ورَمَضانَ اسم لهذا الشهر الذي فرض علينا صيامه، وهو مأخوذ- كما قال القرطبي- من رمض الصائم يرمض إذا حر جوفه من شدة العطش والرمضاء: شدة الحر، ومنه الحديث: صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال» - أى صلاة الضحى- قيل: إن العرب لما نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة سموها بالأزمنة التي وقعت فيها، فوافق هذا الشهر أيام رمض الحر فسمى بذلك. وقيل إنما سمى رمضان لأنه يرمض الذنوب، أى: يحرقها بالأعمال الصالحة» «١» .
وقوله: شَهْرُ رَمَضانَ خبر لمبتدأ محذوف تقديره هي شهر رمضان أى: الأيام المعدودات، وقوله: الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ صفة للشهر.
ويجوز أن يكون قوله شَهْرُ مبتدأ وخبره الموصول بعده، أو خبره قوله فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وصح وجود الفاء في الخبر لكون المبتدأ موصوفا بالموصول الذي هو شبه بالشرط. وقرئ بالنصب على أنه مفعول لفعل محذوف. أى: صوموا شهر رمضان.
و «القرآن» هو كلام الله المعجز المنزل على محمد صلّى الله عليه وسلّم المكتوب في المصاحف المنقول بالتواتر المتعبد بتلاوته.
والمراد بإنزال القرآن في شهر رمضان ابتداء إنزاله فيه، وكان ذلك في ليلة القدر. بدليل قوله- تعالى- إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ أى بدأنا إنزال القرآن في هذه الليلة المباركة، إذ من المعروف أن القرآن استمر نزوله على النبي صلّى الله عليه وسلّم ما يقرب من ثلاث وعشرين سنة.
وقيل المراد بذلك، أنزل في فضله القرآن، قالوا: ومثله أن يقال: أنزل الله في أبى بكر الصديق كذا آية، يريدون أنزل في فضله.
وقيل المراد أنزل في إيجاب صومه على الخلق القرآن، كما يقال: أنزل الله في الزكاة كذا وكذا، يريد في إيجابها وأنزل في الخمر كذا يريد في تحريمها.
قال الآلوسى: وقوله- تعالى-: هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ حالان لازمان من القرآن والعامل فيهما أنزل. أى: أنزل وهو هداية للناس بإعجازه المختص به كما يشعر بذلك التنكير، وآيات واضحات من جملة الكتب الإلهية الهادية إلى الحق والفارقة بين الحق والباطل باشتماله على المعارف الإلهية والأحكام العملية، كما يشعر بذلك جعله بينات منها، فهو هاد بواسطة أمرين، مختص وغير مختص، فالهدى ليس مكررا، وقيل: مكرر تنويها