للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَارِيَةً عَلَى سُنَنِهَا وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهَا مِنْ الْمَصَادِرِ نَفْسِهَا كَمَا هَذَا التَّعْرِيفُ مَاشٍ عَلَيْهِ، وَمَا وَقَعَ مِنْ إطْلَاقِ اشْتِقَاقِهَا مِنْ الْفِعْلِ فَالْمُرَادُ بِهِ الْمَصْدَرُ؛ لِأَنَّ سِيبَوَيْهِ يُسَمِّي الْمَصْدَرَ فِعْلًا وَحَدَثًا كَمَا ذَكَرَهُ الإستراباذي أَوْ عَلَى التَّجَوُّزِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ هِشَامٍ وَغَيْرُهُ تَنْبِيهًا عَلَى الْحُرُوفِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الِاشْتِقَاقِ فَإِنَّ بَعْضَ الْمَصَادِرِ كَالْقَبُولِ يَشْتَمِلُ عَلَى حَرْفٍ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُحَقِّقُ الشَّرِيفُ، وَعَكَسَ هَذَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ لَنَا أَنْ نَشْتَقَّهَا مِنْ الْفِعْلِ لِأَصَالَتِهِ الْقَرِيبَةِ، وَمِنْ الْمَصْدَرِ لِأَصَالَتِهِ الْبَعِيدَةِ فَإِنَّ الْإِضَافَةَ إلَى الْبَعِيدِ مَعَ وُجُودِ الْقَرِيبِ مَجَازٌ، وَإِلَى الْقَرِيبِ حَقِيقَةٌ كَمَا فِي إضَافَةِ الْحُكْمِ إلَى الْعِلَّةِ الْقَرِيبَةِ وَالْبَعِيدَةِ.

رَابِعُهَا لَا يُشْتَرَطُ فِي الِاشْتِقَاقِ مِنْ الْمَصْدَرِ أَنْ يَكُونَ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ لَهُ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ لَهُ فَيُشْتَقُّ مِنْ النُّطْقِ مُرَادًا بِهِ لِدَلَالَةِ النَّاطِقِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ الْحَالُ نَاطِقَةٌ بِكَذَا. خَامِسُهَا كَمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْمُشْتَقِّ مِنْ زِيَادَةٍ عَلَى الْمُشْتَقِّ مِنْهُ فِي مَعْنَاهُ لَا بُدَّ مِنْ تَغْيِيرِ لَفْظِهِ حَرَكَةً وَلَوْ اعْتِبَارًا بِإِبْدَالٍ أَوْ سُكُونٍ أَوْ زِيَادَةٍ أَوْ حَرْفًا بِحَذْفٍ أَوْ إبْدَالٍ أَوْ زِيَادَةٍ أَوْ حَرَكَةً وَحَرْفًا مَعًا.

وَقَدْ بَلَّغَهُ الْإِمَامُ فِي الْمَحْصُولِ تِسْعَةَ أَقْسَامٍ وَكَمَّلَهَا الْبَيْضَاوِيُّ خَمْسَةَ عَشَرَ وَلَا بَأْسَ أَنْ نَذْكُرُهَا مَعَ أَمْثِلَتِهَا الصَّحِيحَةِ لَهَا إسْعَافًا مُقَدِّمِينَ أَمَامَهَا أَنْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْحَرَكَةِ وَاحِدَةً بِالشَّخْصِ بَلْ جِنْسُهَا وَاحِدَةٌ كَانَتْ أَوْ أَكْثَرَ، وَكَذَا الْحَرْفُ وَالْمُرَكَّبُ مِنْهُمَا، وَأَنَّ حَرَكَةَ الْإِعْرَابِ، وَهَمْزَةَ الْوَصْلِ لَا اعْتِدَادَ بِهِمَا؛ لِأَنَّ الْحَرَكَةَ الْإِعْرَابِيَّةَ طَارِئَةٌ عَلَى الصِّيغَةِ بَعْدَ تَمَامِهَا مُتَبَدِّلَةٌ عَلَيْهَا بِحَسَبِ الْعَامِلِ، وَهَمْزَةُ الْوَصْلِ تَسْقُطُ فِي الدَّرَجِ فَمَا زِيدَ فِيهِ حَرَكَةٌ لَا غَيْرُ نَحْوُ عَلِمَ مِنْ الْعِلْمِ وَحَرْفٌ لَا غَيْرُ نَحْوُ كَاذِبٍ مِنْ الْكَذِبِ بِكَسْرِ الذَّالِ، وَمَا زِيدَا مَعًا فِيهِ نَحْوُ ضَارِبٍ مِنْ الضَّرْبِ، وَمَا نَقَصَ فِيهِ حَرَكَةٌ لَا غَيْرُ نَحْوُ سَفْرٍ بِسُكُونِ الْفَاءِ مِنْ السَّفَرِ بِفَتْحِهَا وَحَرْفٌ لَا غَيْرُ نَحْوُ صَهِلٍ بِكَسْرِ الْهَاءِ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ الصَّهِيلِ، وَمَا نَقَصَا مَعًا فِيهِ نَحْوُ صَبَّ مِنْ الصَّبَابَةِ، وَمَا زِيدَ وَنَقَصَ مِنْهُ حَرَكَةٌ نَحْوُ حَذِرٍ بِكَسْرِ الذَّالِ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ الْحَذَرِ، وَمَا زِيدَ وَنَقَصَ مِنْهُ حَرْفٌ نَحْوُ صَاهِلٍ مِنْ الصَّهِيلِ، وَمَا زِيدَ فِيهِ حَرْفٌ وَنَقَصَ مِنْهُ حَرَكَةٌ نَحْوُ أَكْرَمَ مِنْ الْكَرَمِ، وَمَا زِيدَ فِيهِ حَرَكَةٌ وَنَقَصَ مِنْهُ حَرْفٌ نَحْوُ رَجَعَ مِنْ الرَّجْعِيِّ، وَمَا زِيدَ فِيهِ حَرَكَةٌ وَحَرْفٌ وَنَقَصَ مِنْهُ حَرَكَةٌ نَحْوُ مَنْصُورٍ مِنْ النَّصْرِ، وَمَا زِيدَ فِيهِ حَرَكَةٌ وَحَرْفٌ وَنَقَصَ مِنْهُ حَرْفٌ نَحْوُ مُكَلِّمٍ اسْمُ فَاعِلٍ أَوْ مَفْعُولٍ مِنْ التَّكْلِيمِ، وَمَا نَقَصَ مِنْهُ حَرَكَةٌ وَحَرْفٌ وَزِيدَ فِيهِ حَرَكَةٌ نَحْوُ عِدْ أَمْرٌ مِنْ الْوَعْدِ، وَمَا نَقَصَ فِيهِ حَرَكَةٌ وَحَرْفٌ وَزِيدَ فِيهِ حَرْفٌ نَحْوُ كَالٍّ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ الْكَلَالِ، وَمَا زِيدَ فِيهِ حَرَكَةٌ وَحَرْفٌ وَنَقَصَا مِنْهُ نَحْوُ مَقَامٍ مِنْ الْإِقَامَةِ ثُمَّ لَا خَفَاءَ فِي أَنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ مَا تَحْتَهُ أَقْسَامٌ فَإِنَّ الْحَرَكَةَ تَحْتَهَا ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ فَلَوْ اُعْتُبِرَ نَقْصُهَا وَزِيَادَتُهَا مُنْفَرِدَيْنِ، وَمُجْتَمَعَيْنِ مُتَنَوِّعَاتٌ حَسَبِ تَنَوُّعِهَا لَكَثُرَتْ الْأَقْسَامُ جِدًّا إلَّا أَنَّهُمْ لَمْ يَلْحَظُوا هَذَا الِاعْتِبَارِ فِي التَّقْسِيمِ لِمَا يَلْزَمُهُ مِنْ الِانْتِشَارِ مَعَ قِلَّةِ الْجَدْوَى.

