للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لعباده، ففي الحديث الشريف: «الإبل عز لأهلها، والغنم بركة، والخيل في نواصيها الخير» خرجه البرقاني وابن ماجة في السنن ... » «١» .

والمعنى: ومن مظاهر فضله عليكم، ورحمته بكم، أنه خلق لمنفعتكم- أيضا- الخيل والبغال والحمير، لتركبوها في غزوكم وتنقلاتكم، ولتكون زينة لكم في أفراحكم ومسراتكم.

وأتى- سبحانه- باللام في «لتركبوها» دون ما بعدها، للإشارة إلى أن الركوب هو المقصود الأصلى بالنسبة لهذه الدواب، أما التزين بها فهو أمر تابع للركوب ومتفرع منه.

قال صاحب الظلال: وفي الخيل والبغال والحمير، تلبية للضرورة في الركوب، وتلبية لحاسة الجمال في الزينة.

وهذه اللفتة لها قيمتها في بيان نظرة القرآن ونظرة الإسلام للحياة، فالجمال- المتمثل في الزينة- عنصر له قيمة في هذه النظرة، وليست النعمة هي مجرد تلبية الضرورات من طعام وشراب وركوب، بل تلبية الأشواق الزائدة عن الضرورات. تلبية حاسة الجمال ووجدان الفرح والشعور الإنسانى المرتفع على ميل الحيوان، وحاجة الحيوان» «٢» .

وقال بعض العلماء: وقد استدل بهذه الآية، القائلون بتحريم لحوم الخيل قائلين بأن التعليل بالركوب والزينة يدل على أنها مخلوقة لهذه المصلحة دون غيرها.

وأجاب المجوزون لأكلها، بأن ذكر ما هو الأغلب من منافعها- وهو الركوب والزينة- لا ينافي غيره.

وقد ورد في حل أكل لحوم الخيل أحاديث منها ما في الصحيحين وغيرهما، من حديث أسماء قالت نحرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسا فأكلناه.

وثبت- أيضا- في الصحيحين من حديث جابر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لحوم الحمر الأهلية، وأذن في الخيل «٣» .

وقد بسط الإمام القرطبي القول في هذه المسألة، ورجح حل أكل لحوم الخيل، وساق الأدلة والأحاديث في ذلك ثم قال: «وكل تأويل من غير ترجيح في مقابلة النص، فإنما هو دعوى، لا يلتفت إليه، ولا يعرج عليه، «٤» .


(١) تفسير القرطبي ج ١٠ ص ٧٩.
(٢) تفسير في ظلال القرآن ج ١٤ ص ٢١٦١ للأستاذ سيد قطب.
(٣) تفسير القاسمى ج ١٠ ص ٣٨٧٠.
(٤) راجع تفسير القرطبي ج ١٠ ص ٧٦. وتفسير ابن كثير ج ٤ ص ٤٧٦ طبعة دار الشعب.

<<  <  ج: ص:  >  >>