للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَذَا ثَانِيَتُهَا لَا نُسَلِّمُ لُزُومَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ أَنْ لَوْ كَانَ كَذَا ثَالِثَتُهَا لَا نُسَلِّمُ كَيْفَ هَذَا وَالْحَالُ كَذَا (وَغَيْرُ الْمُعَيَّنَةِ) أَيْ وَمَنْعُ الْمُقَدِّمَةِ الَّتِي لَيْسَتْ بِمُعَيَّنَةٍ مِنْ الدَّلِيلِ (بِأَنْ يَلْزَمَ الدَّلِيلُ مَا يُفْسِدُهُ) أَيْ الدَّلِيلُ (فَيُفِيدُ) لُزُومُ ذَلِكَ لَهُ (بُطْلَانَ مُقَدِّمَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ) مِنْ الدَّلِيلِ وَغَيْرُ خَافٍ أَنَّ قَوْلَهُ وَغَيْرُ الْمُعَيَّنَةِ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ (النَّقْضُ الْإِجْمَالِيُّ وَرَدُّوا) أَيْ الْأُصُولِيُّونَ (النَّقْضَ) الْكَائِنَ عِنْدَهُمْ (إلَى مَنْعِ مُسْنَدٍ) وَتَخَلُّفُ الْحُكْمِ بِمَنْزِلَةِ السَّنَدِ لَهُ (وَإِلَّا) لَوْ لَمْ يَرُدَّ إلَيْهِ (كَانَ) النَّقْضُ (مُعَارَضَةً قَبْلَ الدَّلِيلِ) وَهِيَ لَا تَكُونُ قَبْلَهُ (وَعَلَى هَذَا يَجِبُ) أَنْ يَكُونَ النَّقْضُ (مُعَارَضَةً لَوْ) كَانَ (بَعْدَهُ) أَيْ الدَّلِيلِ (لِأَنَّهُ) أَيْ الْمُعْتَرِضَ (اسْتَدَلَّ عَلَى بُطْلَانِهِ) أَيْ كَوْنِ الْوَصْفِ عِلَّةً (بِالتَّخَلُّفِ) أَيْ بِوُجُودِهِ فِي صُورَةٍ مَعَ عَدَمِ الْحُكْمِ فِيهَا (وَيُجِيبُ الْآخَرُ) أَيْ الْمُسْتَدِلُّ (بِمَنْعِ وُجُودِهَا) أَيْ الْعِلَّةِ (فِي مَحَلِّ التَّخَلُّفِ وَيَسْتَدِلُّ الْمُعْتَرِضُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى وُجُودِهَا فِي مَحَلِّ التَّخَلُّفِ (بَعْدَهُ) أَيْ مَنْعِ الْمُسْتَدِلِّ وُجُودَهَا فِي مَحَلِّ التَّخَلُّفِ (أَوْ ابْتِدَاءً) أَيْ قَبْلَ مَنْعِ الْمُسْتَدِلِّ إيَّاهُ (فَانْقَلَبَ) الْمُعْتَرِضُ مُعَلِّلًا وَالْمُعَلِّلُ مُعْتَرِضًا.

(وَقِيلَ لَا) يُقْبَلُ مِنْ الْمُعْتَرِضِ إقَامَةُ الدَّلِيلِ عَلَى وُجُودِ الْوَصْفِ إذَا مَنَعَ الْمُسْتَدِلُّ وُجُودَهُ فِي صُورَةِ التَّخَلُّفِ لِأَنَّهُ انْتِقَالٌ مِنْ الِاعْتِرَاضِ إلَى الِاسْتِدْلَالِ وَهَذَا مَحْكِيٌّ عَنْ الْأَكْثَرِ مِنْهُمْ الْإِمَامُ الرَّازِيّ وَأَتْبَاعُهُ (وَقِيلَ) لَا يُقْبَلُ (إنْ كَانَ) ذَلِكَ الْوَصْفُ (حُكْمًا شَرْعِيًّا) لِأَنَّ الِاشْتِغَالَ بِإِثْبَاتِ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ هُوَ بِالْحَقِيقَةِ الِانْتِقَالُ الْمَمْنُوعُ وَإِلَّا فَنَعَمْ لِظُهُورِ تَتْمِيمِ الْمُعْتَرِضِ لِدَلِيلِهِ عَلَى نَفْيِ الْعِلَّةِ وَعَلَى بُطْلَانِ قِيَاسِ الْمُسْتَدِلِّ ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَلَمْ يُوجَدْ لِغَيْرِهِ (وَقِيلَ) يُقْبَلُ (إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَادِحٌ أَقْوَى) مِنْ النَّقْضِ فَإِنْ كَانَ لَهُ قَادِحٌ أَقْوَى مِنْهُ لَا يُقْبَلُ لِأَنَّ غَصْبَ الْمَنْصِبِ وَالِانْتِقَالِ إنَّمَا يَنْفَعَانِ اسْتِحْسَانًا فَإِذَا وُجِدَ الْأَحْسَنُ لَمْ يَرْتَكِبْهُمَا وَإِلَّا فَالضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ (وَلَيْسَتْ) هَذِهِ الْأَقْوَالُ (بِشَيْءٍ) قَوِيٍّ (فَلَوْ كَانَ الْمُسْتَدِلُّ اسْتَدَلَّ عَلَى وُجُودِهَا) أَيْ الْعِلَّةِ (فِي الْأَصْلِ بِمَوْجُودٍ) أَيْ بِدَلِيلٍ مَوْجُودٍ (فِي مَحَلِّ النَّقْضِ فَنَقَضَهَا) أَيْ الْمُعْتَرِضُ الْعِلَّةَ (فَمَنَعَ) الْمُسْتَدِلُّ (وُجُودَهَا) أَيْ الْعِلَّةِ فِي صُورَةِ النَّقْضِ (فَقَالَ الْمُعْتَرِضُ فَيَلْزَمُ إمَّا انْتِقَاضُ الْعِلَّةِ أَوْ) انْتِقَاضُ (دَلِيلِهَا وَكَيْفَ كَانَ) اللَّازِمُ أَيْ انْتِقَاضُ الْعِلَّةِ أَوْ دَلِيلِهَا (لَا تَثْبُتُ) الْعِلِّيَّةُ أَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ فَلِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ النَّقْضَ يُبْطِلُ الْعِلِّيَّةَ وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِثُبُوتِ الْعِلِّيَّةِ مِنْ مِلْكٍ صَحِيحٍ (قُبِلَ) بِالِاتِّفَاقِ فَإِنَّ عَدَمَ الِانْتِقَالِ فِيهِ ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يَتْرُكْ ذِكْرَ نَقْضِ الْعِلَّةِ.

