للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يجوز عندي غيرها، لاجتماع خطوط مصاحف المسلمين واتفاق قراءة القراء على ذلك..» اهـ «١» .

وقال أبو حيان في البحر: «وقرأ الحسن وطلحة والأعمش وأبان ابن تغلب (مصر) بغير تنوين، وقد وردت كذلك في مصحف أبى بن كعب وعبد الله بن مسعود، وبعض مصاحف عثمان- رضي الله عنه» اهـ «٢» .

والمعنى على القراءة الأولى: اهبطوا مصرا من الأمصار لأنكم في البدو، والذي طلبتم لا يكون في البوادي والفيافي وإنما يكون في القرى والأمصار، فإن لكم إذا هبطتموه ما سألتم من العيش.

والمعنى على القراءة الثانية: اتركوا المكان الذي أنتم فيه، واهبطوا مصر التي كنتم تسامون فيها سوء العذاب فإنكم تجدون فيها ما تبغونه، لأنكم قوم لا تقدرون نعمة الحرية، ولا ترتاحون للفضائل النفسية، بل شأنكم- دائما- أن تستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير.

ومن حجة الذين قالوا إن الله أراد بالمصر في الآية الكريمة، مصر فرعون، قوله تعالى في سورة الشعراء: فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ. وَكُنُوزٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ. كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ «٣» .

وقوله تعالى في سورة الدخان: كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ. وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ. وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ. كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ «٤» .

قالوا: فأخبر الله- تعالى- أنه قد ورثهم ذلك، وجعلها لهم، فلم يكونوا يرثونها، ثم لا ينتفعون بها، ولا يكونون منتفعين إلا بمصير بعضهم إليها قال ابن جرير: «ومن حجة من قال إن الله- تعالى- إنما عنى بقوله: اهْبِطُوا مِصْراً أى: مصرا من الأمصار دون مصر فرعون بعينها، أن الله- تعالى- جعل أرض الشام لبنى إسرائيل مساكن بعد أن أخرجهم من مصر، وإنما ابتلاهم بالتيه. بامتناعهم عن موسى في حرب الجبابرة، إذ قال لهم يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ.. إلى قوله تعالى: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ.


(١) تفسير ابن جرير ج ١ ص ٣١٥.
(٢) تفسير أبى حيان ج ١ ص ٢٣٣.
(٣) الآيات ٥٧- ٥٩.
(٤) الآيات من ٢٥- ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>