للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا) أَيْ أَقَلُّ الرَّأْسِ أَوْ الرُّبْعُ فَإِذَا انْتَفَى أَحَدُهُمَا ثَبَتَ الْآخَرُ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُرُودِهِ صِحَّةُ مَذْهَبِ الْمُعْتَرِضِ إذَا كَانَ ثَمَّ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ هُنَا الِاسْتِيعَابُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ هُوَ الصَّحِيحُ.

(أَوْ) لِإِبْطَالِ مَذْهَبِ الْمُسْتَدِلِّ (الْتِزَامًا كَقَوْلِهِ) أَيْ الْحَنَفِيِّ (فِي بَيْعِ غَيْرِ الْمَرْئِيِّ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَيَصِحُّ مَعَ الْجَهْلِ بِالْعِوَضِ كَالنِّكَاحِ فَيَقُولُ) الشَّافِعِيُّ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ (فَلَا يَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ) كَالْمَرْأَةِ فِي النِّكَاحِ فَالْمُعْتَرِضُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِإِبْطَالِ مَذْهَبِ الْمُسْتَدِلِّ وَهُوَ الْقَوْلُ بِالصِّحَّةِ صَرِيحًا بَلْ بِطَرِيقِ الِالْتِزَامِ لِأَنَّ مَنْ قَالَ بِهَا قَالَ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ فَهُمَا مُتَلَازِمَانِ عِنْدَهُ فَيَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ انْتِفَاءُ الصِّحَّةِ وَمِنْ ثَمَّةَ قَالَ (فَلَا يَصِحُّ) إذْ يُقَالُ لَهُ لَكِنَّك قُلْت إذَا رَأَى الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بَعْدَ الْبَيْعِ فَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ فَسَخَهُ وَإِنْ شَاءَ اسْتَمَرَّ عَلَيْهِ وَخِيَارُ الرُّؤْيَةِ لَازِمٌ لِلصِّحَّةِ عِنْدَك وَقَدْ انْتَفَى اللَّازِمُ فَيَنْتَفِي الْمَلْزُومُ ثُمَّ فِي الْكَشْفِ قُلْت هَذِهِ أَقْيِسَةٌ لَيْسَتْ بِمُنَاسِبَةٍ فَضْلًا مِنْ أَنْ تَكُونَ مُؤَثِّرَةً بَلْ بَعْضُهَا طَرْدِيَّةٌ وَبَعْضُهَا شَبَهِيَّةٌ فَأَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ الشَّارِطُونَ لِلتَّأْثِيرِ الْمُعْرِضُونَ عَنْ الطَّرْدِ وَالشَّبَهِ كَيْفَ يَخْطُرُ بِبَالِهِمْ مِثْلُ هَذِهِ الْأَقْيِسَةِ وَكَيْفَ يُعَلِّلُونَ بِهَا وَالِالْتِفَاتُ إلَى مِثْلِهَا لَيْسَ مِمَّنْ دَأْبُهُمْ وَهِجِّيرَاهُمْ لَكِنَّ الْمُخَالِفِينَ وَضَعُوهَا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ وَنَسَبُوهَا إلَى أَصْحَابِنَا وَأَوْرَدُوهَا أَمْثِلَةً فِي كُتُبِهِمْ لِيَصِحَّ لَهُمْ أَقْسَامُ الْقَلْبِ الَّتِي ذَكَرُوهَا.

