للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ) إذَا وَرَدَتْ عَلَى الرِّبَوِيَّاتِ لِأَنَّهُمْ يُفَسِّرُونَ الْعَرَايَا بِمَا يَقْتَضِي وُرُودَهَا عَلَى كُلِّ الْمَذَاهِبِ سَوَاءٌ عُلِّلَ الرِّبَا بِالطُّعْمِ أَوْ الْقُوتِ أَوْ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَهِيَ بَيْعُ الرُّطَبِ عَلَى رُءُوسِ النَّخِيلِ بِقَدْرِ كَيْلِهِ مِنْ التَّمْرِ خَرْصًا لَوْ جَفَّ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ قَالَ الْمُصَنِّفُ أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَلَيْسَتْ الْعَرِيَّةُ عِنْدَهُمْ إلَّا الْعَطِيَّةَ وَلَيْسَ بَيْنَ الْمُعْرِي وَالْمُعْرَى بَيْعٌ حَقِيقِيٌّ فَلَا يُتَصَوَّرُ هَذَا الْقَوْلُ عِنْدَهُمْ (لَنَا أَنَّهُ) أَيْ الْمُسْتَدِلَّ (أَتَمَّ الدَّلِيلَ إذْ انْتِفَاءُ الْمُعَارِضِ) لَهُ (لَيْسَ مِنْهُ) أَيْ الدَّلِيلِ ثُمَّ هُوَ غَيْرُ مُلْتَزِمٍ لِنَفْيِ الْمُعَارِضِ فَلَا يَلْزَمُهُ (وَلِأَنَّهُ) أَيْ الِاحْتِرَاسَ عَنْهُ بِذِكْرِ قَيْدٍ يُخْرِجُ مَحَلَّ النَّقْضِ (لَا يُفِيدُ) دَفْعَ الِاعْتِرَاضِ بِالنَّقْضِ (إذْ يَقُولُ) الْمُعْتَرِضُ (الْقَيْدُ طَرْدٌ وَالْبَاقِي) بَعْدَهُ (مُنْتَقَضٌ وَهَذَانِ) أَيْ مَنْعُ وُجُودِ الْعِلَّةِ وَمَنْعُ انْتِفَاءِ الْحُكْمِ (دَفْعَانِ) لِتَحَقُّقِ النَّقْضِ (وَالْجَوَابُ الْحَقِيقِيُّ بَعْدَ الْوُرُودِ) أَيْ تَحَقُّقِهِ (بِإِبْدَاءِ الْمَانِعِ فِي مَحَلِّ التَّخَلُّفِ وَهُوَ) أَيْ الْمَانِعُ (مُعَارَضٌ اقْتَضَى نَقِيضَ الْحُكْمِ) الَّذِي أَثْبَتَهُ الْمُسْتَدِلُّ (فِيهِ) أَيْ فِي مَحَلِّ التَّخَلُّفِ كَنَفْيِ الْوُجُوبِ لِلْوُجُوبِ (أَوْ) اقْتَضَى (خِلَافَهُ) أَيْ الْحُكْمِ الَّذِي أَثْبَتَهُ الْمُسْتَدِلُّ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْمُغَايِرُ الْوُجُودِيُّ غَيْرُ الْمُسَاوِي فَيَتَنَاوَلُ الضِّدَّ وَهَذَا الِاقْتِضَاءُ (

لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةٍ

كَالْعَرَايَا لَوْ أُورِدَتْ عَلَى الرِّبَوِيَّاتِ) لِعُمُومِ الْحَاجَةِ إلَى الرُّطَبِ وَالتَّمْرِ لَهُمْ وَقَدْ لَا يَكُونُ عِنْدَهُمْ ثَمَنٌ آخَرُ.

(وَكَذَا الدِّيَةُ) أَيْ كَضَرْبِهَا (عَلَى الْعَاقِلَةِ) إذَا أُورِدَ (عَلَى الزَّجْرِ) لِلْقَاتِلِ بِسَبَبِ مَشْرُوعِيَّتِهَا (

