للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْأَسْرَى بَيْنَ الِاسْتِرْقَاقِ وَالْقَتْلِ فَلَا يُبَاحُ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَهُوَ الْعَجْزُ عَنْ نِكَاحِ الْحُرَّةِ وَإِنَّمَا قُلْنَا قِيَاسُنَا أَقْوَى (لِأَنَّ أَثَرَ الْحُرِّيَّةِ فِي اتِّسَاعِ الْحِلِّ أَقْوَى مِنْ الرِّقِّ فِيهِ) أَيْ فِي اتِّسَاعِ الْحِلِّ (تَشْرِيفًا) لِلْحُرِّ (كَالطَّلَاقِ) فَإِنَّ كَوْنَهُ ثَلَاثًا يَتْبَعُ الْحُرِّيَّةَ إلَّا أَنَّا اعْتَبَرْنَاهَا فِي جَانِبِ الزَّوْجَةِ وَاعْتَبَرَهَا الشَّافِعِيُّ فِي جَانِبِ الزَّوْجِ (وَالْعِدَّةِ) فَإِنَّهَا فِي حَقِّ الْحُرَّةِ ثَلَاثَةُ أَقْرُؤٍ وَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ وَفِي حَقِّ الْأَمَةِ قُرْآنِ، وَشَهْرٌ وَنِصْفٌ، وَشَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ (وَالتَّزَوُّجِ) فَإِنَّهُ يُبَاحُ لِلْحُرِّ أَرْبَعٌ وَلِلْعَبْدِ ثِنْتَانِ (وَكَثِيرٍ) مِنْ الْأَحْكَامِ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ وَأَسْبَابِ الْكَرَامَةِ وَالشَّرَفِ الْمَوْضُوعَةِ لِلْبَشَرِ فِي الدُّنْيَا إذْ بِهَا يَكُونُ أَهْلًا لِلْوِلَايَاتِ وَيَمْلِكُ الْأَشْيَاءَ فَيَكُونُ تَأْثِيرُهَا فِي الْإِطْلَاقِ وَالِاتِّسَاعِ فِي بَابِ النِّكَاحِ الَّذِي هُوَ مِنْ النِّعَمِ لَا فِي الْمَنْعِ وَالْحَجْرِ وَالرِّقِّ مِنْ أَوْصَافِ النُّقْصَانِ لِانْتِفَاءِ أَهْلِيَّةِ الْآدَمِيِّ بِهِ لِلْوِلَايَاتِ وَالتَّمَلُّكَاتِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَثَرُهُ فِي الْمَنْعِ وَالتَّضْيِيقِ فَلَوْ اتَّسَعَ الْحِلُّ الَّذِي هُوَ مِنْ بَابِ الْكَرَامَةِ لِلْعَبْدِ وَضَاقَ عَلَى الْحُرِّ بِأَنْ لَمْ يَجُزْ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ مَعَ طَوْلِ الْحُرَّةِ لَكَانَ قَلَبَ الْمَشْرُوعَ وَعَكَسَ الْمَعْقُولَ لِأَنَّ مَا ثَبَتَ بِطَرِيقِ الْكَرَامَةِ يَزْدَادُ بِزِيَادَةِ الشَّرَفِ وَلِهَذَا جَازَ لِمَنْ كَانَ أَفْضَلَ الْبَشَرِ الزِّيَادَةُ عَلَى الْأَرْبَعِ.

قُلْت وَأَمَّا مَا فِي التَّلْوِيحِ وَرُبَّمَا يُجَابُ أَنَّ هَذَا التَّضْيِيقَ مِنْ بَابِ الْكَرَامَةِ حَيْثُ مُنِعَ الشَّرِيفُ مِنْ تَزَوُّجِ الْخَسِيسِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ مَظِنَّةِ الْإِرْقَاقِ وَذَلِكَ كَمَا جَازَ نِكَاحُ الْمَجُوسِيَّةِ لِلْكَافِرِ دُونَ الْمُسْلِمِ انْتَهَى فَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ إذْ لَا خِسَّةَ كَالْكُفْرِ وَقَدْ جَازَ تَزَوُّجُ الْمُسْلِمِ الْقَادِرِ عَلَى طَوْلِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ بِالْكَافِرَةِ الْكِتَابِيَّةِ

