للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وسمعت شيخنا أبا الحسن على بن نجا الواعظ بالقرافة يقول على المنبر:

قد جاء الإمام الحافظ، وهو يريد أن يقرأ الحديث، فاشتهى أن تحضروا مجلسه ثلاث مرات، وبعدها أنتم تعرفونه، ويحصل لكم الرغبة، فجلس أول يوم وكنت حاضرا بجامع القرافة، فقرأ أحاديث بأسانيدها عن ظهر قلبه، وقرأ جزءا، ففرح الناس بمجلسه فرحا كثيرا، فقال ابن نجا: قد حصل الذى كنت أريده فى أول مجلس.

وسمعت بعض من حضر مجلسه بمصر بمسجد المصنع، يقول: إن الناس بكوا حتى غشى على بعضهم، قال: وقال بعض المصريين: ما كنا إلا مثل الأموات حتى جاء الحافظ، فأخرجنا من القبور.

وسمعت الإمام أبا الثناء محمود بن همام الأنصارى يقول: سمعت الفقيه نجما - هو الإمام العالم نجم بن الإمام عبد الوهاب بن الإمام أبى الفرج الحنبلى يقول، وقد حضر مجلس الحافظ -: يا تقى الدين، والله لقد جملت الإسلام، وأقسم والله، لو أمكننى ما فارقت مجلسا من مجالسك.

قال الضياء: سألت خالى الإمام موفق الدّين عن الحافظ، فكتب بخطه، وقرأته عليه: كان جامعا للعلم والعمل. وكان رفيقى فى الصبا، وفى طلب العلم، وما كنا نستبق إلى خير إلا سبقنى إليه إلا القليل، وكمل الله فضيلته بابتلائه بأذى أهل البدعة، وعداوتهم إياه، وقيامهم عليه، ورزق العلم، وتحصيل الكتب الكثيرة، إلا أنه لم يعمر حتى يبلغ غرضه فى روايتها، ونشرها، رحمه الله تعالى.

قال الضياء: وسمعت الإمام الزاهد إبراهيم بن محمود بن جوهر البعلى يقول:

سمعت العماد - يعنى: أخا الحافظ - يقول: ما رأيت أحدا أشد محافظة على وقته من الحافظ عبد الغنى.

قال الضياء: كان شيخنا الحافظ رحمه الله، لا يكاد يضيع شيئا من زمانه بلا فائدة؛ فإنه كان يصلى الفجر، ويلقن الناس القرآن، وربما أقرأ شيئا من

<<  <  ج: ص:  >  >>