الأحاديث؟ فإذا نزلت بنا الحوادث تقدمنا بجميع الختمات، والدعاء عقيبها، ثم بعد ذلك طبول وصوانى، ومخانيث، وخيال، وكشف عوارت الرجال مع حضور النساء، إسقاطا لحكم الله تعالى.
وما عندى يا شرف الدين، أن تقوم بسخطة من سخطات الله تعالى. ترى بأى وجه تلقى محمدا صلّى الله عليه وسلم؟ بل لو رأيته فى المنام مقطبا كان ذلك يزعجك فى يقظتك. وأىّ حرمة تبقى لوجوهنا وأيدينا وألسنتنا عند الله، إذا وضعنا الجباه ساجدة له؟ ثم كيف تطالب الأجناد بتقبيل عتبة، ولثم ترابها، وتقيم الحدّ فى دهليز الحريم، صباحا ومساء، على قدح نبيذ مختلف فيه، ثم تمرح العوام فى المسكر المجمع على تحريمه؟ هذا مضاف إلى الزنا الظاهر بباب بدر، ولبس الحرير على جميع المتعلقين والأصحاب.
يا شرف الدين، اتق سخط الله تعالى؛ فإن سخطه لا يقاومه سماء ولا أرض وإن فسدت حالى بما قلت فلعلّ الله يلطف بى، ويكفينى هوائج الطباع. ثم لا تلمنا على ملازمة البيوت، والاختفاء عن العوام؛ لأنهم إن سألونا لم نقل إلاّ ما يقتضى الإعظام لهذه القبائح، والإنكار لها، والنياحة على الشريعة. أترى لو جاءت معتبة من الله سبحانه فى منام أو على لسان نبى - لو كان للوحى نزول - أو ألقى إلى روع مسلم بإلهام: هل كانت إلا إليك؟ فاتق الله تقوى من علم بمقدار سخطه، فقد قال:(٥٦:٤٣ {فَلَمّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ)} وقد ملأتكم فى عيونكم مدائح الشراء ومداجاة المتمولين بدولتكم، الأغنياء الأغبياء، الذين خسروا الله فيكم، فحسنوا لكم طرائقكم. والعاقل من عرف نفسه، ولا يغره مدح من لا يخبرها.
وكتب ابن عقيل إلى السلطان جلال الدولة «ملكشاه» وقد كانت الباطنية أفسدوا عقيدته، ودعوه إلى إنكار الصانع:
أيّها الملك، اعلم أن هؤلاء العوام والجهال يطلبون الله من طريق الحواس،