لِمَصْلَحَةِ أَوْلِيَائِهِ

) أَيْ الْمَقْتُولِ (مَعَ عَدَمِ تَحْمِيلِهِ) أَيْ الْقَاتِلِ شَيْئًا مِنْهَا مَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْقَتْلَ (لِلشَّافِعِيَّةِ) وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِمْ لِأَنَّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يُؤَدِّي الْقَاتِلُ كَأَحَدِهِمْ (أَوْ لِدَفْعِ مَفْسَدَةٍ كَالِاضْطِرَارِ لَوْ وَرَدَ عَلَى تَعْلِيلِ حُرْمَةِ الْمَيْتَةِ بِالِاسْتِقْذَارِ فَإِنَّهُ) أَيْ الِاضْطِرَارَ (اقْتَضَى خِلَافَهُ) أَيْ التَّحْرِيمِ (مِنْ الْإِبَاحَةِ) فَإِنَّ دَفْعَ هَلَاكِ النَّفْسِ أَعْظَمُ مِنْ مَفْسَدَةِ أَكْلِ الْقَاذُورَاتِ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ الْعِلَّةُ مَنْصُوصَةً بِظَاهِرٍ عَامٍّ (فَلَوْ كَانَتْ) الْعِلَّةُ (مَنْصُوصَةً بِ) ظَاهِرٍ (عَامٍّ) لَا يَجِبُ إبْدَاءُ الْمَانِعِ بِعَيْنِهِ بَلْ (وَجَبَ تَقْدِيرُ الْمَانِعِ وَتَخْصِيصُهُ) أَيْ الظَّاهِرِ الْعَامِّ (بِغَيْرِ مَحَلِّ النَّقْضِ) جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ (وَهَذَا) أَيْ تَخْصِيصُهُ بِغَيْرِ مَحَلِّ النَّقْضِ (إذَا كَانَ النَّصُّ عَلَى اسْتِلْزَامِهَا) أَيْ الْعِلَّةِ الْحُكْمَ (فِي الْمَحَالِّ لَا عَلَى عِلِّيَّتِهَا) أَيْ الْعِلَّةِ (فِيهَا) أَيْ الْمَحَالِّ (إذْ لَا تَنْتَفِي عِلِّيَّتُهَا بِالْمَانِعِ أَوْ) كَانَتْ مَنْصُوصَةً (بِخَاصٍّ فِيهِ) أَيْ فِي مَحَلِّ النَّقْضِ (وَجَبَ تَقْدِيرُهُ) أَيْ الْمَانِعِ (فَقَطْ وَالْحُكْمُ بِعِلِّيَّتِهَا فِيهِ) أَيْ فِي مَحَلِّ النَّقْضِ (أَمَّا مَانِعُو تَخْصِيصِ الْعِلَّةِ فَبِعَدَمِ وُجُودِهَا) أَيْ الْعِلَّةِ أَيْ يُجِيبُونَ بِهَذَا بَدَلَ إبْدَاءِ الْمَانِعِ (إذْ هِيَ) أَيْ الْعِلَّةُ (الْبَاعِثَةُ) عَلَى الْحُكْمِ (مَعَ عَدَمِهِ) أَيْ الْمَانِعِ (فَهُوَ) أَيْ عَدَمُ الْمَانِعِ (شَرْطُ عِلِّيَّتِهَا وَغَيْرُهُمْ) أَيْ الْمَانِعِينَ لِتَخْصِيصِهَا وَهُمْ الْأَكْثَرُونَ عَدَمُ الْمَانِعِ (شَرْطُ ثُبُوتِ الْحُكْمِ وَتَقَدَّمَ) فِي الْمَرْصَدِ الثَّانِي فِي شُرُوطِ الْعِلَّةِ (مَا فِيهِ) أَيْ هَذَا الْبَحْثِ فَلْيُرَاجَعْ مِنْهُ.

(وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ) قَالُوا (لَا يُمْكِنُ دَفْعُ النَّقْضِ عَنْ الطَّرْدِيَّةِ) لِأَنَّهُ يُبْطِلُهَا حَقِيقَةً (إذْ الِاطِّرَادُ لَا يَبْقَى بَعْدَ النَّقْضِ) كَمَا يُفِيدُهُ عِبَارَةُ عَامَّةِ الْمُتَأَخِّرِينَ كَصَاحِبِ الْكَشْفِ وَهِيَ أَيْ الْمُنَاقَضَةُ تُلْجِئُ أَصْحَابَ الطَّرْدِ إلَى الْقَوْلِ بِالْأَثَرِ لِأَنَّ الطَّرْدَ الَّذِي تَمَسَّكَ بِهِ الْمُجِيبُ لَمَّا انْتَقَضَ بِمَا أَوْرَدَهُ السَّائِلُ مِنْ النَّقْضِ لَا يَجِدُ الْمُجِيبُ بُدًّا مِنْ الْمَخْلَصِ عَنْهُ إلَّا بِبَيَانِ الْفَرْقِ وَعَدَمِ وُرُودِهِ نَقْضًا وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إلَّا بِالْعُدُولِ عَنْ ظَاهِرِ الطَّرْدِ إلَى بَيَانِ الْمَعْنَى وَهَذَا إنْ لَمْ يُجْعَلْ ذَلِكَ انْقِطَاعًا أَوْ سَامَحَهُ السَّائِلُ وَلَمْ يُنَاقِشْهُ فِي الشُّرُوعِ فِي بَيَانِ الْفَرْقِ وَالتَّأْثِيرِ فَأَمَّا إذَا جُعِلَ انْقِطَاعًا كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْبَعْضِ وَلَمْ يُسَامِحْهُ السَّائِلُ فِي ذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ احْتَجَجْت عَلَيَّ بِاطِّرَادِ هَذَا الْوَصْفِ وَقَدْ انْتَقَضَ ذَلِكَ بِمَا أَوْرَدْته فَلَمْ يَبْقَ حُجَّةً فَلَا يَنْفَعُهُ بَيَانُ التَّأْثِيرِ وَالشُّرُوعُ فِي الْفَرْقِ فِي هَذَا الْمَجْلِسِ لِأَنَّ ذَلِكَ انْتِقَالٌ عَنْ حُجَّةٍ هِيَ الطَّرْدُ إلَى حُجَّةٍ أُخْرَى وَهِيَ التَّأْثِيرُ لِإِثْبَاتِ الْمَطْلُوبِ الْأَوَّلِ فَلَا يُسْمَعُ مِنْهُ فَيَضْطَرُّ إلَى التَّمَسُّكِ بِالتَّأْثِيرِ وَالرُّجُوعِ عَنْ الطَّرْدِ فِيمَا بَعْدُ مِنْ الْمَجَالِسِ (وَهُوَ) أَيْ عَدَمُ إمْكَانِ دَفْعِ النَّقْضِ عَنْهَا (بَعْدَ كَوْنِهِ عَلَى) تَقْدِيرِ (النَّقْضِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَعُرِفَ مَا فِيهِ) حَيْثُ قَالَ سَالِفًا وَعَلَى الطَّرْدِيَّةِ تَرِدُ مَعَ الْقَوْلِ بِالْمُوجِبِ وَلَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِهَا بِهِ وَدُفِعَ بِأَنَّ الْإِيرَادَ بِاعْتِبَارِ ظَنِّهِ الْعِلِّيَّةَ لِإِنْكَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>