(وَلَوْ نَقَضَ) الْمُعْتَرِضُ (دَلِيلَهَا) أَيْ الْعِلِّيَّةِ (عَيْنًا فَالْجَدَلِيُّونَ لَا يُسْمَعُ) هَذَا مِنْ الْمُعْتَرِضِ (لِسَلَامَةِ الْعِلَّةِ إذْ نَقَضُهُ) أَيْ دَلِيلِهَا الْمُعَيَّن (لَيْسَ نَقْضَهَا) أَيْ الْعِلَّةِ فَقَدْ انْتَقَلَ مِنْ نَقْضِهَا إلَى نَقْضِ دَلِيلِهَا (وَنَظَرَ فِيهِ) أَيْ فِي عَدَمِ سَمَاعِهِ وَالنَّاظِرُ ابْنُ الْحَاجِبِ (بِأَنَّ بُطْلَانَهُ) أَيْ دَلِيلِ الْعِلِّيَّةِ (بُطْلَانُهَا) أَيْ الْعِلَّةِ (أَيْ عَدَمُ ثُبُوتِهَا إذْ لَا بُدَّ لَهَا) أَيْ الْعِلَّةِ (مِنْ مَسْلَكٍ صَحِيحٍ وَهُوَ) أَيْ بُطْلَانُ الْعِلَّةِ (مَطْلُوبُهُ) أَيْ الْمُعْتَرِضِ (وَإِلَّا) لَوْ لَمْ يَكُنْ الْمُرَادُ بِبُطْلَانِهَا عَدَمَ ثُبُوتِهَا (فَبُطْلَانُ الدَّلِيلِ الْمُعَيَّنِ لَا يُوجِبُهُ) أَيْ بُطْلَانُهَا (لَكِنَّهُ) أَيْ بُطْلَانَ الدَّلِيلِ الْمُعَيَّنِ (يُحْوِجُهُ) أَيْ الْمُسْتَدِلَّ (إلَى الِانْتِقَالِ إلَى) دَلِيلٍ (آخَرَ لِإِثْبَاتِ الْأَوَّلِ) أَيْ الْعِلِّيَّةَ (وَيُجِيبُ) الْمُسْتَدِلُّ (أَيْضًا) عِوَضًا عَنْ مَنْعِ وُجُودِهَا (بِمَنْعِ انْتِفَاءِ الْحُكْمِ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي مَحَلِّ النَّقْضِ اتِّفَاقًا (وَلِلْمُعْتَرِضِ الدَّلَالَةُ) أَيْ إقَامَةُ الدَّلِيلِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى انْتِفَاءِ الْحُكْمِ (فِي الْمُخْتَارِ) إذْ بِهِ يَحْصُلُ مَطْلُوبُهُ وَهُوَ إبْطَالُ دَلِيلِ الْمُسْتَدِلِّ وَقِيلَ لَا لِأَنَّهُ انْتِقَالٌ مِنْ الِاعْتِرَاضِ إلَى الِاسْتِدْلَالِ وَقِيلَ نَعَمْ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ طَرِيقٌ أَوْلَى مِنْ النَّقْضِ بِالْقَدْحِ وَإِلَّا سُمِعَ لِمَكَانِ الضَّرُورَةِ (وَالْمُخْتَارُ عَدَمُ وُجُوبِ الِاحْتِرَاسِ عَنْ النَّقْضِ) عَلَى الْمُسْتَدِلِّ (فِي الِاسْتِدْلَالِ وَقِيلَ يَجِبُ) الِاحْتِرَاسُ مِنْهُ فَيَذْكُرُ قَيْدًا يُخْرِجُ مَحَلَّ النَّقْضِ لِئَلَّا تَنْتَقِضُ الْعِلَّةُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي.

(وَقِيلَ) يَجِبُ (إلَّا فِي الْمُسْتَثْنَيَاتِ) وَهِيَ الصُّوَرُ الَّتِي يَنْتَفِي فِيهَا الْحُكْمُ وَتُوجَدُ الْعِلَّةُ أَيَّةَ كَانَتْ مِنْ الْعِلَلِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي حُكْمِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى اخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ فَإِنَّهُ لَا نِزَاعَ فِي أَنَّ وُرُودَ النَّقْضِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ لَا يُفِيدُ الْعِلِّيَّةَ لِأَنَّهُ لَمَّا وَرَدَ عَلَى كُلِّ مَذْهَبٍ كَانَ مُجَامِعًا لِمَا هُوَ عَلَيْهِ وَلِهَذَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى لَا قِيَاسَ عَلَيْهِ وَلَا يُنَاقِضُ بِهِ (كَالْعَرَايَا

<<  <  ج: ص:  >  >>