للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحديث، فقد حفظنا منه أحاديث جمة تلقينا، ثم يقوم يتوضأ، فيصلى ثلاثمائة ركعة بالفاتحة والمعوذتين إلى قبل وقت الظهر، ثم ينام نومة يسيرة إلى وقت الظهر، ويشتغل إما للتسميع بالحديث، أو بالنسخ إلى المغرب، فإن كان صائما أفطر بعد المغرب، وإن كان مفطرا صلّى من المغرب إلى عشاء الآخرة، فإذا صلّى العشاء الآخرة، نام إلى نصف الليل أو بعده، ثم قام كأن إنسانا يوقظه، فيتوضأ، ويصلى لحظة كذلك، ثم توضأ وصلّى كذلك، ثم توضأ وصلّى إلى قرب الفجر، وربما توضأ فى الليل سبع مرات أو ثمانية، أو أكثر، فقيل له فى ذلك، فقال:

ما تطيب لى الصلاة إلا ما دامت أعضائى رطبة، ثم ينام نومة يسيرة إلى الفجر، وهذا دأبه، وكان لا يكاد يصلى صلاتين مفروضتين بوضوء واحد.

قال: وسمعت الحافظ أبا عبد الله محمد بن محمد بن غانم بأصبهان يقول: كان الحافظ عبد الغنى عندنا، وكان يقول لى: تعالى حتى نحافظ على الوضوء لكل صلاة.

قال الضياء: وكان يستعمل السواك كثيرا، حتى كأن أسنانه البرد.

وسمعت أبا الثناء محمود بن سلامة الحرانى التاجر بأصبهان غير مرة يقول:

كان الحافظ عبد الغنى نازلا عندى بأصبهان، وما كان ينام من الليل إلا القليل، بل يصلى ويقرأ ويبكى، حتى ربما منعنا النوم إلى السحر.

وسمعت الحافظ يقول: أضافنى رجل بأصبهان، فلما قمنا إلى الصلاة، كان هناك رجل لم يصل، فقيل: هو شمسى - يعنى: يعبد الشمس - فضاق صدرى، ثم قمت بالليل أصلى والشمسى يستمع، فلما كان بعد أيام جاء إلى الذى أضافني.

وقال: إن الشمسى يريد أن يسلم، فمضيت إليه فأسلم، وقال من تلك الليلة: لما سمعتك تقرأ القرآن، وقع الإسلام فى قلبى.

قال: وكان الحافظ لا يرى منكرا إلا غيره بيده أو لسانه، وكان لا تأخذه فى الله لومة لائم، ولقد رأيته مرة يهريق خمرا، فجبذ صاحبه السيف، فلم يخف من ذلك وأخذه من يده، وكان رحمه الله قويا فى بدنه، وفى أمر الله،

<<  <  ج: ص:  >  >>