«وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين» كان من أراد أن يفطر ويفتدى، حتى نزلت الآية بعدها فنسختها.
وفي رواية للإمام مسلّم من طريق آخر عن سلمة- أيضا- قال: كنا في رمضان على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من شاء أفطر فافتدى بطعام مسكين حتى أنزلت هذه الآية فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ.
٢- ويرى بعض العلماء أن قوله- تعالى-: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ إلخ، ليس بمنسوخ بل هو محكم، وأنه نزل في شأن الشيخ الكبير الهرم، والمرأة العجوز، إذا كانا لا يستطيعان الصيام فعليهما أن يفطرا وأن يطعما عن كل يوم مسكينا.
وأصحاب هذا الرأى يستدلون بما رواه البخاري عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية:
ليست بمنسوخة هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فعليها أن يطعما مكان كل يوم مسكينا» .
٣- وهناك رأى ثالث لبعض العلماء يرى أصحابه أن قوله- تعالى- وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ ليس بمنسوخ- أيضا- بل هو محكم، وأن معنى الآية عندهم: وعلى الذين يطيقونه، أى: يقدرون على الصيام بمشقة شديدة إذا أرادوا أن يفطروا أن يطعموا عن كل يوم يفطرونه مسكينا. (بأن يقدموا له نصف صاع من بر أو صاعا من تمر أو شعير، أو قيمة ذلك) .
ولم يقصروا ذلك على الرجل الكبير والمرأة العجوز- كما فعل أصحاب الرأى الثاني- وإنما أدخلوا في حكم الذين يقدرون على الصوم بمشقة وتعب المرضع والحامل إذا خافتا على أنفسهما أو ولديهما ومن في حكمها ممن يشق عليهم الصوم مشقة كبيرة.
وأصحاب هذا الرأى يستدلون على ما ذهبوا إليه بمنطوق الآية، إذا أن الوسع اسم للقدرة على الشيء على جهة السهولة، والطاقة اسم للقدرة عليه مع الشدة والمشقة- كما سبق أن بينا-، كما يستدلون- أيضا- على ما ذهبوا إليه بقراءة يُطِيقُونَهُ- بضم الياء الأولى وتشديد الياء الثانية- أى يتجشمونه، ويتكلفونه بمشقة وتعب، وقد انتصر بعض العلماء لهذا الرأى بناء على أن منطوق الآية يؤيده.
كما انتصر بعضهم للرأى الأول بناء على أن الأحاديث الصحيحة تسانده وعلى أنه هو الأقرب إلى روح الشريعة الإسلامية في التدرج في تشريع التكاليف التي فيها مشقة على الناس، كما انتصر بعضهم للرأى الثاني الذي روى عن ابن عباس.
وهناك أقوال أخرى في الآية رأينا أن نضرب عنها صفحا لضعفها.