّذِي هُوَ الِاسْتِحْسَانُ لِمَا ذَكَرْنَا بَلْ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ فَإِنَّ وَجْهَ الِاسْتِحْسَانِ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَصَوُّرِ أَنَّ النَّصَّ وَرَدَ بِالسُّجُودِ وَالرُّكُوعِ غَيْرُهُ وَوَجْهُ الْقِيَاسِ يَتَوَقَّفُ عَلَى هَذَا وَعَلَى أَنَّ الرُّكُوعَ أُطْلِقَ عَلَى السُّجُودِ فِي الْآيَةِ مَجَازًا وَالْإِطْلَاقُ بِطَرِيقِ التَّجَوُّزِ يَعْتَمِدُ الْعَلَاقَةَ الْمُعْتَبَرَةَ وَعَلَى أَنَّ تِلْكَ هِيَ الْخُضُوعُ وَعَلَى أَنَّهَا تَصْلُحُ مَنَاطًا لِلْأَمْرِ بِالسُّجُودِ وَأَنَّ ذَلِكَ الْمَنَاطَ ثَابِتٌ فِي الرُّكُوعِ فَيَصْلُحُ أَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ السُّجُودِ وَلَا شَكَّ أَنَّ مَا كَانَ تَوَقُّفُهُ عَلَى مُقَدِّمَاتٍ أَقَلَّ يَكُونُ أَجْلَى عِنْدَ الْعَقْلِ مِمَّا يَكُونُ تَوَقُّفُهُ عَلَى مُقَدِّمَاتٍ أَكْثَرَ.

وَلِهَذَا قِيلَ الْعَامُّ أَجْلَى عِنْدَ الْعَقْلِ مِنْ الْخَاصِّ فَلَا جَرَمَ أَنَّ بَعْدَمَا ذَكَرَ الْفَاضِلُ الْقَاآنِي هَذَا قَالَ وَالْأَوْلَى أَنْ يُعْرِضَ عَنْ هَذَا التَّكَلُّفَاتِ صَفْحًا وَيُقَالُ ظَاهِرُ النَّصِّ وَإِنْ وَرَدَ بِالسُّجُودِ إلَّا أَنَّ مَوَاضِعَ السَّجْدَةِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ مُجَرَّدُ مُخَالَفَةِ الْمُسْتَكْبِرِينَ بِإِظْهَارِ التَّوَاضُعِ لِلَّهِ تَعَالَى بِدَلِيلِ جَرَيَانِ التَّدَاخُلِ فِيهِ وَالرُّكُوعُ فِيهِ صَالِحٌ لِلتَّوَاضُعِ فَيُعْطِي مَعْنَاهُ كَأَدَاءِ الْقِيمَةِ فِي بَابِ الزَّكَاةِ انْتَهَى وَيُؤَيِّدُهُ مَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إذَا قَرَأَ وَالنَّجْمِ أَوْ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّك فِي صَلَاةٍ وَبَلَغَ آخِرَهَا كَبَّرَ وَرَكَعَ وَإِنْ قَرَأَهَا فِي غَيْرِ صَلَاةٍ سَجَدَ رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَمَا عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ سَأَلَ عَنْ السَّجْدَةِ تَكُونُ آخِرَ السُّورَةِ أَيَسْجُدُ لَهَا أَمْ يَرْكَعُ قَالَ إنْ شِئْت فَارْكَعْ وَإِنْ شِئْت فَاسْجُدْ ثُمَّ اقْرَأْ بَعْدَهَا سُورَةً رَوَاهُ سَعِيدٌ وَحَرْبٌ وَاللَّفْظُ لَهُ وَلَمْ يُرْوَ عَنْ غَيْرِهِمَا خِلَافُهُ بَلْ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَلْقَمَةَ وَإِبْرَاهِيمَ وَالْأَسْوَدِ وَطَاوُسٍ وَمَسْرُوقٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالرَّبِيعِ بْنِ خَيْثَمَ وَعَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ (وَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ كَانَ تَبَادُرُ عَدَمِ تَأَدِّيهَا بِالرُّكُوعِ أَظْهَرَ مِنْ تَبَادُرِ تَأَدِّيهَا بِهِ (وَجَبَ كَوْنُ الْحُكْمِ الْوَاقِعِ مِنْ تَأَدِّيهَا بِالرُّكُوعِ حُكْمَ الِاسْتِحْسَانِ) لِأَنَّهُ أَخْفَى مِنْ عَدَمِ تَأَدِّيهَا بِهِ (لَا كَوْنُهُ) أَيْ تَأَدِّيهَا بِهِ (مِمَّا قُدِّمَ فِيهِ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الِاسْتِحْسَانِ ثُمَّ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ وَحَيْثُ كَانَ فِي تَأَدِّيهَا بِالرُّكُوعِ فِي الصَّلَاةِ مَا ذَكَرْنَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ كَانَ أَدَاؤُهَا بِهِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِحْسَانِ بِالْأَثَرِ أَيْضًا كَمَا هُوَ مِنْ قَبِيلِهِ بِالْقِيَاسِ الْخَفِيِّ غَيْرَ أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَتِمُّ عَلَى قَوْلِ الْقَائِلِينَ بِحُجِّيَّةِ فِعْلِ الصَّحَابِيِّ وَقَوْلِهِ سَوَاءٌ كَانَ لِلرَّأْيِ فِيهِ مَدْخَلٌ أَوْ لَا أَمَّا عَلَى قَوْلِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ حُجَّةً إذَا لَمْ يَكُنْ لِلرَّأْيِ فِيهِ مَدْخَلٌ فَلَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَظَهَرَ) مِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ (أَنْ لَا اسْتِحْسَانَ) وَلَوْ كَانَ إجْمَاعٌ أَوْ أَثَرٌ أَوْ ضَرُورَةٌ (إلَّا مُعَارِضًا لِقِيَاسٍ وَلَزِمَ أَنْ لَا يُعَدَّى مَا) ثَبَتَ (بِغَيْرِ قِيَاسٍ وَهُوَ) أَيْ غَيْرُ الْقِيَاسِ (اسْتِحْسَانٌ أَوْ لَا) أَيْ أَوْ لَيْسَ بِاسْتِحْسَانٍ (لِأَنَّهُ) أَيْ مَا ثَبَتَ بِغَيْرِ الْقِيَاسِ (مَعْدُولٌ) عَنْ سُنَنِ الْقِيَاسِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ مِنْ شُرُوطِ حُكْمِ الْأَصْلِ أَنْ لَا يَكُونَ مَعْدُولًا عَنْهُ (كَإِيجَابِ يَمِينِ الْبَائِعِ فِي اخْتِلَافِهِمَا) أَيْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي (فِي قَدْرِ الثَّمَنِ بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ) وَقِيَامِهِ فَإِنَّهُ حُكْمُ هَذَا الِاخْتِلَافِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ اسْتِحْسَانًا (بِإِطْلَاقِ النَّصِّ) النَّبَوِيِّ الْقَائِلِ «إذَا اخْتَلَفَ الْبَيِّعَانِ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ، وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ فَالْقَوْلُ مَا قَالَ الْبَائِعُ أَوْ يَتَرَادَّانِ» كَمَا تَقَدَّمَ ذَكَرَهُ مُخَرَّجًا فِي مَسْأَلَةِ إذَا انْفَرَدَ الثِّقَةُ بِزِيَادَةٍ وَإِلَّا فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ (لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَدَّعِي عَلَيْهِ) أَيْ الْبَائِعِ (مَبِيعًا لِتَسَلُّمِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي (إيَّاهُ) أَيْ الْمَبِيعَ وَالْبَائِعُ يُقِرُّ بِذَلِكَ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي مُدَّعِيًا لَمْ يَتَوَجَّهْ الْيَمِينُ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُنْكِرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>