وغيرهما. وكان ابن عقيل كثير المناظرة للكيا الهراسى. وكان الكيا ينشده فى المناظرة:
ارفق بعبدك إنّ فيه فهاهة … جبلية ولك العراق وماؤها.
قال السلفى: ما رأت عيناى مثل الشيخ أبى الوفاء بن عقيل؛ ما كان أحد يقدر أن يتكلم معه لغزارة علمه، وحسن إيراده، وبلاغة كلامه، وقوة حجته.
ولقد تكلم يوما مع شيخنا أبى الحسن الكيا الهرّاسى فى مسألة، فقال شيخنا:
هذا ليس بمذهبك. فقال: أنا لى اجتهاد، متى ما طالبنى خصمى بحجة كان عندى ما أدفع به عن نفسى، وأقوم له بحجتى، فقال له شيخنا: كذلك الظنّ بك.
وذكر ابن النجار فى تاريخه: أن ابن عقيل قرأ الفقه على القاضى أبى يعلى، وعلى أبى محمد التميمى، وقرأ الأصول والخلاف على القاضى أبى الطيّب الطبرىّ، وأبى نصر بن الصباغ، وقاضى القضاة أبى عبد الله الدامغانى.
وكان ابن عقيل رحمه الله عظيم الحرمة، وافر الجلالة عند الخلفاء والملوك.
وكان شهما مقداما، يواجه الأكابر بالإنكار بلفظه، وخطه، حتى إنه أرسل مرة إلى حماد الدباس، مع شهرته بالزهد والمكاشفات، وعكوف العامة عليه، يتهدده فى أمر كان يفعله، ويقول له: إن عدت إلى هذا ضربت عنقك.
وكتب مرة إلى الوزير عميد الدولة ابن جهير لما بنى سور بغداد، وأظهر العوام، فى الاشتغال ببنائه المنكرات:
لولا اعتقاد صحة البعث، وأن لنا دارا أكون فيها على حال أحمدها، لما نصبت نفسى إلى مالك عصرى، وعلى الله أعتمد فى جميع ما أورده، بعد أن أشهده: أنى محب متعصب. لكن إذا تقابل دين محمد ودولة بنى جهير، فو الله ما أردت هذه بهذه، ولو كنت كذلك كنت كافرا. فقلت: إن هذا الخرق الذى جرى بالشريعة لمناصبة واضعها. فما بالنا نعقد الختمات ورواية