النَّوْعُ (الثَّانِي) مِنْ نَوْعَيْ الْمُعَارَضَةِ (الْمُعَارَضَةُ الْخَالِصَةُ) مِنْ مَعْنَى الْمُنَاقَضَةِ (فِي) حُكْمِ (الْفَرْعِ) وَهُوَ أَنْ يَذْكُرَ الْمُعْتَرِضُ عِلَّةً أُخْرَى تُوجِبُ خِلَافَ مَا تُوجِبُهُ عِلَّةُ الْمُسْتَدِلِّ (بِلَا تَغْيِيرٍ) وَلَا زِيَادَةٍ فِي الْحُكْمِ الْأَوَّلِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ بِعَيْنِهِ فَيَقَعُ بِهِ مَحْضُ الْمُقَابَلَةِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِإِبْطَالِ عِلَّةِ الْمُسْتَدِلِّ فَيَمْتَنِعُ الْعَمَلُ بِهِمَا لِمُدَافَعَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَا يُقَابِلُهَا مَا لَمْ تَتَرَجَّحْ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَإِذَا تَرَجَّحَتْ وَجَبَ الْعَمَلُ بِالرَّاجِحَةِ فَلَا جَرَمَ أَنْ قَالَ (وَيَسْتَدْعِي أَصْلًا آخَرَ وَعِلَّةً) أُخْرَى (كَالْمَسْحِ رُكْنٌ فِي الْوُضُوءِ فَيُسَنُّ تَكْرِيرُهُ كَالْغُسْلِ) أَيْ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ هَذَا فِي مَسْحِ الرَّأْسِ (فَيَقُولُ) الْحَنَفِيُّ مَسْحُ الرَّأْسِ (مَسْحٌ فَلَا يُكَرَّرُ كَمَسْحِ الْخُفِّ) فَهَذَا قِسْمٌ مِنْ أَقْسَامِ الْمُعَارَضَةِ الْخَالِصَةِ الصَّحِيحَةِ مُثْبِتًا حُكْمًا مُخَالِفًا لِلْأَوَّلِ بِعِلَّةٍ أُخْرَى فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ بِعَيْنِهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا تَغْيِيرٍ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ إذْ أَصْلُ الْأَوَّلِ الْغُسْلُ وَعِلَّتُهُ الرُّكْنِيَّةُ وَأَصْلُ الثَّانِي مَسْحُ الْخُفِّ وَعِلَّتُهُ كَوْنُهُ مَسْحًا (وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَجْعَلَ أَصْلَهُ) أَيْ الْمُعْتَرِضِ (لِتَيَمُّمٍ) فَيُقَالُ كَالتَّيَمُّمِ (فَيَنْدَفِعُ) عَلَى هَذَا (الْمُتَوَهَّمِ مِنْ مَانِعِ فَسَادِ الْخُفِّ) أَيْ إنَّمَا لَمْ يُكَرِّرْ مَسْحَ الْخُفِّ لِإِفْضَائِهِ إلَى التَّلَفِ وَأَشَارَ إلَى الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْهَا بِعَطْفِهِ عَلَى بِلَا تَغْيِيرٍ قَوْلَهُ (أَوْ بِتَغْيِيرٍ مَا) فِي الْحُكْمِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ كَقَوْلِ الْحَنَفِيِّ فِي إثْبَاتِهِ وِلَايَةَ التَّزْوِيجِ لِغَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ كَالْأَخِ (فِي صَغِيرَةٍ بِلَا أَبٍ وَجَدِّ صَغِيرَةٍ فَيُوَلَّى عَلَيْهَا فِي الْإِنْكَاحِ كَذَاتِ الْأَبِ) أَيْ كَالصَّغِيرَةِ الَّتِي لَهَا أَبٌ بِجَامِعِ الصِّغَرِ الْمُوجِبِ لِلْعَجْزِ عَنْ مُرَاعَاةِ مَصَالِحِهِ (فَيَقُولُ) الشَّافِعِيُّ (الْأَخُ قَاصِرُ الشَّفَقَةِ فَلَا يُوَلَّى عَلَيْهَا كَالْمَالِ) فَإِنَّ الْأَخَ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى الْمَالِ إجْمَاعًا، وَهَذَا مُعَارَضَةٌ صَحِيحَةٌ خَالِصَةٌ صَحِيحَةٌ مُثْبِتَةٌ حُكْمًا مُخَالِفًا لِلْأَوَّلِ بِعِلَّةٍ أُخْرَى فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ بِعَيْنِهِ لَكِنْ مَعَ تَغْيِيرٍ مَا فِي الْحُكْمِ الْأَوَّلِ إذْ الْعِلَّةُ فِي الْأَوَّلِ الصِّغَرُ وَفِي الثَّانِي قُصُورُ الشَّفَقَةِ وَفِي الْحُكْمِ تَغْيِيرٌ مِنْ إطْلَاقٍ يَشْمَلُ الْأَخَ وَغَيْرَهُ إلَى تَقْيِيدٍ بِالْأَخِ.

(وَأَمَّا نَظْمُهُ) أَيْ الْمُعْتَرِضِ الْمُعَارَضَةَ (صَغِيرَةً فَلَا يُوَلَّى عَلَيْهَا قَرَابَةُ الْإِخْوَةِ كَالْمَالِ) كَمَا فِي أُصُولِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ وَالتَّنْقِيحِ وَغَيْرِهِمَا لَكِنَّ الْمَذْكُورَ فِيهَا بِوِلَايَةِ الْإِخْوَةِ (فَلَيْسَ مِنْهُ) أَيْ هَذَا الْقِسْمِ مِنْ الْمُعَارَضَةِ الْخَالِصَةِ بَلْ مِنْ الْقَلْبِ فَالْمُعْتَرِضُ (عَارَضَ مُطْلَقَ الْوِلَايَةِ) الَّتِي أَثْبَتَهَا الْمُسْتَدِلُّ (بِنَفْيِهَا) أَيْ الْوِلَايَةِ (عَنْ خُصُوصٍ) وَهُوَ الْأَخُ فَهَذَا الْقَدْرُ مُعَارَضَةٌ فَاسِدَةٌ لِعَدَمِ قَدْحِهِ فِي كَلَامِ الْمُعَلِّلِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ (يَلْزَمُهُ) أَيْ نَفْيُهَا عَنْهُ (نَفْيُ) حُكْمِ (الْمُعَلِّلِ لِأَنَّ قَرَابَتَهُ) أَيْ الْأَخِ (أَقْرَبُ) إلَيْهَا (بَعْدَ الْوِلَادِ) أَيْ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْوَلَدِ (فَنَفْيُهَا) أَيْ وِلَايَةُ الْأَخِ (نَفْيُ مَا بَعْدَهَا) مِنْ وِلَايَةِ مَنْ سِوَاهُ مِنْ عَمٍّ وَغَيْرِهِ (مُطْلَقًا) ظَهَرَ مَعْنَى الصِّحَّةِ فِيهِ وَأَشَارَ إلَى الْقِسْمِ الثَّالِثِ مِنْهَا بِقَوْلِهِ (أَوْ إثْبَاتُ) الْمُعْتَرِضِ حُكْمًا (آخَرَ) يُخَالِفُ فِي الصُّورَةِ حُكْمًا آخَرَ غَيْرَ مَا ذَكَرَهُ الْمُعَلِّلُ مُقَابِلًا لِذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>