للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورفع عيسى إليه، وكان الله عَزِيزاً. أى منيع الجناب، لا يلجأ إليه أحد إلا أعزه وحماه.

حَكِيماً في جميع ما يقدره ويقضيه من الأمور.

هذا، وجمهور العلماء على أن الله- تعالى- رفع عيسى إليه بجسده وروحه لا بروحه فقط قال بعض العلماء: والجمهور على أن عيسى رفع حيا من غير موت ولا غفوة بجسده وروحه إلى السماء. والخصوصية له- عليه السلام- هي في رفعه بجسده وبقائه فيها إلى الأمر المقدر له «١» .

وفي بعضهم الرفع في قوله- تعالى- بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ بأنه رفع بالروح فقط.

وقد بسطنا القول في هذه المسألة عند تفسيرنا لسورة آل عمران في قوله تعالى-: إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ «٢» .

وإِنْ هنا نافية بمعنى ما النافية، والمخبر عنه محذوف قامت صفته مقامه. أى: وما أحد من أهل الكتاب. وحذف أحد لأنه ملحوظ في كل نفى يدخله الاستثناء. نحو: ما قام إلا زيد. أى ما قام أحد إلا زيد.

وللمفسرين في تفسير هذه الآية اتجاهان:

الأول: أن الضمير في قوله قَبْلَ مَوْتِهِ يعود إلى عيسى- عليه السلام- وعليه يكون المعنى: وما من أحد من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بعيسى- عند نزوله في آخر الزمان- حق الإيمان، قَبْلَ مَوْتِهِ أى: قبل موت عيسى، وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عيسى- عليه السلام- عَلَيْهِمْ أى: على أهل الكتاب شَهِيداً فيشهد عليهم بأنه قد أمرهم بعبادة الله وحده، وأنه قد نهاهم عن الإشراك معه آلهة أخرى.

وقد انتصر لهذا الاتجاه كثير من المفسرين وعلى رأسهم شيخهم ابن جرير. فقد قال- بعد سرد الأقوال في الآية-: وأولى الأقوال بالصحة والصواب قول من قال. تأويل ذلك: وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بعيسى قبل موت عيسى «٣» .

وقد علق ابن كثير على ما رجحه ابن جرير بقوله: ولا شك أن الذي قاله ابن جرير هو الصحيح. لأن المقصود من سياق الآيات، بطلان ما زعمته اليهود من قتل عيسى وصلبه، وبطلان تسليم من سلم لهم من النصارى الجهلة ذلك. فقد أخبر الله- تعالى أن الأمر لم يكن


(١) تفسير صفوة البيان ص ١٠٩ لفضيلة الشيخ حسنين مخلوف
(٢) راجع تفسير الآية الكريمة في سورة آل عمران.
(٣) تفسير ابن جرير ج ٢ ص ٢٣

<<  <  ج: ص:  >  >>