(وَجَامِدٌ خِلَافُهُ) أَيْ مَعْنَاهُ خِلَافُ مَعْنَى الْمُشْتَقِّ فَهُوَ مَا لَيْسَ بِمُوَافِقٍ لِمَصْدَرٍ بِحُرُوفِهِ الْأُصُولِ، وَمَعْنَاهُ مَعَ زِيَادَةٍ فِيهِ كَرَجُلٍ، وَأَسَدٍ (وَالِاشْتِقَاقُ الْكَبِيرُ لَيْسَ مِنْ حَاجَةِ الْأُصُولِيِّ) ؛ لِأَنَّ حَاجَتَهُ إلَى الِاشْتِقَاقِ إنَّمَا هِيَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَعْرِفُ بِهِ أَنَّ مَبْدَأَ اشْتِقَاقِ اللَّفْظِ الْمُشْتَقِّ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهِ حُكْمٌ مِنْ الْأَحْكَامِ عِلَّةٌ لِذَلِكَ الْحُكْمِ، وَهَذِهِ الْحَاجَةُ مُنْدَفِعَةٌ بِمَعْرِفَةِ الِاشْتِقَاقِ الْمُسَمَّى بِالْأَصْغَرِ أَوْ الصَّغِيرِ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ الْكَبِيرِ وَالْأَكْبَرِ أَيْضًا فِي هَذَا الْعِلْمِ (وَالْمُشْتَقُّ) قِسْمَانِ (صِفَةٌ مَا دَلَّ عَلَى ذَاتٍ مُبْهَمَةٍ مُتَّصِفَةٍ بِمُعِينٍ) أَيْ مَا فُهِمَ مِنْهُ ذَاتٌ غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ وَصِفَةُ مُعَيَّنَةٌ كَضَارِبٍ فَإِنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ شَيْءٌ مَا لَهُ الضَّرْبُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ إنْسَانًا بَلْ جِسْمًا أَوْ غَيْرَهُ حَتَّى لَوْ أَمْكَنَ تَقْدِيرُ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الشَّيْئِيَّةِ لَمْ يُقَدَّرُ مَوْصُوفُهُ شَيْءٌ (فَخَرَجَ) بِقَيْدِ الْإِبْهَامِ فِي الذَّاتِ (اسْمُ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ) كَالْمَقْتَلِ لِزَمَانِ الْقَتْلِ، وَمَكَانِهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ صِفَةً (لِأَنَّ الْمَقْتَلَ مَكَانٌ أَوْ زَمَانٌ فِيهِ الْقَتْلُ) لَا شَيْءَ مَا فِيهِ الْقَتْلُ فَلَا إبْهَامَ فِي الذَّاتِ، وَمِنْ ثَمَّةَ لَا يَصِحُّ مَكَانُ أَوْ زَمَانُ مَقْتَلٍ كَمَا يَصِحُّ مَكَانُ أَوْ زَمَانُ مَقْتُولٍ فِيهِ (قِيلَ تَتَحَقَّقُ الْفَائِدَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>