للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحجج والبراهين على أن البعث حق وضرب الأمثال لذلك، وسفه عقول المنكرين له.

ثم ذكرت الإيمان بالملائكة والملائكة: أجسام لطيفة نورانية، قادرون على التشكل في صورة حسنة مختلفة، وصفهم القرآن بأنهم لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ.

ووجه دخول التصديق بهم في حقيقة الإيمان، أن الله وسطهم في إبلاغ وحيه لأنبيائه، وبين ذلك في كتابه، وتحدث الصادق المصدوق صلّى الله عليه وسلّم عنهم في كثير من أحاديثه، فمن لم يؤمن بالملائكة على هذا الوجه الذي جاءت به الشريعة فقد أنكر الوحى، إذ الإيمان بهم أصل للإيمان بالوحي، فيلزم من إنكارهم إنكار الوحى، وهو يستلزم إنكار النبوة وإنكار الدار الآخرة.

ثم ذكرت الآية الإيمان بالكتاب. والمراد به القرآن لأنه المقصود بالدعوة، ولأنه هو الأمين على الكتب قبله، فما وافقه منها كان حقا وما خالفه كان باطلا.

والإيمان به يستلزم الإيمان بجميع الكتب المنزلة من عند الله على أنبيائه، لأنه هو الذي أخبرنا بذلك وأمرنا بذلك وأمرنا بأن نؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله.

ثم ذكرت الإيمان بالنبيين، أى: التصديق بأنهم رجال اصطفاهم الله- تعالى- لتلقى هدايته وكتبه وتبليغها للناس بصدق وأمانة وسلامة بصيرة.

والنبيون الذين يجب الإيمان بهم: كل من ثبتت نبوته عن طريق القرآن الكريم أو الحديث الصحيح، وكل من أنكر نبوة نبي قد ثبتت نبوته فقد خرج عن طريق الإيمان.

ولقد قام الدليل القاطع على أن محمدا صلّى الله عليه وسلّم هو خاتم النبيين والمرسلين، وكل من ادعى غير ذلك فهو من الضالين المضلين.

وقد جمعت هذه الأمور الخمسة التي ذكرتها الآية كل ما يلزم أن يصدق به الإنسان، لكي يكون ذا عقيدة سليمة، تصل به إلى الفلاح والسعادة.

ثم ذكرت الآية بعد بيان أصول الإيمان أصول الأعمال الصالحة فقالت. وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ، ذَوِي الْقُرْبى، وَالْيَتامى، وَالْمَساكِينَ، وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ، وَفِي الرِّقابِ.

وهذه الجملة معطوفة على قوله- تعالى-: مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ.

والضمير في قوله عَلى حُبِّهِ يعود إلى المال، أى: أعطى المال وبذله عن طيب خاطره حالة كونه محبا له راغبا فيه. لأن الإعطاء والبذل في هذه الحالة يدل على قوة الإيمان، وصفاء الوجدان، ويسمو بصاحبه إلى أعلا الدرجات. قال- تعالى-: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ.

وقد بين النبي صلّى الله عليه وسلّم أن أفضل الصدقة ما كان في حال الصحة، لأن الإنسان في هذه الحالة

<<  <  ج: ص:  >  >>