للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحُكْمُ الْأَوَّلُ وَيَثْبُتُ بِعِلَّةٍ أُخْرَى مِثَالُهُ (أَنْ يُجِيبَ) الْمُسْتَدِلُّ فِي جَوَابِ الِاعْتِرَاضِ الْمَذْكُورِ آنِفًا مِنْ قِبَلِ الْمُعْتَرِضِ (بِقَوْلِهِ الْكِتَابَةُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَلَا يُوجِبُ نُقْصَانًا فِيهِ) أَيْ الرِّقِّ (كَالْبَيْعِ بِالْخِيَارِ) فَيَجُوزُ إعْتَاقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ كَإِعْتَاقِ الْبَائِعِ عَبْدَهُ الَّذِي بَاعَهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فِي مُدَّتِهِ فَعَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عِلَّةٌ أُخْرَى لِإِثْبَاتِ حُكْمٍ هُوَ عَدَمُ النُّقْصَانِ يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ (وَالْكُلُّ) أَيْ وَجَمِيعُ هَذِهِ الِانْتِقَالَاتِ الثَّلَاثَةِ (جَائِزٌ) إلَّا أَنَّ التَّعْلِيلَ الْمُخْرِجَ إلَى الِانْتِقَالِ فِيهِ مِنْ عِلَّةٍ إلَى أُخْرَى أَوْ إلَى حُكْمٍ آخَرَ لَا يَخْلُو عَنْ ضَرْبِ غَفْلَةٍ حَيْثُ لَمْ يُعَرِّفْ الْمُعَلِّلُ مَوْضِعَ الْخِلَافِ فِي ابْتِدَاءِ تَعْلِيلِهِ حَتَّى عَلَّلَ عَلَى وَجْهٍ اُفْتُقِرَ فِيهِ إلَى الِانْتِقَالِ.

(هَذَا وَيُشْبِهُ الِاسْتِفْسَارَ فِي عُمُومِهِ) لِلْقِيَاسِ وَغَيْرِهِ (وَفَسَادَ الِاعْتِبَارِ فِي عَدَمِ الْقِيَاسِ) أَيْ فِي كَوْنِهِ مُوجِبًا انْتِفَاءَ وُجُودِ الْقِيَاسِ فِي الْوَاقِعِ (الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ لِأَنَّ حَاصِلَهُ) أَيْ الْقَوْلَ بِالْمُوجِبِ (دَعْوَى النَّصْبِ) لِلدَّلِيلِ (فِي غَيْرِ مَحَلِّ النِّزَاعِ وَ) غَيْرِ (لَازِمِهِ) أَيْ مَحَلِّ النِّزَاعِ (إذْ هُوَ) أَيْ الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ (تَسْلِيمُ مَدْلُولِ الدَّلِيلِ مَعَ بَقَاءِ النِّزَاعِ فِي الْحُكْمِ الْمَقْصُودِ فَإِنَّ الْقِيَاسَ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ كَانَ الْمُرَادُ بِالْقَوْلِ بِالْمُوجِبِ هَذَا الْمَعْنَى (بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ) أَيْ النَّصْبِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ النِّزَاعِ وَلَازِمِهِ (مُنْتَفٍ فَظَهَرَ) مِنْ هَذَا (أَنْ لَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِهِ) أَيْ الْمُخَصَّصِ (الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ بِالطَّرْدِيَّةِ) كَمَا ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ.