(وَمَنْعُ) الشَّارِعِ مِنْ (الْإِرْقَاقِ وَإِنْ تَضَمَّنَهُ) أَيْ التَّشْرِيفَ (لَكِنَّهُ) أَيْ الْإِرْقَاقَ بِتَزَوُّجِ الْأَمَةِ (مُنْتَفٍ لِأَنَّ اللَّازِمَ) مِنْ تَزَوُّجِهَا (الِامْتِنَاعُ عَنْ) إيجَادِ (الْجُزْءِ) أَيْ الْوَلَدِ (الْحُرِّ) إذْ الْمَاءُ لَيْسَ بِوَلَدٍ وَلَا يُوصَفُ بِالْحُرِّيَّةِ بَلْ هُوَ قَابِلٌ لَأَنْ يُوجَدَ مِنْهُ الْحُرُّ وَالرَّقِيقُ فَتَزَوُّجُهَا امْتِنَاعٌ مِنْ مُبَاشَرَةِ سَبَبِ وُجُودِ الْحُرِّيَّةِ فَحِينَ يُخْلَقُ يُخْلَقُ رَقِيقًا (لَا) أَنَّ اللَّازِمَ مِنْهُ (إرْقَاقُهُ) أَيْ الْجُزْءُ أَيْ لَا أَنَّهُ يَنْتَقِلُ مِنْ الْحُرِّيَّةِ إلَى الرِّقِّ وَالْهَلَاكُ إنَّمَا هُوَ فِي إرْقَاقِ الْحُرِّ (وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ) أَيْ الِامْتِنَاعَ عَنْ الْجُزْءِ الْحُرِّ هُوَ (الْمُرَادُ بِالْإِرْقَاقِ نُقِضَ بِنِكَاحِ الْعَبْدِ الْقَادِرِ) عَلَى طَوْلِ الْحُرَّةِ (أَمَةً لِأَنَّ مَاءَهُ) أَيْ الْعَبْدِ إذَا تَخَلَّقَ مِنْهُ وَلَدٌ فِي الْحُرَّةِ (حُرٌّ إذْ الرِّقُّ مِنْ الْأُمِّ لَا الْأَبِ) وَهُوَ جَائِزٌ اتِّفَاقًا (وَبِعَزْلِ الْحُرِّ) عَنْ أَمَتِهِ مُطْلَقًا وَعَنْ زَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ بِرِضَاهَا وَبِنِكَاحِ الصَّغِيرَةِ وَالْعَجُوزِ وَالْعَقِيمِ فَإِنَّ الْعَزْلَ وَمَا مَعَهُ إتْلَافٌ حَقِيقَةً وَالْإِرْقَاقَ إتْلَافٌ حُكْمًا إذْ فِي الْعَزْلِ وَنَحْوِهِ يَفُوتُ أَصْلُ الْوَلَدِ بِحَيْثُ لَا يُرْجَى وُجُودُهُ وَفِي الْإِرْقَاقِ إنَّمَا يَفُوتُ صِفَةُ الْحُرِّيَّةِ لَا أَصْلُ الْوَلَدِ مَعَ أَنَّهُ يُرْجَى زَوَالُهُ بِالْعِتْقِ وَإِذَا جَازَ الْأَوَّلُ كَانَ الثَّانِي بِالْجَوَازِ أَحْرَى (وَمِنْهُ) أَيْ وَمِنْ التَّرْجِيحِ بِقُوَّةِ الْأَثَرِ فِي الْقِيَاسَيْنِ الْمُتَعَارِضَيْنِ تَرْجِيحُ الْقِيَاسِ فِي نَفْيِ اسْتِنَانِ تَثْلِيثِ مَسْحِ الرَّأْسِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُنَا عَلَى الْقِيَاسِ بِاسْتِنَانِ تَثْلِيثِهِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ مَسْحُ الرَّأْسِ (مَسْحٌ فَلَا يُثَلَّثُ كَالْخُفِّ) أَيْ كَمَسْحِهِ فَإِنَّ قِيَاسَنَا هَذَا (أَقْوَى أَثَرًا) فِي مَنْعِ التَّثْلِيثِ (مِنْ) أَثَرِ (قِيَاسِهِ) فِي اسْتِنَانِ التَّثْلِيثِ وَهُوَ مَسْحُ الرَّأْسِ (رُكْنٌ فَيُثَلَّثُ كَالْمَغْسُولِ) أَيْ كَغُسْلِ الْوَجْهِ أَوْ الْيَدَيْنِ أَوْ الرِّجْلَيْنِ ثُمَّ كَوْنُ قِيَاسِنَا أَقْوَى أَثَرًا مِنْ أَثَرِ قِيَاسِهِ (بَعْدَ تَسْلِيمِ تَأْثِيرِهِ) أَيْ كَوْنِهِ رُكْنًا فِي التَّثْلِيثِ (فِي الْأَصْلِ) وَهُوَ الْمَغْسُولُ وَإِنَّمَا قُلْنَا قِيَاسُنَا أَقْوَى حِينَئِذٍ.

(فَإِنْ شَرْعَهُ) أَيْ مَسْحَ الرَّأْسِ (مَعَ إمْكَانِ شَرْعِ غَسْلِ الرَّأْسِ وَخُصُوصًا مَعَ عَدَمِ اسْتِيعَابِ الْمَحَلِّ) أَيْ الرَّأْسِ بِالْمَسْحِ فَرْضًا (لَيْسَ إلَّا لِلتَّخْفِيفِ) وَهُوَ فِي عَدَمِ التَّكْرَارِ فَظَهَرَ أَنَّ تَأْثِيرَ قِيَاسِنَا أَقْوَى مِنْ تَأْثِيرِ قِيَاسِهِ (وَإِلَّا) إذَا لَمْ يَسْلَمْ تَأْثِيرُ الرُّكْنِيَّةِ فِي التَّثْلِيثِ (فَقَدْ نُقِضَ) كَوْنُ الرُّكْنِيَّةِ مُؤَثِّرَةً فِي التَّثْلِيثِ (طَرْدًا وَعَكْسًا لِوُجُودِهِ) أَيْ التَّثْلِيثِ.

(وَلَا رُكْنَ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَوُجُودُ الرُّكْنِ دُونَهُ) أَيْ التَّثْلِيثِ (كَثِيرٌ) كَمَا فِي أَرْكَانِ الصَّلَاةِ مِنْ الْقِيَامِ وَغَيْرِهِ وَأَرْكَانِ الْحَجِّ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يَصْلُحُ التَّعْلِيلُ بِهَا أَصْلًا.

فَإِنْ قِيلَ الْمُرَادُ مِنْ كَوْنِهِ رُكْنًا كَوْنُهُ رُكْنًا فِي الْوُضُوءِ لَا مُطْلَقُ الرُّكْنِيَّةِ فَلَا يَرِدُ أَرْكَانُ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>