للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هي المقصودة، لأن الوقت مشتمل على ما وقع فيه تفصيلا فإذا استحضر كان ما وقع فيه بتفاصيله كأنه مشاهد عيانا» «١» .

وفي قول موسى لهم- كما حكى القرآن عنه-: يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ تلطف معهم في الخطاب، وحمل لهم على شكر النعمة، واستعمالها فيما خلقت له لكي يزيدهم الله منها. وفيه كذلك تذكير لهم بما يربطهم به من رابطة الدم والقرابة التي تجعله منهم، يهمه ما يهمهم، ويسعده ما يسعدهم، فهو يوجه إليهم ما هو كائن لهدايتهم وسعادتهم.

وقوله- تعالى-: إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ بيان لنعم ثلاث أسبغها الله عليهم.

أما النعمة الأولى: فهي جعل كثير من الأنبياء فيهم كموسى وهارون، واسحق،، ويعقوب، ويوسف، - عليهم السلام-. وقد أرسل الله- تعالى- هؤلاء الأنبياء وغيرهم في بنى إسرائيل، لكي يخرجوهم من ظلمات الكفر والفسوق والعصيان، إلى نور الهداية والطاعة والإيمان.

والتنكير في قوله أَنْبِياءَ للتكثير والتعظيم. أى: تذكروا يا بنى إسرائيل نعم الله عليكم، وأحسنوا شكرها، حيث جعل فيكم أنبياء كثيرين يهدونكم إلى الرشد.

قال صاحب الكشاف: «لم يبعث الله في أمة ما بعث في بنى إسرائيل من الأنبياء» «٢» .

وأما النعمة الثانية: فهي جعلهم ملوكا. أى: جعلكم أحرارا تملكون أمر أنفسكم بعد أن كنتم مملوكين لفرعون وقومه، الذين كانوا يسومونكم سوء العذاب.

أى: جعلكم تملكون المساكن وتستعملون الخدم، بعد أن كنتم لا تملكون شيئا من ذلك وأنتم تحت سيطرة فرعون وقومه.

قال الآلوسى: «أخرج البخاري عن عبد الله بن عمر أنه سأله رجل فقال: ألسنا من فقراء المهاجرين؟ فقال عبد الله: ألك زوجة تأوى إليها؟ قال: نعم، قال: ألك مسكن تسكنه؟

قال: نعم. قال: فأنت من الأغنياء. قال الرجل: فإن لي خادما. قال عبد الله: فأنت من الملوك.

واخرج ابن أبى حاتم عن أبى سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: كانت بنو إسرائيل


(١) تفسير أبى السعود ج ٢ ص ١٧- بتصرف وتلخيص-
(٢) تفسير الكشاف ج ١ ص ٦١٩

<<  <  ج: ص:  >  >>