(وَهُوَ) أَيْ الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ (ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ فِي إثْبَاتِ الْحُكْمِ وَاسْتِنَادِهِ) أَيْ الْمُعْتَرَضِ (فِيهِ) أَيْ فِي الْقَوْلِ بِالْمُوجِبِ (إلَى لَفْظِ الْمُعَلِّلِ كَقَوْلِهِ) أَيْ الْمُعَلِّلِ الَّذِي هُوَ الشَّافِعِيُّ (فِي الْمُثْقَلِ) أَيْ فِي أَنَّ الْقَتْلَ بِهِ يُوجِبُ الْقِصَاصَ (قَتْلٌ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَلَا يُنَافِي الْقِصَاصَ كَالْحَرْقِ) أَيْ كَالْقَتْلِ بِالنَّارِ فَإِنَّ الْحَرْقَ يَقْتُلُ غَالِبًا (فَيُسَلِّمُ) الْمُعْتَرِضُ الَّذِي هُوَ الْحَنَفِيُّ (عَدَمَ مُنَافَاتِهِ) أَيْ الْقَتْلِ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا وُجُوبَ الْقِصَاصِ (مَعَ بَقَاءِ النِّزَاعِ فِي ثُبُوتِ وُجُوبِ الْقِصَاصِ وَهُوَ) أَيْ وُجُوبُهُ (الْمُتَنَازَعُ فِيهِ) وَكَمَا أَنَّ عَدَمَ مُنَافَاتِهِ لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ لَيْسَ مَحَلُّ النِّزَاعِ لَا يَقْتَضِي مَحَلَّ النِّزَاعِ أَيْضًا إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ مُنَافَاتِهِ الْوُجُوبَ أَنْ يَجِبَ (أَوْ) اسْتِنَادُهُ فِيهِ إلَى (حَمْلِهِ) أَيْ الْمُعْتَرِضِ كَلَامَ الْمُسْتَدِلِّ (عَلَى غَيْرِ مُرَادِهِ كَالْمَسْحِ) بِالرَّأْسِ (رُكْنٌ فَيُسَنُّ تَثْلِيثُهُ) كَالْغُسْلِ لِلْوَجْهِ (فَيَقُولُ) الْمُعْتَرِضُ (بِمُوجِبِهِ) وَهُوَ اسْتِنَانُ تَثْلِيثِ الْمَسْحِ (إذْ سَنَنَّا الِاسْتِيعَابَ) فِي مَسْحِ الرَّأْسِ (وَهُوَ) أَيْ الِاسْتِيعَابُ فِيهِ (ضَمُّ مِثْلَيْ الْوَاجِبِ) فِيهِ أَيْ (الرُّبْعِ وَزِيَادَةٍ إلَيْهِ) أَيْ الْوَاجِبِ فَالِاسْتِيعَابُ تَثْلِيثٌ وَزِيَادَةٌ إذْ هُوَ جَعْلُ الشَّيْءِ ثَلَاثَ أَمْثَالِهِ وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي اتِّحَادَ الْمَحَلِّ فَإِنَّ مَنْ دَخَلَ ثَلَاثَةَ دُورٍ يَكُونُ ثَلَاثَ دَخَلَاتٍ كَمَا لَوْ دَخَلَ دَارًا وَاحِدًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ (وَمَقْصُودُهُ) أَيْ الْمُسْتَدِلِّ مِنْ التَّثْلِيثِ لَيْسَ هَذَا بَلْ (التَّكْرِيرُ فَإِذَا أَظْهَرَهُ) أَيْ الْمُسْتَدِلَّ أَنَّ مُرَادَهُ التَّكْرِيرُ (انْتَفَى) الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ وَتَعَيَّنَتْ الْمُمَانَعَةُ أَيْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الرُّكْنَ يُسَنُّ تَكْرَارُهُ بَلْ الْمَسْنُونُ فِي الرُّكْنِ الْإِكْمَالُ دُونَ التَّكْرَارِ وَهُوَ بِالْإِطَالَةِ فِي مَحَلِّهِ كَمَا فِي الْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فِي الصَّلَاةِ إلَّا إذَا تَعَذَّرَ الْإِكْمَالُ بِهَا لِاسْتِغْرَاقِ الْفَرْضِ مَحَلَّهُ كَمَا فِي الْغُسْلِ فَإِنَّ تَكْمِيلَهُ بِالْإِطَالَةِ يَقَعُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ فَيُصَارُ إلَى التَّكْرَارِ خَلْفًا عَنْهُ وَفِي مَسْحِ الرَّأْسِ الْأَصْلُ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَحَلَّ الْمَسْحِ الرَّأْسُ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ مَوْضِعٍ دُونَ مَوْضِعٍ وَهُوَ مُتَّسَعٌ يَزِيدُ عَلَى مِقْدَارِ الْفَرْضِ فَيُمْكِنُ تَكْمِيلُهُ بِالْإِطَالَةِ وَالِاسْتِيعَابِ فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ فَيَبْطُلُ الْخَلْفُ.

(وَكَذَا) قَوْلُ الْمُسْتَدِلِّ الشَّافِعِيِّ لِتَعْيِينِ نِيَّةِ الصَّوْمِ فِي رَمَضَانَ (صَوْمُ فَرْضٍ فَيُشْتَرَطُ) فِيهِ (التَّعْيِينُ فَيَقُولُ) الْمُعْتَرِضُ الْحَنَفِيُّ (بِمُوجِبِهِ) أَيْ الدَّلِيلِ أَيْ (لُزُومِ التَّعْيِينِ) فِي صَوْمِ رَمَضَانَ (وَالنِّزَاعُ فِي غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ لُزُومِ التَّعْيِينِ أَيْ (كَوْنِ الْإِطْلَاقِ بَعْدَ تَعْيِينِ لُزُومِ التَّعْيِينِ) لِنِيَّةِ الصَّوْمِ (بَعْدَ تَعْيِينِ الشَّرْعِ الْوَقْتَ الْخَاصَّ) وَهُوَ شَهْرُ رَمَضَانَ (لَهُ) أَيْ لِلصَّوْمِ (تَعْيِينًا) لَهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَشْرَعْ فِيهِ صَوْمَ غَيْرِهِ (حَمْلًا) لِلتَّعْيِينِ (عَلَى) التَّعْيِينِ (الْأَعَمِّ) مِنْ أَنْ يَكُونَ بِقَصْدِ الصَّائِمِ أَوْ بِتَعْيِينِهِ بِتَعْيِينِ الشَّارِعِ (وَمُرَادُهُ) أَيْ الْمُسْتَدِلِّ مِنْ التَّعْيِينِ (تَعْيِينُ الْمُكَلَّفِ) فَإِذَا أَظْهَرَهُ انْتَفَى الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ وَتَعَيَّنَتْ الْمُمَانَعَةُ.

قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>